ديسمبر 23. 2024

بعد أن تركوا ارضهم وانجروا خلف الأهداف التركية.. المستوطنون يتظاهرون في “شرا” إحياءاً لـ تمردهم!

عفرين بوست-خاص

تناقلت وسائل إعلام موالية للمليشيات الإسلامية التابعة للاحتلال التركي، اخباراً عن تظاهر مستوطنين في ناحية شرا\شران، ممن جاءوا إلى في ريف إقليم عفرين الكُردي التابع للإدارة الذاتية سابقاً، وذلك احياءً لذكرى تمرد 15 آذار الذي انطلق في العام 2011.

وتجاهل المستوطنون كونهم يشاركون مع الاحتلال التركي في تهجير مكون من ارضه، عندما ارتضوا ترك منازلهم، للاستيطان في منازل مُهجرين، بفعل ما ارتكبه أبنائهم من مسلحي المليشيات الإسلامية المعروفة بـ (الجيش الحر، الجيش الوطني، جبهة النصرة) بمختلف مسمياتها.

ففي الـ 15 من آذار للعام 2011، انطلقت حركة احتجاجية عمت ارجاء البلاد، لكن الاحتلال التركي تمكن من حرفه عن مساره عبر احتضان متزعمي المليشيات وتزويدهم بالمال والسلاح والعتاد، مُستغلاً صلته مع جماعة الاخوان المسلمين السورية، التي يواليها أغلب المسلحين، ويحول الحراك المدني من مظاهرات تطالب بالإصلاح، إلى حراك طائفي وعنصري، متوجهاً نحو التسلح والعسكرة.

ومنذ أن بدأ الاحتلال التركي ببث سمومه في جسد تيارات المعارضة، ابتعدت الأخيرة عن مطالب السوريين، متحولة إلى مطية لتنفيذ الاجندات التركية ومطامعها الساعية إلى تقسيم سوريا واقتطاع أراضيها، حيث عمل النظام التركي في البداية على اسقاط النظام السوري سعياً لإقامة نظام اخواني رديف له في دمشق.

لكن ومع تمكن النظام السوري من المواجهة، وتلقيه الدعم الكامل من روسيا، عزف النظام التركي عن اسقاط النظام الى اسقاط “الإدارة الذاتية” التي شكلها أبناء مناطق شمال وشرق سوريا، حيث بدأ الاحتلال التركي ترجمة عدائه إلى أفعال مباشرة من خلال غزو الشريط الحدودي من جرابلس إلى اعزاز بحجة محاربة داعش.

ورغم أن الحجة كانت داعش، لكن الحقيقة كانت السعي للوقوف في وجه دحر الإرهاب على يد “قوات سوريا الدمقراطية”، التي كانت ما لبثت قد انهت التنظيم في معقله بمنبج، في آب\اغسطس العام 2016.

وبعيد الاحتلال التركي المباشر ذاك الشريط الحدودي (من جرابلس إلى اعزاز)، عمل الاحتلال على حصار عفرين من خلال نشر قواته في قمة الشيخ بركات جنوب عفرين، بالتنسيق والتعاون مع تنظيم جبهة النصرة المصنف ارهابياً في مختلف الدول في أكتوبر\تشرين الأول العام 2017، ورغم التعاون الذي حصل أمام مرأى العالم باسره، والذي كشف متانة العلاقة بين النصرة وتركيا، لم يكن ذلك دافعاً لإدانة أي طرف دولي يدعي مُحاربة الإرهاب وداعميه!

وبعيد اطباق الحصار على عفرين جنوباً وشمالاً وغرباً وشرقاً، لم يبقى لـ عفرين من منفذ سوى بلدتي نبل والزهراء الخاضعتين للنظام السوري، فيما شن الاحتلال التركي خلال العام 2017، العديد من الهجمات على مناطق تل رفعت ومنغ والشهباء، في محاولة للتقدم هناك، عبر مليشيات إسلامية عاملة تحت مسمى “الجيش الحر والجيش الوطني”، حيث حاول الاحتلال التركي السيطرة على الشهباء وشيراوا، لعزل عفرين عن العالم، وفرض الاستسلام على أهلها.

