ديسمبر 18. 2024

أخبار

آلاف من المفقودين من أبناء عفرين منذ عام 2018م… مطالبات بفتح السجون والكشف عن مصيرهم

عفرين بوست- تقارير

بعد أيام من سقوط النظام السوري في دمشق، وزحف المسلحين الجدد إلى العاصمة دمشق، قامت فرق عدة من مدنيين وعسكريين بالبحث عن السجون والمعتقلات وتبيضها، بالموازاة مع ذلك أصدرت الإدارة الذاتية في إقليم شمال وشرق سوريا عفواً عاماً عن السجناء في منطقتها، وهنا فرح أهالي عفرين المحتلة وظنوا أن أبناؤهم المغيبين في السجون سيخرجون أيضاً، لكن للأسف لم تقم الميليشيات الموالية لتركيا ولا الدولة التركية بالإفراج عن الرجال والنساء المختفين في أكثر من 20 سجناً سرياً ضمن منطقة عفرين المحتلة.

سجون سرية

وفقٍ لتقارير منظمات حقوق الإنسان المحلية والدولية، هناك الآلاف من أبناء عفرين – مدنيين وعسكريين- مفقودين ومخفيين قسراً منذ عام 2018، ومصير الغالبية منهم مازال مجهولاً، ناهيك عن المفقودين خلال الهجوم الأخير لميليشيات الاحتلال التركي على منطقة الشهباء وبعض قرى شيروا بريف حلب الشمالي.

تتوزع في منطقة عفرين المحتلة 20 سجناً سرياً تديرها ميليشيات ما يسمى “الجيش الوطني السوري” التي تسيطر على قرى ومدن عفرين وتدار بإشراف الاستخبارات التركية، وكانت منظمة حقوق الإنسان في عفرين قد كشفت عن أسماء ومواقع هذه السجون قبل سنوات، لكن لليوم لم يتم تبيض هذه السجون أو السماح للأهالي بزيارة أبنائهم ضمنها.

تبين أنه توجد العديد من السجون السرية الخاصة بالميليشيات التي تسيطر على عفرين، وغالبية هذه السجون تم اكتشافها بمحض الصدفة دون وجود أرشيف رسمي او وثائق تثبت تورط الفصيل أو الميليشيا في اختطاف السكان الكُرد والعرب الأصليين في عفرين، إذ كشف المرصد السوري لحقوق الإنسان أن فيلق الشام عمد إلى إنشاء سجن أمني منذ 2019 في قرية “ميدان أكبس” التابعة لناحية راجو في ريف حلب الشمالي الغربي، قرب الحدود السورية – التركية، يخضع السجن لإشراف المخابرات التركية وضباط منشقين ضمن “فيلق الشام”، ويضم عدداً كبيراً من المدنيين المعتقلين من مختلف مناطق عفرين وريفها.

وبتاريخ 28 أيار (مايو) 2020، عُثر على 11 من النسوة على الأقل، معتقلات في مقر عسكري يعود لميليشيا الحمزات، المدعوم من تركيا، وذلك بمحض الصدفة، حين قام أشخاص غاضبون باقتحام المقرّ الواقع في حي المحمودية في مدينة عفرين، على خلفية اعتداء نفّذه عدد من عناصر الميليشيا على أحد المحال التجارية، تسبّب بسقوط ما لا يقل عن خمسة مدنيين، بين قتيل وجريح، ليتمّ العثور على المعتقلات مع طفل رضيع كانت إحداهن قد أنجبته خلال فترة اعتقالها.

في عفرين بعد الاحتلال، حوّل كل فصيل عسكري منطقة سيطرته إلى ما يشبه المستعمرة، وإنشاء سجونه الخاصة وقضائه الخاص المرتبط بما يتخذه قائد الفصيل، وهو ما ساهم في تعميق الفوضى والفلتان الأمني، وغياب الاستقرار.

سجون عفرين

وبحسب ما نشرته منظمة حقوق الإنسان في عفرين حول السجون المنتشرة في عفرين فإن عددها يتعدى الـ22 سجناً، من ضمنها فقط سجنين رسميين ضمن عفرين فقط وهي:

