ديسمبر 22. 2024

بير رستم لـ “عفرين بوست”: تركيا تتشكل على مبدأ احتلال كُردستان وأرمينيا واليونان.. وعفرين تتعرض لإبادة ثقافية عرقية للمكون الكُردي

عفرين بوست-خاص

مع حلول الفاجعة الأولى للعدوان التركي على إقليم عفرين الكردي التابع للإدارة الذاتية سابقاً، والتي بدأت في الـ 20 من شهر كانون الثاني 2018، في إطار ما سمي بعملية “غصن الزيتون” التركية، بمشاركة مليشيات إسلامية سورية، قال الكاتب الكردي “بير رستم” أن الركن الأساسي في سياسات تركيا قديماً وحديثاً قائم على مفهوم الغزو والاحتلال ومن ثم الاحتفاظ بتلك المناطق التي تحتلها قدر المستطاع، وهي تتشكل أساساً على مبدأ الغصب والاحتلال لكل من كردستان وجزء من أرمينيا إلى جانب احتلالها لمدن يونانية، وأن ما يجري على الأرض من تغيير ديموغرافي في عفرين هو إبادة ثقافية عرقية للمكون الكردي، مؤكداً أن تركيا تريد تكريس احتلالها لعفرين وذلك بعكس ما تدعي وتقول بأنها صد تقسيم سوريا”.

وأضاف “رستم”: “أعتقد من الصعب استعادة عفرين عسكرياً في ظل هكذا ظروف وإمكانيات، فعفرين ذهبت لتركيا بصفقة دولية قذرة وعودتها ستكون وللأسف بصفقات أخرى قد تكون أقل أو أكثر قذارةً”، مشدداً أن ما يعول عليه هو التحرك السياسي للإدارة الذاتية مع دمشق تحت الرعاية الروسية، قائلاً: “بقدر نجاح الديبلوماسية الكردية في قدرتها على إقناع النظام والروس؛ بأن مشاركة الكُرد لهم أفضل من مشاركة الترك، نكون قد قرّبنا ساعة تحرير عفرين”.

جاء ذلك في حوار خاص لـ عفرين بوست، وفيما يلي نص الحوار كاملاً:

هل تعتقدون أن الاحتلال التركي يكرس احتلاله لعفرين، وما هي المؤشرات في حال الايجاب؟

“بخصوص تكريس الاحتلال، أعتقد بأنها كانت دائماً جزء من سياسات تركيا، ليس مع عفرين والشمال السوري وحدها، بل مع أي جغرافيا تكون قادرة على سلخها مثل شمال قبرص، حيث ومنذ أكثر من ثلاثون عاماً وتركيا تحتلها وتقيم عليها جمهورية لا يعترف بها من دول العالم غيرها، كما أن تجربة وذاكرة السوريين لم تنسى بعد لواء اسكندرون رغم تنازل القيادة السورية عنها في صفقة مشبوهة لضرب الحراك الكردي وذلك على غرار تجربة تنازل الحكومة العراقية أيام طاغيتها “صدام حسين” عن شط العرب لإيران بهدف أن تقطع الأخيرة مساعداتها عن دعم الحركة الكردية في باشوري كردستان بقيادة الراحل “ملا مصطفى بارزاني”، بل لو عدنا لتأسيس الدولة التركية وقدوم القبائل التركية الآغورية الأولى من أواسط آسيا وذلك من خلال غزواتهم لمناطق طوروس وزاغروس ومن ثم الاستيلاء على مقاليد السلطة في الدولة الإسلامية وتأسيس الخلافة العثمانية، لعلمنا؛ بأن الركن الأساسي في سياسات تركيا قديماً وحديثاً قائم على مفهوم الغزو والاحتلال ومن ثم الاحتفاظ بتلك المناطق التي تحتلها قدر المستطاع”.

“وأخيراً؛ أعتقد لا يتوجب علينا التذكير بما تصرح بها القيادات التركية جهاراً نهاراً وهي تدعي: بأن “ولايتي حلب والموصل جزء من الأراضي التاريخية لهم وأن يجب إعادتها لسيطرة الدولة التركية”، رغم إن العالم يدرك تماماً زيف ادعاءات الحكومة التركية وبأن هذه الجغرافيات ليست إلا لأمم وشعوب أخرى وبأن تركيا تتشكل أساساً على مبدأ الغصب والاحتلال لكل من كردستان وجزء من أرمينيا إلى جانب احتلالها لمدن يونانية وأهمها القسطنطينية التي كانت يوماً ما عاصمة لأهم إمبراطورية مسيحية أغريقية، وإن تذكيرنا بكل ما سبق هو للتأكيد على مرامي تركيا في الاحتفاظ بعفرين وتكريس احتلالها لها وإن ما يجري على الأرض من تغيير ديموغرافي، أو بالأحرى إبادة ثقافية عرقية للمكون الكردي وتدمير لكل ما يمت لثقافة شعبنا في المنطقة وتهجيرهم وتوطين العرب وقبائل إيغور التركمانية التي جاءت مع التكفيريين الإرهابيين والقيام بتسجيل هؤلاء ضمن سجلات مدنية تربطها بولاية هاتاي التركية على إنهم مواطني المنطقة، تؤكد جميعاً على نوايا تركيا الاحتلالية، ناهيكم عن ما تقوم بها على صعيد البنى التحتية من شبكة الطرق والمواصلات والكهرباء والاتصالات وربطها بتركيا تحت العلم والتعليم والميليشيات والجندرمة التركية، فكلها تؤكد على حقيقة واحدة وهي أن تركيا تريد تكريس احتلالها لعفرين وذلك بعكس ما تدعي وتقول بأنها صد تقسيم سوريا”.

