عفرين بوست
أظهرت صورة تداولها ناشطون يوم أمس على مواقع التواصل الاجتماعي نقلاً عن وسائل إعلام تابعة للمعارضة، “مشفى آفرين” الذي انشئ في عهد الادارة الذاتية، وهو يحمل مسمىً جديد والاعلام التركية على واجهته.
وأطلق الاحتلال التركي على المشفى مسمى “الشفاء”، كما رفع العلم التركي الي جانب رفع راية المليشيات الإسلامية على مدخله، وتم تدهين جدرانه الخارجية باللونين الأحمر والأبيض، في رمزية إلى علم الاحتلال التركي.
ويعمل الاحتلال التركي على تغيير معالم اقليم عفرين الكُردي التابع للإدارة الذاتية في شمال وشرق سوريا، وذلك من خلال محاولة تتريك المنطقة الكردية ومحاولة طمس هويتها القومية، حيث ينشر الاحتلال إعلامه ولغته فوق الدوائر الرسمية.
ويأتي إجراء الاحتلال ضمن سياق متصل من الانتهاكات الساعية إلى تتريك المنطقة الكردية، ففي التاسع من نوفمبر، أعلن الاحتلال التركي، افتتاح فرع جديد للبريد التركي في مدينة عفرين، وقالت وسائل إعلام تركية، إن مكتب البريد الجديد سيستخدم في توفير الخدمات البنكية والبريدية واللوجستية عبرها بعد الانتهاء من أعمال التحضيرات.
ومنذ نهاية أغسطس \ آب المنصرم، بدأ الاحتلال التركي وميلشياته في عفرين تغيير اللوحات التعريفية في مداخل قرى وبلدات عفرين، حيث غيرت تلك المليشيات لافتة مدخل قرية “قسطل مقداد” التابعة لناحية بلبله تم إزالتها واستبدالها بأخرى بعد وضع الاسم التركي “سلجوق أوباصي” عليها، ليدخل ذلك في إطار التغيير الديمغرافي الذي تمارسه تركيا في المنطقة.
كما وتم تغيير عدة أسماء لقرى اخرى في ناحية بلبل في عفرين ضمن مشروع يهدف لفرض اسماء تركية على كامل المنطقة، حيث غير اسم قرية كوتانا الى الاسم التركي ظافر أوباسي وقرية كرزيلة أصبح اسمها جغر أوباسي، وكما عمدت المليشيات الإسلامية التابعة للاحتلال التركي في منتصف تموز جرف وتدمير منازل المدنيين في القرية بهدف منع المدنيين من العودة إلى قراهم.
وفي السادس عشر من نوفمبر، وصلت قوات المهام الخاصة التابعة لمديرية الأمن العام الاحتلال والمعروفة باسم (POH- Polis ozel herakat) إلى مدينة عفرين كما، وأصبحت أغلب المدارس والمنازل الفارغة بفعل تهجير سكانها الكُرد، مقرات عسكرية للمليشيات الإسلامية أو قوات الاحتلال التركي.
ومن بين المدارس التي تم تحويلها إلى مقار لجيش الاحتلال التركي وميليشياته، مدرسة أمير غباري، الاتحاد، فيصل قدور، الكرامة، أزهار عفرين الخاصة ومبنى التوجيه التربوي في مركز مدينة عفرين، مدرسة الثانوية القديمة في جنديرس، المدرسة الثانوية في معبطلي، المدرسة الثانوية في راجو، المدرسة الابتدائية – طريق أرندة في بلدة شيخ الحديد.
وفي التاسع والعشرين من نوفمبر، أظهرت صورة تداولها ناشطون على مواقع التواصل الاجتماعي مجموعة من المليشيات الإسلامية وأعضاء يما تسمى “مجالس الاحتلال”، وهم يقومون برفع إشارة الذئاب الرمادية أمام مركز الشرطة في ناحية جنديرس بريف إقليم عفرين الكُردي التابع للإدارة الذاتية في شمال وشرق سوريا.
