أكتوبر 05. 2024

بالرغم من سجله الحافل بالتجاوزات.. “محمد حمادين” لم يُعْزل عقاباً بل تم استهلاكه بالكاملِ

عفرين بوست ــ خاص

لا يمكن النظر إلى مسألة عزل المدعو “محمد حمادين” رئيس ميليشيا “الشرطة العسكريّة” في عفرين على أنّه عقوبة أو مساءلة إداريّة بسبب سجله الحافل بالانتهاكات والتجاوزات، بل بسبب استهلاك رصيده بعد التمديد مراتٍ عديدةٍ، وعدم الجدوى من وجوده في المرحلة القادمة، كما أنّ القرار جاء في سياق تقليم أظافر “الجبهة الشاميّة” والتي يعتبر “حمادين” أحد أهم واجهاتها. 

علمت “عفرين بوست” بأنّ سلطات الاحتلال التركيّ قد اتخذت قراراً بإقالة المدعو “محمد حمادين” الملقب (أبو رياض) رئيس ميليشيا “الشرطة العسكريّة، وتعيين المدعو “إسماعيل نداف” مكانه.

من هو حمادين؟

ينحدر “محمد حمادين” من ريف حلب الجنوبي وهو من عشير البوشعبان، وكان ضابطاً معروفاً بفساده أيام خدمته، في طرطوس باللواء 124 مشاة بقرية كرتو. وقد انشق عن الجيش السوريّ مطلع عام 2012، وكان برتبة رائد، وعمل على تشكيلِ “لواء أحرار الشمال” ثم شارك بتأسيس “لواء التوحيد” في يوليو 2012.

عُيّن “حمادين” قائداً لقطاع حلب القديمة بعد الدخول إليها، وقاد معركة ثكنة هنانو في سبتمبر 2012، وخاض إلى جانب العقيد “أبو فرات” معركة السيطرة على مدرسة المشاة، وفي عام 2013 عُيّن قائداً لغرفةِ عمليات “تحرير مطار النيرب اللواء 80″، ثم تم اختياره قائداً للقطاع الشماليِ في “الجبهة الإسلامية”، وقائداً عسكريّاً للجبهةِ الشاميّةِ في 29/5/2015.

شغل “حمادين” وظيفة “الناطق الرسميّ باسم الجيش الوطنيّ”، وكان يعدُّ البيانات العسكريّة اليوميّة للعدوان على عفرين، وفي 18/9/2018 قدم استقالته، ليتولى بعدها قيادة ميليشيا “الشرطة العسكريّة” في عفرين المحتلة.

وفي 24/3/2019 تعرض “حمادين” لمحاولة اغتيال في مدينة عفرين، وقتل مرافقه. وأعلنت “قوات تحرير عفرين” مسؤوليتها عن العملية.

“حمادين” بقي على ولائه لميليشيا “الجبهة الشاميّة، واستغل وظيفته للتضييق على المسلحين من الميليشيات الأخرى في إطار التنافس الفصائليّ. ولديه سجل حافل بالانتهاكات مستغلاً سلطته وسطوته، ومنها قضايا الاعتقال التعسفيّ للمواطنين الكرد من أهالي عفرين، والرشاوي وتهريب الجهاديين، وصولاً إلى جرائم اغتصاب المعتقلات. ويتجاوز “حمادين” كل متزعمي الميليشيات المسلحة من حيث الانتهاكات والتجاوزات، ولا يمكن تعدادها، وتشمل كلّ حالة اعتقال من قبل عناصره أو مختطف من قبل الميليشيات وأُودع في سجنه.

رجل الشامية الأمنيّ

يعتبر “حمادين” رجل ميليشيا “الجبهة الشاميّة” الأمنيّ، وبذلك فهو محسوب على التيار الإخوانيّ، وفي الفترة الأخيرة تمارسُ السلطاتُ التركيّة ضغطاً على “الشاميّة” ومن جملة قراراتها منع نحو 150 قياديّاً من دخول الأراضي التركيّة، وهي بصدد مصادرة ممتلكاتهم على أراضيها، ويعتبر “حمادين” واجهة قيادية للشاميّة.

في 5/3/2022، عندما استدعت الاستخبارات التركيّة “محمد حمادين” مع المدعو “جراح الكماري” قائد فرع “الشرطة العسكريّة” واجتمعت بهما كلاً على حدة. وأفادت المعلوماتُ أنَّ الاجتماعين كانا بهدفِ عزلهما، على خلفيّةِ الاشتباكاتِ بين عناصر ميليشيات “الشرطةِ العسكريّةِ والشرطة المدنيّة”. ووجهت الاستخبارات التركيّة توبيخاً قاسياً لحمادين قبل الاجتماع بأيام.

