عفرين بوست-خاص
تنحدر من عفرين، وتحديداً من قرية “خرابة شران”، خرجت من عفرين مبكراً وأطلقت جناحيها في فضاء الإبداع…آمنت بالكلمة وتمسكت بإيمانها الصوفي بالكلمة، ومقدرتها السحرية، وأثبتت نفسها قلماً مبدعاً في ميدان القصة والرواية والشعر بالإضافة للنقد السينمائي.
في سجلها العديد من النتاجات الإبداعية والجوائز والتكريمات والمهام الدولية والمحلية، والتي نالتها بجدارة.. أبرزها: -عضو اتحاد الكتاب العرب منذ 1998، -مدير تحرير مجلة حروف الثقافية، – فازت باثنتي عشر جائزة على مستوى سوريا والوطن العربي والعالم في القصة والرواية والشعر.
أبرز الجوائز:
جائزة تشوقوروا العالمية عن مجمل اصداراتها عام 2016 – جائزة ناجي نعمان للأدب 2019 – درع مهرجان ميزوبوتاميا العالمي للشعر 2017 – جائزة دمشق للثقافة والتراث 2008 – جائزة العجيلي للقصة عن قصة (الإرث الخضيل).
ترجمت بعض أعمالها إلى الفرنسية والتركية والأرمنية والكردية والانكليزية والروسية والأمازيغية.
ترجمت بعض قصائدها إلى الكردية وصدرت ضمن ديوان بعنوان ” بعيداً عن لالش “.
حكّمت العديد من الجوائز المحلية والمسابقات الأدبية.
شاركت في العديد من المؤتمرات والمهرجانات في كل من الكويت وليبيا وتركيا والعراق ولبنان وسلطنة عمان وأربيل.
أبرز مؤلفاتها وهي 26 مؤلفاً:
كالعطر لا أنام – شعر- دار السكرية مصر 2019
دراويش في المدى الأبيض – قصص صوفية.
مازال الحلم قائماً …. طبعت في إيران
إيمار…. رواية 2010
عطش الاسفيدار رواية 2004
بالإضافة للعديد من المؤلفات في النقد والشعر والقصة.
وقد أجرت “عفرين بوست” حواراً خاصا ومقتضباً مع الإبداعية “نجاح إبراهيم”، وفيما يلي نص الحوار كاملاً:
س- في البدء كانت الكلمة.. ولكن في ظلّ طغيان اللغة البصرية وعصر الصورة، ماذا عن إيمانك بالكلمة، وقدرة الكلمة؟
“نجاح إبراهيم”: “لو عدنا إلى الأدب قديماً، بدأ بالكلمة المكتوبة، وظلت النصوص والعبارات مدونة على ألواح الطين والرُّقم، والورق إلى عصرنا هذا الذي يشهد تطوراً في كيفية إيصال النصّ إلينا، مازال الورق حاضراً والدليل مازالت الاصدارات قائمة وإن أخذت الكتابات الالكترونية من مهرجانها السطوع.. التطور لابدَّ منه، لابدَّ من مواكبته والأخذ به، إلاَّ أن الكلمة التي مازلنا نقرأها ورقياً مازالت تحتفظ بهالة من السحر والمتعة، فحين أقرأ النص ورقياً وأضع بعض الخطوط والهوامش عليه بقلم الرصاص أجدني قد كرّست فهماً له لا ينمحي من ذاكرتي “.
س- نجاح إبراهيم لمن تكتب؟
“نجاح إبراهيم”: “في البدايات وبعد عدّة اصدارات، وبعد كم هائل من قراءة الكتب، كنت أكتب للنخبة، هذا اعتراف عدد من النقاد لنصوصي، حيث كنت أستخدم اللغة العالية ولا أرتضي أن أنزل من بروجها. لكن حين عدتُ إلى الطين وفتحت عينيَّ فيه وغرزتُ أصابعي في ليونته ودفعتها إلى الأعلى لتكون قيامات؛ رأيت الكتابة لا تليق إلا لمن ينام ورائحة الطين تحت جلده. أكتب للإنسان في كلِّ مكان، لمجتمع أنتمي إلى جراحه، وأوجاعه، أستمدُّ الفكرة من الواقع ثم أمضي بها عبر الخيال لتبدو غير مألوفة. أكتب لمن يستحيل نصي في دواخله إلى ثورة وفيض من جمال، ويفتح عينيه على اتساعهما أثناء القراءة. أكتب لمن هو بحاجة دائمة إلى الكشف، للذي بعد أن يطوي نصي يبقى عالقاً في وجدانه”.
