عفرين بوست
جددت وزارة الخارجية الروسية أمس الجمعة، التأكيد على ضرورة الحفاظ على سيادة سورية واستقلالها ووحدة وسلامة اراضيها وحقها في القضاء على الارهاب الموجود عليها.
وانتقدت المتحدثة باسم الوزارة ماريا زاخاروفا في تعليق نشر على موقع الوزارة اليوم الاعتداءات الارهابية التي ينفذها النظام التركي ومليشياته الإسلامية التابعة لتنظيم الإخوان المسلمين، مشيرة الى التفجير الذي وقع قبل يومين في مدينة عفرين وذهب ضحيته ملا لا يقل عن 40 شخص (وفق إعلام الاحتلال التركي)، بمن فيهم 11 طفلاً إضافة إلى إصابة 47 آخرين بجروح.
وقالت زاخاروفا: “من الضروري التذكير بأن الكلام يدور حول أراض سورية يجب أن تعود في نهاية المطاف إلى سيادة سورية، ونحن على قناعة بأن إقامة الاستقرار والأمن بصورة وطيدة في منطقة الحدود السورية التركية، وفي سورية بشكل عام غير ممكنة إلا على أساس سيادة ووحدة وسلامة اراضيها”.
بدوره، قال المتحدث باسم وزارة الخارجية أنييس فون دير مول، في بيان الجمعة، إن “فرنسا تدين الهجوم الإرهابي الذي جرى تنفيذه في 28 أبريل (نيسان) الماضي، بمدينة عفرين، وخلف العديد من الضحايا المدنيين”، موضحاً أن “فرنسا تدعم دعوات الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش، لوقف الاشتباكات في سوريا”.
ولم تعهد عفرين خلال سبع سنوات من حكم أبنائها لها ضمن نظام “الإدارة الذاتية” من العام 2012 إلى آذار العام 2018، أياً من هذه التفجيرات، حيث كان يتكفل أبناء الإقليم بحمايته، لكن عفرين لم تعرف سلاماً منذ إطباق الاحتلال العسكري التركي على أرضها، مرافقاً بعملائه من مسلحي تنظيم الإخوان المسلمين، ممن يسمون أنفسهم بـ”الجيش الوطني السوري\الجيش الحر”.
وعقب التفجير يوم الثلاثاء، أشار مراسل “عفرين بوست” أن المصابين الكُرد رفضوا التوجه إلى المشافي الخاضعة للاحتلال التركي وتنظيم الإخوان المسلمين، وفضلوا تلقي العلاج في منازلهم، خشية اسعافهم إلى تركيا ومن ثم قتلهم وسرقة أعضائهم.
وجاءت خشية الكُرد من سرقة أعضاء من أجسادهم في المشافي، نتيجة التجارب السابقة في التفجيرات التي حصلت على مدار عامين من الاحتلال في عفرين، حيث تكون التفجيرات فرصةً لقتل المواطنين الكُرد وسرقة أعضائهم، إلى جانب كونها فرصة لمسلحي المليشيات الإخوانية، لسلب المحال التي تقع التفجيرات في محيطها.
وقد ارتفعت حصيلة التفجير الإرهابي الذي يعد الأقوى من نوعه من ناحية الخسائر البشرية والمادية بعد تفجير سوق الهال، إلى 61 قتيلا، بينهم عدد من الشهداء الكُرد (فواز علوان/قره تبه وحسين محمد/كورزيل وريزان جعفر/ماراتيه، رمزي خليل/سوغانكيه) علاوة على وجود نحو 70 إصابة وصلت إلى مشافي المدينة، وإعزاز عدا الذين فضلوا الخضوع للعلاج في منازلهم، وفقاً لمراسل “عفرين بوست”.
ونقل المراسل روايات من أوساط المستوطنين، تفيد بوقوف ميليشيات “السلطان مراد” و”أحرار الشرقية” وراء التفجير، كونها ترفض إرسال كافة مسلحيها إلى ليبيا كما طلبت منها المخابرات التركية، في إطار مهلة تنتهي نهاية الشهر الجاري، لذا تقدم على افتعال التفجيرات وخلق المزيد من الفوضى ليضغطوا على الأتراك ويدفعوهم للتراجع عن خطتهم.
