عفرين بوست
قالت مصادر إعلامية كردية أمس الاثنين، أن ميليشيا ‹أحرار الشرقية› التابعة للاحتلال التركي أقدمت على طرد عائلات من إحدى المنازل وسط مدينة عفرين، بحجة عدم إثبات ملكيتها وأن صاحبها الأساسي غير متواجد في المنطقة.
وقال ناشطون إن مسلحين من ميليشيا ‹أحرار الشرقية› داهمت منزل رفعت بلال المقيم حالياً في إحدى الدول الأوربية، بالقرب من المركز الثقافي على الأوتوستراد الغربي، وطردت المستأجر حمو أبو ادريس المقيم في المنزل منذُ عامين بحجة عدم وجود المالك الأساسي، واستولت على آثاث المنزل والأدوات المتواجدة فيها.
كما تعرض الشاب رودين عبد الرحمن المهتدي من قرية معراته أمس الأحد للضرب المبرح من قبل مجموعة مؤلفة من سبعة مسلحين تابعين للميليشيات الإسلامية، أثناء تواجده في محله بمدينة عفرين، ورجحت مصادر محلية بأن الحادثة جاءت على خلفية عدم إخلائه المنزل الذي تعود ملكيته لأحد أقاربه، إذ طالبت الميليشيات بتسليم المنزل خلال الفترة الماضية بحجة عدم وجود أوراق ملكية.
إلى ذلك، أقدمت ميليشيا فيلق الشام على سلب وسرقة مبالغ مالية وهواتف محمولة من عدد من نساء قرية كاوندا التابعة لناحية راجو، بعد إطلاق النار في الهواء لتخويفهم أثناء التفتيش بالقرب من القرية قبل يومين.
وتأتي هذه الممارسات لتكمل أخرى، بدأتها المليشيات الإسلامية منذ احتلالها بجانب الاحتلال التركي لإقليم عفرين الكردي التابع للإدارة الذاتية في شمال وشرق سوريا، حيث قال المرصد السوري لحقوق الانسان في الثلاثين من أكتوبر، إن مليشيا “فيلق الشام” المُقربة من السلطات التركية والتابعة لحركة الإخوان المسلمين السورية، شكلت محاكم صورية وستقوم بطلب أوراق ثبوتية تتعلق بملكية العقارات في عفرين.
وأكدت المصادر أن عملية طلب الأوراق تترافق مع معلومات أوردتها مصادر متقاطعة، عن بدء تحضيرات من محكمة الفيلق لإعادة العقارات التي يقطنها مقاتلون لأصحابها، كما أكدت المصادر أن المنازل سيجري الحجز عليها، لحين إثبات ملكية المنزل، بسند من السجل العقاري بحلب، يثبت أن ملكية المنزل للمدعي، فيما من لا يمكنه إثبات ذلك، فستجري عملية الحجر على الممتلكات وبيعها في مزاد علني، وبيع السلاح الفردي والمقتنيات الشخصية، كذلك بالطريقة ذاتها في مزادات مخصصة.
وفي الخامس من نوفمبر \ تشرين الثاني، تداول ناشطون، إعلاناً عن تشكيل جمعية تعاونية من مستوطني الغوطة، تهدف إلى إنشاء ما أسمتها بالقرية الشامية في ريف عفرين، بالتزامن مع تصاعد المخاوف من ترسيخ الواقع الاستيطاني في عفرين، المترافق بتطهير عرقي متواصل يطال الكُرد، والتي يشارك فيها مستوطنون عبر ممارسات ينتهجونها بعد طردهم من ارياف دمشق وحمص وحماه وغيرها من المناطق.
