ديسمبر 23. 2024

مشروع “العودة الطوعية” للاجئين السوريين في تركيا… تغيير ديمغرافيّ لاستهداف الوجود الكردي

عفرين بوست – متابعة

خلال احتفالية بافتتاح مشروع سكني في إدلب أعلن الرئيس التركيّ، أردوغان، الثلاثاء 3/5/2022 عن التحضيرِ لمشروع “العودة الطوعية” لمليون لاجئ سوريّ من تركيا إلى 13 منطقة، فيما سمّاه “المناطق الآمنة” في شمالي سوريا، في إشارة منه إلى المناطق التي تسيطر عليها قواته مع الميليشيات التابعة له.

من جهته كشف وزير الداخلية التركيّ، سليمان صويلو، عن مخطط بناء نحو 250 ألف منزل في المناطق الخاضعة لسيطرة تركيا وميليشيات المعارضة السوريّة وهي سري كانيه وتل أبيض وجرابلس والباب بشمالي سوريا، “بهدف توفير العودة الطوعيّة لمليون سوريّ”.

دعوة لإعادة السوريين إلى مناطقهم الأصلية

دعا المجلس العام لحزب الاتحاد الديمقراطيّ، في بيانٍ أصدره اليوم 9 مايو، السّوريين للعودة إلى مناطقهم الأصليّة وليس إلى مستوطنات أُنشئت لأغراضٍ سياسيّةٍ. وأشار إلى أنّ تركيا تحاول استغلال كل الملفات المُتعلقة بالوضع السّوري، وأبرزها ملف اللاجئين للضغط على الدّول الأوروبية والحصول على مكاسب اقتصادية. وقال المجلس إنّ السّياسة التّركيَّة الهادفة إلى تغيير ديمُغرافية المنطقة، بدأت من تجميع “إرهابيي” العالم في المناطق التي تسيطر عليها تركيا، ومحاولة نشر “الفكر المُتطرف”، وصولاً إلى “الاحتلال”. وانتقد الحزب عبر البيان، “صمت المجتمع الدّولي وتغاضيه عما تفعله تركيا، الأمر الذي يشجعها على التّمادي لضرب نسيج المجتمع السَّوري”.

عملية فصل عنصريّ

من جانبه قال رياض درار، الرئيس المشترك لمجلس سوريا الديمقراطية (مسد)، أمس 8 مايو، إنَّ إعادة توطين اللاجئين السوريين عملية فصل عنصريّ تنفذها تركيا لخدمة مصالحها. وأضاف أن عمليات التغيير الديمغرافي التي نفذتها تركيا سابقاً في منطقة عفرين وتهجير سكانها من الغالبية الكردية، وتريد اليوم تنفيذها في مناطق أخرى “ستخلق مشكلات اجتماعية سيدفع ثمنها السوريين أنفسهم بالدرجة الأولى”. ورأى أنَّ تركيا “لم تتعامل أبداً مع ملف اللاجئين السوريين على أراضيها بوصفه ملفاً إنسانياً، إنما لجأت من اليوم الأول للحرب في سوريا لاستخدامه خدمةً لمصالحها سواء داخل الأراضي السورية أو خارجها”.

وقال أنس المرفوع، عضو لجنة العلاقات بـ”مسد” في دير الزور، إنَّ “بناء تركيا مستوطنات في مناطق على الشريط الحدوديّ مع سوريا، لإعادة توطين اللاجئين فيها، من أهم الأدوات التركيّة، لإدامة سيطرتها وهيمنتها على الشعب السوريّ وعلى أرضه وموارده”.  وأضاف أنَّ هذا أمر مشابه لما قامت به الدولة التركية في لواء اسكندرون، “الذي يمثل حاجزاً بشرياً موالياً لها يحمي حدودها وينفذ أجنداتها في الداخل السوريّ”.

قال شيوخ ووجهاء العشائر في الطبقة، أمس 8 مايو، إنّهم لن يرضوا بالتغيير الديمغرافيّ، الذي تقوم به تركيا، في شمالي سوريا، واستنكروا القرار التركيّ بترحيل اللاجئين وبناء مستوطنات على الأراضي السوريّة.

إتمام تهجير الأهالي

شيخموس أحمد، الرئيس المشارك لمكتب شؤون النازحين واللاجئين في الإدارة الذاتيّة، قال “إنَّ إعلان الحكومة التركية لمشروع بناء مستوطنات وترحيل اللاجئين من أراضيها، هو “بمثابة تغيير ديمغرافي بعد تهجير الشمال السوري من سكانه بسبب القصف والانتهاكات الحاصلة”. وهذا المشروع هو اتمام لما قامت به الدولة التركية بتهجير سكان المنطقة الأصليين بعد الممارسات والانتهاكات التي تنفذها قواته والفصائل المسلحة الموالية له، بهدف إفراغ المنطقة من سكانها الاصليين وتوطين سكان آخرين بداخلها”.

الائتلاف عاجز

 حذّر ممثل المجلس الوطني الكرديّ السوريّ في إقليم كردستان العراق، كاوا آزيزي، اليوم 9 مايو، من تداعيات الخطة التركيّة بشأن إعادة اللاجئين السوريين وما لها من “مخاطر” على ديموغرافية المنطقة. وقال لوكالة نورث برس، إن “الخطة التركية خطيرة على المنطقة، لأنها تؤدي إلى تغيير ديموغرافي وقد تؤدي إلى حروب أهلية في المستقبل”. وشدد “آزيزي” على أنه “ليس من صلاحيات تركيا كدولة أجنبية أن تقيم مستوطنات للاجئين سوريين في منطقة ليسوا من سكانها الأصليين”. مشيراً إلى تداعيات مستقبلية “عويصة” للمشروع التركي.