في 19/11/2020 فصل “أبو رياض حمادين” ثلاثين عنصراً واستبدلهم بآخرين من عناصر تتبع “للشامية”.

في 6/6/20251 استقال عددٌ من عناصر ميليشيا “الشرطة العسكريّة”، بسبب سوء إدارة المدعو “أبو رياض” المحسوب على ميليشيا “الجبهة الشاميّة”.

مطالبات سابقة بعزله بسبب الفساد

ارتفعت الكثير من الأصوات بمحاسبة “حمادين” وإقالته، ومنها بيان اتحاد الإعلاميين السوريين في الشمال السوريّ في 29/4/2020 بعد تفجير أمام السوق الشعبي في مدينة عفرين.

 وعلى خلفية قضية اعتقال المدعو “أبو رعد الحمصي” في 7/11/2020، والمعروف بأنه “منشد الثورة”، وتم الاعتداء عليه وضربه بقسوة. إلا أنّها عادة اللصوص يبررون أفعال بعضهم فهم في الجريمة سواء.

استيلاء وتشبيح

يستولي المدعو “أبو رياض” على بناء سكنيّ كامل بجانب شركة الكهرباء بحي الأشرفية، إضافة لأربعة منازل أخرى بالمنطقة نفسها ويُسكن فيها عناصر من مرافقته الشخصية، ويستولي أيضاً على عدد من المحال في المنطقة الصناعيّة، ومحلاً تجاريّاً على الأوتوستراد.

في أكتوبر 2020 باع المدعو “حمادين” ما قدره 150 طن من الحطب كان قد جمعه في مستودعاته، وقد صادره عناصره من بائعي الحطب الذين اشتروها من مسلحي “الشامية” نتيجة قطع الأشجار والتحطيب الجائر.

وفي سلوك “تشبيحيّ” شوهد “حمادين” مراراً يقوم بجولاتٍ في الأسواقِ وعلى المحال التجاريّة، وتُدار بيوتٌ للدعارة في عفرين بمعرفته شخصياً، أحدها في حي المحمودية ويديره المدعو “أبو أحمد الإدلبي”، الذي يتحدث باسمه، ويرتاد الدار عناصر من “الشرطة العسكريّة”.

يقيم “حمادين” في الأشرفية، وقد فرض على صاحب مولدة الكهرباء استجرار نحو 100 أمبير، لنفسه وأقربائه مجاناً.

متورط باغتصاب السجينات

قضية الاغتصاب بالقوة من قبل المدعو “حمادين” للفتاتين السجينتين (هديل وزينب) كان من أكثر القضايا تأكيداً من حيث الأدلة، وفي نهاية يونيو 2021 تشكلت لجنة للتحقيق على خلفية شكوى من السجينتين، ولكن تم طي الملف مقابل رشوةٍ مقدارها 20 ألف دولار دفعها “حمادين” إلى مدير إدارة “الشرطة العسكريّة” العميد “أحمد إبراهيم الكردي” (أبو إبراهيم) بالتحقيق والنائب العام “عرفات رشيد الحمود”، اللذين قدما تقريراً للاستخبارات التركيّة بعدم صحّة الشكوى رغم ثبوت قضية الاغتصاب خلال استجواب الضحيتين. وتم تقديم المعتقلتين إلى القضاء بتهمة (الادعاء الكاذب وتشويه السمعة). فيما تم تهريب المدعو الرائد “أبو عرب” رئيس قسم المباحث لأنه الشاهد الوحيد على اغتصاب النساءِ، وذلك مع عائلته إلى تركيا.

ووفقاً لشهادةِ نساءٍ أُفرج عنهن، فقد اغتصب المدعو “حمادين” وعناصره 33 معتقلة في ذلك السجن، مستغلاً سطوته وباستخدام الترهيبِ والقوةِ في سجن قرية ماراته/معراته، وتفيد الشهادات بأنّ المدعو “حمادين” لجأ إلى أسلوبٍ وضيعٍ لابتزازِ المعتقلاتِ عبر تصوير كلِّ حالاتِ الاغتصابِ التي قام بها، ليضمن عدم رفضهن لطلباته لاحقاً، حتى بات ذائع الصيتِ في عفرين بهذه الممارسات.

