نوفمبر 14. 2024

أخبار

المليشيات الإسلامية تُحول المواقع الاثرية في عفرين إلى ساحات تدريب عسكري


عفرين بوست-متابعات

أظهرت مشاهد مصورة بثتها إحدى الوسائل الإعلامية الموالية للاحتلال التركي والمليشيات الإسلامية التابعة لتنظيم الإخوان المسلمين، تدريبات يقوم بها المسلحون في إحدى المواقع الاثرية بريف إقليم عفرين الكردي المحتل.

وبث مقطع مصور في العشرين من سبتمبر الماضي، أظهر رتلاً من عشرات المسلحين وهم يتقدمون على وقع صيحات تحفيزية من قبل مدربيهم في المليشيا التي يعملون تحت لواءها، كما توجد سيارات عليها رشاشاتت متوسطة.

وفيما بعد، يتوجه أحد متزعمي المسلحين إليهم بخطاب تعبوي إسلامي متشدد، تستخدمه عادة المليشيات التابعة للإخوان المسلمين في سبيل حض وتشجيع اليافعين على الانتساب والعمل ضمن صفوفهم، من خلال ذكر كلمات كالجهاد.

وعقب ذلك، تظهر المشاهد المصورة إطلاق المسلحين للنيران الحية بشكل عنيف على تل عين دارة الاثري، كما اسمع اصوات رشقات من رشاشات متوسطة، إضافة إلى استخدام قذائق ار بي جي في إطلاق حقيقي على أهداف لما يكشف التصوير، لكن اللقطات اللاحقة تظهر تل عين دارا إثناء محاكاة أحد المسلحين صعوده، ما يبرز أن الاستهداف قد طاله بالقذيفة.

ونتيجة كثافة الاطلاق الناري، تظهر المشاهد إثارة القذائق كمية كبيرة من الاتربة والدخان المتصاعد من مناطق في محيط التل، وعقب ذلك يظهر متزعم ملثم لتلك المليشيات المسمأة بـ “الجبهة الوطنية للتحرير”، مدعياً أنهم يتحضرون للتصدي لمن اسماهم العدو الروسي.

وفي الوقت الذي يدعي فيه المسلح إنه ينوون محاربة روسيا من خلال تدريباتهم تلك، أظهرت الوقائع في شرق الفرات إن هؤلاء كـ “قتلة مأجورين” لا يمتلكون قرارهم، ويلتزمون بالتعليمات الصادرة إليهم من الاحتلال التركي وحسب، إذ سبق وانسحب هؤلاء من المناطق بتنسيق روسي مع الاحتلال التركي، مقتصرين قتالهم على مواجهة قوات سوريا الديمقراطية بناءاً على تعليمات المخابرات التركية.

وتبين المشاهد التالية في المقطع المصور إطلاق المسلحين النار وقنابل يدوية بشكل مباشر على حرم الموقع الاثري وداخله، كما توجه بنادق المتطرفين نحو الحجارة الاثرية، ويجري استهدافها بشكل مباشر، دون اي اكتراث باهميتها او مكانتها للتراث والتاريخ العالميين.

وعقب الغزو التركي لـ عفرين، كشفت لقطات مصورة عن تعرض مواقع أثرية تعود لعصور ما قبل الميلاد في مدينة عفرين ومحيطها بشمال سوريا لدمار وأضرار جسيمة، وأظهرت صور تم تداولها على الإنترنت، معبد عين دارة، الذي يرجع تاريخيا للعصر الحديدي ويضم بقايا كتل بازلت كبيرة منحوتة، ونقوشا على الجدران، قصفاً واضحاً بالطائرات والقذائف.

وكان المرصد السوري رصد قصف الطائرات الحربية منذ بدء الغزو التركي المسمى “غصن الزيتون” في الـ 20 من كانون الثاني/يناير العام الماضي، على 3 مواقع أثرية، هي منطقة دير مشمش الأثرية في جنوب شرق عفرين، ومنطقة النبي هوري في شمال شرق عفرين، كما أغارت على منطقة عين دارة الأثرية في جنوب عفرين، وتسببت الضربات في أضرار مادية بمنطقتي النبي هوري ودير مشمش، فيما خلفت دماراً كبيراً في موقع عين دارة الأثري.

وأثارت عملية استهداف المواقع الأثرية من قبل الطائرات الحربية للاحتلال التركي، سخط الأهالي الذين اتهموا القوات التركية بمحاولة محو آثار وتاريخ المنطقة، وأنها تتعمد استهداف هذه الآثار التي تدل على الحضارات التي شهدتها منطقة عفرين، ومحو آثار الشعب الكُردي من عفرين.

