نوفمبر 22. 2024

أخبار

ما مصير عفرين بالتزامن مع التصعيد بين تركيا وروسيا؟

عفرين بوست-خاص

قالت مواقع إعلامية تابعة للاحتلال التركي وتنيظم الإخوان المسلمين، إن العاصمة التركية أنقرة، اجتماعاً أمنياً رفيعاً برئاسة رئيس الاحتلال التركي المدعو رجب طيب أردوغان، لبحث الخطوات التي ستتخذ رداً على هجوم قوات النظام السوري على الجنود الأتراك في محافظة إدلب.

ويتخيل لقارئ الخبر أن إدلب محافظة تركية، وأن قوات النظام تسعى إلى غزوها، وهي دليل بسيط على قلب الحقائق والمفاهيم الذي إعتمده الاحتلال التركي لتبرير التخريب والإرهاب المدعوم من قبله على مدار سنوات في سوريا.

قلبٌ للحقائق تحولت معه عفرين التي كانت منطقة آمنة على مدار سنوات الحرب السورية، بين ليلة وضحاها إلى “مركز مزعوم للإرهاب”، لتبرر أنقرة غزوها الإقليم وحرمان سكانه الاصليين الكُرد، من تثبيت حقوقهم ضمن سوريا لا مركزية، تعيش فيها كل المكونات سواسية.

وأوضحت مصادر الاحتلال التركي في الرئاسة التركية، أنه تقرر خلال الاجتماع الذي عقد مساء الإثنين، الرد بالمثل على الهجوم، والانتقام لقتلى جيش الاحتلال الذين سقطوا في (هجوم) لا يمكن لوم النظام السوري عليه في أي من الأعراف المحلية أو الدولية، باعتبار أن القوات التركية تدخلت كاحتلال ضمن الدولة السورية، بقصد اقتطاع أجزاء من أراضيها، وضمها متذرعةً بحماية السوريين من النظام.

ويتناسى الاحتلال التركي وتنظيم الإخوان المسلمين بأنهم قد هجروا أكثر من مليون إنسان في عفرين ورأس العين\سريه كانيه، وتل أبيض\كري سبي.

ويأتي ذلك عقب إعلان الاحتلال التركي عن مقتل خمسة من جنوده، في قصف لقوات النظام السوري على مطار تفتناز، أمس الأثنين، حيث سعت قوات الاحتلال التركي إلى إقامة قاعدة له فيها، وكأنها أرض داشرة لا مالك لها، ويحق للاحتلال التركي إقامة ما يشاء فيها من قواعد، لتأتيه الضربة التأديبية على يد النظام السوري، لكنها بكل تأكيد رسالة روسية إلى أنقرة بأن تلزم حدها، وأن تاريخ صلاحيتها في الأراضي السورية قد إنتهى أقله في إدلب حالياً.

رسالة لا تريد أنقرة سماعها، خاصة أنها تتخيل بأن واشنطن قد تدعمها في حرب تدق طبولها في إدلب وشمال سوريا عموماً، وهي ما أردات واشنطن إيهام أنقرة به، عبر زيارة أعلنت عنها وزارة الخارجية الأمريكية لممثل واشنطن المعني بشؤون سوريا والتحالف الدولي ضد “داعش”، وهو جيمس جيفري، حيث توجه أمس الإثنين، إلى تركيا لبحث التصعيد في منطقة إدلب السورية.

وأوضح بيان للخارجية الامريكية أن جيفري “سيلتقي في أنقرة مسؤولين أتراكاً رسميين رفيعي المستوى، لمناقشة قضايا تثير اهتماماً متبادلاً”، ويبدو إنها إحتوت تعهداً أمريكياً بالوقوف إلى جانب أنقرة في أي مواجهة مع النظام وموسكو.

ويرجح مراقبون أن يكون التعهد الأمريكي تكراراً لسيناريو إسقاط تركيا طائرة روسية وقتل طيارها في العام 2015، والتي عقبها إعتذار أردوغاني لبوتين للصفح عنه، ومن ثم تم إعداد مسرحية ما تسمى بـ “المحاولة الإنقلابية” المزعومة، والتي أراد أردوغان عبرها تحميل كامل مسؤولية التصعيد مع روسيا في عهدة الإنقلابيين المفترضين، وتبرئة نفسه منها، إضافة للقضاء على الأحزاب والمعارضين داخل تركيا، وبشكل خاص الاحزاب الكردية.

