عفرين بوست-خاص
تتناقل منذ يوم السبت، مواقع إعلامية تابعة للاحتلال التركي وتنظيم الإخوان المسلمين ممن يعرفون أنفسهم بالمعارضة، خبراً عن تدمير مجموعة من قوات النظام لمقبرة في بلدة خان السبل بريف سراقب، تضم جثث مسلحي تنظيم الإخوان المسلمين ممن يعرفون بـ (الجيش الحر).
وظهرت تلك الوسائل في حالة تباكي على تلك الجريمة، التي تبدو بعيدةً كل البعد عن الأخلاق ولا تمت للإنسانية بصلة، لكن وعلى النقيض، فمن المؤكد أن تنظيم الإخوان المسلمين ومسلحيه هم آخر من يحق لهم التباكي في هذه القضية وغيرها من الانتهاكات، كونهم تخطوا النظام بمراحل في الوحشية والتنكيل بالأهالي الذين يخضعون لاحتلالهم، خاصة في عفرين.
إذ وضعت التنظيمات المسلحة والسياسية والإعلامية التابعة للإخوان المسلمين كامل ثقلها مع المحتل التركي، لمنع الكُرد في سوريا من استحواذ حقوقهم، دون أن يجنوا من ذلك سوى العار والخيبة والخذلان، فبعد نشوة نصر قصيرة مغموسة بدماء 4 آلاف شهيدٍ في عفرين من أبنائها، ممن أختاروا الشهادة على العيش في ذل الاحتلال وأذنابه، ها هو النظام يسيطر على مناطقهم وينكل بهم كما فعلوا في عفرين، حيث تتساقط المناطق الخاضعة للتنظيم ومسلحيه، الواحدة تلو الاخرى.
ورغم ذلك يقول أهالي عفرين: “نحن ضد تلك الممارسات، التي لا تعبر سوى عن مجموعات لا تمت للبشرية بصلة، أياً كان مصدرها، وعلى رأسها ما يصدر عن مسلحي تنظيم الإخوان المسلمين ممن يعرفون بـ (الجيش الوطني السوري\الجيش الحر) المتشكلين من بقايا داعش والنصرة”.
فمنذ إطباق الاحتلال العسكري التركي المرافق بمسلحي الإخوان المسلمين، سجل ناشطون عفرينيون تخريب وتدمير شواهد القبور في العديد من القرى في مختلف نواحي الإقليم الكُردي، ومنها تدمير مقبرة قرية قوربه Qurbê التابعة لناحية جنديرس، إضافة لجرف مقابر مدنيين في قرية كفرصفرة، وقصف مقبرة ومزار “عبد الرحمن بن عوف” في قرية كأني كاوركي بالسلاح الثقيل اثناء الغزو التركي على إقليم عفرين.
ودمر الاحتلال التركي ومسلحو الإخوان المسلمين العديد من المقابر في عفرين، ففي شيه\شيخ الحديد، قامت قوات الاحتلال التركي بتدمير قبر تاريخي يعود إلى العام 1636م، والمسمى بـ “المقبرة الفوقانية” في قرية “سنارة”، ما تسبب بتدمير ما يزيد عن 500 قبر من أصل 1000 من مقابر أهالي القرية. وفي مقبرة زيارة حنان القريبة من قرية “مشاليه\مشعلة” التابعة لناحية “شرا\شران”، فرغت المليشيات الإسلامية التابعة لقوات الاحتلال التركي مزار المقبرة، والتي تضم رفات الدكتور نوري ديرسمي وزوجته، إلى جانب رفات العديد من الشخصيات الوطنية والدينية.
وفي ميدانكي التابعة ايضاً لـ “شرا\شران”، قال نشطاء محليون أن الميليشيات الاسلامية التابعة للاحتلال التركي أقدمت على تدمير شواهد القبور في مقبرة البلدة، وقامت أيضا بقطع الأشجار الحرجية المحيطة بالمقبرة والتي تكتسب صفة القدسية لدى سكان البلدة. وفي تللف التابعة لناحية جنديرس، عمدت الميليشيات الإسلامية إلى تدمير وتكسير القبور في مقبرة القرية، ومن بينها ضريح السياسي الكُردي “كمال حنان”، نتيجة وجود كتابات باللغة الكردية عليه.
وفي قرية آدما\ادمانلي التابعة لناحية راجو، تناقل ناشطون كُرد صوراً لتدمير مقبرة القرية، حيث أكد هؤلاء أن ميلشيا “فيلق الشام” المعروفة بتبعيتها لجماعة الإخوان المسلمين السورية، هي من حطمت شواهد القبور في المقبرة. ويرجح ناشطون كُرد من عفرين أن يكون التخريب قد طال العشرات من المقابر في قرىً أخرى، خاصة وأن عشرات القرى الكُردية لا تزال خالية من سكانها الأصليين، مع منع الاحتلال لأصحابها الحقيقيين من العودة إلى ارضهم ودورهم.
