عفرين بوست – خاص
أقدم مستوطنون ليل يوم الثلاثاء\الثامن والعشرين من يوليو، على إحراق مزار شيخموس الكائن في قرى الميدانيات التابعة لناحية راجو، بذريعة كونه من رموز الشرك بالله، وذلك بعد أيام من ترميمه على يد الاحتلال التركي، وفقاً لمراسل “عفرين بوست” ي الناحية.
وأكد المراسل أن المستوطنين أقدموا على حرق مبنى المزار الديني عبر إشعال إطار للسيارات داخله، ما أدى لتدميره ثانية، حيث كانت ميليشيات الاحتلال التركي أقدمت في وقت سابق على نبش “قبر الشهيد”، بحثاً عن اللقى الأثرية المزعومة، كما أقدموا على قطع أشجار السنديان المحيطة بالمزار.
وكان الاحتلال التركي قد قام خلال يوليو الماضي، على ترميم مبنى المزار وطلائه من الداخل والخارج، إلا أن مستوطنين متطرفين اعتبروا الخطوة تشجيعاً على الشرك بالله وعبادة الأوثان!
وتواصلت “عفرين بوست” مع أحد أبناء القرية الذي أبدى استغرابه من قيام الاحتلال التركي بترميم المزار الديني الأثري، كونه التزم الصمت طيلة الفترات الماضية عن تعرض الأغلبية العظمى من المزارات الدينية وخاصة الأيزيدية والعلوية للتدمير والنبش والتدنيس.
ورجّح المصدر أن يكون هدف الاحتلال من ترميم المزار، تصويره وتقديمه للمنظمات الدولية لتكذيب التقارير الصادرة على وسائل الاعلام والمنظمات الحقوقية العاملة على توثيق الانتهاكات في إقليم عفرين الكردي المحتل، والتشويش عليها وضرب مصداقيتها.
وﻳﻘﻊ ﻣﺰﺍﺭ ” شيخموس\ﺳﻠﻄﺎﻥ شيخ موس العنزلي” ﻓﻲ “ﺳﻬﻞ ﻣﻴﺪﺍﻧﺎ” ﻭﺇﻟﻰ ﺍﻟﺠﻨﻮﺏ ﻣﻦ ﻗﺮﻳﺔ “ﻛﺎﻭﻧﺪﺍ” ﺍﻟﺘﺎﺑﻌﺔ ﻟﻨﺎﺣﻴﺔ “ﺭﺍﺟﻮ” وإلى جانب القبور التاريخية والغابة الحرجية الوارفة، توجد ﻣﺠﻤﻮﻋﺔ كبيرة ﻣﻦ ﺍﻷﻋﻤﺪﺓ ﺍﻟﺤﺠﺮﻳﺔ القديمة اﻟﻀﺨﻤﺔ ﺍﻟﻤﻨﺘﺸﺮﺓ ﻋﻠﻰ شكل شواهد لقبور قديمة تعود الى زمان الرومان وعلى ﻣﺴﺎﺣﺔ ﺣﻮﺍﻟﻲ 2 ﻫﻜﺘﺎﺭ ﻣﻦ ﺍﻷﺭﺽ.
وﻳﻮﺟﺪ ﻋﻠﻰ ﺑﺎﺏ مزار “ﺷﻴﺨﻤﻮﺱ” ﻧﺺ ﻛﺘﺎﺑﻲ ﺑﺎﻟﻠﻐﺔ ﺍﻟﻌﺜﻤﺎﻧﻴﺔ ﻳﻌﻮﺩ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﻌﺎﻡ 1300ﻫـ -1882ﻡ، ويوضح النص أن ﺻﺎﺣﺐ ﺍﻟﻤﺰﺍﺭ هو “ﺷﻴﺨﻤﻮﺱ ﻋﻨﺰﻟﻲ”.
