عفرين بوست ــ متابعات
نشر موقع “ليلون” يوم الجمعة 21/11/2024، تقريراً بعنوان “حصاد المرّ ــ معاناة الأهالي تحت وطأة الإتاوات في عفرين“، رصد الانتهاكات التي وقعت خلال موسم الزيتون الحالي من إتاوات مجحفة وسرقات.
وذكر التقرير أنّ الأهالي والسكان المحليون يواجهون تحديات متزايدة، تتضمن فرض إتاوات وحملة اعتقالات تطال مدنيين كثر ممن يعجزون عن دفع المبالغ التي تفوق قدرتهم.
“بدأ الأهالي بجني الزيتون أواسط شهر أيلول/سبتمبر الماضي، خشية تعرضه للسرقة في ظل عدم قدرتهم على تقديم الشكوى ضد الفاعلين أو المشتبهين”.
خرائط GPS للحقول
نقل التقرير عن مصادره في قرىً تابعة لناحية جنديرس، منها “كازه – صاتيا – كفردلي فوقاني وتحتاني”، أنّ مسلحي ميليشيا “الحمزات” منعوا الأهالي من جني زيتون من حقول الأهالي المغتربين والمقيمين خارج المنطقة.
ونقلت عن المواطنة سارة المحمد (اسم مستعار) إجبارها على البصم من قبل الميليشيات لتتنازل عن موسم الزيتون العائد لأقربائها، وأفادت بأنّه تم استدعاؤها من قبل مسلحي ميليشيا “الحمزات” إلى مقرّ بقرية معراته وأبلغوها بأنه يمنع عليها جني زيتون لأيتام شقيق زوجها المقيمين في مدينة حلب بقصد الدراسة، رغم حصولها على وكالة رسميّة تسمح لي بالتصرف الكامل من قبل أرملة شقيق زوجي.
وتابعت سارة: “وضعوا أمامي حاسوباً وأخبروني عن المواقع التي يمنع عليَّ جني الزيتون والتي تضمنت أرض شقيق زوجي بصورة دقيقة عبر الـGPS”.
بدأ الأهالي بجني الزيتون أواسط شهر أيلول/سبتمبر الماضي، خلافاً لموعده المعتاد الذي يبدأ بحلول شهر تشرين الثاني/نوفمبر، مع اكتمال نضج ثمار الزيتون، خشية تعرضه للسرقة في ظل عدم قدرتهم على تقديم الشكوى ضد الفاعلين أو المشتبهين.
اعتداء على مواطنين
وأورد التقرير إفادة للمواطن يوسف محمد (اسم مستعار): تعرض مواطن من أهالي قرية سناره للضرب المبرح من قبل مسلحي ميليشيا “سليمان شاه/ العمشات” لعدم قدرته على دفع مبلغ الإتاوة الذي فرضته الميليشيا عليه، وضرب آخر بالخرطوم على وجهه وسط القرية لعجزه عن دفع مبلغ الإتاوة في قرية سناره.
وشهدت قرية كمروك بناحية موباتو/معبطلي انتهاكاً ملحوظاً في الآونة الأخيرة، بعد سيطرة ميليشيا “سليمان شاه/ العمشات” عليها، بعد طرد ميليشيا “صقور الشمال” التي كانت مسيطرة على القرية سابقاً. وفرض المدعوان “مالك الجاسم” و“سيف الجاسم” وهما شقيقا متزعم الميليشيا المدعو “محمد الجاسم”، إتاوة مقدارها 250 ألف دولار على أهالي قرية كمروك، إضافة لفرض إتاوة تقدر بألف دولار على كل من يملك آلية (دراجة نارية، جرار زراعيّ، سيارة).
ومن بين العوائل التي أجبرت على دفع الضرائب عائلتا حج كسكو عدنان التي دفعت مبلغ 3 آلاف دولار وعائلة فوزي والتي دفعت 5 آلاف دولار.
وفرضت ميليشيا “العمشات” إتاوات على موسم الزيتون، مقدارها 8 دولارات عن كل شجرة زيتون، ونسبة 50% من الموسم على أصحاب الوكالات عن الحقول التي يقيم مالكوها خارج القرية و14% على المقيمين في القرية.
ونقل تقرير “ليلون” عن مصادر من داخل القرية، أنّ الأهالي يتعرضون للتضييق عقب سيطرة ميليشيا “العمشات” على قريتهم، وأوضح بعض من تمت مقابلتهم رغبتهم بالخروج من القرية.
في قرية كوكان بناحية موباتو/معبطلي، فرضت ميليشيا “الحمزات” إتاوة مقدارها دولارين، عن كل شجرة زيتون، ونسبة 50% على حقول الوكالات ممن يقيم مالكوها خارج المنطقة، ويديرها أقرباؤهم، ونسبة 10% على حقول الباقين في القرية.
