ديسمبر 23. 2024

الاحتلال يصبغ عفرين وريفها بطابع تركي.. ويتعامل معها كجزء من ولاياته

عفرين بوست-خاص

بث ناشطون صورة على مواقع التواصل الاجتماعي لمركز ناحية جندريسه\جنديرس، عقب التفجير الأخير الذي استهدف أحد متزعمي المليشيات الإسلامية التابعة للاحتلال التركي وتنظيم الإخوان المسلمين في الأول من يونيو، أظهرت بشكل جلي نوايا أنقرة لضم عفرين واحتلالها، أو ذلك ما تحول إيحائه للأهالي.

حيث بيّنت الصورة، “لافتة طرقية” وسط مركز ناحية جندريسه\جنديرس، مكتوبة باللغتين التركية والعربية، لكن لم تكن تدل الزائرين أو الغريبين عنها إلى طريق عفرين أو حلب، بل كانت تدلهم على الطريق نحو الريحانية وهاتاي، وهما ولايتان تركيتان، في إيحاء من المحتل التركي بأن الإقليم الكُردي المحتل شمال غرب سوريا، وكأنه قد بات جزءً من الأراضي التركية.

أما حول فرض اللغة التركية، فهي جزء من مساعي الاحتلال التركي لصبغ الإقليم بالتركية، عبر فرض لغته عليها، من خلال استخدامها إلى جانب العربية في كتابة اللوحات الطرقية، وفي كل المرافق الخدمية والعامة التي يديرها الاحتلال أو عملائه فيما تسمى بـ”المجالس المحلية”.

ويهيمن الاحتلال التركي على إدارة كل المشاريع والأعمال اليومية للمؤسسات التي يتكفل بتمويلها، حيث يتعامل معها كجزء من ولاياته، ويُحلق قسماً من عفرين إدارياً بولاية كلس، ويلحق القسم الثاني بولاية هاتاي.

ومنذ بدء الحرب الاهلية السورية في العام 2011، تبنت المليشيات الإسلامية في تعاملها مع الشعب الكُردي رواية أنه مُلحد أو كافر، ليبرر من خلالها المسلحون الموالون لتنظيم الإخوان المسلمين، قتالهم ضد أبناء الشعب الكُردي.

وفي عفرين، استخدم المسلحون تلك الرواية لتبرير تهجير الكُرد من ارضهم، وسرقة املاكهم على أنها غنائم “الملاحدة والكفار الاكراد”، فيما سمح الاحتلال التركي على مدار الأيام الثلاث الأولى من اطباق الاحتلال العسكري في الثامن عشر من آذار العام 2018، بسرقة كل شيء امام عدسات الكاميرات.

وخلالها، سرق مسلحو المليشيات الإسلامية (الجيش الحر، الجيش الوطني) عشرات الآلاف من الجرارات والسيارات والمعامل والورش الصناعية، إضافة إلى الاستيلاء على منازل المهجرين وسرقة ونهب كامل محتوياتها، وهي أفعال لا تزال مُستمرة منذ اطباق الاحتلال العسكري وحتى الوقت الحاضر!

كما تبنت تلك المليشيات والهيئات المدنية والسياسية التي يقودها تنظيم الإخوان المسلمون بشكل مباشر أو بشكل مستتر تحت مسمى (الائتلاف السوري المعارض)، الخطاب التركي المُعادي للشعب الكُردي، من خلال إطلاق صفة العمالة للنظام السوري على “وحدات حماية الشعب” لتبرير عدم قبولهم بالكُرد في صفوف المعارضة.

أما الوسائل الإعلامية الموالية للمليشيات الإسلامية، فقد انتهجت بروبوغاندا خاصة، بناءً على تعليمات الاستخبارات التركية، ولصقت من خلالها كلمة “الانفصالية” بكل جملة ترد فيها “وحدات حماية الشعب”، لتأليب باقي المكونات السورية على الكُرد، وزرع روح العداء فيهم تجاهه.

