عفرين بوست ــ خاص
في ردّهم على الأخبار التي تداولتها المواقع الإلكترونيّة ومنها “عفرين بوست”، حول إقدام مسلحي ميليشيا “لواء السلطان سليمان شاه” المعروف باسم “العمشات”، على طرد مواطنين من منازلهم في قرية “كاخرة\إيكي كاخور” بسبب عجزهم عن دفع الفديات المطلوبة وإسكانهم في خيم على أطراف القرية، قام مسلحو المليشيا بفبركة لقاءات مصورة لعدد من أهالي القرية، وهم يكررون جملة واحدة، بأن أحداً لم يطلب منهم إتاوة أو الخروج من منازلهم، وأنّ الخبز يُوزع عليهم بالمجان.
وبصرف النظر عن أيّ اعتبارٍ، فإنَّ المسلحين دخلوا المنطقةَ بعد حربٍ استمرّت لمدة 58 يوماً، تمَّ خلالها قصفُ المنطقةِ وتدمير البنية التحتيّة والمرافق العامة والبيوت واستشهد فيها من الأهالي المئات ومن كافة الفئات العمريّة، ليضحى معه اليوم الإقليم محتلاً بكامله، يُرفع في كلِّ مكانٍ فيه العلم التركيّ، ولا يمكن بأيّ حالٍ من الأحوال إنكار حقيقة الاحتلال، وهو ما يدفع للسؤال: متى كان الاحتلال أماناً؟ ليشبه معه مراقبون ما ورد في المقطع المصوّر بـ سؤال السجّان للسجين عن رأيه في معاملته!
عندما يتحدث الأسرى
ومن المعلوم أن إقليم عفرين الكرديّ تحوّل إلى سجن كبيرٍ، فيما لا يتعدى من تبقى فيه من سكانه الأصليين عن كونه مجرد أسرى لا يدرون ما يمكن أن يتعرضوا له في كلِّ لحظة، والتهمة جاهزة، العلاقة مع “الإدارة الذاتيّة”، فهل يسع أحدٍ أنّ يتحدث في مكتب متزعم ميليشيا إلا أن يقول ما يتم تلقينه له؟
وتحدث مجموعة من الأسرى في المقطع المصور الذي بثته مليشيا “لواء السلطان سليمان شاه”، ومنهم حديث إمام المسجد “محمد حاجي”، الذل لم يكن استشهاده بالآيات القرآنية إلا كلمة حقٍ أُريد بها باطل، لأنّ الصور التي تمَّ تداولها للخيم مؤكّدة، ومصادر الخبر متعددة جداً، فيما لم يكن الفاسق من نقل الخبر وفق القاعدة الشرعيّة التي تقول إن “ناقل الكفر ليس بكافر”، إلا أن الأكيد بأن الفاسق هو من أخرج الناس من بيوتهم، رغم أنه ليس متوقعاً ممن يجلس في مكتب المدعو “أبو عمشة” إلا أن يقولَ كلاماً في مدحه وينكرَ الحقيقة، ضماناً لسلامته، لكن العجيب في الأمر أن يقارن شخصٌ ضياع وطنٍ بربطة خبز، بجانب محاولة لنيل الرضا عبر وصف أبو عمشة بـ”الحاج”، رغم أن سيرة أبو عمشة معروفة، وقد تداولتها مواقع المسلحين أنفسهم، عنه وعن إخوته (فادي ومالك وباسل، يونس)، وأقل ما توصف به تلك السيرة إنها فظيعة ومروّعة.
فيما قال مختار القرية المدعو “أحمد قاسم” بأنه لم يسمع ولم يرَ شيئاً من هذا القبيل، وأنّ القرية بعد “تحريرها” تعيش حالة أمان والعلاقة بين سكان القرية جيدة، وأنّ هناك نحو 300 منزلٍ في القرية يسكنه من يسميهم بالمهجّرين (في إشارة إلى المستوطنين، الذي حلّوا مكان سكان القرية الأصليين الكُرد المهجرين).
لتطرح تلك المزاعم أسئلة عديدة، لعل أبرزها: أين أصحاب البيوت الحقيقيين؟ ولماذا تركوا بيوتهم ولم يعودوا ما دامت القرية تنعم بالأمان؟
وعليه، يتوضح إنّ 300 منزل التي تعني أكثر من ألف مواطن من القرية مهجرون عنها بفعل الاحتلال التركي ومسلحي تنظيم الإخوان المسلمين، ولو تصورنا العدد في باقي قرى إقليم عفرين لوجدنا أنه يتجاوز الـ300 ألف إنسان، وهو ما يدعو للاستغراب من قول المختار إنّ أهل القرية استقبلوا المستوطنين بفتح الصدور لهم؟
فهل يمكن لأحد أن ينسى بين عيشة وضحاها أهل قريته وقرابته المهجرين قسراً والمقيمين في مخيمات النزوح ويتحدث عن علاقات طبيعيّة مع المُستجلبين تحت وطأة العلم التركيّ والمستوطنين بقوة السلاح؟ ولعل بقاء الشيخ محمد حاجي إماماً والمختار أحمد قاسم هو محل السؤال، حيث قامت سلطات الاحتلال بسلسلة من التغييرات طالت أئمة المساجد والمخاتير، وعيّنوا مكانهم آخرين من المستوطنين.