ما هو تصورك عن السبل المتاحة لإنهاء احتلال المنطقة؟

“بالتأكيد إن الدول والشعوب التي تتعرض للاحتلال والغزو ليس أمامها إلا المقاومة والدفاع عن حقها بالوجود واستعادة ما تم احتلاله من قبل الغازي، هكذا يخبرنا التاريخ وكذلك ذاك ما يفرضه الواقع والأخلاق والضمير وهنا ربما نختلف أو تتنوع أساليب المقاومة بين فئة وفئة أو مرحلة ومرحلة وذلك بحسب القراءات والظروف والوقائع المحيطة بالقضايا على الصعيدين الذاتي المحلي والموضوعي الخارجي حيث كل حركة تنظر لواقعها وإمكانياتها على الأرض وما تملك من حلفاء ودعم وعلى ضوء ذلك تتحرك.. ولو قرأنا واقع حركتنا عموماً وما تعاني من فرقة وانقسام داخلي وصراعات بينية من جهة ومن الجهة الأخرى غياب أي دعم خارجي حقيقي، بل وفِي ظل خيانة البعض للكرد نتيجة مصالحهم بالمنطقة، فأعتقد من الصعب استعادة عفرين عسكرياً في ظل هكذا ظروف وإمكانيات، لكن ذلك لا ينفي أن لا تكون هناك مقاومة وعمليات عسكرية للضغط على تركيا والعالم من أجل حل سياسي للقضية ولعموم المسألة السورية حيث ومن دون حلها لا أعتقد بإمكانية عودة عفرين وعودة شعبنا إليه فهي -أي عفرين- ذهبت لتركيا بصفقة دولية قذرة وعودتها ستكون وللأسف بصفقات أخرى قد تكون أقل أو أكثر قذارةً، رغم إننا نأمل بأن تكون ضمن توافق وطني إقليمي ودولي ولذلك وأهم خيار أمام شعبنا والحركة الكردية -برأينا الشخصي- هو التحرك السياسي والديبلوماسي وخاصةً في حوار الإدارة الذاتية مع دمشق تحت الرعاية الروسية وبالتالي وبقدر نجاح الديبلوماسية الكردية في قدرتها على إقناع النظام والروس؛ بأن مشاركة الكرد لهم أفضل من مشاركة الترك، نكون قد قرّبنا ساعة تحرير عفرين”.

ماذا تقترح على الأطراف الكردية كخارطة طريق لإنقاذ عفرين وأهلها من التراجيديا؟

“أعتقد بأن جزء من الإجابة جاءت من خلال الإجابة على سؤالكم السابق، لكن وقبل أن تكون الحركة الوطنية الكردية قادرة على تحقيق بعض المكاسب السياسية الحقيقة كمنجز وطني على الأرض، لا بد من توحيد جهودها بهدف تقوية مواقفها السياسية من جهة ومن الجهة الأخرى، سحب البساط من تحت أرجل الاحتلال التركي وهي تقول وتدعي زوراً؛ بأنها لا تعادي الكرد وإنما تحارب جهة “متطرفة إرهابية” وهي تقصد الإدارة الذاتية وذلك تحت ذريعة إنها -أي الإدارة- مع حزب الاتحاد الديمقراطي جزء من منظومة العمال الكردستاني، رغم أن تلك مشكلة وقضية يجب أن تعالجها تركيا داخل “حدودها” وليست خارج الحدود وعليها أن تعلم أيضاً؛ بأن جذر مشكلتها تلك تكمن في العقلية وواقع الاحتلال التركي لأكبر جغرافيا كردستانية وتلك قضية تتشعب ولسنا بصدد النقاش حولها، بل موضوعنا عفرين وكيف للحركة أن تعيدها من تحت الاحتلال ولذلك وبقناعتي فالمطلوب مرحلياً وعاجلاً هو العمل الجاد من قبل كل الأطراف توحيد الجهود والذهاب معاً للمفاوضات مع الأطراف الأخرى وخاصةً الروس والنظام لإجبار تركيا والمعارضة الإسلامية المرتبطة بها على الجلوس لطاولة الحوار والقبول بالحل الوطني بحيث تكون سوريا لكل مكوناتها على أساس دولة اتحادية فيدرالية تحقق الحياة الكريمة لكل مواطنيها وبنفس الوقت تعيد عفرين وكل المناطق الأخرى المحتلة لسيادة الدولة الاتحادية الفيدرالية”.

كلمتكم الأخيرة في فاجعة الغزو التركي لعفرين؟

“نأمل أن تعود عفرين قبل أن تتحول إلى لواء اسكندرون أخرى أو شمال قبرص ثانية وأن يعود شعبنا من جديد لقراهم وبلداتهم وحقول الزيتون وتعيد عفرين هويتها الثقافية المجتمعية ذات الخصوصية الكردية، كما نأمل أن تغلب الحركة الكردية المصالح الوطنية لشعبنا على مصالحهم الحزبية الآنية.. وبالأخير وربما أولاً؛ نأمل أن يحل السلام بالمنطقة وتنتهي المقتلة السورية في إطار توافق وطني يحقق الحرية والكرامة لكل مواطنيها ضمن دولة اتحادية فيدرالية ودستور يضمن حقوق كل مكونات سوريا العرقية والدينية والسياسية.. مع تقديرنا لكل المساعي والجهود الخيرة لتحقيق ذلك على أرض الواقع”.

مقالات ذات صله

Show Buttons
Hide Buttons