عفرين بوست ــ تقارير
بات من المفترض على أهالي عفرين الكُرد أن يدخروا مبالغ ماليّة ليضيفوها على حصيلة موسم الزيتون والزيت، ليتمكنوا من دفع الإتاوات الباهظة التي تفرضها ميليشيات الاحتلال التركيّ. فيما يعيشون أصعب الأيام خلال السنة، وكثيراً ما تفاجأ الأهالي بسرقة كامل الحقل ولم يتقدموا بشكاوى أو أنهم يضبطوا اللصوص متلبسين في الحقول الذين يرفضون الخروج منها مستقوين بالميليشيات والأجهزة الأمنيّة، كما لتدني أسعار الزيت والزيتون نتائج بغاية السلبيّة.
“يفترض أن يدفع المواطن الغائب صاحب الملك من جيبه حتى يرضى عنه “أبو عمشة” ولا يعتدي على وكيله وعلى أشجار الزيتون بالاستيلاء أو القطع!”
الموسم لا يغطي الإتاوات والتكاليف
ذكر التقرير التوثيقي لحزب الوحـدة الديمقراطي الكردي في سوريا (يكيتي) الصادر في 2/10/2024، جملة انتهاكات طالت موسم الزيتون.
وذكر التقرير أن المدعو “محمد الجاسم/أبو عمشة” متزعم ميليشيا “فرقة السلطان سليمان شاه” فرض على كلّ شجرة زيتون تعود لمواطن غائب، في سهول ناحية شيه/شيخ الحديد وقرى في ناحية جنديرس، تقع تحت سيطرته، إتاوة /20/ دولار أمريكي في الموسم الماضي و /30/ دولار في الموسم الحالي، وإذا كانت مصاريف الشجرة الواحدة (فلاحة، تقليم، سماد، تعزيل، قطاف، نقل، عصر، تنك فارغ…) خلال عامين هو /20/ دولار، باعتبار أنّ شجرة الزيتون تخضع لظاهرة المعاومة وتثمر كلّ سنتين موسماً واحداً، وبذلك يصبح مجموع التكاليف /70/ دولاراً.
لو بقي من إنتاج الشجرة الواحدة وسطيّاً /10 كغ/ زيت وتقدر قيمتها بـ/45 دولار حسب السعر الحالي/ بعد قطع نسبة 5% من الزيت في المعصرة لصالح المدعو “أبو عمشة”.
ويشير التقرير إلى أنّه بحساب بسيط فإنّ هناك فرقاً مقدراه 25 دولار عن كلّ شجرة، يفترض أن يدفعه المواطن الغائب صاحب الملك من جيبه حتى يرضى عنه “أبو عمشة” ولا يعتدي على وكيله وعلى أشجار الزيتون بالاستيلاء أو القطع!
لعبة خفض الأسعار
بالمجمل بدأت عمليات سرقة الموسم مبكراً منذ مطلع أيلول/سبتمبر الماضي، وفرضت الإتاوات على عدة مراحل، وصولاً إلى عصر الزيتون بمعاصر محددة وضمن قطاع كلّ ميليشيا، ويديرها مسلحون أو أشخاص على علاقة بهم وفق نسب معينة من الإنتاج. واُستكملت الحلقة الأخيرة من كارثة الموسم بانخفاض أسعار الزيت والزيتون هذا الموسم.
وذكر تقرير مفصل نشرته عفرين بوست في الثاني من تشرين الثاني/نوفمبر الحالي أنّ زيت الزيتون في عفرين وكامل الشمال السوريّ فقد ما نسبته 20% من سعره خلال أقل من أسبوع، نتيجة توقف التصدير وإخراج الزيت من عفرين، ما انعكس سلباً على أهالي المنطقة، الذين يعانون من مصاعب عدة في تأمين قوت يومهم والحفاظ على ممتلكاتهم من السرقة والنهب الذي بات يفوق التصورات.