إلا أن ما يمكن الإشارة إليه من أن معظم الأحاديث التي وردت في المقطع المصوّر كانت تكراراً في صورة تلقين مباشرة، ولعل ذلك يدفع لأن ألا يُلام الأهالي فيما يقولون، فالأخبار الواردة من عفرين يوميّاً تفي بالإجابة.
جرائم وانتهاكات بالجملة
ويعتبر “أبو عمشة” من صناعة الاستخبارات التركيّة، ومعروف عنه وعن مسلحيه ارتكاب الانتهاكات بالجملة ومنها: قتلُ نائبِ رئيس مجلس “شيه” المحليّ، أحمد شيخو، بعد تعذيبه بطريقةٍ وحشيّة.
وقد خرجت زوجة أحد المسلحين المدعوة “إسراء خليل”، في مقطعٍ مصوّر انتشر على نطاق واسع، وقالت إنّ “أبو عمشة” اغتصبها مراراً وتكراراً.
ومنذ احتلال ميليشيا العمشات ناحية “شيه/ شيخ الحديد”، لم يتورعوا عن ارتكاب كلِّ أعمال النهب والسلب وسرقة المنازل وممتلكات المواطنين الكرد هناك، ومنها سرقة نحو 7 آلاف تنكة زيت من الناحية، وكذلك أعمال الخطف لمئات المواطنين الكُرد وطلب الفديات منهم.
ويشرف شقيقه “يونس” على سجن في ناحية “موباتا/ معبطلي”، وعندما تورط بتهريب الحبوب المخدرة إلى تركيا، دفع شقيقه “فادي” ليكون كبش فداء عنه.
كما يعدّ “أبو عمشة” أحد عرّابي عملية نقل “المرتزقة\القتلة المأجورين” للقتال إلى ليبيا، وقد ذهب بنفسه إلى هناك دعماً لحكومة الوفاق الإخوانية، ونشرت له صور في زيارة جرحى مرتزقته بالمشفى، ولا ينفكُّ يتغنّى بالدولة العثمانيّة في منشوراته وأنّه جاهزٌ للقتال في أيّ مكانٍ في العالم في سبيل ولائه للسلطانِ العثمانيّ، ويقول عن العلم التركيّ “هو تاريخنا وتاريخ أجدادنا”.
تاريخ من السرقات والبلطجة
وينحدر “محمد الجاسم\أبو عمشة\1985” من قرية الجوصه بريف حماه وتعود أصوله إلى دير الزور، ومعروفٌ عنه هو وإخوته بأعمالِ السرقة والسلب والتقلّب في الولاءِ منذ بداية الحرب الأهلية السورية، اعتباراً من سرقةِ “أبو عفيف” الذي كانوا يعلمون عنده بالأجرة.
وفي أواخر العام 2011 أسس ما يعرف بـ”لواء خط النار” بدعم من المخابرات التركيّة والذي ضم 500-700 مسلح من أصحاب السمعة السيئة بالمنطقة الغربية بريف حماه.
كما عمل “قواداً” لدى المدعو “أبو الوليد الكويتيّ” وأصله من درعا، وابتزّه بصورٍ في موقفٍ شائنٍ جداً، وتؤكّد مصادر كثيرة، أنّ “أبو عمشة” اشتهر ببيعِ وتجارة الأسلحة والمحروقات وقطع الطرق منذ 2012، وقد غدر بالمليشيات التي انضوى في صفوفها، وشارك في القتال مع “جبهة النصرة”، وكان يتمركز هو وجماعته في منطقة كفرنبل وهرب مع السلاح، وكذلك فعل مع “حركة حزم”، وفي 2016 طعن بمليشيا “الجبهة الشامية” في جرابلس بانشقاقه المفاجئ عنها، وانتقل بعدها إلى الغندورة ليمارس أعمال السلب والنهب والمتاجرة بالمحروقات والسلاح فيها.
ومنذ بداية العام 2016 تبنى اسم “لواء السلطان سليمان شاه” وينضوي في صفوف مليشيا الفيلق الأول الذي عُرف باسم (لواء جزّار الشمال السوريّ) لارتكابه جرائم حرب بشعة في سوريا وبخاصة في “عفرين”، وينحدر أغلب من المكون التركمانيّ في ريف حماة، ويعرف باسم بلواء “العمشات” نسبة إلى قائده “أبو عمشة “.