في قرى چقلا الثلاث (فوقاني – الوسطى – تحتاني)، فرضت ميليشيا “سليمان شاه/ العمشات” إتاوة مقدارها 25 دولاراً عن كل شجرة زيتون، وفي قرى مثل آلكانا وخليل وحاج بلال بناحية شيه/شيخ الحديد، فُرضت إتاوة مقدارها 30 دولاراً عن كل شجرة زيتون من حقول المقيمين خارج عفرين، ومبلغ 8 دولارات عن كل شجرة زيتون للأهالي المقيمين في القرية.
مصادر ليلون الخاصة في قرى چقلا الثلاث، ممن تمت مقابلتهم ليلون، أفادوا بقيام مختار قرية چقلا تحتاني المدعو “رفعت باجو” ومختار قرية چقلا فوقاني المدعو “توفير” وبالتنسيق مع المدعو سيف الدين الجاسم شقيق محمد الجاسم (أبو عمشة) على تسليم نسبة 30% من زيت الزيتون للمدعو سيف الدين جاسم، مقابل إجباره أهالي قرى چقلا على أخذ زيتونهم إلى معصرة المختارين رفعت وتوفير، لتقيم الميليشيا حاجزاً تحت قرى چقلا الثلاث ويُجبر الأهالي على أخذ زيتونهم إلى تلك المعصرة.
رفض نصف الموسم وتهديد بقطع الشجر
وفي إفادة للمواطنة ثريا الأحمد (اسم مستعار) ذكرت حادثة تعرضت لها مواطنة من قرية چقلا من قبل مسلحين من ميليشيا “السلطان سليمان شاه”، وقالت: “اعتدنا هذه الحوادث مع قرب محاصيل الزيتون في قرانا، فرضت ميليشيا “العمشات” على امرأة مسنة من قرية چقلا دفع مبلغ 1دولار عن كلّ تنكة زيت يتم استخراجها من المعصرة أو يتم إدخالها أو إخراجها من القرية بتاريخ 9 تشرين الثاني/نوفمبر الحالي، فاقترحت المرأة بأن يتم تسليم الأراضي للميليشيا ويقسّم الموسم النصف، لترفض الميليشيا وتهددها بقطع أشجارها ومنعها من المجيء إلى القرية”.
ونقلت “ليلون” عن شهود في قرية كوره بناحية راجو، إجبار ميليشيا “جيش الشرقية” أهالي القرية على عصر الزيتون في معصرة مستولى عليها.
سرقة من الحقول
تداولت وسائل التواصل الاجتماعي مقطعاً مصوراً يظهر قيام بعض المستوطنين بجني الزيتون في حقلٍ عشوائياً، وتعود ملكية الحقل للمواطن “يشار عبدو” من قرية كازه بناحية جنديرس.
وروت المواطنة مريم منلا (اسم مستعار) حادثة مشابهة، عن حادثة سرقة تعرضوا لها: “تقوم مجموعة مؤلفة من 15 امرأة من نساء وفتيات من المستوطنين في جنديرس بين الحين والآخر بسرقة زيتون الأهالي، واكتشفنا لاحقاً أنّ حقلنا تعرض للسرقة من قبل تلك المجموعة، ولم نستطع رفع أيّة شكاوى لندفع عن أنفسنا شرهن”.
وتابعت: “قمنا بعد الحادثة بتعيين حارس شخصيّ من المستوطنين لحراسة حقولنا الزراعية التي تقع في قرى محيطة بمركز المدينة، وقد تشاجرت المستوطنات معه مرة، وهددته إحداهن بأنّها ستتهمه باغتصابها ما لم يسمح لهن بسرقة الزيتون، ورد بأنّه لا يخشى شيئا ولن يسمح لها بسرقة الزيتون من غير حق، لتتركه وشأنه”.
مزيدٌ من الإتاوات
وفي ناحية شيروا، تخضع بعض القرى لسيطرة ما يعرف باسم “القوة المشتركة” (تحالف العمشات والحمزات) فرضت مقدارها 1.5 – 2دولار عن كل شجرة ضمن نطاق سيطرتها.
وحسب مصادر ليلون الخاصة يعاني الأهالي المارون من أراضيهم الواقعة على الطريق المؤدي بين ناحية راجو وقرية كتخ الواقعة على مقربة من حاجز لميليشيات “جيش الشرقية والحمزات”، وتفرض إتاوات متفاوتة على جميع المارين.
ورصدت ليلون توزع قيادات ميليشيا “السلطان مراد” في ناحيتي بلبل وشران، إذ تخضع قرى ناحية بلبل وبعض قرى ناحية شران لسيطرة ميليشيا “السلطان مراد” بقيادة كل من المدعو “أبو وليد العزه” والمدعو “حنش” وثالث يدعى “شيخ” ينحدر من غوطة دمشق. يتقاسم المتزعمون قياديون فيما بينهم قرىً من ناحية شران وناحية بلبل، حيث يسيطر المدعو شيخ على 15 قرية في ناحية شران من أصل 57 قرية، ويسيطر كل من أبو وليد وحنش على الأجزاء البقية.
وفرض المدعوان “أبو وليد وحنش”، إتاوة قدرها 2 – 3دولار عن كل شجرة ونسبة 50% من أملاك المقيمين خارج المنطقة، و30% بالنسبة للأهالي الباقين في المنطقة، فيما فرض المدعو “شيخ”، إتاوة مقدارها دولاران عن كلّ شجرة وبنسبة 30% للمغتربين والمقيمين على حد سواء في القرى الخاضعة لسيطرته في ناحية شران.