وتركز “الذئاب الرمادية” في أفكارها على تفوق العرق والشعب التركي، كما تسعى لتوحيد الشعوب التركية في دولة واحدة تمتد من البلقان إلى آسيا الوسطى، مُستلهمين ذلك من تاريخ الدولة العثمانية التي جمعت تحت سلطتها الكثير من الولايات في آسيا وأوروبا وأفريقيا، كما يحاول هذا التنظيم المُتطرف دمج الهوية التركية والدين الإسلامي في توليفة واحدة، وهو خطاب مُهيمن في أطروحاتهم، إضافة إلى مُعاداة القوميات الأخرى كالكُرد واليونان والأرمن والعرب أو المجموعات الدينية الأخرى كالمسيحيين واليهود وغيرهم.
وفي الرابع من كانون الأول، أفاد نشطاء أنّ الاحتلال التركي استقدم عدّة آليات ( تركس ) وأجهزة الكشف عن الآثار إلى منطقة ” كالي تيرا ” الواقعة في ناحية راجو وباشرت بأعمال الحفريات بهدف التنقيب عن الآثار.
ويؤكد مراقبون كُرد بأن استراتيجية الاحتلال التركي في تغيير ديمغرافية عفرين بدأت من خلال عمليات التهجير القسري، والتدمير المُمنهج للمناطق الكردية مما يجعل الحياة فيها مستحيلة، كما يجعل إعادة بنائها صعبة جدا في ظل الظروف الراهنة، وبالتالي عدم تفكير السكان الأصليين بالعودة اليها حتى لو انتهت الحرب الطاحنة وتوقفت عجلتها القاتلة في سوريا.
ويرى هؤلاء أن تقوم الاحتلال التركي تعمل على تفكيك المجتمعات المحلية لتدمير قدرتها على الصمود والبقاء، ومنع الاهالي من العودة إلى مناطقها، وتسعى إلى إطالة أمد الحرب في سوريا وتعقيد الحل السياسي، الأمر الذي من شأنه أن يدفع المُهَّجرين قسرياً إلى الاستقرار في أماكن تواجدهم وأن تُصبح آمال عودتهم ضئيلة جداً أو مستحيلة.
هذا وشجع الاحتلال التركي المليشيات الإسلامية التي تعمل تحت إمرتها في عفرين على ممارسة السرقة ونهب خيرات عفرين كما وقامت بتغير ديمغرافي في عفرين بكافة الوسائل التي أتيحت لها اقتصادياً وسياسياً ومدنياً، وتجسدت هذه الانتهاكات والسرقات من الناحية الاقتصادية مع بدء المسلحين بنهب محصول القمح وادخال الحصادات التركية عبر الحدود إلى أراضي المقاطعة وحصد محصول القمح وتهريبه إلى تركيا.
واستمرت مع توجه الاحتلال التركي وميليشياته والمجالس التي شكلتها لفرض قوانين جديدة تخص محصول الزيتون، بينت عزم الاحتلال التركي والمليشيات المسلحة على سرقة ونهب محصول الزيتون بشكل كامل وتهريبه إلى الاراضي التركية، لما يشكله هذا المحصول من قيمة اقتصادية كبيرة، خصوصاً وأن الاقتصاد التركي يعاني من حالة ركود كبيرة.
كما وقامت المليشيات الإسلامية بصبغ واجهات المحال التجارية بألوان العلم الذي تعتمده المجموعات المسلحة التابعة لتركيا وعلم الاحتلال التركي، إضافة إلى تغيير معالم المدينة، ومحاولة تتريكها، عبر نشر اللغة التركية، على اللافتات، ونشر العلم التركي فوق الدوائر الرسمية، فيما يتهم ناشطون كرُد المنظمات الدولية والدول ذات التأثير في الأزمة السورية، بمشاركتها الاحتلال التركي في سياسة التغيير الديمغرافي، وذلك بسبب صمتها تجاه ممارسات الاحتلال.