عفرين بوست ــ متابعات
صرح أحمد الشرع قائد إدارة العمليات العسكريّة، أنهم بصدد تجنيس المقاتلين الأجانب، وأنهم صاروا دولة، وبذلك لم يعد لدى “الائتلاف السوريّ” وأجساد المعارضة داعم.
ونقل الصحفي التركيّ محمد أونالميش أبرز النقاط التي صرح بها الشرع في لقاء جمعه مع عدد من الصحفيين في دمشق يوم أمس الإثنين.
أشار الشرع إلى أنّ نظام الأسد أضرَّ بأمنِ المنطقة واستقرارها، وتاجر بالمخدرات وأرسلها إلى الأردن والخليج، ودخل في الحرب الأهليّة في لبنان، واستعان بميليشيات من العراق ولبنان وظلم الشعب السوريّ، وقال: “أتينا لنصحح هذه المسارات ودخلنا دمشق دون إراقة دماء”.
المسألة المثيرة للجدل قوله “المقاتلون الأجانب الذين حاربوا معنا يستحقون التكريم، هؤلاء لم يأتوا إلينا بتنظيمات، بل جاؤوا متعاطفين مع الشعب السوري الذي تعرّض للظلم، الكثير من الدول تمنح الجنسيات بشروط لمن يبقى فيها لعده سنوات، ونحن سندرس الأمر”.
وفي تعليق على القصف الإسرائيليّ المتواصل لمواقع عسكرية مختلفة في سوريا واختراق اتفاق الهدنة، قال الشرع: “لا نريد حرباً مع إسرائيل، الشعب السوريّ تعب من الحروب، ونحتاج لسنوات من الراحة في سوريا للتنمية، إسرائيل كانت تقصف سوريا بحجة حزب الله والميليشيات الإيرانية، والآن لا تملك هذه الحجج، نحن ملتزمون باتفاقيه 1974 وعلى المجتمع الدولي الضغط على اسرائيل للالتزام بالاتفاقية”.
وجدد الشرع الحديث عن الكُرد، وقال: الكرد السوريون إخوتنا وتعرضوا للظلم من قبل النظام، ولكن لن نقبل بوجود أجساد مسلحة خارج وزارة الدفاع، ولن نسمح باستخدام الأراضي السوريّة لاستهداف دول مجاورة مثل تركيا وغيرها.
وأشار الشرع إلى أنّ الائتلاف السوريّ وأجساد المعارضة لم يعد لديها داعم، وأنهم صاروا دولة، وأعرب عن ترحيبه بأي أشخاص وطنيين للعمل من أجل الدولة السوريّة، مؤكداً أنّهم لن يقوموا بـ “المحاصصة”.
هل تتوفر في الجهاديين شروط الجنسية؟
وبذلك طابق الشرع بين الأفراد الذين يهاجرون بهدف الاستقرار في بلد آخر وتتوفر فيهم شروط الاندماج الاجتماعيّ، ويحققون الإنجازات الأكاديمية أو المهنية أو المهنية الجيدة أو المشاركة المدنيّة، ويتعلمون لغة تلك البلاد، وذلك بعد سنوات من الإقامة القانونيّة.
فيما من قصدهم الشرع يوصفون بـ “الجهاديين” ممن عبروا الحدود بطرق غير قانونيّة وبعلم وتسهيل من الحكومة التركيّة، وقاتلوا في سوريا، ولكن ليس من موقع المعارضة للنظام السياسيّ القائم.
المسألة الأكثر حسمية تتعلق بأسلوب التفكير، فسوريا بنظر الجهاديين ليست وطناً بالمعنى المتداول الذي ينطوي على الاستقرار والبقاء، بل ميدان جهاد وحرب من منطلق مفهوم “الأمة”، فالجهاديّ حامل “عقيدة” ينتقل من بلدٍ لآخر للقتال وليس الاستقرار.
والواقع أنّ القصف الإسرائيليّ استمر رغم مغادرة القوات الإيرانيّة وعناصر حزب الله الأراضي السوريّة، وطال مواقع عسكرية ومخازن السلاح، وشمل مناطق في دمشق وطرطوس وريف حماه وديرالزور، مستهدفاً القوة العسكرية السوريّة.
لا وعد حاسم للكُرد
وسبق أنّ قال الشرع إنّ “الأكراد جزء أساسي من الوطن وشركاء في سوريا القادمة”. وأضاف في مقطع مصور رداً على سؤال صحفي، إنّ “جميع السوريين سيعيشون في إطار القانون، بعد إسقاط نظام بشار الأسد”، مشيراً إلى أنّهم “سيعملون على إعادة مهجري منطقة عفرين شمال غربي سوريا إلى مناطقهم”.
ولكن التصريح الأخير المتزامن مع التهديد التركي بشنِّ عدوان جديد يستهدف مدينة كوباني، يتقاطع مع مواقف الحكومة التركيّة التي دأبت على تبرير عدوانها على المناطق الكردية واحتلالها بمزاعم أمنية، دون أن تقدم أدنى أدلة ثابتة عن أي تهديد لأمنها القوميّ من جهة الأراضي السوريّة. كما لم يتعرض الشرع للتهجير القسريّ الثاني لأهالي عفرين من منطقة الشهباء إلى مناطق شرق الفرات، ولا حتى العملية العسكرية التي استهدفت مدينة منبج والقصف على سد تشرين وجسر قره قوزاق.