ورأى “آزيزي” أنّ الائتلاف السوريّ المعارض “ليس بمقدوره مواجهة أي مشروع ذو سياسة تهدف إلى القضاء على القضية الكردية في سوريا”. وعبر عن أسفه مما وصفه بالكثير من مواقف الائتلاف “المسايرة للمواقف الرامية على حساب الكرد”.

عجز المجتمع الدوليّ

مهجرو سري كانيه باعتبارهم مستهدفين بخطة أردوغان، أصدرت لجنة مهجّري سري كانيه بياناً استنكرت فيه محاولات تركيا توطين لاجئين سوريين في المناطق الخاضعة لسيطرتها بالشمال السوري وقالت “إنَّ السماح للدولة التركية باحتلال وإنشاء المستوطنات في المناطق المحتلة داخل سوريا دليلٌ على عجز وتنصل المجتمع الدوليّ من القيام بواجباته القانونيّة والإنسانيّة”.

استهداف الوجود الكرديّ

الكاتب والباحث خورشيد دلي أشار في مقاله إلى استخدام اللاجئين في الداخل التركيّ كورقة انتخابيّة وسياسية، إذ أنَّ تجنيس عشرات آلاف اللاجئين كان بهدف انتخابي، فضلاً عن استخدامهم سياسياً ضد المعارضة التركية في الداخل.

وقال “لقد أخرج أردوغان قضية اللاجئين السوريين من إطارها الإنساني والأخلاقي وحولها إلى قضية ابتزاز سياسي، وورقة في وجه الجميع، وفي الوقت نفسه تسبب بمعاناة كبيرة للاجئين أنفسهم، لاسيما مع زيادة وتيرة عمليات ترحيلهم إلى الداخل السوري دون وجود أي ضمانات أمنية للحفاظ على حياتهم، حيث فوضى الجماعات المسلحة، واقتتالها الدائم، وممارساتها المصنفة في عداد الجرائم، لكن الأخطر من كل ما سبق، هو خطط أردوغان الجديدة لإسكان مئات آلاف اللاجئين في مناطق الشريط الحدودي”.

“دلي” ذكر جملة من المخاطر التي تنطوي عليها خطط أنقرة منها: إطلاق العنان لاستكمال التغيير الديمغرافيّ والهدف الأساسيّ هو استهداف الوجود الكرديّ في هذه المناطق، عبر إسكان لاجئين في أماكنه الأصليّة، بما يعني ذلك محو هويته وثقافته ولغته مع الزمن. والفصل البشري بين الوجود الكردي على جانبي الحدود، كما تهدف خطط أردوغان الجديدة إلى ربط المناطق الحدودية السورية بالداخل التركيّ نهائيّاً.

وقال الكاتب خورشيد دلي: “لا أحد ضد حقوق اللاجئين السوريين في العودة إلى ديارهم، ولكن لا ينبغي أن يكون ذلك على حساب هوية شعب آخر، وإنّما ينبغي أن يكون في إطار حل سياسي سلمي للأزمة السورية، ومن دون ذلك فهو استكمال للحرب، وفتح الباب أمام حروب جديدة”.

إخفاء الأزمة الاقتصادية

وعلل الصحفي التركيّ “معاذ إبراهيم أوغلو” قرار السلطات التركية بشأن إعادة اللاجئين السوريين؛ بمحاولة “إخفاء الأزمة الاقتصادية في تركيا وخلق توتر في منطقة جديدة قبل الانتخابات”. ورأى الصحفي أنه “من غير المحتمل أنهم سيرسلون مليون لاجئ، حيث لا توجد بنية تحتية لدعم مليون نسمة في المناطق التي سيتم إرسالهم إليها”.

كما أن الاقتصاد التركي في حالة سيئة للغاية، “ومن المستحيل بناء مساكن وتوفير البنية التحتية لمليون شخص في الوقت الحالي”،

الناشطة الإعلاميّة السورية في تركيا “جيهان خلف” قالت إن “المناطق التي يتكلمون عنها بالمناطق الآمنة حتى اللحظة لا يوجد أي ضمانات دولية لهذا الأمر”. وسألت “كيف سيتم إعادتهم؟! وكل المناطق الموجودة بسوريا غير آمنة، وتتعرض للقصف بشكل مستمر”.

جهل وسطحية

في موقفٍ محاباة لقرار أنقرة قال “وليد إبراهيم”، عضو دائرة اللاجئين في الائتلاف الوطني “تيار الإصلاح”، إنّه في مقارنة سريعة بين التصريحات الأخيرة لأردوغان، حول إعادة السوريين، والسابقة والتي تضمنت عدم إعادة اللاجئين السوريين، “سنرى بأن هذه الإعادة لن تكون قسرية ولن تشمل جميع السوريين”. ويضيف أنها ستشمل “فقط أبناء المناطق المحررة في حلب وإدلب ومناطق نبع السلام”. كلام “وليد إبراهيم” ينطوي على سطحيّة وجهلٍ، ذلك لأنّ عودة أبناء حلب وإدلب التي ووصفها بـ”المحررة” لا يحتاج لمشاريع بناء.

مقالات ذات صله

Show Buttons
Hide Buttons