واستندت ذريعة خفض السعر إلى تصريح خاطئ لرئيس قسم تكنولوجيا الأغذية في البحوث العلمية الزراعية لدى حكومة دمشق “خالد الشهابي” حول إخراج زيت الزيتون السوري عن معايير الجودة والمواصفات العالمية”، رغم أن مصادر في حكومة دمشق نفت خروج زيت الزيتون السوري عن المعايير والمواصفات العالمية، ووفقاً لوزارة الزراعة السوريّة لا توجد قيود عالمية على تصدير زيت الزيتون السوري.
وبمتابعة القرار الذي يتم مناقشته من قبل الهيئة العالمية للغذاء، فقد تمّ اقتراح تحسين جودة الزيت وتغيير الاعتمادات عالميّاً، وبسبب معارضة بعض الدول ومطالبتها بمهلة لتغيير الجودة وفق المعايير الجديدة، تم تأجيل تطبيق مقترح تعديل التصنيف الغذائي لزيت الزيتون إلى عام 2026 وأن يطبق في عام 2028. وبذلك رجّح التقرير أنّ ما يحدث في عفرين هو لعبة جديدة من الميليشيات والاحتلال التركي؟!
وانخفضت قيمة عبوة الزيت في عفرين إلى 60ــ 72 دولار بعدما تخطت قبل فترة وجيزة حاجز 80 دولار للتنكة الواحدة (16 كغ صافي)، حسب نقاوة الزيت ونسبة الأسيد، بسبب انخفاض الطلب العام على الزيت وتوقف التجار عن التصدير.
ونقل عن مصدر خاص أنّ بعض شركات تصدير الزيت والمواد الزراعية الأخرى مرتبطة بمتزعمي الميليشيات وشخصيات متنفذة في سلطات الأمر الواقع التابعة للاحتلال التركيّ، وهي التي خفضّت أسعار الزيت لضمان الربح السريع على حساب أبناء المنطقة.
تقارير سابقة قالت إن المدعو “أبو عمشة/متزعم ميليشيا فرقة السلطان سليمان شاه” عمل على تعيين تجار مقربين له وحصر تجارة الزيت بهم في ناحيتي شيه/شيخ الحديد و موباتو/معبطلي، وهو ما يثبت أن متزعمي الميليشيات يعملون وفق مخطط معيّن لكسب المزيد من المال بطرق عدة، وقد استغلت التصريحات التي صدرت من شخصيات في الحكومة السورية لهذا الغرض، رغم عدم ارتباط المناطق المحتلّة مع السياسة الاقتصادية للحكومة السورية.
بربط المعطيات مع القرارات التركية التي تجبر التجار في المناطق المحتلة على اعتماد حسابات بنكية في مؤسسة البريد التركية PTT لأمور التصدير والتجارة، وحجم الانتهاكات الكبيرة في عفرين في موسم الزيتون، وما ورد من تقارير عن حجم السرقات وربط التجار بمتزعمي الميليشيات، يمكن تأكيد أنّ انخفاض أسعار الزيت والزيتون مرتبط بلعبة التجار والمحتل التركيّ، بهدف إفقار المزارع الذي سيضطر للبيع بأيّ سعر لتدبر أمور معيشته اليوميّة التي أصبحت صعبة ومعقدّة في ظل الاحتلال التركي.
مزيد من الإتاوات
وذكر تقرير حزب “الوحدة” جملة انتهاكات وإتاوات فرضت على الأهالي في عدة قرى:
– فقد فرض المدعو “أبو يزن” وهو متزعم من ميليشيات “فرقة السلطان مراد” ومسؤول عن قريتي “عشونة”، زفنك” – بلبل، إتاوة مقدارها /15/ ليرة تركية على كل شجرة زيتون، بحجة حراسة الموسم، ويسلب 10% من انتاج الزيتون مباشرةً في الحقول، وهذا عدا الإتاوة – أي النسبة التي سيفرضها “المكتب الاقتصادي – فرقة السلطان مراد” على إنتاج الزيت، إضافة إلى أن الميليشيا تستولي على آلاف أشجار الزيتون العائدة للمواطنين الغائبين من أهالي القريتين وتأخذ كامل إنتاجها.