ولم يقتصر تخريب على قبور القرى، بل طالها إلى تدمير مقابر الشهداء، من استشهدوا في المواجهات السابقة للغزو التركي مع المليشيات الإسلامية التي لطالما حاولت الاعتداء على عفرين والعفرينيين، خلال سنوات الحرب الاهلية السورية التي اندلعت العام 2011، بدعم وتمويل الاحتلال التركي. وطال تخريب الاحتلال التركي وميليشياته ثلاث مقابر للشهداء في عفرين، وهي مقبرة الشهيدة “أفيستا خابور” التي ضمت جثامين المئات من المقاتلين والمدنيين المُرتقين خلال التصدي للغزو التركي على المنطقة، حيث جرى أنشاء المقبرة خلال الغزو، بالقرب من مدينة عفرين على طريق قرية كفر شيل، وسميت باسم المقاتلة الكُردية “أفيستا خابور” التي نفذت عملية استشهادية ضد إحدى الدبابات التركية وفجرتها.
كما دمر الاحتلال التركي مزار “الشهيد سيدو” القريب من قرية “كفر صفرة” بريف ناحية جنديرس، والذي ضم هو الآخر جثامين المئات من شهداء وحدات حماية الشعب والمرأة، عبر القصف الصاروخي المُتعمد، كما بث ناشطون صوراً أظهرت دماراً في “مقربة الشهيد رفيق”، القريبة من قرية “ماتينى” بريف ناحية “شرا\شران”.
ويؤكد مراقبون من عفرين يؤكدون أن الحديث الإخواني عن تطبيق الشريعة في تدمير القبور، ما هو إلا محاولة للالتفاف على حقائق التاريخ، ومحاولة لتزوير وتشويه معالم الإقليم، حيث عادة ما يهاجم رموز المعارضة المكون الكُردي في سوريا، ويدعون أن الكُرد جاءوا إلى سوريا في العام 1925، عقب نكبة ثورة الشيخ سعيد، أي قبل مئة عام! في حين أن الكثير من مقابر قرى عفرين، يمتد عمرها لأكثر من خمسمئة عام، وبالتالي فإن وجود مقابر تعود لمئات السنوات للكُرد في عفرين يعتبر نسفاً لرواية المعارضة التي يقودها تنظيم الإخوان المسلمين والتي تتقمص الرواية التركية واجنداتها، وتسعى لضرب الوجود التاريخي للكُرد في المنطقة.
وفيما يلي مجموعة من عمليات التدمير التي مارسها مسلحو الإخوان المسلمين بحق مقابر عفرين..
تدمير مقبرة الشهيد سيدو:
في الـ 5 من شهر فبراير\شباط من العام 2018، استهدف جيش الاحتلال التركي، مزار الشهيد سيدو المتواجد في بلدة كفر صفرة في منطقة جنديرس، ودمره بشكل كامل. حيث افتتح مزار الشهيد سيدو (رودي حاجي)، في أواخر شهر أيار من عام 2011، عندما تم تشييع جثمان المناضل سيدو ديرسم الاسم الحقيقي رودي حاجي إلى ذلك المزار الذي سمي باسمه، تمجيداً له، حيث بقي المزار على مدى سنوات يستقبل الشهداء من مقاتلي وحدات حماية الشعب والمرأة، وقد بلغ عدد الشهداء الذين وريوا الثرى فيه 183 شهيداً وشهيدة، استشهدوا دفاعاً عن إقليمهم.
مقبرة الشهيدة أفيستا خابور:
في الرابع والعشرين من أغسطس العام 2018، أي عقب 4 شهور فقط من إطباق الاحتلال العسكري التركي، انتهك الاحتلال التركي ومسلحوه حرمة المقابر في عفرين، من خلال إزالتها بالجرافات، خيث أقدمت الجرافات على إزالة مقبرة “الشهيد آفستا” بالقرب من مدينة عفرين، وهي المقبرة التي ضمت رفات مئات المقاتلين والمدنيين الذين فقدوا حياتهم خلال فزو عفرين على طريق قرية كفر شيل، فيما كان مسلحو الاحتلال قد أزالوا مقبرة “الشهيد سيدو” في منطقة “جبل قازقلي” التابعة لناحية “جندريس”، بتاريخ 3 أيار/مايو 2018.
مقبرة قريتي أنقلة وسنارة:
وفي العشرين من حزيران/يونيو العام 2018، أقدم مسلحو الاحتلال التركي وتنظيم الإخوان على إزالة حوالي 500 قبر من مقبرة قرية “أنقلة” التابعة لناحية “شيه\شيخ الحديد”، بحجة توسيع الطريق الرئيسي، ما تسبب بتدمير ما يزيد عن 500 قبر من أصل 1000 لسكان القرية، والواقعة ضمن مقبرة مزار علي داد الشهير.
