عفرين بوست
تواصل الميليشيات الإسلامية التابعة للاحتلال التركي عمليات السلب والنهب التي تطال ممتلكات وارزاق المدنيين الكُرد في أنحاء متفرقة من إقليم عفرين الكُردي التابع للإدارة الذاتية في شمال وشرق سوريا.
وقالت مصادر محلية لـوكالة كردية أمس الثلاثاء، أن مليشيا “أحرار الشام” سطت على 80 تنكة زيت الزيتون، من منزل أحد أفراد عائلة خورشيد في قرية كوران بناحية جنديرس.
وفي جنديرس أيضاً، قام مسلحو المليشيات الإسلامية المعروفة بـ “الجيش الحر”، بجني نحو 40 شجرة زيتون العائدة لأحد مواطني قرية كفردلة فوقاني ونهبه بالكامل مع تكسير أغصان الأشجار بالعصي.
وفي ناحية موباتا\معبطلي، أقدم مسلحو الميليشيات الإسلامية التابعة لتركيا، على جني وسرقة ثمار 100 شجرة زيتون عائدة للمواطن مصطفى عبد القادر وشقيقه كمال، كما قام المسلحون بطرد المواطن جميل أبو أحمد من بين حقله ومنعوه من قطاف محصول الزيتون.
ونقل المرصد السوري لحقوق الانسان عن مصادر أهلية أن المليشيات الإسلامية التي تحتل عفرين، استولت على عشرات المنازل في قرية “جوقة/الخضراء”، وعمدت لتحويلها إلى مقرات، كما جرى فتح منازل المهجرين والمغتربين عن القرية، والسكن فيها، حيث يحاول المسلحون التابعون لتركيا توطين عوائلهم في تلك المنازل.
وأضاف المرصد السوري أن ميليشيات “غصن الزيتون”، تعمدت فرض أتأوه بمقدار 500 تنكة من زيت الزيتون، على سكان القرية، بالإضافة لقيام عناصر بدخول المنازل ونهبها بشكل متتابع، دون أن تعمد أية أطراف على ردعهم أو محاسبتهم، الأمر الذي ساهم في تصاعد انتهاكاتهم بحق سكان القرية، كما انتهاكاتهم المستمرة والمتتالية والمتصاعدة في عموم مدينة عفرين وريفها.
وأعلنت وزيرة التجارة في حكومة الاحتلال التركي “روهصار بكجان”، في التاسع من نوفمبر الجاري، أن معبراً حدودياً بين تركيا وإقليم عفرين الكُردي التابع للإدارة الذاتية في شمال وشرق سوريا، قد فتح.
وأطلقت سلطات الاحتلال مسمى معبر “غصن الزيتون” على اسم العملية التركية، التي احتلت فيها انقرة بموافقة روسية المنطقة الكردية، عقب شن حملة عسكرية شعواء بمشاركة مليشيات إسلامية تابعة لجماعة الإخوان المسلمين السورية، معروفة بمسميات عدة كـ (الجيش الحر، جبهة النصرة، الجيش الوطني) وغيرها.
ووفقاً لـ أنقرة، فإن “الهدف من فتح هذه البوابة الحدودية الجديدة إلى عفرين، هو تسهيل إيصال المساعدات الإنسانية المتوجهة من الأراضي التركية إلى المنطقة”، بيد أن تلك الحجة تتعارض مع الوقائع التي لا يزال يتناقلها العفرينيون في الداخل عن الانتهاكات المتواصلة للمليشيات الإسلامية برعاية واشراف أجهزة المخابرات التركية.
فقد تم افراغ المنطقة الكردية من جميع البنى الصناعية، وسرقة الآلات والورش التي كانت مكسباً هاماً، تحقق للمرة الأولى إبان حكم “الإدارة الذاتية”، من خلال طفرة اقتصادية وصناعية لم تحدث سابقاً.