– في 12/10/2024م، لدى حضور المواطن “مصطفى درويش (50 سنة) وأسرته من أهالي قرية “كفرزيت” جنوب غرب مدينة عفرين إلى حقل زيتون (حوالي 300 شجرة) العائد له والكائن جنوبي القرية، فوجئ بوجود ورشة عمال من المستوطنين يجنون الزيتون، وادّعى المسؤول عنهم أنّهم ضمنوا الموسم (شراء المحصول مقابل مبلغ مالي) من “المكتب الاقتصادي لميليشيات “فرقة الحمزة”، وبذلك وقع شجار بين الطرفين، وحضرت دورية من ميليشيا “الحمزات” واعتقلت مصطفى درويش وثلاثة من أبنائه وأهانتهم، مؤكدةً ضمانَ الحقل دون علمه، بذريعة أنّه أملاك دولة، رغم أنّ الملكيّة الكاملة للمواطن مصطفى وعائلته للحقل منذ عشرات السنين ولديه وثائق ملكيّة، وكان قد زرع بين الأشجار هذا الصيف بالسمسم؛ وأفرجت ميليشيا “الحمزات” عن المعتقلين بعد أيام، فيما بقي حقل الزيتون دون قطاف.
ــ المدعو “أبو سلطان” من ميليشيات “فرقة الحمزة”، من قبيلة الموالي، المنحدر من ريف حماه، مسؤول قريتي “كوكان فوقاني وتحتاني” – مابتا/معبطلي، فرض إتاوة ما بين /30-40/% على انتاج موسم الزيتون لحقول المواطنين الغائبين، ومبلغ /1/ دولار أمريكي على كل شجرة زيتون من أملاك الموجودين من الأهالي، بالإضافة إلى فرض إتاوة /150/ تنكة زيت زيتون على كافة العوائل الكردية الموجودة في القريتين (حوالي 70 عائلة)، أي /1-3/ تنكة حصة كلّ عائلة؛ عدا السرقات الواسعة التي طالت ثمار الزيتون، رغم ادعاء وضع الحراسة من قبل الميليشيات.
– وأشار التقرير إلى مقطع مصور لحقل تمت سرقة موسمه في 26/10/2024، أظهر آثار الزيتون المتناثر والأغصان المتكسّرة واضحة، وأفاد صاحب الحقل أنّ المجموعة التي قامت بالسرقة، قبل يوم، كانت تجني محصول حقلين مجاورين مستولى عليهما؛ ولم يتقدم صاحب الزيتون بشكوى لدى السلطات المحليّة، وأوصى بعدم نشر اسمه والفيديو، خشية التعرّض للعقاب أيضاً.
“استمرت النساء بالسرقة بادعاء حقهنّ في القطاف بعدما أخذ الكُرد المواسم لعشرات السنين واليوم جاء دورهم حسب أقوالهن!”
وقاحة لصوص الزيتون
ذكرت عفرين بوست في 31/10/2024 أنّ المواطن “محمد حنيف أبو رزكار” فوجئ لدى حضوره إلى حقل زيتون له قرب قرية “آفراز” بناحية موباتو/معبطلي، بوجود نساءٍ من المستوطنات تسرقنّ الزيتون من أشجاره، فحاول منعهنّ بالحسنى، إلّا أنّهن هددنه بتهمة مسّ شرفهنّ، فلجأ إلى ميليشيا “الفرقة التاسعة” المسيطرة على القرية، وحضر عدد من عناصرها إلى الحقل، ولكن استمرت النساء بالسرقة بادعاء حقهنّ في القطاف بعدما أخذ الكُرد المواسم لعشرات السنين واليوم جاء دورهم حسب أقوالهن!