وفي التفاصيل التي ارفقت مع الإعلان، فإن الهدف من الجمعية حل إشكالية السكن التي تواجه هؤلاء، وجاء فيه: أنهم “يبنون لأنفسهم تجمعا سكنيا يأوون إليه، وينطلقون منه لإكمال مسيرة الثورة في ميدان التربية والعلم والجهاد”، وتتشكل الجمعية من كل: 1- محمد أحمد الخطيب (رئيسا) 2- بكري قاسم أبو مالك 3- عبد الناصر الشيخ أبو عماد 4- محمد البشش أبو خالد 5- جميل عبد الباسط أبو البشر 6- محمد اللحام أبو الأمين.
ووفقاً للإعلان، فإن المستوطنين اختاروا “بعد البحث والتقصي واستعراض معظم الخيارات المتاحة في المنطقة المحررة (وفق تعبيرهم)، وقع الاختيار على منطقة جبلية تقع غرب بلدة مريمين العربية وشرق مدينة عفرين”، ويشير استخدام كلمة “العربية” في متن ديباجة الإعلان إلى علم المستوطنين بخطورة إنشاء مستوطنة في منطقة كردية، وبالتالي الاستمرار في الانصياع للرغبات التركية واجنداتها التقسيمية لبنية المجتمع السوري.
وساهم مسلحو المليشيات الإسلامية في القتال إلى جانب الاحتلال التركي يناير المنصرم، مما افضى إلى احتلال الإقليم الكردي من قبل جماعات متشددة تدعمها أنقرة بالسلاح والعتاد والأموال من بينها (احرار الشام، الجبهة الشامية، احرار الشرقية، السلطان سليمان شاه، السلطان مراد، فيلق شام، فيلق الرحمن، جيش الإسلام) وغيرها.
ويحذر ناشطون من عفرين من مغبة الاستكانة لعمليات الاستيطان التي يسعى الاتراك الى ترسيخها على شاكلة المستوطنات الإسرائيلية في الأراضي الفلسطينية، وهو ما ينذر بتكرار تجربة الحزام العربي التي طبقها النظام السوري في منطقة الجزيرة، فساهم فيها بتجريد الكُرد من املاكهم وتوزيعها على آخرين استجلبهم من حوض الفرات.
ووفقاً لإعلان المستوطنين، تمتاز المنطقة التي ينوي هؤلاء إنشاء المستوطنة عليها عن غيرها بعدة ميزات ومنها ((وقوعها على أطراف المناطق الكردية، حيث تعتبر امتدادا للقرى العربية القريبة منها مثل كوبلا والخالدية، مما يخفف من ردة فعل بعض الأكراد الرافضين لسكن العرب بين قراهم، ويبعد تهم التغيير الديمغرافي عن المشروع)).
ويؤكد مراقبون أن إنشاء مثل هكذا مستوطنات، سيحولها لاحقاً إلى قضية صراع، حيث تعتبر القوى السياسية الكردية وأهالي عفرين، أن الوجود التركي المرافق بمليشيات إسلامية احتلال عسكري غير مشروع، وبالتالي فإن جميع الوقائع الحاصلة في عهدهم تعتبر استثنائية وظرفية، مرتبطة بوجود الاحتلال.
وفي السابع من نوفمبر \ تشرين الثاني، قالت تقارير إخبارية أن مسلحي المليشيات الإسلامية حولوا محطة القطار في قرية ميدان أكبس التابعة لناحية راجو والمباني المحيطة بها وعدد من منازل المدنيين، لسجن مركزي، يعذّب فيها المدنيون المعتقلون، حيث يتم جلب كل المواطنين الكُرد المدنيين من باقي القرى والبلدات القريبة من ميدان أكبس، وزجهم داخل سجن كبير للتحقيق معهم.
