نوفمبر 22. 2024

أخبار

فرق متخصصة تنهب آثار عفرين.. وفقاً لخرائط مُعدة مُسبقاً

عفرين بوست ــ خاص

تأتي سياسة التعدي على الآثار وتشويه معالم المواقع الأثرية التي يتبعها الاحتلال التركي والمليشيات الإسلامية التابعة لتنظيم الإخوان المسلمين، في إقليم عفرين الكردي المحتل شمال سوريا، في سياق خطة متكاملة متعددة الأهداف.

وتسعى تلك السياسة لتخريب الذاكرة الثقافية واستهداف الأدلة التاريخيّة للوجود الكردي بالمنطقة، وكذلك في إطار عمليات السرقة للدفائن التاريخيّة واللقى الأثريّة.

وهي تقوم على أساس فرضية أنّ الجيش العثمانيّ خاض حروباً كبيرة في سنواته الأخيرة ما بين عامي 1016-1918 حيث عقد مؤتمر مودرس بين تركيا والحلفاء في 30/10/1918، وخلال انسحابه أقدم على دفن النفائس والذهب والأموال على كامل طريق الحجاز ومناطق متفرقة في سوريّة، وكذلك في إطار نهب الكنوز الأثريّة في المنطقة، حيث تنشط مافيات تجارة الآثار على الحدود، وأضحت إسطنبول سوقاً لتجارة الآثار المنهوبة من سوريا.

وبات من المؤكد أن الاحتلال قد حضّر بشكل جيد خطة العدوان على إقليم عفرين، وأنه حضّر خريطة تفصيلية بالمواقع الأثرية بالمنطقة، تماماً كما حضر بنك الأهداف العسكرية والمرافق العامة الهامة.

وقد أسند مهمة البحث والتنقيب في المواقع الأثرية إلى مسلحي ميليشيات تنظيم الإخوان المسلمين المعروفة بمسمى “الجيش الوطني السوري\الجيش الحر”، ويدعمهم بآليات حديثة من جرافات وروافع ودعمٍ لوجيستي.

وقد استهدف القصف الجويّ التركيّ معبد عين دارة في الأيام الأولى للعدوان، وهو يعتبر موقعاً تاريخيّاً نادراً يعود لآلاف السنوات، وبعد الاحتلال اختفى فجأة الأسد البازلتي من الموقع، وهو من الحجم والوزن ما لا يمكن حمله ورفعه إلا بآليات ضخمة، وحولت الميليشيات الموقع إلى حقل للتدريب العسكريّ.

كما تعرضت آثار موقع النبي هوري (سيروس) لعملية سرقة ممنهجة، وأورد المرصد السوري لحقوق الإنسان، أنّ الاحتلال التركيّ والميليشيات الموالية له وتحديداً ميليشيا “صقور الشمال” قاموا في 10/8/2018 و6/10/2018 و3/11/2018 بأعمال حفرٍ تخريبيّة وعشوائيةّ بالآليات الثقيلة (الجرافات)، ما أدّى إلى تدمير الطبقات الأثريّة دون توثيقها.

إضافة إلى تدمير المواد الأثريّة الهشّة كالزجاج والخزف والفخار ولوحات الفسيفساء، وغيرها من الآثار، وكشف المرصد السوري لحقوق الإنسان عن أن “المنقبين عثروا على لوحات فسيفسائية تم تهريبها إلى تركيا بتسهيلات من الميليشيات الموالية لها عبر تجار”.

وفي يناير 2019، قام مسلحو ميليشيا “النخبة” بأعمال الحفر في محيط القلعة في وضح النهار عبر عشرات الآليات الثقيلة وطالت عمليات النبش والسرقة قبر النبي هوري، (أوريا بن حنان) أحد أبرز قادة النبي داوود القريب من القلعة بحجّة الترميم وتوسيع مسجدها للتغطية على عمليات السرقة السابقة وتشويه المعالم والحقائق التاريخيّة والعمرانية وجعلها تتناسب مع نموذج البناء العثمانيّ. وقد أعلن مديرية أوقاف ولاية هاتاي عن خطة ترميم في مسجد النبي هوري ومسجد عمر بن الخطاب.

وفي ناحية بلبله/بلبل قامت عناصر ميليشيا “فرقة السلطان مراد” بعمليات تنقيب عبر الحفر وتجريف التربة على التل الواقع بين قرى بيباكا – قوشا بحثاً مستخدمين آليات ثقيلة واقتلعوا مئات أشجار الزيتون.

وأوردت مصادر موثوقة من إقليم عفرين المحتل أنّ آليات تركيّة ومعدات وأجهزة، شوهدت تعمل على تلة “جندريسه\جنديرس”، لحفر التلة والبحث عن دفائن وآثار من خلال التنقيب عنها بالأجهزة والمعدات الحديثة بإشراف فرق متخصصة في البحث عن الآثار.