وفي قرية شيتكا بناحية موباتو/معبطلي، فرضت ميليشيا “سليمان شاه” على أملاك المغتربين والمقيمين خارج المنطقة إتاوة مقدارها 8 دولارات عن كلّ شجرة زيتون، وحسب مصادر “ليلون” الخاصة، استولت الميليشيا على نحو ألف شوال زيتون للأهالي المقيمين خارج المنطقة في قرية سيمالكه بناحية موباتو، ويؤخذ شوال من كل عشر شوالات لكل عائلة مقيمة في القرية.
“تتعرض مناطق سيطرة ميليشيا “سليمان شاه/ العمشات” لانتهاكات واسعة بزيادةٍ ملحوظة عن غيرها من المناطق الخاضعة لسيطرة ميليشيات “الجيش الوطني” في عفرين”
هروب مواطن
وأفاد المواطن رياض الأحمد (اسم مستعار) بهروب مواطن إلى حلب لعجزه عن دفع الإتاوة لميليشيا “سليمان شاه /العمشات”: “فرض على مواطن من قريتنا سناره إتاوة كبيرة مقدارها 16 ــ 17 ألف دولار، ليُجبر على عرض سيارته وجراره الزراعيّ للبيع في مكتب عقاريّ لتأمين مبلغ الإتاوة، إلا أن المبلغ غير كافٍ لدفع الإتاوة المطلوبة كاملةً، ما دفع بع للتوجه إلى حلب سراً”.
وأضاف الأحمد: “أصدر “العمشات” قراراً يقضي بعدم تسليم الأهالي تنكات الزيت من المعصرة حتى بعد دفع الإتاوة، ليسمح لهم باستخراج الزيت بعد تواصل بين مختار القرى والميليشيا عن كل شخصٍ يأتي لاستلام زيته “.
فرض المدعو “أبو تيماء المتزعم في ميليشيا “أحرار الشرقية” إتاوة مقدارها 3 – 6دولارات عن كل شجرة في ناحية راجو، وتم الضغط على الأهالي لتقديم سندات تمليك رسميّة لأملاكهم تستخرج من مدينة حلب وتُحضر للمكتب الاقتصادي في الناحية.
وحسب المصادر والشهود ممن قابلهم الباحثون/ات والتقارير التي أصدرها قسم الرصد والتوثيق في ليلون، تتعرض مناطق سيطرة ميليشيا “سليمان شاه/ العمشات” لانتهاكات واسعة بزيادةٍ ملحوظة عن غيرها من المناطق الخاضعة لسيطرة ميليشيات “الجيش الوطني” في عفرين.
رأي وتحليل قانوني
تشكل الممارسات الموثقة في هذا التقرير انتهاكات جسيمة للقانون الدوليّ الإنساني والقانون الدولي لحقوق الإنسان، وتندرج تحت عدة أطر قانونية:
أولاً: وفقاً للمادة 147 من اتفاقية جنيف الرابعة لعام 1949 والمتعلقة بحماية المدنيين وقت الحرب، تعتبر الممارسات الموثقة في المناطق الخاضعة لسيطرة الميليشيات المسلحة المدعومة من تركيا “مخالفات جسيمة” للاتفاقية، وتتضمن: المعاملة اللاإنسانية للمدنيين، تعمدُ إحداث معاناة شديدة، الحجز غير المشروع، أخذ الأموال والممتلكات بصورة غير مشروعة وعلى نطاق كبير.
ثانياً: تنتهك هذه الممارسات المادة 33 من اتفاقية جنيف الرابعة التي تحظر: العقوبات الجماعية، تدابير التهديد والإرهاب، السلب، الاقتصاص من الأشخاص المحميين وممتلكاتهم.
ثالثاً: تتحمل تركيا، بصفتها القوة المسيطرة فعلياً على المنطقة، مسؤولية قانونية عن:
– حماية المدنيين في المناطق الخاضعة لسيطرتها
– ضمان احترام القانون الدولي الإنساني
– منع الانتهاكات من قبل الجماعات المسلحة التابعة لها
– محاسبة مرتكبي الانتهاكات.
رابعاً: تنتهك هذه الممارسات القانون الدولي لحقوق الإنسان، وخاصة:
– الحق في الملكية الخاصة
– الحق في العمل وكسب العيش
– الحق في الأمن والسلامة الشخصية
– الحق في المساواة وعدم التمييز
وعليه، فإن هذه الممارسات تستوجب:
1. تحقيقاً دولياً مستقلاً في الانتهاكات الموثقة
2. محاسبة المسؤولين عن هذه الانتهاكات
3. تعويض الضحايا عن الأضرار المادية والمعنوية
4. وضع آليات رقابة فعالة لمنع تكرار هذه الانتهاكات
5. إلزام تركيا بمسؤولياتها القانونية كقوة احتلال مُسيطرة فعلياً