وكان جيش الاحتلال التركي وميليشياته الإسلامية المعروفة بـ “الجيش الحر”، حيث أقدموا على تدمير مقبرة تاريخية يعود تاريخها إلى العام 1636م، في المقبرة الفوقانية في قرية سنارة الحدودية التابعة لناحية شيه\شيخ الحديد، وجرفت مقابر قرية سنارة منتصف تموز / يوليو 2018، وشهدت المنطقة أيضاً تدمير شواهد قبور سكان المنطقة من قبل الميليشيات، بحجة أنها مرتفعة وغير مستوية مع الأرض، وفقاً لأفكار التيارات الجهادية والسلفية الإسلامية.
مقبرة قرية حج خليل وراجو:
فيما عُثر على آثار تدمير المقابر وانتهاك حرمتها في قرية “حاج خليل” وناحية “راجو”، كما تعرضت عدة قبور في قرية “باسوطة” للدمار نتيجة القصف الذي تعرضت له بتاريخ 23 شباط/فبراير 2018.
تدمير مزارات أيزيدية وعلوية:
وفي الخامس عشر من ديسمبر 2018، قال المكتب الإعلامي لحزب الوحدة بأنه قد تمت سرقة محتويات مزارات إسلامية وإيزدية وعلوية عديدة والعبث بأضرحتها، وحتى سرقة محتويات بعض الجوامع من لوحات شمسية وبطاريات طاقة كهربائية وأجهزة صوت ومستلزمات غسل الأموات النحاسية والسجاد أيضاً.
وكذلك التخريب المتعمد لمقابر الشهداء (سيدو في كفرصفرة، رفيق في متينا، آفيستا في كفرشيل)، وهدم شواهد قبور مكتوب عليها باللغة الكردية، مثل ضريح الشهيد بشير محمد في جنديرس، وقبر السيدة سولية عبدو مصطفى في قرية ماملا، وقبر السيدة زلوخ خليل إبراهيم في قرية قورت قلاق، وكذلك العبث بضريحي الدكتور نوري ديرسمي-الشخصية الثقافية والسياسية المعروفة-وزوجته فريدة في مقبرة زيارة حنان، إضافة إلى تدمير شبه كامل لمقبرة قوربيه الاسلامية في جنديرس، وهي لمتوفين مدنيين، في صورة واضحة لتعدٍ عن حقد دفين.
مقبرة ميدانكي:
وفي الحادي عشر من يناير 2019، أقدمت الاحتلال ومسلحوه على تدمير شواهد القبور في مقبرة بلدة ميدانكي التابعة لناحية شرا\شران، وقامت أيضاً بقطع الأشجار الحرجية المحيطة بالمقبرة والتي تكتسب صفة القدسية لدى سكان البلدة.
مقبرة قنتريه:
في الثاني من فبراير 2019، أقدمت الميليشيات الإسلامية التابعة لجيش الاحتلال التركي وتنظيم الإخوان المسلمين على تدمير ونبش مزار ديني قرب قرية “قنتريه\قنطرة” على طريق ناحية “موباتا\معبطلي”، كما تداول ناشطون صوراً تظهر حفر وتدمير مزار (آف غيري) الخاص بالكرُد العلويين والواقع في وادي بيري بالقرب من قرية قنطرة، بعد بحث عناصر الميليشيات الإسلامية عن القطع الآثرية.
مقبرة قرية حبو:
وفي السادس من فبراير 2019، أقدمت ميليشيا إسلامية تابعة للاحتلال التركي على تحطيم شواهد قبور في قرية حبو التابعة لناحية “موباتا\معبطلي”، وأفاد مصدر محلي لـ “عفرين بوست” أن ميليشيا “المنتصر بالله” الإسلامية قامت بتحطيم شواهد قبور في قرية حبو، تطبيقاً لأفكارها السلفية المتطرفة بضرورة استواء القبر بالأرض وعدم جواز بناء قبب أو شواهد حجرية للقبور.
مقبرة قرية قيباريه:
وفي السابع عشر من مايو 2019، أظهرت مشاهد مصورة تابعتها “عفرين بوست” وتأكدت من مصداقيتها، تدمير الاحتلال التركي ومسلحيه مجموعة من المقابر في قرية قيباريه\عرش قيبار، ويبدو في المشاهد المصورة مجموعة من شواهد الضرائح وقد جرى تكسيرها ورميها بالقرب من القبور، التي يبدو أنها تحمل كتابات باللغة الكردية.
المقبرة القسرية:
ولا تقتصر مآسي العفرينيين على موتهم ألماً أو قهراً لما حل بهم وبـ عفرين، بل تتعداها إلى كونهم لا يتمكنون حتى دفن مواتهم في أرض أجدادهم وبينهم، حيث يضطر العفرينيون في حلب إلى دفن موتاهم حالياً ضمن قبور في منطقة “حقل الرمي”، بوضع الجثامين مع توابيتها في القبور. ويقول ذوو المتوفين أنهم يترقبون اللحظة التي يتخلصون فيها من الاحتلال وتبعاته، حيث يصرون على أن مقبرتهم القسرية في حقل الرمي بحلب، لن تكون دائمة، وأنهم سينقلون جميع العفرينيين المتوفين في حلب الى مقابر قراهم، كما اوصوا قبل رحيلهم، فأرواح العفرينيين لن ترتاح إلا بين جنبات ترابها.