وعقب عام من إطباق الاحتلال، أي في آذار العام 2019، احصت “عفرين بوست” عدد المواقع الأثرية التي تمت تدميرها أو النبش فيها وكانت حينها (9) مواقع أثرية على الأقل: وهي: (عين دارة- تقلكي – براد – النبي هوري – تلتين أثريين في قرية كمروك – تلة زرافكي الأثرية – موقع علبيسكي/كنيسة/ – كهوف بعرافا)، لكن ذلك الإحصاء لم يكن كاملاً في ظل منع الاحتلال للمواطنين الكرد من التنقل بين مناطق عفرين.

وفي يوليو الماضي، ناشدت المديرية العامة للآثار والمتاحف التابعة للنظام السوري «المنظمات الدولية والشخصيات الاعتبارية والأكاديمية العالمية المهتمة بالثقافة وكل مهتم وحريص على الحضارة الإنسانية»، التدخل لحماية التراث الثقافي السوري، ووضع حد لـ «العدوان الجائر من القوات التركية» على المواقع الأثرية في عفرين.

ولفت بيان صادر عنها إلى أن صورً وصلت من المنطقة أظهرت العثور على تماثيل ومنحوتات نادرة، تعود إلى الألف الأول قبل الميلاد وإلى العصر الروماني (نتيجة اعمال الحفر العشوائي في تلال عفرين التي تحوي في غالبها بقايا أثرية هامة) ، وأشار البيان حينها إلى أن تلك الاعتداءات تجري في معظم مواقع عفرين الأثرية المسجلة على قائمة التراث الوطني ومن بينها “تل برج عبدالو” و”تل عين دارة” و”تل جنديرس” و”موقع النبي هوري”.

فيما وصف مدير عام الاثار في سوريا الدكتور محمود حمود الاعتداءات التي يرتكبها الاحتلال التركي والمسلحون المتطرفون التابعون لتنظيم الغخوان المسلمين بـ “جرائم حرب يجب أن يحاسبوا عليها”.

وقال الدكتور محمود حمود مدير الاثار في سوريا في تصريح لـRT، “إن عشرات المواقع في عفرين استباحها الأتراك وكل من ينضوي تحت رايتهم من الإرهابيين”، مشيراً إلى أن المديرية تلقت وثائق وصور تظهر استخدام “البلدوزرات” في البحث عن الآثار، وهو ما يؤكد أن “أعمال التخريب والاعتداء على المواقع الأثرية لم تتوقف أبدا، وأنها شملت جميع المواقع رغم أن المناشدة التي أطلقتها المديرية مؤخرا لم تذكر سوى أربع مناطق، هي التي تصل منها وثائق وصور”.

وتحدث حمود عن عفرين بشكل خاص ووصفها بأنها “منطقة غنية جدا بالمواقع الأثرية، وأن التلال الأثرية التي تتعرض للنبش والسرقة، عبارة عن مدن أثرية فوق بعضها، فارتفاع التل يصل إلى 25 متراً ويتكون من طبقات تعود كل منها إلى فترة أو حضارة”.

وقال الحمود حينها: “يحطمونها كلها بالبلدوزرات”، “يجرفون تلاً بحثاً عن كنوز ولقى أثرية، أي أنهم يدمرون حضارة كي يعثروا على لقى أثرية، وطبعاً المعروف أن التنقيب يجب أن يتم بأدوات دقيقة جداً، لكنهم يحطمون طبقة أثرية بحثاً عن لقى، إنهم يحطمون الحضارة السورية للأسف الشديد، كلها تتحطم على أياديهم الغبية والغادرة”.

وكانت صور جديدة قد وصلت حينها للإعلام و المديرية أظهرت أن “أربع بلدوزرات تنقب في موقع واحد هو موقع تل برج عبدالو” يقول حمود، ويشير إلى أن ذلك يعني كم أن الموقع غني، بآثاره.

وعن موقع عين دارة الذي قصفته القوات التركية قبل احتلال عفرين، وأدى ذلك إلى تدمير منحوتات بازلتية نادرة الوجود، أكد حمود أنه “منذ اللحظة الأولى للاحتلال بدؤوا التنقيب فيه، وحالياً هناك بلدوزر يجرف أمام المعبد تماما”.

مقالات ذات صله

Show Buttons
Hide Buttons