وتستمر المليشيات الإسلامية المعروفة بـ “الجش الحر”، بانتهاكاتها في مدينة عفرين وريفها بحق من تبقى من أهلها والمتمثلة بسرقة أرزاقهم وأراضيهم واعتقالهم والتضييق عليهم، ففي ناحية شيه\شيخ الحديد بريف عفرين، نصت فرمانات صادرة عن مليشيا “لواء السلطان سليمان شاه” على فرض أتاوات بنسب مختلفة من محصول الزيتون، حيث تم إجبار الأهالي أصحاب الأراضي الزراعية المتواجدين في الناحية على دفع 10 % من إنتاج محصولهم.
أما في حالة عدم وجود أصحاب الأراضي الزراعية في الناحية ونيابة الوكلاء عنهم فتم تحديد نسب أكبر على النحو التالي: – يتم دفع نسبة 15 % من إنتاج المحصول في حال كان الوكلاء على قرابة بأصحاب الأراضي من الدرجة الأولى (أب – أم – أخ – أخت).
– أما إذا كان الوكلاء من أهالي الناحية وليسوا على قرابة من أصحاب الأراضي فستكون نسبة الأتاوة 25% من إجمالي إنتاج المحصول.
– فيما يتم دفع نسبة 35 % من إنتاج المحصول إذا كان الوكلاء من “أنصار ومؤيدي ”وحدات حماية الشعب” وفق ما عمت به مليشيا “السلطان سليمان شاه”.
كذلك، استولت المليشيات على عشرات آلاف الأشجار في عفرين وقراها، وتمت سرقة وقطاف حقول في معظم القرى والبلدات، ففي بلدة كفرصفرة تم وضع اليد على ثلاثة آلاف شجرة وقُطفت ثمار ما يقارب الألف، وقُطفت ثمار 100 شجرة عائدة للمواطن محمد مصطفى كوجر من قرية آغجلة، و150 شجرة في قرية آلجيا، و220 شجرة للمواطن مصطفى سيدو من قرية قُوربيه، وبحدود 500 شجرة في قرية آفراز، وفي جنديرس تم قطاف وسرقة زيتون حقل عائد للمواطن طه بركات، وتم سلب خمسة شوالات زيتون من حمل سيارة لفلاح من قرية بعرافا عائد من حقله.
ونقلت وسائل إعلام كردية في السابع والعشرين من أكتوبر \ تشرين الأول، أن جيش الاحتلال التركي أنشأ منطقة حرة في قرية حمام الحدودية مع قرب افتتاح معبر بين عفرين والجانب التركي عبر قرية حمام الحدودية بناحية جنديرس، وأشار تلك الوسائل إلى أن جيش الاحتلال أنشأ المنطقة الحرة في القرية لتجميع محصول الزيتون الذي يتم نهبه من عفرين، بغية إرساله إلى تركيا.
وفي السادي و العشرين من أكتوبر \ تشرين الأول، أكدت “منظمة حقوق الإنسان في عفرين” في تقرير لها أن عناصر تابعين لفصيل ‹النخبة› المسيطر على قرية درويش التابعة لناحية شرا\شران، أقدموا على جني محصول الزيتون وسرقته وبشكل عشوائي من الحقول العائدة ملكيتها للمواطنين المتواجدين والغائبين (أي المهجرين في الشهباء و غيرها)، كلما سنحت لهم الفرصة، بدون أي رادع، وأضافت المنظمة، أن الحاجزين الأمنيين التابعين لمليشيا السلطان مراد والمتواجدين في مدخل بلدة ميدانكي والمفرق المؤدي للسد يقومان بفرض أتاوات على الجرارات التي تنقل ثمار الزيتون للمعاصر على غرار الحاجز التابع لمليشيا ‹صقور الشمال› المتواجد بمفرق قرية كمروك.
وتفرض المليشيات الإسلامية أتاوات إضافية على المزارعين الكُرد، علاوة على النسب التي حددتها مجالس الاحتلال، والبالغة 16%، يخصص منها 7% منها للميليشيات، و3% للمجالس، و6% للمعاصر الفنية كأجور لقاء عصر الزيتون.