ومع تطور الحرب الاهلية وتوالي انكسارات الاحتلال التركي، فقد الاخوان المسلمون أي آمال لهم باحتلال عفرين عبر ميليشياتهم التي تسيطر عليها الفوضى والفساد والاحتراب الداخلي، نتيجة المصالح الشخصية والفئوية، ليضطر الاحتلال التركي إلى شن عملية عسكرية في العشرين من يناير العام 2018، استخدم فيها أعتى صنوف الاسلحة المقدمة له نتيجة عضويته في حلف الشمال الاطلسي.

وتمكن الاحتلال التركي في الـ 18 من آذار العام 2018، من تحقيق المحال الذي كان يحلم به على مدار عقود، والمُتمثل بتهجير مئات الآلاف من سكان عفرين الأصليين الكُرد، وتوطين عوائل المليشيات الإسلامية (الجيش الحر، الجيش الوطني) المعروفة بولائها في المُجمل لتنظيم الإخوان المسلمين، بدلاً عنهم في الإقليم الكُردي.

ومنذ إطباق الاحتلال العسكري التركي، تسعى جماعة الاخوان المسلمين بمختلف السبل المادية والمعنوية، بغية تثبيت المستوطنين المتشكلين في غالبيتهم من عوائل المسلحين، للإقامة في إقليم عفرين الكُردي، مستفيدين من الدعم المالي المقدم من “قطر” التي تعتبر المُمول الأساس للتنظيم المصنف ارهابياً.

ولا تتوانى الوسائل الإعلامية الموالية للاحتلال التركي وتنظيم الإخوان المسلمين عن التباهي بخيبتها، عن نشر اخبار منوعة عن إنجازات الاحتلال المزعومة في إقليم عفرين الكردي المحتل، كما حصل في منتصف مايو الماضي، من خلال التطبيل والتهويل لمد الاحتلال لشبكات الكهرباء إلى عفرين، وكأن عفرين لم ترى نور الكهرباء في أي يوم قبل أن يحل الاحتلال لدرجة أنهم وصفوا الوضع في عفرين بأنه كان من العصر الحجري وهو ما ذهب إليه أحد المواقع الإخوانية.

ويتعامى الإعلام التابع للإخوان عن حقيقة أن مد خطوط الكهرباء أو الطرقات ليس مكرمة من محتل، بل إمعاناً في الاحتلال، ومحاولة لترسيخه، كما يفعلون هم، عندما يرفض المستوطنون الخروج من منازل السكان الأصليين الكُرد، بحجة أنهم أنفقوا الأموال على إصلاحها، علماً أن بيوت الكُرد كما عفرين، قد كانت عامرة قبل أن يغزوها المحتل، فيدمر البنية التحتية ويسرقها ثم يتمنن بإعادة تشييدها وكأنها لم تكن من قبل!

وكحال باقي المناطق المحتلة في الشريط الحدودي من جرابلس إلى إدلب، يكون الآمر الناهي هو الوالي التركي، فيما يعمل مسلحو تنظيم الإخوان المسلمين ممن يسمون أنفسهم بـ”الجيش الوطني السوري” كأجراء وعملاء يمهدون له احتلال الأراضي السورية، ويبيعونها كما يبيعون أي شيء يملكونه، لكن الفرق هنا أنهم لا يملكون الأرض السورية لأنها ملك السوريين، ولا يملكون عفرين لأن لـ عفرين أهلها الحقيقيين، فيما أضحى هؤلاء مجرد قتلة مأجورين ينقلهم الغازي التركي بين سوريا وليبيا، وبالعكس حسب حاجته.

والمضحك المبكي أن الإعلام الإخواني يسلط الضوء على إنجازات الاحتلال في عفرين من خلال اللقاء مع مستوطنين من ريف دمشق، أو آخرين من ريف حلب، ليتحدثوا له عن الوضع في عفرين، عقب أن أضحوا أدوات الاحتلال في التغيير الديموغرافي والتطهير العرقي، غير مدركين أن الاحتلال زائل كزوالهم، مهما طال أمده.

مقالات ذات صله

Show Buttons
Hide Buttons