نوفمبر 08. 2024

وكالة الأناضول .. أداة أنقرة في ممارسة التضليل والإرهاب الفكري

Photo Credit To تنزيل

عفرين بوست – رأي

لا تنفك أنقرة عن ممارسة الإرهاب بكل الأساليب، ليس عسكرياً فقط، بل عبر ماكينة الإعلام التركي التي تواصل افتراءاتها، وتزوّر الحقائق وتفبرك الاتهامات لتروّج لصورة تجميلية لإرهاب الدولة التركية وسياستها الاحتلالية. والمقصود بتعبير الإرهاب هو كل سلوك ينطوي على نشر الخوف وإثارة المشاعر السلبية وإعلاميّاً هو تبرير الإرهاب بنشر الأكاذيب وتضليل الحقائق، ووكالة الأناضول التركية هي لسان حكومة أنقرة هي نموذج الإعلام الإرهابي، ومن جملة ما نشرته مؤخراً خبر اعتقال سبعة مواطنين كرد، على أنه في إطار مكافحة الإرهاب.

نص خبر الأناضول

أوردت وكالة الأناضول خبراً مثيراً للسخرية، وقالت إن مديرية الأمن بإسطنبول، السبت الماضي 26/9/2020، نفذت عمليات مداهمة على عدة عناوين في مناطق من الولاية، في إطار جهودها الرامية لكشف أنشطة المنظمة الإرهابية والحد من وقوعها. وأضاف أن وحدات المهام الخاصة أيضا شاركت في عمليات المداهمة، التي أسفرت عن توقيف 7 أشخاص.

وتابعت أن “قوى الأمن عثرت في الأماكن التي داهمتها على معدات رقمية، ووثائق تابعة للمنظمة الإرهابية. وبحسب المعلومات التي حصل عليها مراسل الأناضول، فإن المشتبهين الـ 7 شاركوا في أنشطة “بي كا كا/ ك ج ك” في منطقة عفرين السورية، قبيل عملية “غصن الزيتون” العسكرية التركية”.

وأضافت أن المشتبهين دخلوا الأراضي التركية بطرق غير قانونية. وزعمت كعادتها أن المنطقة تحررت من قبضة “ي ب ك / بي كا كا”.

اعتقال تعفسيّ

تستوقفنا جملة من الأكاذيب في متن الخبر، ومناقضتها لحقائق الواقع، فتركيا دولة تمارس الإرهاب وترعاه وتدعمه وأراضيها هي معبر رئيسي لحركية الإرهابيين بين الشرق والغرب، وكل إرهابيي أوروبا والقوقاز دخلوا إلى تركيا عبر مطار أتاتورك، وقامت الاستخبارات التركية بإيصالهم إلى الحدود السورية، وهناك الآلاف من التقارير الإعلامية والحقوقية والأممية وصولاً إلى شهادات الإرهابيين والجهاديين الذين يؤكدون متانة العلاقة بين أنقرة وكلّ التنظيمات الإرهابيّة بالمنطقة وإمدادها بالسلاح والعتاد، لا بل إن حكومة أنقرة حوّلت المجتمع التركي إلى داعمٍ للإرهاب عبر الشعارات البراقة، وقد أشارت استبيانات الرأي لمراكز بحثية إلى ارتفاع نسبة الأتراك الذين لا يرون تنظيم داعش إرهابيّة. وبذلك لا يمكن بأي حال من الأحوال تصديق مجرد عنوان أن تركيا تلاحق الإرهاب 

وأما العثور على “معدات رقمية، ووثائق تابعة للمنظمة الإرهابية”، فهو كلام فضفاض لا يرتقي إلى مستوى أن يكون دليلاً، وتلك عادة الاستخبارات التركية للاتهام، وتنطوي على تدخل بالحرية الشخصية فيما يتصل بالهواتف المحمولة ووحدات تخزين المعلومات التي تحتوي على مجرد صورة في أسوا الأحوال، فيما تغض أنقرة عن تمرير السلاح والمعدات للإرهابيين عبر الحدود، بل شاركت الاستخبارات بنقل السلاح إليهم.

في عفرين اعتقلت الميليشيات الأمنية في 9/6/2020 أفراد عائلة كاملة واتهمتها بالعلاقة مع حماية الشعب، وأقدمت ميليشيا “الجبهة الشامية بعد يومين على نهب محتويات المنزل” وقررت سلطات الاحتلال الأمنية في 6/7/2020 حبس العائلة على ذمة التحقيق بتهمة بالوقوف وراء 11 تفجيراً بالمنطقة، وكان الدليل فيما زعمت مجرد مقاطع مصورة لم تفصح عنها، علماً أنّ المقاطع المصورة تنتقل عبر الفضاء الإلكتروني ومواقع التواصل بكل سهولة، ومجرد وجودها بأجهزة الهاتف ليس دليلاً قانونياً يُعتد به. وقد نشرت وكالة الأناضول الخبر وطبّلت له على أنه منجز أمنيّ كعادتها وتجاهلت حقيقة الاعتقال التعسفي ونهب المنزل، وبعبارة أخرى، تسعى أبواق الحكومة التركية إلى قلب الحقيقة وإسناد الإرهاب إلى الضحايا، وتجميل صورة الاحتلال والإرهاب، وهذا العمل في حقيقته لا ينفصل عن الإرهاب نفسه.