وفي الثالث والعشرين من أكتوبر \ تشرين الأول، أفاد ناشطون بقيام قوات الاحتلال التركي والميليشيات الإسلامية، بمنع مكاتب وشركات الشحن من تصدير زيت الزيتون إلى باقي المدن السورية، وأضاف هؤلاء إن القرار صادر من جانب القوات التركية لإبقاء زيت الزيتون ضمن المنطقة ومنع التجار من تصديره إلى المدن السورية، وبالتالي التحكم بسعره الذي يتراوح بين 14 إلى 15 ألف حالياً، بهدف تصديره للأسواق التركية بسعر زهيد.
وشهدت المنطقة الكردية خلال سنوات حكم الإدارة الذاتية انتعاشاً اقتصادياً، نتيجة ارتفاع سعر تنكة الزيت إلى أكثر من 30 ألف ليرة سورية، بعد تصديره إلى المدن السورية وإقليم كُردستان العراق.
وأصدرت المليشيات الإسلامية في الثلث الأخير من سبتمبر \ أيلول الماضي، تعميماً في عفرين، بصدد الاستيلاء على أرزاق أهالي عفرين المهجرين قسراً بفعل الغزو التركي المدعوم بفصائل متطرفة، والتي انتهت باحتلال المنطقة الكردية في الثامن عشر من آذار المنصرم.
ووفقاً لتعميم مليشيات “الجيش الحر”، فإنه يتوجب على المليشيات الإسلامية في كل ناحية والتي أشير لها بمسمى “قطاعات”، تسليم أشجار الزيتون العائدة للممتلكات العامة والخاصة للمجالس المحلية.
ولا توجد في عفرين أشجار زيتون تابعة للقطاع العام، فيما تقصد المليشيات بذلك أشجار الزيتون التي تم الاستيلاء عليها بحجة غياب أهلها، بفعل تهجيرهم منذ الغزو التركي، حيث ترى تلك المليشيات أن جميع السكان الأكراد الغائبين هم من الموالين للإدارة الذاتية ووحدات حماية الشعب، وبالتالي تستطيب الاستيلاء على أملاكهم.
وسبق وأن أصدر المجلس الإسلامي السوري بياناً حلل من خلاله لعناصر المليشيات الإسلامية المعروفة بمسمى “الجيش الحر” الاستيلاء على ارزاق وممتلكات السكان الكرد الغائبين (المهجرين) بحجة أنها تابعة لعناصر الوحدات الكردية، وقال المجلس الإسلامي السوري الذي يتخذ من إسطنبول مقراً له، أن الممتلكات التي “لم يعرف لها صاحب (ويقصد من كان غائباً بفعل تهجيره)، فإنها تحفظ وتكون تحت تصرف الإدارات المحلية، ويصرف ريعها في المصالح العامة”.
وفي نهاية سبتمبر \ أيلول، أكدت منظمة حقوق الإنسان في عفرين، في بيان، إن مجموعة من أهالي مدينة إعزاز يقدر عددهم بـ 50 شخصاً، برفقة مسلحي المليشيات الإسلامية، أقدموا على السطو المسلح ونهب محصول الزيتون في الأراضي الواقعة بين قرى (قسطل جندو – أومارنلي – بافلون) التابعة لناحية “شرا\شران”.
وأضافت أن «هؤلاء قاموا بأخذ ما سرقوه من زيتون إلى المعاصر في مدينة إعزاز بالرغم من عدم نضج الثمرة»، وأردفت أنه «رغم تقديم شكوى من قبل الأهالي للقوات التركية والشرطة المدنية وتدخل المجلس المحلي في ناحية شران، إلا أن السرقات ما زالت مستمرة بحماية الفصائل المسلحة المدعومة من تركيا، خاصة في قرية أومارنلي»، مشيرةً بالقول أن ما تسمى «الشرطة المدنية التابعة لناحية شران اعتقلت يوم بعض المدنيين العرب برفقة المسلحين بالجرم المشهود على قارعة الطريق، وبحوزتهم أكثر من ثلاثين شوال من الزيتون المسروق، إلاّ أنها أطلقت سراحهم مباشرة بعد إنذارهم بعدم تكرار السرقة في هذه المناطق».