كما تزامن تصريح الشرع بعد إطلاق الإدارة الذاتية لإقليم شمال وشرق سوريا مبادرة من عشرة بنود لحل الأزمة السوريّة، تصدرها الإقرار بوحدة الأراضي السوريّة، وتضمنت الدعوة للحوار الوطنيّ. وبذلك فإنّ حديث أحمد الشرع عن الكُرد رسالة فضفاضة لا تتضمن وعوداً جازمة، ولا تتجاوز أطر التعريف المتداولة.
حلّ الفصائل ضرورة وطنيّة
وعملياً فإنه مع سقوط النظام السوريّ تم حلّ الجيش السوريّ، وباتت الضرورة ملحة لإعادة إنشاء جيشٍ سوريّ موحد، وبذلك فقدت كلّ ميليشيات “الجيش الوطنيّ السوري” التابعة لأنقرة أي مبرر واقعي لوجودها، وكذلك ما تسمى بـ”الحكومة السورية المؤقتة التي يرأسها المدعو عبد الرحمن مصطفى الحاصل على الجنسية التركية، ولم يبق هناك أي مبرر لوجود الائتلاف في إسطنبول ولم يعد هناك مبرر لتوصيفها بالمعارضة بعد سقوط النظام السوريّ.
وفي بيان أصدره ليلة أمس الاثنين تعهّد الشرع بأن يتمّ “حلّ الفصائل المسلّحة” و”انضواء” مقاتليها في الجيش السوريّ الجديد. وأضاف “يجب أن تحضر لدينا عقلية الدولة لا عقلية المعارضة (…) سيتمّ حلّ الفصائل وتهيئة المقاتلين للانضواء تحت وزارة الدفاع وسيخضع الجميع للقانون”.
ولكن ربما أراد الشرع تبرير تشكيل حكومته الحالية برئاسة محمد البشير من لون واحد، والتمهيد لتثبيت هذا اللون بعد انتهاء مهام الحكومة الحالية في مارس/ آذار 2025. ويمكن فهم إشارة الشرع إلى أنّ الائتلاف وأجسام المعارضة لم يعد لديها داعم، بأنّه تلقى تأكيدات تركية أنّ الدعم سيتم توجيهه إليه، وذلك بعد لقائه وزير الخارجية التركي هاكان فيدان ورئيس الاستخبارات التركية إبراهيم كالن اللذين زارا دمشق مؤخراً.
بالمجمل هناك اختلافٌ كبيرٌ بين مسار عملية “ردع العدوان” الذي بدأته هيئة تحرير الشام في 27 نوفمبر/ تشرين الثاني الماضي من ريف إدلب الشرقي وحلب الغربيّ وانتهى في دمشق بالتنسيق مع “غرفة عمليات الجنوب” وأسقط النظام في الثامن من ديسمبر/ كانون الأول الحالي، ومسار عملية “فجر الحرية” التي بدأتها ميليشيات “الجيش الوطنيّ السوري” التابعة لأنقرة واستهدفت المواطنين الكُرد من أهالي عفرين المهجرين قسراً إلى منطقة الشهباء، وواصلت الطريق إلى منبج، وارتكبت الكثير من الانتهاكات بحق الأهالي من عمليات قتل للمدنيين العزل والأسرى والمصابين في المشافي واختطاف تعسفي والسرقات.
مطلب الرفع عن لوائح الإرهاب
يبقى إدراج “هيئة تحرير الشام” على قوائم الإرهاب الدولي عائقاً سياسياً وقانونياً أمامها لإدارة البلاد، وهذا سبب التعامل الحذر من قبل مختلف الحكومات مع المتغيرات في دمشق .
ففي 12/12/2024، نشر تقرير في موقع الأمم المتحدة بعنوان “سلطة الأمر الواقع في دمشق على قائمة الإرهاب: ما الذي سيحدث الآن؟”
وجاء في التقرير “هيئة تحرير الشام – الجماعة المسلحة المدرجة على قائمة الإرهاب من قبل مجلس الأمن – أصبحت القوة المسيطرة الآن في سوريا بعد سقوط نظام بشار الأسد. ماذا يعني ذلك بالنسبة للمفاوضات الدولية وتلك التي تدعمها الأمم المتحدة ومحاولات بناء سلام مستقر في سوريا؟
وتابع التقرير: “وفق قـرار مجلس الأمن رقم 2254 تعد هيئة تحرير الشام منظمة إرهابية. اعتمد المجلس القرار بالإجماع عام 2015، ودعا فيه جميع الدول إلى منع وقمع الأعمال الإرهابية وخاصة المرتكبة من عدة جماعات منها سلف هيئة تحرير الشام، جبهة النصرة”.
وأدرج مجلس الأمن الدولي “جبهة النصرة على لوائح الإرهاب خلال جلسة عقدها في 30/5/2013،
وفي لقائه مع المبعوث الأممي “غير بيدرسون” أشار أحمد الشرع إلى ضرورة إعادة النظر في القرار الأمميّ 2254. وتم تداول أنّ السبب في ذلك يعود إلى انتفاء الشروط التي تضمنها القرار بالدعوة إلى هيئة حكم انتقالي، إذ لم يعد طرف النظام موجوداً بعد سقوطه.
مطالبة الشرع بإزالة تنظيمه عن لوائح الإرهاب تعود إلى سنوات سابقة، في مقابلة مع مارتن سميث من قناة “بي. بي. إس فرونتلاين” في شباط/فبراير 2021، اعترض ــ وكان حينها معروفاً باسم أبو محمد الجولاني”ــ على تصنيف المنظمة على قائمة “الجماعات الإرهابية”، واصفاً ذلك بأنه “تصنيف غير عادل”. وتابع: “إنها تسمية سياسية لا تحمل أي صدق أو مصداقية”.