عفرين بوست ــ خاص
يستمر التضييق على المواطنين الكُرد في إقليم عفرين الكردي المحتل شمال سوريا، من قبل الميليشيات الإسلامية التابعة للاحتلال التركي وتنظيم الإخوان المسلمين، وتتواصل عمليات الاختطاف وطلب الفديات، ودقع الأهالي للتهجير، فيما تستمر ميليشيا “لواء السلطان سليمان شاه/العمشات” في محاولات مفضوحة لتجميل الواقع عبر مقاطع مصورة مفبركة، لتزوير الحقيقة، آخرها تسجيل مصور لشاهد زور استند لأدلة وهمية.
فبتاريخ العاشر من يوليو الجاري، أقدم مسلحو ميليشيا “فرقة السلطان مراد” التابع للاحتلال التركيّ على اختطاف المواطن الكرديّ وليد (٣٠ عاماً) من مواطني قرية “خلنيره”، والمقيم بحي الزيديّة في مدينة عفرين، واقتيد إلى جهة غير معلومة، وما زال مصيره مجهولاً حتى الآن، كما لم تُعرف التهمة الموجهة له، يذكر أنّ وليد متزوج ولديه ثلاثة أولاد.
وفي سياق متصل، أفادت مصادر محليّة من داخل عفرين أنّ مسلحي ذات المليشيا، اختطفوا قبل نحو عشرين يوماً المواطن “محمد مدو” من أهالي قرية “حسن ديرا” التابعة لناحية “بلبله/بلبل”، عبر مداهمة منزله الكائن في حي “الزيدية” بمدينة عفرين، وفيما بعد، طالب المسلحون ذوي المخطوف بمبلغ (20) ألف دولار أمريكيّ كفدية ماليّة شريطة إطلاق سراحه.
وبالتزامن مع التضييق على العوائل الكرديّة الباقية في عفرين، هدّد مسلحو ميليشيا “فرقة السلطان مراد” ثلاث عوائل كُرديّة في حي الزيدية في مدينة عفرين، بالخطف بحجّة الانتماء أو التعامل مع “الإدارة الذاتية” السابقة بينهم نساء ومسنة.
كما شهد حي الزيدية انفجاراً عنيفاً ناتجاً عن لغم أرضي، في أحراش الزيدية، وأدى إلى فقدان عدد من رؤوس الماشية، وجاء التفجير متزامناً مع الإعلان عن إخراج بعض الميليشيات من مدينة عفرين، لتكون إشارة إلى مساعي تعزيز حالة من الخوف والقلق لدى أهالي الحي.
وبالصدد، تم تهجير أكثر من ثلاثين عائلة من قرية “ألكانا” التابعة لناحية “شيه” بعد مضايقات متضاعفة من مسلحي ميليشيا “السلطان سليمان شاه\العمشات” وزيادة التنكيل بحق الأهالي، وقد طالت عوائل كرديّة في قرية جقلا، حيث فرضوا عليها دفع مبلغ ١٠٠٠ دولار أمريكي عن كل شخص يُهجر من عفرين إلى تركيا عبر بوابة قرية حمام الحدودية بواسطة السيارات العسكرية تابعة لقوات الاحتلال التركي، لسهولة مرورها عبر الحواجز الكثيرة المنتشرة على الطرقات.
وتمنع ميليشيا “السلطان سليمان شاه” المعروفة باسم العمشات، العائلات الكردية المتبقية في قرى ناحية “شيه\شيخ الحديد” من الذهاب إلى المناطق الواقعة تحت سيطرة النظام السوريّ، أو الإدارة الذاتيّة، فلا يبقى خيار إلا الانتقال إلى الأراضي التركيّة لتبدأ المساومة.
وكانت قد أقدمت ميليشيا “العمشات” قبل أيام على الترويجِ على دعاية عبر مقطع مصور، وأتوا بعدد من وجهاء القرية إلى مكتب المدعو “محمد جاسم /أبو عمشة”، حيث أنكروا في أحاديثهم قصة الإتاوات وطرد الأهالي من بيوتهم وإسكانهم في خيم، بعدما انتشرت صور تلك الخيم في مواقع التواصل وفضحت جزءاً من أعمالهم وانتهاكاتهم.
وركز المسلحون في تسجيلهم المصور على ربطة الخبز المجانية المقدمة من قبل المليشيا على حد زعمهم، وتجاهلوا حقيقة أن كل خيرات المنطقة تم الاستيلاء عليها وسرقتها.
وتحدثوا عن المعاملة الطيبة بين أهالي القرية الأصليين والمستوطنين ووصفوهم بالضيوف، وتناسوا الانتهاكات التي يمارسها المستوطنون وتعدياتهم على الأهالي واستيلاءهم على البيوت وسرقة الموسم من الحقيقة.
ما تجاهلوا حقيقة احتلال الميليشيات الإخوانية للإقليم الكردي تحت رعاية الاحتلال التركي، وبمؤازرة الطيران والمدفعية التركية، وارتكاب المجازر بحق أهالي إقليم عفرين، ما أدى إلى تهجير أكثر من 300 ألف من أهالي عفرين خارج المنطقة (كحد أدنى)، فيما يتم التضييق على من تبقى فيها لتهجيرهم.
وتؤكد المعلومات الواردة من إقليم عفرين المحتل، المغلق أمام الإعلام، أنه يتم اختطاف والتنكيل بكل من يدلي بمعلومة حول حقيقة الحياة اليومية التي يعيشها أهالي عفرين الأصليين الذين باتوا أقلية عددية في أرضهم التاريخيّة.
وفي هذا السياق، ظهر فجأة المدعو بـ “أحمد عثمان” وهو طبيب، ضمن مقطع مصور وهو يرعد ويزبد ويتوعد المدعو “أبو عمشة” ويُظهر التعاطف مع الأهالي في قرية “كاخريه\ايكي ياخور” وأنه بصدد النزول إلى أنقرة لاتخاذ إجراء حاسم بحق “أبو عمشة” على خلفية قصة طرد الأهالي وإسكانهم الخيم.
ولم يمض على التهديد إلا أيام قلائل حتى ظهر مجدداً في بث مباشر ادعى أنه في قرية “كاخريه”، وأنه التقى بوجهاء القرية والأهالي وصور الواقع كما هو، وقدم التسجيل المصور نفسه الذي روّجت له العمشات، كدليل لبراءة ميليشيا العمشات وادّعى أنه هو من قام بتصويره، وقدم الاعتذار من المدعو “أبو عمشة” لأنه أخطأ بحقه.
وفي كلا التسجيلين لم يثبت المدعو “أحمد عثمان” مكان وجوده إلا بمجرد الادعاء، ليتبين معها أنها جزءٌ من مسرحية تجميل الانتهاكات المفضوحة، وأنه مجرد شاهد زور استند في حديثه على شهادات وهمية لم يذكر فيها أسماء ولم يأتِ بأدلة ثابتة، وكرر عدة مرات الاعتذار وأن له علاقة صداقة شخصية تربطه بالمدعو “أبو عمشة”.