وأعقب التفجير عمليات سرقة واسعة قام بها المسلحون الذي كانوا يطلقون الرصاص في الهواء لبث الرعب وإبعاد الأهالي عن محالهم التجارية، وقاموا بسرقة ما سلم من البضائع في السوق الشعبي، كما طالت السرقات أيضاً محلين لصياغة الذهب ومحلات الصرافة (عدد 2) إضافة لمكتبة صبحي بكر للقرطاسية، ومحال للإلكترونيات والأقمشة والأحذية والمنظفات.
وقد طالب المتحدث باسم قسد، كينو غابرييل، الاحتلال التركي بالتحقيق في تفجير عفرين، وعدم الاكتفاء بتوجيه الاتهامات من دون أدلة حقيقية كافية، وقال غابرييل، في تصريحات مساء أول من أمس: “ندين التفجير الإرهابي الذي وقع في عفرين كما ندين جميع الأعمال الإرهابية التي تحصل في سوريا وضد جميع مكونات الشعب السوري… ليست لدينا معلومات تفصيلية عن الحادث، ولسنا الجهة التي تقوم بالتحقيق في هذا التفجير، لكن هذه العملية وقعت في مناطق تحتلها تركيا ويفترض أن تقوم بتأمين حمايتها وضمان أمنها بشكل كامل وهو ما لا يحصل أبداً”.
وأشار إلى أن هناك مشاكل تحدث بين المليشيات المختلفة والمتناقضة التي تدعمها أنقرة، والتي تحاول الاستفادة منها وتحريكها في اتجاهات مختلفة، كما أن هناك مشاكل لتركيا مع جبهة النصرة (هيئة تحرير الشام) وغيرها، حيث كانوا في أوقات سابقة يدعمونها، كما أن لتركيا الكثير من التناقضات في المناطق التي تحتلها في الشمال السوري، وعليه يمكن لأي جهة من هذه الجهات أو حتى لجهات رسمية تركية أن تقوم بمثل هذه الأعمال من أجل تحريك المجتمع السوري أو الدولي”.
وأضاف غابرييل أنه “من دون أي مقدمات أو تحقيقات قامت تركيا باتهام قسد بالوقوف وراء هذا التفجير، وهو أمر نرفضه بشكل قاطع، ويأتي ضمن سياسة ممنهجة للمؤسسات التركية الرسمية لاتهام قسد بالعديد من الأمور الملفقة الباطلة”.
وفي حين سارعت وزارة الدفاع التركية كعادتها إلى اتهام وحدات حماية الشعب بتنفيذ التفجير، فإنها تجاهلت حقيقة أن مناطق “الإدارة الذاتية” قد أغلقت كافة معابرها مع مليشيات الاحتلال التركي منذ أكثر من شهر، وهو ما يفند أي مزاعم تركية ترغب بتجيير ما حصل لصالحها، من خلال جعلها ذريعة للإقدام على عدوان جديد في الشهباء أو كوباني.
ولطالما اتهمت الميليشيات الإسلامية التابعة لتنظيم الإخوان المسلمين، “قوات تحرير عفرين” بتنفيذ التفجيرات التي تقع في عفرين منذ إطباق الاحتلال العسكري التركي عليها آذار العام 2018، بهدف التملّص من المسؤولية.
لكن الناشطين العفرينيين يأكدون أن الميليشيات التابعة للاحتلال التركي هي نفسها من تقف وراء تلك التفجيرات المتواترة بين الفترة والأخرى، بهدف بث البلبلة والذعر بين سكان عفرين الأصليين الكُرد، للضغط عليهم ودفعهم نحو ترك الإقليم الكردي وإحداث تغيير ديموغرافي أشمل لصالح المستوطنين من عوائل مسلحي المليشيات الإسلامية.