س3-قرأت لك ذات مرّة عبارة استوقفتني:” العزلة هي من اكتشفت موهبتي”، ماذا عن العزلة والإبداع؟ وهل تعتقدين أن العزلة شرط الإبداع إن صحَّ التعبير؟
“نجاح إبراهيم”: “عزلتي لم تكن من أجل الإبداع، عزلتي كانت الأسبق لأسباب لم أحتملها، فحين كنت صغيرة فرضت على نفسي عزلة، ليست عزلة بإقفال الأبواب وتمجيد الجدران، كانت عزلة نفسية أكثر منها مادية، وذلك رغبة في التأمل وسنح الفرصة للشيء الذي يمور في داخلي لأن يخرج، فوجدتني أمارس هذا الطقس عقوداً دون أن أملَّ، ولهذا كله أسبابه ومسوغاته، هو ذلك الاغتراب الذي دهمني منذ الصغر، لكن فيما بعد كسرت هذا الحاجز العنيد لأن شجرتي كبرت جداً وصار يلزمها الهواء والشمس بيد أنها بقيت قليلة الكلام إلا مع الضوء”.
“لاشكَّ أن الإبداع يفرض على المبدع العزلة وامتهان الوحدة، لأن الإبداع عمل فرد يحتاج فيه إلى التفكير، فإيماني كبير بالعزلة الموحية التي تنتج فعلاً، فالضجيج لا يمنحني هذا، والعلاقات الاجتماعية الكثيرة تقتل الوقت في نسج نص”.
س4- سنوات الحرب والحريق السوري تركت أثراً بالغاً لدى الجميع، ولكن ماذا غيرت الحرب من قناعات نجاح إبراهيم وفلسفتها في الكتابة؟
“نجاح إبراهيم”: “الحرب صفعة، أدت رسالتها إليَّ: أن اصحِ فقد تغير الحال، وهات قلمك واكتبي.. هذه الصفعة كانت بمثابة صحوة، الحرب تغير في المكان، فكيف لا تغير في الإنسان؟ خاصة إذا كان هذا الإنسان أديباً، يزداد لديه الوعي كلما ازداد ألمه، تتجدّد لديه قراءة الواقع وقدرته على التحليل، الحرب لم تغير قناعاتي بأن الأرض مهما دهمها الخراب والدمار وعاث فيها الفاسدون ستبقى أرضاً للسوريين، وسيبقوا هم طارئين وعابرين، الحرب لم تغير من اندفاعي في حمل الكلمة سلاحاً للتصدي، فلطالما كتبتُ عما جرى وعن موقفي مما يجري، بل أشعرتني أزدادُ رغبة في أن أكتب وأكتب”.
س5- عفرين مدينتك المفجوعة.. أرض الزيتون.. ماذا تحدثينا عنها؟ وما ارتباطك بها؟
“نجاح إبراهيم”: “عفرين مسقط رأسي، غادرتها وأنا صغيرة جداً إلى مكان آخر وزرتها مرتين فقط، لكنها مازالت في مخيلة طفلة تعرف أين كان بيتها، وتعرف النهر الذي كان قريباً منه، ما زلت أحنُّ إليها وإلى امتداد الزيتون في الدم”.
س6- في ظلّ ضياع وتشتت الإنسان السوري بين عدة هويات؛ القومية، الدينية، المذهبية.. كيف يمكن للأدب أن يسهم في بلورة وتكوين الهوية؟
“نجاح إبراهيم”: “لا أعتقد أن الحرب تضيع الهوية، ولا القومية، ولا الدين يسلخه منك، أجزم أنها تفقدك الأمان وتشتتك وتقهرك، وتخرب بيتك وتسرق أشياءك العزيزة إليك، لكنها لا تفقدك ما هو متجذر فيك.. الأدب هو سجل لكل ما يحدث في جزء من رسالته، سنقف عند هذه الجزئية ونقول إن الأدب دوّن ما حدث وما مرَّ من أحداث قاسية، ما حصل في الرقة أرثته في رواية ” مازال الحلم قائماً” وفي العديد من القصائد والمقالات”.
س7- عفرين في كتاباتك قبل الفاجعة، واليوم ونحن نتجرع مرارة الفاجعة، كيف تترجمين حبك لهذه المدينة؟
“نجاح إبراهيم”: “عفرين لا يمكن أن تنأى في مخيلتك عن توأمها شجر الزيتون بهذا الشكل كتبتُ عنها، مدينة مترفة بالأخضر والمزارات والآثار والشلالات والجبال الشاهقة والناس الطيبين، أثوابهم المزركشة كأعياد النوروز، وجباههم السمراء، وأحلامهم المعلقة بكف الله، لاحقاً بقيت تلك الجميلة بين أضلعي وإن حاول المارقون اغتصابها؛ في روايتي الجديدة ثمة قرية اقتطعتها من قرى عفرين وهي عشقيبار لتكون مكاناً فيها، مكاناً ساحراً عاثت يد المخربين في عروق جماله وسفك الدم في أقدس مزاراته”.
س8- ماذا عنك؟
“نجاح إبراهيم”: “ما زلت أكتبُ، لأستسيغ العالم من حولي، تناولت في كتاباتي قضايا كثيرة وشعوباً وقوميات لها الحق في الحياة، تحققت بعض الأحلام، بيد أن أكبرها قادم لا محال”.