ديسمبر 23. 2024

عفرين المحتلة في ظل كورونا… تقليد شكلي للإجراءات التركية والناس تحيا بـ “ستر الله”

عفرين – بوست خاص

تشهد دول العالم قاطبة استنفاراً غير مسبوق في ظل التهديد الذي يشكله فيروس كورونا المستجد، ما دفعها إلى اتخاذ إجراءات مشددة تضمنت إغلاق المؤسسات التعليمية في المدارس والجامعات والاستعانة بالجيوش لضبط السكان، وفرض حظر التجوال واستنفار أطقمها الطبية للحيلولة دون تفشي الوباء أو الحد منها عبر الإجراءات الوقائية والتوعوية، بينما استفردت تركيا باتخاذ موقف غريب، فأي رئيس اعتبر وباء كورونا فرصة للتقدم إلى الأمام كما صرح أردوغان؟

ورغم أن الوضع الطبي والصحي في عفرين هش وضعيف، إلا أن من يعيش فيها لا يشعر أن هناك وباء يهدد كل العالم، إذ ليس هناك حتى أدنى مستوى من التنسيق بين مكتب الصحة والمرافق الطبية والصحية كالمشافي والعيادات والمخابر، كما يقول مخبري كُردي (تمتنع “عفرين بوست” عن ذكر أي إحداثية تدل عليه لأسباب أمنية). 

ويضيف المخبري: “هناك استهتار كبير حتى من الأتراك، فليس هناك إرشادات وتوجيهات ومراقبة حتى الآن، ورغم أنه لم يعلن بشكل رسمي عن حالات إصابة أو وفاة (بالكورونا)، ولكن قام الأتراك بتفريغ قسم كبير من مشفى (الشهيد فرزندا العسكري) وتجهيزه لاستقبال هكذا حالات”، مشيراً إلى أنه يتم رؤية مرضى يتم التجول بهم في هذا مشفى، دون أن يتم فهم مشكلته ومن ثم يتم تحويله إلى تركيا!

ويتابع المخبري: “لا توجد الأجهزة الطبية الخاصة بالكشف عن مرض كورونا في مخابر المدينة، وفي حال الاشتباه بأحد ما وقصد أحد مشافي فإنهم يقومون بإرسال مسحة من المريض إلى تركيا، كما أن البعض الآخر من المرضى يرسل الصور الطبية إلى مخابر حلب، ليتم التأكد من إصابتهم بكورونا من عدمها”.

الإجراءات الوقائية حبر على ورق

وعلى غرار ما تتخذه تركيا من إجراءات، أعلنت مجالس الاحتلال المحلية عن اعتزامها اتخاذ إجراءات وقائية، إلا أن تعليماتها بقيت حبراً على ورق، إذ لا تعقيم ولا حظر تجوال سوى لمن هم في سن الستين وما فوق، وليس هناك ما يشير إلى التزام المسلحين والمستوطنين بتلك التعليمات بتاتاً.

من جهتها قالت “أمينة/اسم مستعار” إن عفرين تشهد فوضى أكثر من أي منطقة سورية أخرى، وإن لا أحد يلتزم بالحظر في ظل الكورونا، بسبب انتهاكات الميليشيات الإسلامية”.

وأشارت أمينة إلى أن “المواطن الكردي لا يجرؤ على ترك محله التجاري مغلقاً لفترة طويلة، لأنه من المؤكد سيتم سرقته من قبل الميليشيات، حيث هناك عوائل مصدر رزقها الوحيد هو المحال التجارية بعد استيلاء الاحتلال التركي على الزيتون، لذلك سرقة المحل يعني التشرد والموت للكثير من العوائل، وفي الحالتين ليس هناك أمان”.

وأضافت أمينة “نحن بالحجر منذ سنتين بعدما احتلت تركيا والميليشيات الإسلامية عفرين، أي أن الاشياء التي سيمنعونها باتت عادية لدينا، لأننا نعيشها سابقاً، فحتى لو كان عندي رأس مال، فأنا لا أستطيع فتح مشروع حتى لو كان صغير، لا أستطيع زيارة جيراني أو أصدقائي، ولا تأمن حتى من الخروج إلى شرفة منزلك”.

ونوهت أمينة في حديثها لـ”عفرين بوست” أنه قد “جاءت منظمة إلى عفرين لفحص المدنيين إن كانوا يحملون كورونا أو لا، لكن بسبب الفوضى التي تسببها الميليشيات في عفرين، لم تستطع المنظمة الاستمرار وخرجت من عفرين”.

وكانت قد أعلنت ميليشيا “فرقة الحمزة” في 14 من نسيان الجاري، حجراً صحياً على قرية “ماراتيه/معراتة” التابعة لمركز عفرين، وأغلقت جميع المنافذ المؤدية إلى القرية ومنعت حركة الدخول والخروج منها وإليها، مبررة خطوتها تلك، بوجود خمس إصابات بفيروس كوفيد-19 في مدينة عفرين، ولكن دون أن تعلن سلطات الاحتلال المحلية ذلك بشكل رسمي.

