ديسمبر 26. 2024

دماء الشهداء.. المُهجرون.. والصامدون في الداخل.. يناشدون “قسد” لـ تحرير عفرين

عفرين بوستخاص

بقطعيه الصغير المؤلف من قرابة 40 راساً من الأغنام، يتوجه “أبو ولات\خمسون عاماً” إلى مراعي إحدى قرى ناحية شيراوا التي لم يطالها الاحتلال، ليرعى بها اغنامه بعد أن هُجر من مراعي قريته بناحية شرا\شران، لينعم بها المستوطنون، فهو الآن مُهجر قسراً حاله كحال مئات آلاف العفرينيين، ممن هجروا من إقليمهم بشكل قسري، آذار العام 2018.

لا يريد “أبو ولات” التوجه إلى حلب، فالطريق النظامي لا يزال مغلقاً في وجههم من قبل النظام السوري، الذي منع العفرينيين منذ احتلالها آذار العام 2018، من التوجه إلى حلب، رغم امتلاك غالبيتهم منازل ودور فيها، فهو (أبو ولات) مصر على أن العودة إلى عفرين “قريبة”.

“أبو ولات” ليس وحده من يفكر بذلك، الآلاف غيره من المُهجرين العفريين في شيراوا، يفضلون الانتظار على مَقربة كلومترات قليلة من قراهم، رغم أنهم ممنوعون من العودة إليها، على التوجه إلى مكان آخر.

يقول “أبو ولات” لـ “عفرين بوست“: “لقد كانت حياتنا في عفرين على مدار ثمان سنوات من وجود وحدات حماية الشعب كريمة للغاية، ليس لنا ذنب أن كان العشرات يعارضون الإدارة الذاتية، أي منطق لهم، لقد هدموا بيوتنا، فقط كيلا يتنازلوا لأخيهم الكُردي، رغم أنهم لا شيء امام العدو، ومستعدون للتنازل عن كل شيء له، انظروا للحال في عفرين، اين بياناتهم التي صدعوا بها رؤوسنا عن المعتقلين، لماذا لم تعد تصدر”.

ويضيف “أبو ولات”: “لا اريد الادعاء بأننا كنا نحيا في بلد مثالي، لكن بكل الحالات كانوا أبنائنا، وكان من الممكن التفاهم معهم بأي أسلوب، لدي شاب عمره 20 عام، عارضت في بادئ الامر أن يتم تجنيده، ربما كانت تلك المشكلة الوحيدة التي جعلتني اشعر بالضيق من الإدارة الذاتية حينها، لكن ابني قد أنهى خدمته والحمد لله، وهو الآن إلى جانبي هنا، ولا أريد ارساله إلى أي مكان، فرغم أننا شبه مسجونون، لكننا آمنون”.

ويتابع “أبو ولات” لـ “عفرين بوست“: “انظر ماذا يفعلون بالأهالي في عفرين اليوم، الخطف والسرقة والابتزاز والفدى والاستيلاء، أمور لم يتعرف عليها العفرينيون إلا عقب احتلالها، في السابق، كانت الحياة آمنة هادئة، الاعمال تتوسع والصناعة تتطور والخدمات نحو الأفضل، رغم الحصار الذي كنا نعانيه من طرف اعزاز ودارة عزة وتركيا”.

ويردف “أبو ولات” بالقول: “نريد من قسد أن تحرر عفرين، لا امل آخر لدينا”، مؤكداً: “سوف استمر برعاية اغنامي هنا، وسأنتظر متكئاً على عكازي، لا اريد ان اغادر شيراوا، سأبقى حتى تعود عفرين، ولدي إحساس أن عودتها قريبة”، ليبتسم بينما عيناه ترنوان نحو عفرين “قولوا آمين”.

اما الشاب “جوان\ست وعشرين عام”، فقد تزوج قبل الغزو التركي على عفرين بعدة شهور، وهو مُهجر حالياً مع عائلته في بلدة فافين بالشهباء، ورغم أنه لا يملك عملاً، إلا أنه يؤكد بانه سيبقى هناك حتى تعود عفرين لأهلها.

اعتمد “جوان” على مدار أشهر على مساعدات مالية قدمها له اخوته المغتربون في المانيا، لكنه يبحث حالياً عن عمل، ويقول حول ذلك: “لم نعتقد أن احتلال عفرين سيستمر كل هذا الوقت، كنا على امل ان تتحرر عفرين قبل موسم الزيتون، لكن ذلك لم يحدث للأسف، لقد جنى المستوطنون مواسمنا، أكثر من 700 شجرة زيتون في بلبلة، الله كبير، انا على يقين بأن الظلم لن يدوم”.

فيما يقول والده “أبو جوان\ثمان وخمسين عام”، لـ “عفرين بوست“: “هذه ابني الوحيد المتبقي لي هنا، لي شابان في المانيا، هم من ساعدونا خلال هذه الأشهر على تأمين مصاريف الحياة، المغتربون في العموم دعموا ذويهم، بارك الله بهم”.

جوان وأبو جوان وآلاف العوائل الكُردية العفرينية المُهجرة في الشهباء، باقية هناك على امل تحرير عفرين قريباً، حيث يقول “أبو جوان” ان تحرير قسد للباغوز كآخر نقاط داعش، أنعش آمال العفرينيين بتحرير اقليمهم قريباً.

يقول “أبو جوان” لـ “عفرين بوست“: “داعش وخلصت، لم تبقى حجة لـ قسد، عليهم دين يجب ان يوفوا لنا به، دماء الآلاف من شبان عفرين لا يجب أن تذهب سداً، عليهم أن يفعلوا المستحيل لتحرير عفرين، الكل يناديهم، دماء شهدائنا، المهجرون، الصامدون في الداخل، الكل على أحر من الجمر للحظة إعلان عملية تحرير عفرين”.

الأهالي في داخل عفرين يقاسمون المُهجرين الامل ذاته، حيث تقول المواطنة “ام شيروان\ثمان وأربعين عام”، لـ “عفرين بوست” أن “الوضع لم يعد يطاق في داخل عفرين المدينة وقراها، حيث تتراجع الأوضاع الأمنية بشكل مستمر”، مضيفةً: “منذ ان احتل الاتراك عفرين، تصور البعض أن الأمور قد تتحسن مع الوقت، لكننا على يقين الآن ان الاتراك هم المسؤولون عن الفوضى الحاصلة”.

مضيفة: “لا ينفذ الاتراك أي اعمال خدمية في المدينة او ريفها، المياه تقطع على فترات طويلة، القمامة لا ترحل إلا كل حين وحين، الازقة والشوارع أصبحت في أتعس حالاتها، فوضى امنية، كل شارع محكوم بمليشيا تعتبر نفسها دولةً بحد ذاتها، إنها فوضى مُتعمدة، الاكراد الذين عادوا عقب الاحتلال خرجوا منها مجدداً، غالبية المدينة باتت من المستوطنين”.

وتتابع “ام شيروان”: “الأمور محسومة بالنسبة لنا ككُرد، لا خلاص لنا إلا بتحرير قسد لـ عفرين، ما دامت مُحتلة ستنشرون كل يوم اخباراً عن الخطف، السرقة، الاستيلاء وطرد السكان الأصليين الكُرد، ونهب املاكهم ومواسمهم”.

مقالات ذات صله

Show Buttons
Hide Buttons