وشهد شاهد من أهله

الضابط التركي المختص بشؤون الإرهاب أحمد يايلا وهو حالياً محاضر في برنامج مكافحة الإرهاب بجامعة جورج تاون الأمريكية، كشف خفايا كثيرة عن احتضان أردوغان للإرهاب ودعمه. وقال إن نظام أردوغان يخدع العالم بادعاءات مكافحة الإرهاب، بينما الحقيقة هي أن هذا النظام يحتضن الإرهاب ويوفر له ملاذاً آمناً بل وتربح من ورائه، أوضح أنه اعتباراً من أواخر عام 2013 وأوائل 2014، أصبحت المدن الحدودية التركية المحاور اللوجستية الرئيسية للمقاتلين الأجانب الذين يسعون إلى دخول سوريا والعراق للانضمام إلى تنظيم داعش والجماعات الإرهابية الأخرى. ويضيف يايلا: “من الأمثلة على الدعم التركي لإرهابيي داعش، بمن في ذلك جرحى التنظيم الذين كان يتم علاجهم مجاناً في المستشفيات في جميع أنحاء جنوب شرق تركيا. وكان من بين الذين تلقوا الرعاية أحد كبار مساعدي أبوبكر البغدادي زعيم التنظيم، الذي عولج في مستشفى خاص في سانليورفا في أغسطس 2014”.

الميليشيات الإخوانية تلامذة أنقرة

بالمطلق يمكن القول إن الميليشيات التي تعيث في عفرين فساداً هي تلامذة أنقرة، فهي من جمعتهم ودربتهم على أراضيها، وأما القول “إن المشتبهين الـ 7 شاركوا في أنشطة “بي كا كا/ ك ج ك” في منطقة عفرين السورية، قبيل عملية “غصن الزيتون” العسكرية التركية”. فهو لا يتجاوز أسلوب الميليشيات الإخوانية التي تسيطر على إقليم عفرين، فكل عمليات الاختطاف والاعتقال فيها منذ ثلاثين شهراً تتم وفق تهمٍ ثابتة وجاهزة وهي العلاقة مع الإدارة الذاتية أو أداء واجب الدفاع الذاتي. وتركيا تتبع الأسلوب نفسه، فقد اعتقلت عشرات الآلاف من المواطنين والمعارضين والاتهامات جاهزة وهي الاشتراك في انقلاب 15/7/2016 أو العلاقة مع جماعة الخدمة التابعة للداعية الإسلامية فتح الله غولن أو العلاقة مع حزب العمال الكردستاني، الذي أوقفت أنقرة نفسها عام 2015 التفاوض معها وأسقطت جهود السلام وحل القضية الكردية.

من سياسة الحدود المفتوحة إلى إطلاق النار

المثير للسخرية هو قول إن المعتقلين دخلوا الأراضي التركية بطرق غير قانونية، والمعروف أنّ أنقرة اتبعت سياسة الحدود المفتوحة لخروج اللاجئين من سوريا ودخول الإرهابيين إليها، ومن بعدها أغلقت الحدود لتطلق الجندرمة النار على كل من يطلق النار وترديهم قتلى، وهل دخول المسروقات والمنهوبات اعتباراً من معامل حلب ومن ثم خيرات عفرين من زيت وحطب وآثار يدخل الأراضي بصورة شرعية؟ ماذا عن نقل المرتزقة وإدخالهم إلى ليبيا واليمن وأذربيجان؟

تحرير عفرين يقصد به تحويلها لبؤرة إخوانية

ويبقى أن تحرير عفرين بالنسبة لأنقرة يعني إمحاء الخصوصيّة الكردية التاريخية والثقافية والاجتماعية، وتهجير أهلها وسرقة خيراتها وإدخال الإرهابيين إليها بمن فيهم بقايا داعش والمستوطنين والتغيير الديمغرافي فيها وتتريكها بكل المستويات لتكون بؤرة إخوانية بالمنطقة تخدم خطة أنقرة وسياستها الخارجية فمنها يتم نقل المرتزقة السوريين إلى مناطق النزاع في اليمن وليبيا وأذربيجان. 

بالمجمل وكالة الأناضول لا علاقة بالمهنية الإعلامية ومصداقية الخبر، بل مجرد أداة تركية لتسويق السياسة وممارسة الإرهاب الفكري.

الكاتب: آزاد شكاكي

Post source : خاص

مقالات ذات صله

Show Buttons
Hide Buttons