نوفمبر 14. 2024

أخبار

ما وراء زيارة عبد الحكيم بشار إلى عفرين المحتلة في هذا التوقيت !

عفرين بوست ــ متابعة

تثير زيارة عبد الحكيم بشار الأولى إلى عفرين بعدما دخل الاحتلال التركي للمنطقة العام السادس، العديد من الأسئلة، حول أهدافها وتوقيتها.

مبدئياً عبد الحكيم بشار هو نائب رئيس الائتلاف المعارض في إسطنبول، وهو المظلة السياسية لكل الميليشيات المسلحة التي ترتكب الانتهاكات وأعمال القتل والسرقات والنهب والاختطاف وتفرض الإتاوات في عفرين، والائتلاف شريك مباشر في كلّ الانتهاكات في عفرين، وهو عضو المكتب السياسيّ للحزب الديمقراطيّ الكوردستاني – سوريا والعمود الفقري للمجلس الوطنيّ الكردي (أنكسة).

زيارة بشار محسوبة على الائتلاف وليست في الواقع تمثيلاً كرديّاً، رغم أن البعض يحاول إلباس رداءً كرديّاً، لأن سلطات الاحتلال ترفض ذلك تماماً، ولم تشفع للحكيم علاقته الوثيقة مع أنقرة ليفتح مكتباً لحزبه أو المجلس الوطنيّ الكرديّ في عفرين المحتلة.    

عبد الحكيم بشار هو أحد أهم الشخصيات التي كانت وما تزال تبارك الاحتلال التركيّ وتبرره، وفي تصريحاته كلها يتعامى عن حجم الانتهاكات بحق أهالي عفرين، ووصفها بأنها مبالغ فيها، ويتماهى في مزاعم أنقرة والميليشيات المسلحة بوصف آلاف الانتهاكات الموثقة بتقارير منظمات حقوقيّة ودوليّة ووسائل إعلاميّة، بأنها سلوكيات فرديّة. 

توقيت الزيارة

بالتزامن مع زيارة عبد الحكيم بشار إلى مدينة عفرين اكتسحت صفحات التواصل الاجتماعيّ صور اجتماع عقده في مقر جمعية البرزاني بمدينة عفرين، وكذلك منشورات مختلفة حول تقييم الزيارة، واختلفوا ما بين مباركة أنصاره وقالوا إنها خطوة مباركة وميدانيّة تبعث على الأمل، وآخرين انتقدوا الزيارة بشدةٍ. ولكن الاهتمام الإعلاميّ التجميليّ يؤكد وجود مسعىً للترويجِ لأهمية الزيارة، وإعطائها بعداً كرديّاً، بأنها زيارة دعم ومساندة دون الخوض في أهدافها.

الحديث عن التوقيت الحساس للزيارة سطحيّ جداً، وفق المعايير الكرديّة، بل هي متأخرة جداً، إذ من المفترض حضور أعضاء المجلس الوطنيّ الكرديّ إلى عفرين الكرديّة منذ احتلالها، وذلك للحفاظ على هويتها الكرديّة، واليوم بعد سنوات من الاحتلال وسياسة التتريك والتعريب والأسلمة، فقدت عفرين هويتها الأصيلة، في ظل سيطرة ميليشيات مسلحة لا ينتمي متزعموها ولا مسلحوها إلى عفرين، والاحتلال بات كامل التوصيفِ.

الواقع أنّ الزيارة جاءت وفق التوقيت التركيّ، وبأوامر تركيّة، بعد سنوات من الاحتلال وسلسلة طويلة حافلة بالانتهاكات، وأنقرة بحاجة لطرفٍ كرديّ يحضر شكليّاً لشرعنة الاحتلالِ، وبخاصة مسؤول من حزب سياسيّ كرديّ. وتوقيت الزيارة يتعلق مباشرة بأهدافها.

أهداف الزيارة المتوقعة

في لقاء أجرته قناة رووادو مع سكرتير الحزب الديمقراطي الكردستاني محمد إسماعيل، مساء 12 أغسطس 2023، قال “لقد اتخذنا القرار بافتتاح مكتب للمجلس الوطنيّ الكرديّ (أنكسة) في عفرين وعملنا على إيجاد الأرضيّة لذلك، وبعد الزلزال (6 فبراير الماضي)، وصلت جمعية البرزاني الخيرية إلى عفرين، وكان هناك انتعاش للأمل بين أهلنا هناك، وقلنا لنفتح مكتبنا هناك”.

وتابع “جرت الاتصالات مع الائتلاف وهو يقبل بذلك، إلا أن الائتلاف لا صلاحية لديه لإلزام الفصائل المسلحة، كما أن للدولة التركيّة دورٌ في ذلك. وحتى الآن يجري رفاقنا مباحثاتنا في هذا الصدد، وسنرسل رفاقنا لاستكشاف الوضع هناك، ونبحث عن فرصة لافتتاح مكتب، وحتى الآن لم يتم افتتاح مكتب لحزبنا (الحزب الديمقراطي الكردستاني ــ سوريا)، ولا للمجلس الوطنيّ الكرديّ في عفرين”.

وبذلك فإنّ حديث إسماعيل كان مقدمة لزيارة الحكيم إلى عفرين ممثلاً للائتلاف والمجلس الوطنيّ الكرديّ. ورفع الفيتو التركيّ عن افتتاح المكتب.

المسألة تنبع من إدراك أنقرة لأهمية وجود طرفٍ كرديّ في عفرين المحتلة، بعد سلسلة من الحوادث، لتظهر صورة إعلاميّة أنّه لا تغييب للكرد في عفرين، وبخاصة بعد المظاهرات الاحتجاجيّة التي دعت إلى خروج الميليشيات المسلحة من المدن على خلفية مجزرة نوروز 2023 واستشهاد أربعة مواطنين كرد من عائلة بيشمرك الكردية. وإصرار عائلة الشهداء على متابعة إجراءات المحاكمة وعدم الرضوخ للتهديدات أو القبول بتسوية. أي أنّ أنقرة تحتاج صوتاً كردياً لصالحها على مبدأ “وشهد شاهدٌ من أهله”.

من المرجح أنّ زيارة الحكيم ستتضمن شكلاً من الوساطة، لإنهاء هذه القضية، التي تفاعلت بقوةٍ، وأحرجت سلطات الاحتلال التركيّ التي لم تستطع إخفاءها. ولعل الحكيم يسعى لمنع خروج مظاهرات احتجاجيّة بحجم انتفاضة بذريعة القبول بالأمر الواقع.

كما تأتي الزيارة مع تسعير في مشاريع الاستيطان التي اكتسحت مناطق عفرين، والحكيم من مؤيدي إسكان المستوطنين في عفرين تماهياً مع الأجندة التركيّة وكذلك الائتلاف الذي يمثله.

زيارة عبد الحكيم دون “ربطة عنق” إلى عفرين المحتلة، لها دلالات، وتقييم الزيارة الصحيح يتصل مباشرة بإمكانية طرحه القضايا المتعلقة بمعاناة الأهالي ومسائل الانتهاكات عمليات الاختطاف وانتزاع الملكيات بالقوة، فهل سيطرحها أم سيكون شاهد زور لصالح سلطات الاحتلال؟

مقالات ذات صله

Show Buttons
Hide Buttons