ويُعتقد أن المزار في الأصل هو خاص بالإيزديين حيث من المعروف أن ﻟﻺﻳﺰﻳﺪﻳﻴﻦ ﺳﻨﺎﺟﻖ ﺃﻭ ﺭﺍﻳﺎﺕ ﺗﺮﻣﺰ ﻛﻞ ﻭﺍﺣد ﻣﻨﻬﺎ ﺇﻟﻰ ﻣﻼﻙ، ﻭﺃﻋﻈﻢ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﺴﻨﺎﺟﻖ ﻣﺎ ﻳﺴﻤﻰ ﺑﺴﻨﺠﻖ “ﺍﻟﻌﻨﺰﻝ”، ﻭ”ﺍﻟﻌﻨﺰﻟﻲ” –”ﺃﻧﺰﻟﻲ”، “ﺃﺯﻟﻲ” ﺃﻭ “ﺷﻴﺦ ﺇﺑﺮﺍﻫﻴﻢ ﺍﻟﻌﻨﺰﻟﻲ” ﻫﻮ ﺃﺣﺪ ﻣﺸﺎﻳﺦ ﺍﻹﻳﺰﻳﺪﻳﻴﻦ ﻣﻦ ﺍﻟﻔﺌﺔ ﺍﻟﻘﺎﺗﺎﻧﻴﺔ ﺇﻟﻰ ﺟﺎﻧﺐ “ﺷﻴﺨﻮ ﺑﻜﺮ”، ﻭﺭﺑﻤﺎ ﻟﻘﺐ “ﺷﻴﺨﻤﻮﺱ” ﺑﺎﻟﻌﻨﺰﻟﻲ ﻟﻜﻮﻧﻪ ﻣﻦ ﻣﺸﺎﻳﺦ ﺍﻟﻔﺌﺔ ﺍﻟﻘﺎﺗﺎﻧﻴﺔ ﺍﻹﻳﺰﻳﺪﻳﺔ ﻣﻦ ﻣﺸﺎﻳﺦ “ﺷﻴﺦ ﺇﺑﺮﺍﻫﻴﻢ ﺍﻟﻌﻨﺰﻟﻲ” ﻭﻛﺎﻥ ﻣﺘﺼﻮﻓﺎً ﻭﻣﺘﻌﺒﺪﺍً ﻫﻨﺎﻙ ﺛﻢ ﻣﺎﺕ ﻭﺩﻓﻦ ﻓﻲ ﻧﻔﺲ ﺍﻟﻤﻜﺎﻥ؛ ﻓﺎﺗﺨﺬﻩ ﺍﻟﻨﺎﺱ ﻣﺰﺍﺭﺍً ﻳﺘﺒﺮﻛﻮﻥ ﺑﻪ.
وعمدت الميليشيات الإسلامية التابعة للاحتلال التركي الاعتداء على التراث والمزارات الدينية في إقليم عفرين الكُردي التابع للإدارة الذاتية سابقاً، بإشراف الاحتلال التركي وتخطيطه، في إطار مساعيه لطمس هوية عفرين المتميزة بالتعدد الديني والمذهبي.
وكان قد أفاد مراسل “عفرين بوست” في ناحية راجو، بتاريخ العاشر من فبراير العام 2019، أن الميليشيات الإسلامية المحتلة لقرى “ميدانيات” التابعة للناحية، أقدمت على القيام بأعمال نبش وحفر وتدمير لمزار “شيخموس ” الشهير، محدثةً فيه دماراً كبيراً رغم اعتراض أهالي القرى المجاورة.
ونقل مراسلنا عن أحد سكان قرى “ميدانا/ميدانيات” قوله حينها، أن الأهالي أبدوا اعتراضهم على أعمال الحفر في القبور، كذلك قطع الأشجار المعمّرة المُباركة، إلا أن المسلحين والمستوطنين أبدوا استخفافهم بالمزار الديني، وادعوا أن أهل المنطقة لا يعرفون التنعّم بهذه الخيرات!، مضيفا” أن “المسلحين” يقولون للأهالي بأنهم جاؤوا إلى الإقليم لطمس هويته وعليهم أن ينسوا أنهم كُرد!
وأوضح مراسل “عفرين بوست” وقتها، أن تلك الميليشيات قامت بحفر ونبش القبور التاريخية الموجودة في المزار بحثاً عن الكنوز واللقى الأثرية! دون أدنى اعتبار للمكانة الاعتبارية التي يحظى بها المزار الديني لدى سكان القرى المجاورة لها، وأضاف أن مسلحي ميليشيات “فيلق الشام” و”لواء أحرار الشمال” الإسلاميين، وكذلك المستوطنين المُتشكلين من عوائل المسلحين، أجهزوا على الغابة الحرجية القديمة التي تغطي المزار، وذلك لاستخدام أحطابها في التدفئة، رغم أن التقاليد والتراث السائد في عفرين تحرّم قطعها.
وتحاول أن الميليشيات الإسلامية ضرب التعدد الديني والمذهبي في إقليم عفرين الكُردي، عبر تخريب الرموز والمقدسات الدينية العائدة للعلويين والإيزيديين الكُرد، وفرض الثقافة الدينية المتطرفة، على المجتمع العفريني المتنوع على المستوى الديني والمذهبي في الإقليم.