لكن جسارة المقاتلين في الشهباء، وخيبة مسلحي المليشيات الإسلامية، دفعت الاحتلال التركي للعمل على عقد صفقة مع روسيا، تسمح لها باستخدام الطيران الحربي في قصف عفرين، لكونها أدركت أن القدرات التنظيمية لـ “قوات سوريا الديمقراطية” في عفرين، وتكاتف الأهالي مع أبنائهم ستبقي الإقليم سداً منيعاً يمنعهم من احتلالها.

وخلال مفاوضات سوتشي، تمكن الاحتلال التركي من الحصول على الموافقة الروسية لفتح المجال الجوي السوري امام الطائرات الحربية التركية، ليبدأ الاحتلال التركي عدوانه يوم العشرين من يناير العام 2018، تزامناً مع بدء تسليم مسلحي المليشيات الإسلامية لريف حماه وريف ادلب الواقع شرق سكة حديد الحجاز، إضافة إلى مطار أبو الظهور العسكري، ليكون ذلك دليلاً قاطعاً على سطوة تركيا فوق رقاب مسلحي ما يعرف بـ “الجيش الحر”.

ومع استمرار الغزو التركي وفشله في مراحله الأولى بإحداث خروقات تذكر في جسد المقاومة العفرينية بوجه الاحتلال، عقد الأخير صفقة جديدة تسمح لها بإطالة أمد العدوان مقابل تسليم المليشيات الإسلامية لبلدات ريف دمشق وريف حمص الشمالي ومناطق واسعة جديدة من ريف ادلب، ليحصل بذلك على ضوء أخضر روسي باستمرار القصف على عفرين، لحين انهيار القوات المقاومة من أبنائها، مهما طال آمد الحرب.

وعقب قرابة شهرين من المقاومة التي ابداها المقاتلون والمقاتلات الكُرد وشركائهم من باقي المكونات في “قوات سوريا الديمقراطية”، وفي ظل استمرار التخاذل الدولي، واستحالة استمرار المقاومة العسكرية امام الآلة العسكرية المتطورة لحلف الناتو، والقصف المتواصل للطيران التركي، أجبر المقاتلون الكُرد على الانسحاب من عفرين، حيث أعلنت “الإدارة الذاتية” عن الانسحاب يوم الثامن عشر من مارس العام 2018، تجنيباً للمدينة والأهالي المزيد من الدمار والقتل الذي كان يخطط له النظام التركي، عبر مذابح كبرى داخل مركز مدينة عفرين بحجة محاربة “وحدات حماية الشعب”.

ومع إطباق الاحتلال العسكري التركي، كانت الصفقة التركية الروسية قيد الاستمرار، حيث وصلت جحافل من المستوطنين المتشكلين في غالبيتهم من عوائل مسلحي المليشيات الإسلامية التابعة في مجملها لجماعة الإخوان المسلمين بفرعها السوري من ريف دمشق كـ الغوطة وأرياف حمص وحماه وإدلب، ممن ارتضوا التخلي عن أراضيهم والجري خلف الاجندات التركية الساعية إلى تمزيق اوصال السوريين وضربهم ببعضهم، ضاربين بعرض الحائط المبادئ الوطنية، ليساهم فعلهم ذاك في خلق حالة عداء لم يعهدها السوريون سابقاً، عبر توطين مكون في مكان مكون آخر بشكل مُخطط ومدروس من قبل الاحتلال التركي وجماعة الإخوان المسلمين.

وتزامن وصول المستوطنين مع تهجير موجات كبيرة من أهالي عفرين وقراها، نحو شيراوا والشهباء، حيث هجرت اعداد كبيرة من السكان الأصليين الكرد في عفرين، تراوحت اعدادهم ما بين 350 ألف وفق المرصد السوري لحقوق الإنسان، إلى أكثر من 500 ألف مواطن وفق تقديرات أخرى.