ويبلغ عدد أشجار الزيتون في عفرين حوالي 18 مليون شجرة، وتصل كمية إنتاج الزيت إلى 270 ألف طن في الأعوام المثمرة، كما توجد في المنطقة أكثر من 250 معصرة زيت زيتون.
وفي منتصف أكتوبر \ تشرين الأول، قال المكتب الإعلامي لـ “حزب الوحـدة الديمقراطي الكردي في سوريا (يكيتي): “تتعرض مواسم حقول زيتون للنهب والسرقة في العديد من القرى، وعلى سبيل المثال في بلدة ميدانكي، وفي سهول قرية آفراز، دون أن تُمنع بشكل جدي من قبل الدوريات العسكرية، بل ويتم التساهل مع جموع المعتدين على أرزاق الأهالي، بل ويُغض النظر عن أفعالهم، رغم صدور التعليمات والتعاميم من المجالس المحلية، والتي تفرض قيوداً على جني محصول الزيتون، وهي تتضمن فرض نسبة 10% من المنتوج لصالحها، وربما تُحوَّل تلك النسبة أو معظمها لصالح الفصائل المسلحة إلى جانب أتاوات تفرضها هي على الأهالي بمختلف أساليب الابتزاز والسلب، كما تنوي تلك المجالس وبالتعاون مع الفصائل المسلحة التصرف بأملاك الغائبين، حيث أصدر مجلس راجو كنموذج إعلاناً بتاريخ 10/10/2018 ينوي فيه ضمان حقول زيتون، وذكر مصدر موثوق أنه تم الاستيلاء على ما يقارب /15/ ألف شجرة زيتون بين قرية عدما وميدان أكبس – ناحية راجو منذ أواخر الربيع”.
وكان “صلاح إيبو” نائب رئاسة هيئة الزراعة في مقاطعة عفرين قد أشار في الخامس من أكتوبر \ تشرين الأول، إلى أن الاحتلال التركي سيعمل على سرقة أكثر من 100 مليون دولار من موسم الزيتون لأهالي عفرين المحتلة.
وقال ايبو في تصريح لإحدى الوكالات الكردية أن “عدد الأشجار التي تعرضت للحرق والاقتلاع في ظل الاحتلال التركي تقدر بأكثر من 8 آلاف شجرة زيتون في مختلف أرجاء مقاطعة عفرين، إضافة لاحتراق أكثر من 5000 هيكتار من الأراضي الحراجية”، مضيفاً: “تم توثيق اقتلاع واستيلاء لأكثر من 4500 شجرة زيتون إضافة إلى أكثر من 5000 هيكتار من الأشجار الحراجية في الفترة بين عامي 2015 إلى 2018 والاستيلاء على أراضي المزارعين”.
ونوه “ايبو” بأن موسم الزيتون هذا العام هو عام الحمل، وتوقع أن يكون الإنتاج ما بين 210 آلاف طن إلى 230 ألف طن من الزيتون الأخضر أي ما يعادل 40 ألف طن من الزيت، وأضاف أن “الاحتلال التركي يسعى عن طريق المجالس المعينة في عفرين إلى الإبقاء على نسبة عشرة بالمئة فقط من الناتج العام من الزيت والزيتون لأهالي عفرين، وإخراج باقي المحصول إلى تركيا عبر شركات تركية معينة، وحدد الاحتلال التركي سعر تنكة الزيت ب 13ألف فقط وهو نصف السعر المتعارف عليه دولياً والذي يتراوح بين 50 و55 دولار لصفيحة الزيت الواحدة”.
وبناء على الإحصائيات أكد نائب رئاسة هيئة الزراعة في مقاطعة عفرين “صلاح إيبو” أن الاحتلال التركي سيعمل على سرقة أكثر من 100 مليون دولار من الزيت والزيتون العفريني إلى داخل تركيا، وذلك بعد تأزم الوضع الاقتصادي في تركيا، كما يعمل الاحتلال على إضفاء الشرعية على هذه السرقة عبر القرارات الصادرة من المجالس المحلية المشكلة من قبله في عفرين.