  1. سجن باسوطة، تديره فرقة الحمزات وبإشراف من الاستخبارات التركية، عُرف هذا السجن باسم القلعة نسبة إلى أحد السجون في فترة العثمانيين أثناء احتلالهم لسوريا.
  2. سجن المحطة وسمي بالمحطة نسبة لكونه كان محطة للقطار سابقاً تشرف عليه الاستخبارات التركية ويقع بالقرب من بلدة راجو، وأغلب المعتقلين فيه هم من أهالي بلدات راجو، معبطلي، ميدانا أيضاً.
  3.  سجن راجو أو ما يعرف بالسجن السفلي.
  4.  سجن الاستخبارات التركية في بلدة راجو، من السجون السرية، وتديره وتشرف عليه الاستخبارات التركية، ويعتبر السجن مكان للتحقيق وترحيل المعتقلين إلى تركيا.
  5. سجن كوران بناحية جنديرس، وهو سجن صغير عبارة عن أحد المنازل الواقعة على أطراف قرية كوران تديره عناصر فيلق الشام، أغلب المعتقلين فيه من أهالي قرية كوران وكفر صفرة وناحية جندريسه.
  6. سجن المواصلات، يعتبر من اسوأ السجون في مدينة عفرين، ويديره عناصر الجبهة الشامية، ويعرف بسجن التحقيق، تحدث العديد من شهود عيان ومعتقلين عن عمليات قتل وتعذيب جرت ضمنه.
  7. سجن مدرسة الكرامة، وهي من أقدم المدارس في مدينة عفرين، يمارس فيه شتى أنواع التعذيب، وتديره عناصر فيلق الشام والاستخبارات التركية، وفيه جناح للنساء.
  8. سجن المحكمة ويقع وسط مدينة عفرين وهو عبارة عن أحد الأقبية التي تقع ضمن المحكمة القديمة وهو سجن خاص بالنساء.
  9. سجن حاجز ترنده، تديره وتشرف عليه الاستخبارات التركية، تمارس فيه كل أنواع التعذيب الجسدي والنفسي.
  10. سجن مدرسة أزهار عفرين الخاصة، تديره وتشرف عليه الاستخبارات التركية بشكل مباشر.
  11.  سجن مدرسة أمير غباري في وسط عفرين أيضاً تديره وتشرف عليه الاستخبارات التركية برفقة ميليشيا “الشرطة العسكرية”.
  12. سجن مدرسة قرية خراب شران.
  13. سجن مدرسة الاتحاد العربي في عفرين أصبح مقر عسكري، ويوجد فيه جناح خاص للسجناء، تشرف عليه ميليشيا الجبهة الشامية.
  14. سجن شارع الفيلات في عفرين، وهو عبارة عن أحد المنازل المهجورة، حوّله عناصر أحرار الشرقية إلى سجن.
  15.  سجن الأشرفية، أيضاً عبارة عن أحد المنازل التي استولت عليها مجموعات تابعه لتجمع عدل بقيادة المدعو أبو ادريس، وتم تحويله إلى سجن سري.
  16.  سجن عفرين أو كما يعرف باسم سجن ماراته، وهو قسمان مدني وعسكري، ويضم الآلاف من النساء والرجال في أقسامه المختلفة.
  17.  سجن “فصيل أحرار الشام” ويعتبر من السجون السرية.
  18.  السجن الأسود براجو، ويضم هذا السجن حوالي 800 سجين، أكثرهم متهمين بالتعامل مع الإدارة الذاتية.
  19. سجن الشرطة العسكرية في مقر الثانوية التجارية في عفرين.
  20.  سجن كفرجنة، كان بإدارة ميليشيا “الجبهة الشامية”، وأخلي قبل عامين.
  21.  سجن ميدان اكبس تابع لفيلق الشام ويطلق عليه اسم فرع فلسطين.
  22.  سجن الحمزات، في مدينة عفرين، وهو سجن سري في مقرّ الأسايش سابقاً بحرش المحمودية بمدينة عفرين.
  23.  سجن العمشات، موجود في مركز ناحية شيه/شيخ الحديد، حيث تم تحويل مبنى مدرسة إلى سجن، ووثق مقتل مدنيين داخله، واسم السجن نسبة لاسم قائد فيصل سليمان شاه الذي يسيطر على الناحية واسمه محمد الجاسم (ابو عمشة).

سجن الراعي.. مكان للتعذيب والقتل

هذه قائمة بالسجون المنتشرة في عفرين التي لا تتجاوز مساحتها 3% من مساحة سوريا، لكن هناك جزء كبير من المفقودين والمختطفين الكُرد من نساء ورجال منتشرين في سجون بمدينة إعزاز وقرية حوار كلس وبلدة الراعي، ويعتبر سجن الراعي الذي تديره الشرطة العسكرية برفقة ميليشيا “فرقة السلطان مراد”، بإشراف الاستخبارات التركية، وهو من أسوأ السجون في الشمال السوري.