كما أعلنت ميليشيا “سليمان شاه” إجراءات مماثلة في مركز ناحية شيه/شيخ الحديد والقرى التابعة لها، وهو ما شرّع السؤال حول حقيقة إن كان فيروس كورونا قد وصل فعلاً إلى عفرين الموبوءة أصلا بالاحتلال.

حالة مُشتبه بإصابتها بالكورونا

وفي السياق، عانت سيدة كردية عمرها 55 من مرض الضغط والسكري، بعد أن ظهر عليها أعراض الحمى وتفاقم وضعها الصحي تم اسعافها إلى أحد مشافي المدينة، وكانت تعاني من ضيق في التنفس وتم وضعها في العناية المشددة، إلا أنها فارقت الحياة بتاريخ الرابع عشر من فبراير\شباط الماضي، دون يقوم الكادر الطبي بتوضيح سبب الوفاة، وتم دفنها بعد احتجاز الجثة في “مشفى الشهيد فرزندا العسكري” لمدة يومين دون توضيح السبب.

إلا أنه بعد وفاة السيدة الكُردية مباشرة، أصيب أحد أفراد أسرتها بمرض تشبه أعراضه أعراض كورونا، فقصد نفس المشفى الذي وقف على حالة قريبته، وطلب منه أحد الأطباء البقاء في المشفى لمدة يومين كحد أدنى ليتم التأكد من وضعه الصحي، وكان يعاني من الحمى وضيق التنفس، إلا أنه رفض ذلك ما دفع بالطبيب المعالج بالقول إن “قريبتك توفيت بمرض كورونا، وعليك البقاء في المشفى لئلا تنقل العدوى إلى بقية أفراد أسرتك”، ما سبب له حالة من الهلع وعاد إلى منزله ليقوم بمعالجة نفسه عبر عملية “الرذاذ”، ولكن الغريب أن أفراداً آخرين لم يصابوا بالمرض ذاته.

وكشف طبيب لـ “عفرين بوست” أن الوضع الطبي سيء للغاية، وهناك استهتار تام من قبل الجهات الصحية والطبية، حيث أكد أن هناك العديد من الذين يمارسون مهنة الطب في مشافي المدينة وليست لديهم شهادات جامعية، حيث كانوا طلاباً في كلية الطب في السنة الثانية أو الثالثة، ويمارسون العمل كأطباء!!

ادفع خمسمئة ليرة سورية واخرق حظر التجوال!

وأعلنت ما تسمى بـ “الحكومة السورية المؤقتة” التابعة لتنظيم الاخوان المسلمين، في بيان لها، فرض حظر التجوال في عفرين، وإعزاز وجنديرس، والشيخ حديد، راجو، معبطلي، بلبل، شران منعاً لتفشي فيروس كورونا.

وجاء في البيان “من أجل التصدي لتفشي فيروس كورونا، وتفاعلاً مع التوصيات والإرشادات التي تصدرها وزارة الصحة في الحكومة السورية المؤقتة للحد من انتشار فيروس كورونا، تقرر: إيقاف حركة العبور (دخول وخروج) للأشخاص والمركبات العامة والخاصة بين مناطق: عفرين، إعزاز، جنديرس، الشيخ حديد، راجو، معبطلي، بلبل، شران، بتاريخ 17/4/2020 الساعة السادسة مساء وحتى إشعار آخر”..

في حين وجد مسلحو ميليشيات الاحتلال تلك القرارات والوباء، فرصة جديدة لاستغلال الناس وابتزاهم، فمثلاً يقوم المتزعم في ميليشيا “فرقة الحمزة” المدعو “أبو أحمد” ببيع الكمامات الطبية للسكان عبر محال السمانة في قرية “جوقيه/جويق”، رغم أنها مقدمة من منظمات إغاثية، وتم بيع كل كمامة بـ “300 ليرة سورية”، بينما عمدت ميليشيات أخرى إلى وضع تسعيرة لمن يود خرق حظر التجوال المُعلن، حيث يتم جباية مبلغ 500 ليرة سورية لمن يمر عبر الحواجز دون أن اعتبار لتلك القرارات.

وعلى الرغم من أن منظمة الصحة العالمية قد طالبت أطراف النزاع في سوريا باطلاق سراح المعتقلين، إلا ان سلطات الاحتلال التركي كثفت من حملات الاعتقال والاختطاف بخق مَن تبقى من السكان الكُرد الاصليين، فشهد شهر آذار\مارس اختطاف أكثر من 53 مواطن كردي، ولا يُعرف ما يواجهه هؤلاء في المعتقلات ومراكز الاختطاف.

مقالات ذات صله

Show Buttons
Hide Buttons