وكان قد وقع يوم السابع من أبريل 2019، انفجار في مركز إقليم عفرين، ناجم عن محاولة أحد المستوطنين زرع لغم على مقربة من مقر إحدى المليشيات الإسلامية التابعة للاحتلال التركي، وتناقل حينها نشطاء من المستوطنين، ما اسموه “صورة الارهابي الذي حاول زرع لغم وأنفجر به”، مضيفين أن “الاسم: عبد المنعم الزعبي، من ريف حمص، بلدة الرستن”.
وأضاف هؤلاء المستوطنون، أن المستوطن الذي قتل اثناء محاولته زرع اللغم “ضابط منشق ينتمي لداعش جاء لعفرين منذ 8 شهور تقريباً”، لتدين هذه المعلومات المستوطنين والمليشيات التابعة للاحتلال، بكونهم يشكلون حاضنة تحمي الدواعش وتؤمن لهم الملاذ الآمن، ويعمدون إلى تنفيذ التفجيرات ضد بعضهم البعض، في إطار التنافس على السطوة والنفوذ والمال والحواجز.
وكان قد أدان القائد العام لقوات سوريا الديمقراطية الجنرال مظلوم عبدي، التفجير يوم الأربعاء\التاسع والعشرين، وقال إنه “عمل إرهابي” تسبب في إزهاق أرواح بريئة، وذلك عبر تغريدة في حسابه على “تويتر”، أوضح فيه إن هذا العمل “الإجرامي” هو نتيجة سياسة الدمار التي اتبعتها الدولة التركية وفصائل المعارضة المسلحة التابعة لها، في مدينة “السلام والزيتون” في عفرين.
من جانبه، حمّل “مكتب الدفاع” في الإدارة الذاتية لشمال وشرق سوريا، الاحتلال التركي مسؤولية تفجير عفرين، وطالب الأطراف المعنية بالعمل على إخراج تركيا والمليشيات الإخوانية العاملة تحت لواءها من كافة الأراضي السورية.
فيما اتهم مجلس سوريا الديمقراطية، أيضاً في التاسع والعشرين من أبريل، الاحتلال التركي والمليشيات الإخوانية التابعة لها، بـ”فتح الباب على مصراعيه لقوى الإرهاب كي تنظم صفوفها وتمارس أعمالها الجبانة في ظل الحماية التركية لها”، وأضافت “مسد” أن “هذه القوى تمارس القتل والخطف بالسكان الأصليين لعفرين، ولم يسلم منه حتى المسنين، كما وتم مصادرة أملاك المدنيين وأراضيهم الزراعية بغية تهجيرهم وتغيير ديموغرافية المدينة”.
وقد أصدرت العديد من القوى السياسية الكُردية بيانات إدانة للتفجير الإرهابي الذي وقع بمدخل الشوق الشعبي في عفرين الثلاثاء، حيث أجمعت على تحميل الاحتلال التركي ومسلحي تنظيم الإخوان المسلمين مسؤوليته، ممن يسمون أنفسهم بـ(الجيش الوطني السوري\الجيش الحر)، فيما لم تعهد عفرين إبان حكمها من قبل أهلها خلال عهد “الإدارة الذاتية”، أياً من هذه الاعمال الإرهابية، حتى تم احتلالها في 18 آذار 2018، وأضحت مرتعاً للإرهابيين وداعميهم.
ولفت تقرير لـ”حزب الوحدة الكردي” أنه و”على مدار عامين من الفوضى والفلتان، قد وقعت عشرات التفجيرات، ولم تكشف سلطات الاحتلال التركي عن فاعلي واحدةٍ منها أو تعاقبهم، فلا تتخذ عمداً الاجراءات والتدابير الكفيلة باستتباب الأمان والاستقرار، لتُبقي المنطقة في استنزافٍ مستمر”.
وتابع ذات البيان بالقول: “إنًّ الكُـرد والوطنيون الشرفاء عموماً يستنكرون بشدة هذا العمل الإرهابي الفاشي، الذي يُعد جريمة منظمة ضد الإنسانية، وتتحمل مسؤوليتها تركيا باعتبارها دولة احتلال لمنطقة عفرين التي لابد أن تتحرر منها ومن المرتزقة الإرهابيين، وتعود للسيادة السورية وإدارة أهاليها”.