تقول السجينة السابقة “ل،ع” التي اختطفت برفقة والدها وشقيقتها، “تعرضت للتعذيب النفسي والجسدي على أيد محققين أتراك في سجن الراعي، كانت الظروف مريرة جداً”.

تُشير “ل، ع” إلى أن عدد المعتقلين والمعتقلات في ذاك السجن عام 2022 كان يفوق الـ1900 من أبناء عفرين، وهناك أقسام خاصة بالنساء واخرى بالرجال، وكان التعذيب يتم بشكل يومي؛ وهي تتساءل اليوم عن مصير الباقين هناك وتقول “لا أتوقع أن تقوم السلطات المسؤولة عن السجن بإخراج المعتقلين لأن القرارات تصدر من الاستخبارات التركية حصراً هناك، وعند السماح بإخراج المعتقل يتم نقله إلى عفرين وتوجيه التهم إليه بعد سنوات من الاحتجاز القسري في سجن الراعي الذي يعتبر مكان للتعذيب والاستجواب بالنسبة لأهالي عفرين”.

مطالبات بكشف مصير أبنائهم

لم تسجل في عفرين المحتلة أي حالات إفراج جماعي عن المعتقلين والمختفيين قسراً، رغم إصدار ما تسمى الحكومة السورية المؤقتة الموالية لتركيا إصدار عفو عام، وهنا أشار بعض الحقوقيين إلى أن هذه القرارات تبقى شكلية ولا تشمل الكُرد المختفين قسراً.

توجهت حوالي /25/ عائلة كُردية إلى سجن بلدة الراعي بمنطقة الباب، للسؤال عن مصير أبنائهم المعتقلين فيها منذ سنوات وفق ما أفاده مراسل “عفرين بوست” يوم الخميس الفائت.

وأوضح المراسل، أن العشرات وربما المئات من معتقلي عفرين لم يطلق سراحهم بعد صدور عفوٍ مما تسمى بـ”الحكومة السورية المؤقتة”، بحجة أنّ ملفاتهم بحوزة الاستخبارات التركية؛ فيما قام حشد من سكان الباب في 8 كانون الأول/ديسمبر الجاري بكسر أبواب سجن الراعي وأطلقت سراح المئات من مساجينها، وكان بينهم عدد من أبناء عفرين، دون توفر إحصاء عن أعداد الخارجين من السجن وبياناتهم الشخصية.

ما مصير السوريين في السجون التركية؟

منذ عام 2018 عمدت الميليشيات الموالية لتركيا إلى اعتقال واختطاف الآلاف من شباب ونساء عفرين، وتم اقتياد عدد كبير منهم إلى تركيا، وفقٍ لتقارير منظمات حقوقية من ضمنها “سوريون من أجل الحقيقة والعدالة” التي نشرت شهادات معتقلين سابقين في سجون تركية وسجون للميليشيات الموالية لتركية، وقال شهود ضمن تلك التقارير المتلاحقة أن سجون تركيا كانت مليئة بالسوريين وغالبيتهم من عفرين وكوباني.

سجن “يايلي داغ” في ولاية هاتاي، ضم خلال السنوات الماضية أكثر من 3000 سوري من عفرين وكوباني، وذلك وفق لشهادات سوريين خرجوا من ذاك السجن بعد قضائهم ثلاث سنوات، وقالت “سوريون من أجل الحقيقة والعدالة” في تقرير سابق أن غالبية السوريون الذين تم ترحيلهم إلى الداخل التركي خضعوا لمحاكمات صورية بدون توكيل محامي أو ظروف قانونية مناسبة، وتم الحكم عليهم بأحكام تراوحت بين 3 سنوات والـ10 سنوات، وما يزال عدد كبير من السوريين معتقلين لم تفرج السلطات التركية عنهم بعد أو تخفف من أحكامهم.

عائلة كالو التي تقطن في قرية بناحية شيروا بدأت البحث عن ابنها “عصمت كالو” الذي اختفى خلال الغزو التركي لعفرين، واعتقدوا أنه أسير واقتيد إلى تركيا، لكن لليوم لا يعرفون شيئاً عنه، وهم يأملون أن يتم الإفراج عنه خلال الفترة المقبلة، لكن تبدو الآمال ضعيفة، إذ لا يعلم أحد أين هو ولماذا تم أسره أو اختطافه.

إلى اليوم تخاف غالبية العائلات الكُردية البحث عن أبنائها المفقودين، خشيت اتهامهم بالعمل مع الإدارة الذاتية السابقة في عفرين، أو ابتزازهم مالياً.

مقالات ذات صله

Show Buttons
Hide Buttons