انتقد أحد المواطنين الكُرد في عفرين التجاوزات وانتهاكات الاحتلال التركي ومسلحيها من المليشيات الإسلامية المعروفة بـ (الجيش الحر، الجيش الوطني) وغيرها من المليشيات التي تحتل إقليم عفرين الكردي التابع للإدارة الذاتية سابقاً، ومنها تعامل موظفي الاحتلال والمسلحين ضمن مراكز استصدار البطاقات التعريفية الإجبارية.
وقال المواطن (بيمان\اسم مستعار لضرورات امنية) في حديثه لـ “عفرين بوست“: “عفرين الإقليم الذي احتل من قبل فصائل همجية لا تعرف الرحمة، تعاني اليوم من اشد انواع الظلم والقهر فباتت الحياة ضمن المنطقة شبه مستحيلة بسبب الوحشية التي يستخدمها المحتل ضمن المنطقة بحق الشعب الكُردي”.
مضيفاً: “بعد تجربة المحتل لجميع وسائل التغيير الديمغرافي في المنطقة، وخسارته في جميع تلك المحاولات، أصبح كالثور الهائج والان يلجأ لطمس الهوية السورية واعادة توزيع الهويات التركية، والهوية تلك تتضمن علمً المليشيات المسلحة التابعة للاحتلال التركي”.
وينوه بيمان أن “الهدف من هذه البطاقات هو سلب الاموال من الشعب الاعزل الذي لا حول له ولا قوة، فكل شخص مجبورٌ على دفع 500 ليرة سورية لإخراج الهوية التي اجبر عليها الأهالي، اذ تقدر الضريبة بالملايين إن ما أحصينا عدد السكان، والدليل على ذلك انه حتى الاطفال الذين عمرهم يوم واحد، عليهم اخراج الهوية، فما حاجة هذا الطفل لهذه الهوية؟”.
ويردف بيمان: “الهدف الأول هي الأموال، ومن جهة اذلال الشعب، فلا يوجد في قواميسهم احترام الكبير او مراعات الصغير، كل الشعب يجب ان يذل على عتبات دوائرهم لإنهاء الاوراق اللازمة”.
وحول المسلحين الموجودين في تلك الدوائر بذريعة الحماية، قال بيمان: “هنالك ممرٌ طويل يعج بالناس، عليهم الوقوف من اول شروق الشمس لغروبها، كي يتمكنوا من انهاء تسجيل الهوية او العودة في يومٍ التالي، وطبعاً المجموعات المسلحة تقوم بالذهاب والاياب بين الأهالي، والسخرية واحدة من مهامهم الرئيسية”.
متابعاً: “كما انهم يدققون في جميع الاسماء ويتحققون في وجودها في قاعدة بيانات اسماء المطلوبين أو ما يعرف بـ (الفيش)”.
وتأتي عملية إجبار السكان الأصليين الكُرد على استصدار بطاقات تعريفية صادرة عن مجالس الاحتلال، في سياق جهوده لترسيخ الاستيطان والمساواة بين المستوطنين والسكان الأصليين الكُرد في إقليم عفرين الكردي التابع للإدارة الذاتية سابقاً، والتي من شأنها منح المستوطنين حق التصويت في أي استفتاء يبدو أن الاحتلال التركي يُخطط له.
ويُجبر السكان الكُرد على استصدارها، تحت التهديد بمنع من لا يحملها من التنقل بين عفرين واريافها، وهي حيلة جديدة عقب ما كان يلجئ له سابقاً، من إجبار السكان الكُرد على استصدار ورقة من مجلسه المحلي، تمنح حاملها امكانية التنقل بين مركز عفرين والقرية الذي ينتمي له المواطن لمدة شهر، مع وجوب تجديدها بشكل دوري، عقب المرور على عدة مكاتب من بينها مكتب أمني، وهو اشبه بفرع مخابراتي تابع للمليشيات الإسلامية.
وقال مراسل “عفرين بوست” في مركز إقليم عفرين، إن مجالس الاحتلال في كل ناحية ارسلت باصات مُخصصة لنقل الاهالي بشكل دوري من كل قرية تابعة لكل ناحية، ليتم تنظيم بطاقات تعريفية لكل المواطنين الكُرد، إضافة إلى المستوطنين الذين يستولون على منازل المُهجرين قسراً من أهالي عفرين الأصليين.
ونوه المراسل أن عملية استصدار البطاقة تشمل جميع الاعمار من عمر السنة إلى المسنين، ويختلف المبلغ الذي تتقاضاه مجالس الاحتلال لقاء استصدار البطاقة، حيث يتقاضى مجلس الاحتلال في مركز عفرين مبلغ 500 ليرة عن كل فرد، فيما يتقاضى مجلس الاحتلال في شيه\شيخ الحديد مبلغ 700 ليرة، مرجحاً أن يكون الاختلاف في التكاليف عائداً لاختلاسات قد تجنيه المليشيات لصالحها بالاتفاق مع مجالس الاحتلال.
ويشير إجبار الاحتلال التركي للسكان الأصليين الكُرد على استصدار بطاقاته التعريفية الجديدة مثلهم مثل المستوطنين، إلى مساعيه للمساواة بينهم، ما من شأنه أن يمنح المستوطنين مستقبلاً، الشرعية للتصويت في أي انتخابات او استفتاءات وهمية قد يسعى الاحتلال الى اجراءها، لسن تشريعات تمنح المستوطنين ميزات في الإقليم الكردي، أو حتى تنظيم استفتاء لضم الإقليم إلى تركيا، كما حصل سابقاً في لواء الاسكندرون، القرن الماضي.
وفي حين سيرفض السكان الكُرد الأصليون في عفرين أي انضمام لتركيا في حال لو قام الاحتلال بإجراء استفتاء على ذلك، سيقبل بلا شك المستوطنون المُتشكلون من عوائل مسلحي المليشيات الإسلامية المعروفة بولائها في المجمل لجماعة “الإخوان المسلمين”، الانضمام إلى تركيا.
وكانت أصدرت ما تسمى “جماعة الاخوان المسلمين في سوريا” (وهي جزء من تنظيم عالمي مصنف على لوائح الإرهاب في العديد من البلدان العربية والغربية)، بياناً يوم الخميس\الثامن والعشرين من فبراير، دعا دون مواربة او حياء، الاحتلال التركي لاقتطاع الأراضي السورية تحت مسمى “المنطقة الآمنة”!
ومن المعلوم ان جماعة الإخوان تعتبر المنظر الفكري والمنبع الروحي لغالبية مسلحي المليشيات الإسلامية التابعة للاحتلال التركي، والتي تحمل مسميات عديدة كـ (الجيش الحر، الجيش الوطني، جبهة النصرة) وغيرها، في حين تتكفل قطر، بتمويل الجماعة واحتضان رموزها وعلى رأسهم المدعو “يوسف قرضاوي” وآخرين من المروجين للعثمانية الجديدة التي ينادي بها رئيس النظام التركي “اردوغان”.
كما يهدف الاحتلال التركي من خلال منح المستوطنين بطاقات تعريفية تثبت انهم يقطنون في الإقليم، إلى تمييع الانتماء الأصيل الى عفرين، ما سيعني عدم المقدرة على التمييز لاحقاً بين السكان الأصليين من الإقليم الكُردي، أو المستوطنين الذين استجلبهم الاحتلال لإحداث التغيير الديموغرافي.