عفرين بوست
فتح الغزو التركي في ليبيا، الباب أمام فصول جديدة من الدمار والاضطرابات على مختلف المستويات، فيما ارتفع طموح أردوغان رغم كثرة معارضيه إلى تحقيق حلمه العثماني.
ووفقاً لصحف عربية صادرة أمس الأحد، اقترن الغزو التركي في بلاد العرب بالنهب الاقتصادي، بينما أصبح أردوغان مادة دسمة لصانعي الرأي العام في أوروبا.
حيث قالت صحيفة البيان الإماراتي، إن “التدخل التركي أضفى طابعاً أيديولوجياً إضافياً على الاضطرابات الحالية في الدول العربية، حيث يقوم على تمكين ميليشيات تعتمد منهجاً إرهابياً متطرفاً، نقيضاً للتسامح والاعتدال والتسويات، مأخوذاً بمنطق السلاح وترهيب المجتمعات وتحطيمها عبر العنف، كما في حالات الانتقام الوحشية التي شهدتها مدينة ترهونة غرب ليبيا، ومناطق احتلتها تركيا في شمالي سوريا والعراق”.
وأضافت أن التوغل التركي في بلاد العرب مقترن بالنهب الاقتصادي أيضاً، فمع وصول المرتزقة الذين جلبتهم تركيا إلى طرابلس، بدأت تركيا في توقيع اتفاقيات اقتصادية إضافية، وبسبب عجز الميليشيات عن سد التكاليف الباهظة، تحاول تركيا إشعال فصل جديد من الحرب في ليبيا، بهدف السيطرة على الهلال النفطي بشكل مباشر، والتحكم بوجهة النفط الليبي مالياً وتجارياً”.
وأشارت إلى أن تركيا قامت بتصدير خطاب عاطفي يقوم على الأوهام التاريخية للتغطية على أطماعها، مرفقاً بتهديدات تكشف اغتراب الدبلوماسية التركية عن منطق العلاقات الدولية، واختتمت الصحيفة قائلة “لقد انتهى زمن الفرمانات العثمانية في بلاد العرب، ولا فرصة لإعادة تكرار ذلك”.
ومن جهتها، أشارت الكاتبة الصحافية سوسن الشاعر في مقال لها بصحيفة الشرق الأوسط، إلى أن أردوغان بدأ ظهره بالانحناء، لكن طموحه ارتفع إلى عنان السماء، مع بقاء حوالي عامين للرئاسة من جديد، وقالت “لأنه يشعر أنه لا يملك الوقت للتقية والمهادنة، فقد سارع برفع الغطاء عن مشروعه، خاصة أن مشكلاته الداخلية بدأت تتفاقم، ومنافسيه بدأوا يزيدون، ومعارضيه كثر، والرجل لديه مشروع في ذهنه، من أجله يحارب الداخل والخارج”.
وتساءلت عما إذا كان ما يفعله أردوغان في ليبيا وسوريا والعراق هو طموح شخصي وحلم أردوغاني فحسب، أم أنه طموح لتركيا كدولة توافقه عليه كل الأحزاب، بمن فيهم معارضوه؟.
كما تساءلت أيضاً عن دور المعارضة التركية لأردوغان، هل تعارضه في علاقته بالعالم العربي؟ في مغامراته؟ تعارضه على إرسال جنود أتراك خارج الحدود التركية؟ تعارضه على تدخله في شؤون دول عربية؟ تعارضه في معاداته لدول عربية كمصر والسعودية وسوريا واليمن والعراق والإمارات، وبشكل سافر؟ أم تعارض أسلوبه وتتفق معه على المبدأ؟.
وأوضحت أن “أردوغان ما عاد يخفي طموحه باحتلال مناطق عربية، بل يصرح بشكل واضح بأنها مناطق من المفروض أنها تابعة لتركيا العثمانية، وبدأ يفصح عن استحقاق تركيا للثروات والموارد الطبيعية التي يجب أن يحصل عليها من هناك، ويعددها وهو جالس على كرسي الخلافة، ويشير بعصاه إليها وكيف سيستولي عليها”.
وأضافت الكاتبة متسائلة “تركيا تحولت إلى دولة معادية للعرب بشكل واضح وصريح، فهل ننتظر أن يقتص لنا الأتراك من أردوغان ويوقفوا تلك التدخلات؟ أو ننتظر القدر أن يخطط له وينهي حقبته؟ أم أن المسألة لا تتعلق بأردوغان، علينا ألا نتفاءل أو ننتظر، بل علينا أن نحدد طبيعة تلك العلاقة من الآن بغضّ النظر عمن هو على سدة الرئاسة؟”.
وبدوره، قال الكاتب الصحافي مصطفى طوسه في مقال له بصحيفة الرؤية الإماراتية، “قد لا يمر يوم أو أسبوع دون أن تنشر الصحافة الأوروبية مقالاً عن شخصية الرئيس التركي رجب طيب أردوغان التي تصفها بالمعقدة والعدوانية”، وأضاف “أصبح أردوغان مادة دسمة لصانعي الرأي العام تجسد كوابيس الاتحاد الأوروبي من صور هجرة سرية إلى مشاهد قوافل النازحين، التي تطرق باب الفضاء الأوروبي، مُروراً بمجموعات إرهابية تنتعش في ظل سياسات أردوغان لتهدد الأمن والاستقرار الأوروبي”.
وأوضح أن الرئيس التركي يقيم حالياً مع الجوار الأوروبي علاقات تقترب من المواجهة العسكرية والسياسية، وتهدد بانفجار وشيك، كما تؤشر إلى ذلك علاقته مع كل من: اليونان قبرص أو فرنسا، وتابع: “أردوغان بإحداثه تصدعاً داخل المنظومة الأطلسية، ونشره ميدانياً وأيديولوجياً فكراً متطرفاً، باحتوائه للمجموعات الإرهابية في ليبيا وسوريا، وتحدياته العسكرية اليومية لجيرانه في البحر الأبيض المتوسط، أصبح يتقمص شخصية العدو اللدود للدول الأوروبية”.
ولفت إلى أن هناك تلويحاً بفرض عقوبات أوروبية جماعية على تركيا، حيث أن المناورات العسكرية المصرية ـ الفرنسية، والدعوة إلى قمة لدول المتوسط لمناقشة القضايا الأمنية ما هي إلا مؤشرات على أن هذه الدول عازمة على تقويض التهديدات التركية وإعادة طموحات أردوغان إلى حجمها الوطني.
واختتم مقاله قائلاً “تحوَّلت تركيا من بلد يشكِّل البوابة الآسيوية لدول الاتحاد الأوروبي إلى بلد يهدد أمنه واستقراره، عبر إحداث نزيف من اللاجئين والإرهابيين، وتحول أردوغان إلى عرّاب هذه السياسة العدوانية ومهندسها عبر اللجوء إلى الابتزاز، وفرض الأمر الواقع بالقوة، وهو منطق مرفوض أوروبياً وعربياً”.