عفرين بوست- تقارير
تداول العديد من أبناء عفرين المحتلة مؤخراً أحاديث عن نية الميليشيات الموالية لتركيا بالخروج من عفرين والتوجه إلى باقي المناطق السورية التي سيطرت عليها إدارة العمليات العسكرية تحت قيادة أحمد الشرع (أبو محمد الجولاني) الذي قال إنهم سيعملون على حلّ كافة الفصائل وعلى رأسها هيئة تحرير الشام، فهل سيحدث هذا بالفعل أما أنها تحضيرات لمرحلة جديدة في سوريا وعفرين؟
سقط نظام بشار الأسد في الثامن من شهر كانون الأول الجاري، وإلى اليوم لم يتغير المشهد العسكري في عفرين المحتلة، بل أن الانتهاكات استمرت وتزايدت في بعض المناطق، كناحية شيه (شيخ الحديد)، ولم يسجل خروج المستوطنين من منازل الكُرد إلا القليل، والأغلبية ينتظرون الأيام القادمة، بل تأتيهم أوامر من قادة الميليشيات لعدم الخروج لحين الحصول على بدل مالي من أصحاب المنازل، وكأنهم سيبيعون أملاك أهالي عفرين لأصحابها من جديد.
أمنيات الميليشيات تلاحق الكُرد
مصدر من بلدة باسوطة قال إن ميليشيا “فرقة الحمزات” في البلدة تنشر شائعات عدة لتخويف أبناء القرية من العودة، ومن ضمن تلك الشائعات انه ثمة أسماء العشرات من نساء ورجال القرية مما هجروا قسراً قبل سنوات موجودة ضمن قوائم الملاحقة الأمنية وسيتم اعتقالهم فور عودتهم.
هنا المفارقة الكبيرة، في الوقت الذي سقط النظام الأمني في دمشق وباقي المناطق السورية كافة، وتم تبيض غالبية السجون، بقيت مكاتب الميليشيات الأمنية التي تعمل بتوجيهات من الاستخبارات التركية قائمة وتلاحق المطلوبين من مدنيي عفرين، فأين قيادة دمشق الحالية التي تعمل على بسط نفوذها ونقل حكومة الإنقاذ من إدلب إلى دمشق، ووجهت رسائل مطمئنة للكُرد في سوريا؟
تركيا وهيئة تحرير الشام
عسكرياً تعمل تركيا على إعادة تسليح ميليشياتها ومدها بالأسلحة الثقيلة على عكس الدعوات التي تصدر لحلها، ولها هدفين هنا، الأول زج هذه الميليشيات في قتال قوات سوريا الديمقراطية في شرق الفرات وكانت قد نشبت معارك عنيفة في منبج وسد تشرين وما تزال مستمرة بشكل متقطع، وهناك تهديد تركي مباشر على كوباني لاحتلالها.
الثاني؛ مرتبط بدمشق ومن سيحكمها، إذ يعمل أحمد الشرع اليوم على جمع الصلاحيات وتشكيل الحكومة من أتباعه فقط، دون ضم ممثلي الائتلاف السوري وقادة الميليشيات التابعة لتركيا الحكومة القائمة اليوم والتي ستستمر لشهر أذار، وهنا تتخوف تركيا من أن تتحول سوريا إلى حكومة موالية لهيئة تحرير الشام، دون نصيب لمواليها من السياسيين والعسكريين.
إعادة التدوير
تركيا اليوم تسعى لترك عفرين وباقي المناطق المحتلة من قبلها تحت وصايتها المباشرة ويرجح أن لا تسمح بسحب السلاح من يد ميليشياتها بل ستعمل على تقويتها أكثر، في المقابل هناك تجمع للفصائل الإسلامية اليوم تحت لواء واحد، وهناك معلومات مؤكدة على أنه ثمة عمل منظم لإدماج كلاً من (هيئة تحرير الشام- الجبهة الشامية- أحرار الشام) في جسم واحد، ولم يتضح بعد الشكل الجديد أو الاسم، ولكن يرجح أن يكون ضمن فيلق أو جسم عسكري متوافق مع مستقبل سوريا، وهذا سيجعل من أفراد هذا الجسم نواة الجيش السوري الجديد الذي سيحمل الفكر الإسلامي الراديكالي، وقد يلعب دوراً مشابهاً للحرس الثوري الإيراني.
في خضم هذا الصراع الخفي بين الجهتين اللتين تربطهما علاقات بتركيا بدرجات متفاوتة، يرجح أن لا يتغير الحال في عفرين قريباً وتبقى الميليشيات الموالية لتركيا من العمشات والحمزات وغيرهما متواجدة هناك، لاسيما أن هذه الميليشيات معروفة بسمعتها السيئة، حيث منعتها هيئة تحرير الشام من التواجد في مدينة حلب ومحيطها الذي تعرّض بعض القرى والبلدات فيها للنهب أيضاً.
في منبج التي احتلتها ميليشيات تركيا قبل أيام، قالت مصادر من داخل المدينة أن الأسرى والمعتقلين من المدنيين والعاملين مع الإدارة المدنية في منبج سابقا تم اقتيادهم إلى سجن حور كلس للتحقيق معهم من قبل الاستخبارات التركية، هذا السجن يعتبر سجناً تركياً في الأراضي السورية، وهذا دليل إضافي ان تركيا تسعى لاحتلال مناطق أخرى في سوريا وعدم التفريط بالمناطق المحتلة سابقاً.
مشهد ضبابي
وسط هذه الفوضى وعدم وضوح مستقبل سوريا عامة، تعود بعض العائلات العفرينية إلى مسقط رأسها رغم يقينهم أنهم سيواجهون الخطف والاعتقال ودفع الإتاوات، وقبل يومين ومع التهديدات التركية لكوباني خرجت عشرات العائلات العفرينية من هناك باتجاه مدينة حلب، والبعض منهم توجهوا إلى عفرين.
وكانت “عفرين بوست” قد نشرت تقارير سابقة عن حالات اعتقال طالت العشرات من العائدين، وأن غالبية شبان ناحية “شيه” يضطرون للهروب من منازلهم خوفاً من الاعتقال وحالات التجنيد القسرية التي قد تفرضها الميليشيات على المدنيين في عفرين.
تحريض
الأيام القادمة في المشهد العسكري السوري غير مستقر، في الوقت الذي لن تستطيع فيه هيئة تحرير الشام فرض حلّ الميليشيات الموالية لتركيا أو تلك المؤيدة لها، ترسل تركيا رسائل لهيئة تحرير الشام لحثها على فتح جبهات قتال مباشرة مع قوات سوريا الديمقراطية بهدف زعزعة الاستقرار أولاً واستخدم إدارة العمليات العسكرية إلى جانب ميليشياتها في القتال ثانياً، وجاء ذلك بعد تلقي تركيا رسائل غربية عدة تمنعها من القيام بعليات عسكرية مباشرة في شمال وشرق سوريا، وبطبيعة الحال إذا ما انجرت “هيئة تحرير الشام” غرفة العمليات للمخطط التركي سيؤثر ذلك على وضع عفرين وبقائها تحت حكم الاحتلال التركي وميليشياته الإرهابية.