وذكر شهود من أبناء القرية بأن أصوات صراخ المعتقلين تصم الآذان، وانهُ “يتم تعذيب المعتقلين على أسوء آلة تعذيب، ومنها (البلنكو) حيث يتم تعليق أيادي المعتقل وربطهم للخلف بالرافعة للأعلى ويتم سحب المعتقل لتبدأ العظام بالانفصال عن بعضها البعض رويداً رويداً، وإن نجا المعتقل من الإصابات المزمنة فإنه لا ينجوا من تلف الأعصاب التي تتضرر بشكل كبير من شدة الضغط على اليدين وهناك احتمالات يصاب المعتقل بالشلل التام في يديه إن بقي على (البلنكو) لمدة ١٥ دقيقة فقط والنجاة تكون شبه معدومة بعد هذه الفترة الزمنية”.
كما وأفاد المواطن (ف – م) من قرية ميدان أكبس، أن جيش الاحتلال التركي والمليشيات الإسلامية التابعة له حولوا 40 مبنى في القرية لسجن مركزي، ومن بينهم مبنى محطة القطار ومحيطها ومبنى دائرة الهجرة والجوازات ومبنى مراقبة حركة القطارات، المعزولين عن القرية بجدار اسمنتي، وتم إعلانها كمنطقة عسكرية.
وأشار (ف – م) أنهُ حتى المختلين عقلياً لم يسلموا من هذا السجن فقبل شهرين من تاريخ اليوم قامت مليشيا “فيلق الشام” التابعة لجماعة الإخوان المسلمين السورية، باختطاف الشاب “مصطفى أمين” البالغ من العمر 30 عاماً، على حاجز بالقرب من القرية واقتادته إلى إحدى السجون في قرية ميدان أكبس، وعندما ذهبت عائلة الشاب مصطفى لمراجعة المقر العسكري في قرية ميدان أكبس وتقديمها تقارير طبية تثبت بأنه مختل عقلياً، طردوا العائلة.
وفي سياق التغير الديمغرافي التي تُمارسه دولة الاحتلال التركي، تداولت العديد من وسائل التواصل الاجتماعي، مقطع فيديو، يظهر فيه أحد المستوطنين من حيِّ القابون بالعاصمة السورية دمشق، والذين سكنوا قرية “ميدان أكبس”، وهو يدعو فيه أقرانه جميعاً للمجيء إلى القرية من أجل تغيير اسمها إلى “القابون”، والاستيلاء على المنازل والممتلكات فيها.
ويقول المستوطن خلال الفيديو: “تحية لك أبو كاسم، كل شيء جاهز هنا بانتظارك، وهذه هي القرية، فاجمع الشباب كلهم لكي نصنع (قابوناً آخر)، حيث توجد عدة قرى فارغة هنا، ويتابع قوله قائلاً: “ها هي القرية التي منحونا إياها، وأخبرونا بأن نجلب أهل منطقتنا جميعاً للإقامة هنا، فهذه البيوت كلها فارغة، وذلك الجامع سنسميه (الجامع الكبير)، ولا ينقصنا شيء هنا”، فتعالوا نصنع (قابوناً آخر) هنا”.
واسفرت ممارسات المستوطنين المرافقين للمليشيات الإسلامية التابعة للاحتلال التركي عن فقدان عدة مواطنين من المسنين لحياتهم، نتيجة القهر الذي يشعرون به مع عدم تمكنهم من العودة إلى منازلهم التي أفنوا أعمارهم في بنائها، ومنها المواطن “رمزي حسين” من قرية “ميدان اكبس”، الذي عاد إلى قريته بعد أشهر من تهجيره، لكنهُ لم يرى منزله فارغاً وكان مصيره مثل مصير اغلب منازل القرية، مستولى عليه من قبل أحد قادة المليشيات الإسلامية التابعة للاحتلال التركي ويدعى “ابو مرهف الحمصي” وهو متزعم في مليشيا “فيلق الشام”، حيث أحاط نفسه ببعض إخوته وأخواته لمنع أي شخص من الاقتراب من المنزل، ونتيجة تعرض المواطن الكردي “رمزي حسين” للتهديدات والشتم عند مطالبته بمنزله، استشهد المواطن الكُردي نتيجة اصابته بجلطة قلبية.