عفرين بوست ــ متابعة
أبلغت سلطات الاحتلال التركي قبل أسبوع أقرباء المواطن الكردي جانكين عثمان نعسان (36 سنة) من أهالي قرية روتا/ روطانلي ــ Rûta بناحية موباتا/ معبطلي، وذلك من جهة والدته في قرية كازيه- عفرين بأنه توفي لاستلام جثمانه من مشفى في مدينة الراعي المحتلة
إلا أنّ أحداً لم يجرؤ على إعلان قرابته والاستعداد لاستلام الجثمان. بحسب التقرير الأسبوعي لحزب الوحدة الديمقراطي الكرديّ (يكيتي) الذي صدر أمس 27 أبريل 2024.
لم يكن “جانكين” يعاني من أي مرض قبل الاعتقال، إلا أنه توفي بسبب التعذيب والظروف القاسية بسجن الراعي السيء الصيت والذي تديره الاستخبارات التركية وميليشيا “فرقة السلطان مراد”، وقد تمّ دفن جثمانه بتاريخ 23/4/2024م في بلدة الراعي من قبل القوات الأمنيّة.
كانت عائلة المواطن جانكين تقيم في مدينة عفرين منذ عقود، ولم يبقَ لها أقرباء من قريتها الأصلية، فيما جميع أفراد أسرته معتقلون منذ أربع سنوات بتهمة ملفقة ولم يصدر قرار قضائيّ بشأنها، وشهدت العائلة خلال هذه السنوات مآسي كبيرة. وتم الاستيلاء على منازل أفرادها وسرقة كافة محتوياتها من مفروشات وأدوات وتجهيزات.
اعتقال عائلة مع الأطفال
في 7 يونيو/حزيران 2020، اقتحم مسلحو ميليشيات الاحتلال منزل المواطن عثمان مجيد نعسان في حي الأشرفية في الشارع المقابل لمخبز “زاد الخير” بمدينة عفرين المحتلة، واختطفوا ثلاثة أشقاء، بعد عملية تفتيش للمنزل، وهم:
ــ جانكين نعسان (32 عاماً) وزوجته زليخة وليد عمر ومعهما طفل رضيع.
ــ شيار نعسان (30 عاماً)، وكانت زوجته غائبة.
ــ محمد نعسان (28 عاماً) وزوجته جيلان حمالو ومعهما طفل رضيع.
ولدى مراجعة والديهم عثمان مجيد نعسان (65 عاماً) وزوجته زينب عبدو (60 عاماً) المقرّ العسكريّ الكائن في الحي للسؤال عن مصير أبنائهما، تم احتجازهما أيضاً؛ ووُجّهت لهما تهمٌ ملفقة، واقتيد أفراد العائلة إلى جهةٍ مجهولة.
في 11/6/2020 استولى مسلحو ميليشيا “الجبهة الشامية” على منزل العائلة، الذي كانت الأسر الأربعة تعيش فيه، وسرقت كامل محتوياته من مفروشات وأدوات وتجهيزات.
في 6/7/2020، قالت مواقع إعلاميّة تابعة للاحتلال التركي، إن ما تسمى “السلطات الأمنيّة في عفرين”، قررت حبس 7 أشخاص بذريعة أنّهم من “وحدات حماية الشعب”، على ذمة التحقيق، ولقيامهم وفق الزعم التركيّ بتنفيذ 11 عملية تفجير. وأشارت المواقع التابعة للاحتلال إلى ما وصفته بـ”استكمال عملية استجواب المتهمين الـسبعة الموقوفين”، وأنّه من “المقرر أن تشرف محكمة عفرين على قضية من وصفتهم بـ(الإرهابيين) بتهمة إصابة 9 مدنيين في عمليات حرق سيارات و11 تفجيراً”.
وفي 21/6/2020 تداولت وسائل إعلام دولة الاحتلال خبر اعتقال العائلة وزعموا أنّه تم ضبط خلية تعمل لصالح الإدارة الذاتيّة، واستندوا إلى بطاقة ذاكرة للهاتف المحمول. ولم تقدم السلطات الأمنيّة التركيّة أي دليل يثبت الاتهام، كما لم تكشف عن ماهية المقطع المصور الذي ادعوا وجوده في بطاقة الهاتف.
وفاة الأم حرقاً في ظروف غامضة بعد الإفراج عنها
في 23/12/2021 عثر أهالي قرية روتا على جثمان المواطنة الكردية زينب عبدو، متوفية حرقاَ نتيجة اندلاع النار قرب موقد للنيران في منزلها في ظروف غامضة، ولم تعرف ظروف اندلاع النار فيما إذا كانت متعمدة سواء من قبلها أو آخرين أم نتيجة حادث.