سلطات الاحتلال التركيّ لم تحرّك ساكناً، بل تعمدت أن تأخذ المسألة هذا المسار لمجرد توثيق أنّ الانتهاكات تُرتكب بصورةٍ فرديّة، ولا تتحمل مسؤولية قانونيّة عن الانتهاكات مستقبلاً.

تسمم في السجن

في 8/6/2021 ليلاً حدثت نحو خمسين حالةِ تسممٍ بعد منتصفِ ليلة في سجنِ “الشرطةِ العسكريّةِ” في مدينة عفرين، ورفض المدعو “حمادين” إسعاف المصابين وقال: “ممنوع نقل المصابين إلى المشفى”، رغم خطورة حالة بعضهم، وطلب حضور الإسعاف إلى السجن، لتمضي الأمور بصمت.

ونُقل عن سجين أنَّ الجرب متفشٍ في السجن، ولا يُقدّم الطعام لهم، وقال أيضاً: “حتى مي الشرب حسرة”، فيما يسرق السجّانون أكثر من المصروف الذي يرسله الأهالي للسجناء.

وفي قضية المسلح “حسن عويد” من ميليشيا “الفاتح” والذي اختطف مع آخرين مستوطناً يدعى “محمد أحمد عسانيّ”، أفرج “حمادين” سبيل “عويد” مقابل مبلغ 15 ألف دولار، فيما كان المستوطن المختطف قد دفع 60 ألف دولار لخاطفيه.

المعونات الإغاثية لا تسلم من السرقة

كانت اشتباكات قد اندلعت صباح الإثنين 22/2/2022، بعد ملاسنةٍ ومشاجرة بالأيدي بين عناصر “قوات الأمن العام والشرطة العسكريّة”، وتطورت إلى إطلاقِ نارٍ متبادلٍ بين الطرفين في هنگار المواصلات أثناء توزيع المعونات من منظمة شفق، ليقومَ كلُّ طرفِ باستدعاءِ تعزيزاتٍ إلى المكانِ، لاحتواءِ الحادثِ. وأسفر إطلاق النار عن إصابة امرأة وعنصرين.

وفي اليوم نفسه قدّم 85 عنصراً استقالاتهم بينهم 5 ضباط من قسم المهام الخاصة في ميليشيا “الشرطةِ المدنيّةِ” في عفرين على خلفيّةِ الاشتباكات.

في 9/2/2022 تم اتلاف حصص إغاثيّة على مدخل مدينة عفرين الشرقيّ (القوس)، بعد خلاف بين عناصر ميليشيا “الشرطة العسكريّة” على الحاجز ومنظمة شفق التي رفضت الاستجابة بمنح العناصر 350 حصة إغاثيّة طلبوها باسم “المعلم أبو رياض حمادين”، الذي برر بأنّ الحصص لصالح عناصره، ثم أصدر لاحقاً “العسكريّة” بياناً يبرر ما حدث لدواعٍ أمنيّة، وأنّها تشتبه بدخول سيارة قد تنفذ أعمالاً إرهابيّة!

تهريب دواعش

“رياض حمادين” متورط في العديد من قضايا تهريب إرهابيين من داعش، ويقف وراء محاولة اغتيال المدعو “علي عبد الإله عبد النبي” في 30/3/2021، الإداري والباحث في شؤون ما يسمّى “الشرطة العسكرية” في قرية قطمة على يد المدعو “أبو قاسم الحمصيّ” أحد متزعمي ميليشيا “السلطان مراد”، بنصبِ كمينٍ له على الطريق الواصل بين راجو وعفرين، للتغطية على قضية تهريب عناصر من “داعش” إلى تركيا، وتولى كتابة الضبط بنفسه، ودبر تهمة للمدعو “عبد النبي” لاعتقاله.

وفي 15/8/2021 تم الإفراج عن ستة عناصر من “داعش” من الجنسيّة الأوزبكيّة تم أسرهم خلال معركة احتلال الباب. بوساطة من المدعو “الشيخ عبد الرزاق المهدي” الذي لعب دور الوسيط بين الحزب التركستانيّ، مقابل مبلغ 200 ألف دولار، تقاسمها مع المدعو “أبو عمشة” باعتباره الحلقة الثانية من الوساطة.

وفي 18/11/2021 تم الإفراج عن جهاديّ من أصول أوزبكيّة يدعى “علي مرجان” كان متهماً بالانتماء إلى داعش، من سجن “الشرطة العسكريّة” في عفرين، وتم قبض ثمن الإفراج.

مقالات ذات صله

Show Buttons
Hide Buttons