وفي السياق، كشف خبراء موالون لأردوغان في تركيا لوسائل إعلام، أن الحوارات ما بين موسكو وأنقرة وصلت إلى نهايتها، ومن وجهة نظر أنقرة فإن روسيا كانت تماطل مع تركيا منذ فترة طويلة، في ظل ما أسموها بسياسة “الإلهاء” من أجل سيطرة النظام السوري على الطريق السريع “أم5”، ليترآئ للقارئ أن دمشق هي المعتدية على أنقرة في إدلب لا العكس، ويؤكد ذلك أن إتفاقية خفض التصعيد مع روسيا، كان الهدف منها تركياً تثبيت احتلال إدلب وضمها إلى أراضيها، عبر تشكيل مجالس احتلال ومسلحين تابعين لها، كما هو الحال في إقليم عفرين، الذي ينتظر هو الآخر مصيراً مشابهاً لإدلب في الغالب لو إستمر التعنت التركي في التشبث الباطل بأرض لا يملكها، ودخلها بموجب إتفاق روسي، يبدو أن عهده قد ولى.

ويدعي المحللون الأتراك التابعون لأردوغان أن أنقرة بذلت كافة الجهود الدبلوماسية لمنح أي تصعيد محتمل بإدلب، ولكنها لم تلق أي تجاوب روسي، معتبرين أن “أنقرة من الآن فصاعداً ستعمل على تشكيل منطقة آمنة جنوب إدلب”، وهو ما يؤكد بأن المنطقة تتوجه إلى التصعيد بين الجانبين، ما لن يكون لأنقرة المقدرة على مواجهته، في ظل إعتمادها على المتطرفين من مسلحي تنظيم الإخوان المسلمين في إدلب وباقي المناطق المحتلة من شمال سوريا، وعلى رأسها إقليم عفرين الكردي، إذ كان القائد العام لقوات سوريا الديمقراطية، الجنرال “مظلوم عبدي” قد قال سابقاً، إن عملية تحرير عفرين لن تستغرق وقتاً طويلاً، فيما لو سمحت الظروف الدولية بشن عملية عسكرية لتحريرها.

ويمكن لأي إتفاق بين قوات سوريا الديمقراطية وقوات النظام بضمانة روسية أن يجعل القوتين جبهة واحدة في مواجهة الاحتلال التركي، وهو أمر مرهون بجدية النظام السوري في التعاطي مع ملف إنهاء الاحتلال التركي من مناطق شمال سوريا.

ويشير مراقبون بأن إقليم عفرين قبيل احتلاله تركياً كان يحوي جيشاً متكامل الأركان، ولو إتفق حينها النظام السوري مع “الإدارة الذاتية” في عفرين، من خلال اعتراف الطرف الاول بالثاني، لكانت قوات عفرين قد أضحت جزءاً من المنظومة الدفاعية السورية، ما كان سيمنح النظام  السوري قوة كبيرة لمواجهة كافة المليشيات المسلحة التابعة لتنظيم الإخوان المسلمين.

لكن تعنت النظام وإصراره على إخطاع عفرين دون منحها أي حقوق سياسية، دفع بالأمور نحو الأسوء، وسمح للاحتلال التركي بالتمدد في الإقليم عبر ضوء أخضر روسي، وهو ما عاد سلباً على القوى السورية في قسد ودمشق، مقابل أزدياد قوة الاحتلال التركي وتنظيم الإخوان المسلمين.

تجربة يدعو أهالي عفرين لعدم تكرارها من قبل السلطة السورية، خاصة مع إرسال “قوات سوريا الديقراطية” و”الإدارة الذاتية” للعديد من الإشارات الإيجابية، التي تؤكد جاهزيتها للعمل ضمن سوريا واحدة لامركزية، تُمنح فيها حقوق المكونات على اختلاف تلويناتها، بما يساهم في بناء سوريا جديدة على مبدأ التشاركية لا التسلط.    

مقالات ذات صله

Show Buttons
Hide Buttons