أفرج عن المواطنة “زينب” من قسم النساء في سجن ماراتهِ- عفرين، بسبب مرضٍ عضال أصابها أواسط يوليو/ تموز 2021، وكانت تقيم لوحدها في منزل قديم “خرابة” في قريتها بسبب استيلاء ميليشيا “الجبهة الشامية” على منازل أفراد عائلتها واعتقالهم بما فيهم الأطفال، وكانت تعاني من أمراض نفسيّة وعصبية جراء تعرضها للتعذيب النفسيّ والجسديّ خلال احتجازها، إلى أن عُثر عليها متوفية حرقاً في منزلها.
زليخة زوجة جانكبن مشرّدة في عفرين
بتاريخ 13 نوفمبر2021 رصدت “عفرين بوست” امرأة كردية مشرّدة تتجول في أزقة حي الأشرفية نهاراً وما أن يحل المساء تعود إلى سطح أحد البنايات السكنية في محيط حديقة الأشرفية لتتكور على نفسها بصمت. كانت تنبش في الحاويات وأكياس القمامة علها تجد ما يسد رمقها، دون تمييز ما تأكله من بقايا الطعام بسبب فقدانها لعقلها. ولدى السؤال عنها من سكان الحي، قالوا: “إنها على هذه الحالة منذ أشهر، وتبيت على مقربة من منزلها الذي استولى عليه عنصر من الشرطة العسكريّة”.
وبعد التقصي والبحث تبين لـ “عفرين بوست” أنها المواطنة الكردية، زليخة وليد عمر، (30 سنة)، من أهالي قرية روتا –ناحية موباتا/ معبطلي، وهي زوجة المواطن الكردي جانكين عثمان نعسان، وكان لديهما طفلة.
تأكدت “عفرين بوست” أن السيدة زليخة كانت تعاني من مرض الصرع قبل اعتقالها، وهو الأمر الذي لم يمنع الميليشيات الإخوانية من توجيه تهمة تنفيذ التفجيرات في مدينة عفرين إليها وزجها في السجن ما أدى لتفاقم وضعها الصحي حتى فقدت عقلها بسبب التعذيب والظروف القاسيةـ. وأُطلق سراحها أواسط أغسطس/ آب 2021م بعدما فقدت عقلها، فتشرَّدت دون مأوى ومعيل وفي حالةٍ يرثى لها.
موقع “زمان الوصل” التابع للإخوان المسلمين نشر مقطعاً مصوراً للمواطنة الكردية زليخة، تظهر فيه متكورة على سطح بناية، وتبدو عليها معالم الأسى والمرض، وفي تزييف واضح للوقائع ادعى الموقع المذكور أنّ زوجها أخذ طفلها وتخلى عنها، ففقدت الذاكرة وتحولت إلى مشردة تأكل النفايات! ولم تشر إلى أنّها كانت معتقلة مع زوجها وعائلته، وأنّ الاعتقال كان سبب مأساتها!
مصير بقية العائلة مجهول
لا تتوفر أيّ أدلة دامغة لاعتقال العائلة الكرديّة، وبالتالي فالعائلة محتجزة على ذمة اتهامٍ لم يثبت، ووفق المقتضى القانونيّ فالمتهم بريء حتى تثبت إدانته، ورغم ذلك عوملت العائلة بمنتهى القسوة والعنف ما تسبب بمآسٍ كبيرة على أفرادها، فتوفي أحد الأبناء نتيجة التعذيب وظروف الاحتجاز، ومرضت والدته الأم وتوفيت حرقاً وتشردت زوجته، فيما لم يتضح مصير بقية أفراد العائلة والده عثمان، وشقيقاه شيار، محمد، وجيلان زوجة محمد جيلان، كما لم يعرف مصير الطفلين، إضافة إلى الاستيلاء على منازل العائلة.
حاولت سلطات الاحتلال إلصاق عدد كبيرٍ من التفجيرات بالعائلة، لتغطي على مرتكبيها الحقيقيين، إلا أنّ التفجيرات استمرت ووقع المزيد منها ليس في عفرين وحسب بل في كل المناطق الخاضعة للاحتلال التركيّ، علماً أنّ مرتكبي مجزرة جنديرس في 20/3/2023، والتي استوفت كلّ الأدلة الدامغة والبراهين، لم تتم معاملتهم بأدنى درجة من القسوة ولم تشدد إجراءات احتجازهم!