وأضافت المصادر الموثوقة للمرصد السوري أنه الطرق القريبة من التلة والواصلة إليها جرى إغلاقها بشكل كامل من القوات التركية، ونشر المرصد السوريّ لحقوق الإنسان صوراً للآليات التي تعمل في عملية التنقيب عن الآثار في منطقة تلة جندريسه، وذكر أن عمليات تنقيب أخرى تجري في ريف ناحية موباتا/معبطلي، حيث جرت عمليات التنقيب والحفر في منطقتي تل علي عيشة وتل زرافكة وكذلك التلة الأثريّة الواقعة في قرية عرابو/ عرب أوشاغي بأسلوب مشابه لما يجري في منطقة جندريسه من تنقيب وقطع للطرقات إلى المنطقة.

وفي 20 مايو/أيار 2020، ذكر موقع العربية أن عناصر من ميليشيا “لواء السلطان سليمان شاه\العمشات”، باشروا تنفيذ عمليات حفر بهدف التنقيب عن الآثار في تل “أرندة الأثري” في ناحية شيه/ الشيخ حديد، وأن التل يتعرض بشكل شبه يومي لعمليات حفر بمعدات ثقيلة بحثاً عن الآثار ما أدّى لتضرر التل بشكل كبير وإحداث دمار هائل به، كما تضرر نحو 500 شجرة زيتون بالقطع والطمر.

وفي 28/6/2020 ذكرت مصادر محلية أن عناصر ميليشيا “أحرار الشرقية” بدأوا بعمليات حفر وتجريف للتربة بحثاً عن الآثار واللقى شرق قرية كورا التابعة لناحية راجو مستخدمين معدات حديثة، واقتلعوا أشجار الزيتون المحيطة بالموقع.

وفي سياق متصل بسرقة الآثار ونهبها، لوحظ وجود حسابات مختصة في الفيسبوك تهتم بنشر تقارير مصورة عن عمليات النبش والبحث عن الخزائن والمدفونات القديمة، وإحدى هذه الصفحات هي صفحة كنوز ودفائن الماضي السلطان أحمد وبروفايل الصفحة ورابطها (https://www.facebook.com/kunozwadafa2nalmade/) هو شعار السلطنة العثمانية، ووُجدت صفحة أخرى باسم وثائق ومخطوطات كنوز ودفائن الماضي، والشعار نفسه  ورابط الصفحة (http://www.kunuzwadafayinalmadi.simplesite.com/) حيث تقوم هذه الصفحات وأمثالهما بنشر ثقافة النهب والحفر غير المشروع وتجارة الآثار على مستوى المنطقة، وفي مختلف المناطق السورية، الواقعة تحت سيطرة الجيش التركي عبر نشر فيديوهات توثق حالات التعدي على المواقع الأثرية.

ونشرت تلك الصفحات عشرات التقارير المصوّرة عن عمليات البحث عن الخزائن في مناطق مختلفة، تستند لخرائط مشفّرة بإشارات ورموز معينة، وإحدى هذه الصفحات اسمها “كنوز ودفائن الماضي السلطان أحمد”، وتعتمد شعار السلطنة العثمانيّة، وفي 18/6/2020 نشرت مقطعاً مصوّراً قالت عنه إنّه “من أحد أعمالنا خربة قديمة وهي بقايا كنيسة بيزنطية”.

ولم تكشف عن اسم المكان وموقعه، وبتدقيق الصور وتحليلها يتبين أنّ الموقع يقع في ناحية شيراوا جنوب شرق قرية باصوفان بنحو 1.5 كم ضمن حقول الزيتون التابعة للقرية، ويعرف المكان باسم “كفرلاب” أو “قرية العاقل” من المواقع الأثرية القديمة، وفيه آثار كنيسة قديمة تعود إلى القرن السادس الميلاديّ.

وسبق أنّ نشرت مقطعاً مصوراً آخر عن عمليات حفر تحت الأرض في أرضٍ زراعية في منطقة سريه كانيه/ رأس العين، وهو عبارة عن بناء تحت الأرض يمتد إلى طوابق، وفيه ممرات وغرف.

وإذ يعمد الاحتلال التركي إلى سرقة الآثار وتشويه معالم المواقع الأثرية بحجة الترميم لإضفاء ملامح عثمانية عليها، فإن الغاية هي شرعنة الاحتلال وفق مستند تاريخي مفبرك، مقابل الإبادة الثقافية لمكونات المنطقة، ذلك لأن الحقبة العثمانية لم تشهد حركة عمرانية بالمنطقة، بل اعتمدت على نهب خيرات الولايات التابعة لها وفرض الإتاوات فحسب.

مقالات ذات صله

Show Buttons
Hide Buttons