ومع استمرار الاحتلال التركي، لم يكن المستوطنون أنفسهم بعيدين عن ارتكاب الانتهاكات بحق السكان الكرد الأصليين في إقليم عفرين، مما يؤكد أن هؤلاء لا يعارضون الأهداف التركية التي هجرت أكثر من 60% من سكان عفرين الأصليين، سعياً لإحداث تغيير ديموغرافي ومحو الهوية الثقافية والقومية لـ عفرين.

وخلال عام من إطباق الاحتلال والتهجير القسري للسكان الكُرد، وتوطين المستوطنين الموالين لجماعة الإخوان المسلمين في الإقليم، سُجلت انتهاكات عديدة لا حصر لها من قبل المستوطنين، كان منها:

  • جلبها لآلاف رؤوس الماشية (يعتقد أن غالبية سرق من عفرين إبان إطباق الاحتلال) ورعايتها بشكل جائر بين حقول الزيتون، وتحويل منازل السكان الأصليين الكرد إلى اسطبلات كما هو الحال في قرية تللف التابعة لناحية جنديرس.

  • منع السكان الكرد من العودة للعديد من قرى عفرين (تطرقت عفرين بوست لعدد منها بتقارير مفصلة)، حيث ربط المستوطنون عودة السكان الأصليين الكرد بعودتهم إلى مناطقهم التي تنازلوا عنها للنظام السوري! (رغم تواجد الكثير من الأهالي في عفرين، دون تمكنهم من العودة لقراهم).

  • القيام بمضايقات للسكان الأصليين لدفعهم لترك ارضهم للمستوطنين، كان من بينها عمليات قتل كـ قتل السيدة فاطمة حمكي في قرية قطمة.

  • قطع الأشجار الحراجية واشجار الزيتون للمهجرين العفرينيين، وبيعها كأحطاب في مناطق يحتلها مسلحو (الجيش الحر، جبهة النصرة، الجيش الوطني) في ادلب ومارع واعزاز وغيرها.

  • تنفيذ عمليات سرقة واسعة، خاصة من منازل المهجرين الكُرد، حيث لم يبقى منزل في عفرين أو قراها ولم يتعرض للسرقة، إذ عمد المسلحون خلال الأشهر الأولى من إطباق الاحتلال العسكري، إلى منع الأهالي من العودة إلى قراهم بحجة وجود الألغام، وعقب سرقتها بالكامل، سمح لأهالي بعض القرى بالعودة إليها خالية من أي مستلزمات، إضافة إلى سرقات واسعة لموسم الزيتون.

  • زرع عوائل تركمانية على الشريط الحدود بين تركيا وعفرين وبشكل خاص في ناحية بلبلة\بلبل، ومنع السكان الأصليين الكرد من العودة إليها، إذ جعل الاحتلال التركي من التركمان الحجر الأساس في رفد المشاريع العنصرية بحق الكُرد، وتم دعمهم من قبل منظمات متطرفة كالذئاب الرمادية التي افتتحت مراكز تعلم الأطفال الكراهية والحقد، كـ مركز رعاية الايتام في كوتانا\كوتانلي التابعة لـ بلبلة، والذي أظهرت صور ومقاطع مصورة منه، كيف يتم تعليم الأطفال الحقد على الكُرد من خلال رفع شعار الذئاب الرمادية العنصري.

  • الاعتداء على مسنين وسرقة أموالهم، مستغلين ضعفهم البدني، كما حصل مع الكهل عمر عروس من أهالي قرية كوران التابعة لناحية راجو.

  • تنفيذ عمليات سلبطة، عبر شراء مواد من باعة كُرد وعدم سداد مستحقاتها.

مقالات ذات صله

Show Buttons
Hide Buttons