في إطار مساعي الاحتلال التركي لقضم إقليم عفرين الكردي التابع للإدارة الذاتية سابقاً، والتي يهدف من خلالها لترسيخ التغيير الديموغرافي، عبر تثبيت المستوطنين القادمين من ارياف حمص ودمشق ودير الزور وحماه وغيرها، ومنع السكان الأصليين الكُرد من العودة لأرضهم وبيوتهم، يبدو أنه بدأ فعلاً بخطوات عملية لسلخ الإقليم الكردي!
وفي هذا السياق، أفادت مصادر لـ “عفرين بوست” أن الاحتلال التركي طرح مؤخراً مُناقصة على شركات الاعمار التركية، في سبيل بناء عشرين مقراً عسكرياً (برجيات حراسة) بكلفة 2 مليار ليرة سورية، في المنطقة الممتدة من قلعة سمعان جنوباً مروراً بقرى ناحية شيراوا على سفح جبل ليلون/سمعان، ووصولاً لمفرق مدينة إعزاز شمالاً.
وأوضحت المصادر أن التكلفة المقر العسكري الواحد سوف تبلغ 100 مليون ليرة سورية، وستتكفل “قطر” بتمويل المشروع، حيث تعتبر الأخيرة ممولاً لجماعات الإخوان المسلمين، وشريكاً لتركيا في مساعيها بترسيخ احتلال الإقليم الكُردي.
وأكدت المصادر أن الاحتلال التركي طرح هذه الخطة، قبل نحو شهرين، على الشركات الراغبة بالدخول في المشروع، ومن ثم توقف عن تنفيذها، إلا أنه عاد لفتح الملف مجدداً بعد انتهاء قمة سوتشي الأخيرة بين كل من إيران وروسيا والاحتلال التركي، حيث عاود تفعيل الخطة، وهو ما قد يشير إلى نيله ضوءاً أخضراً من أطراف القمة.
وأضافت المصادر أن الاحتلال التركي يسعى لجعل ذلك الخط الممتد من قلعة سمعان حتى مفرق إعزاز، بمثابة حدود جديدة بين تركيا وسوريا، وهي جزء من إجراءات أخرى لضم إقليم عفرين الكُردي إلى خارطة الدولة التركية المحتلة.
لكن على الجهة المقابلة، أكد مصدر عسكري في وحدات حماية الشعب لـ “عفرين بوست” أنهم على علم بهذه الخطط، حيث يعمل الاحتلال على تأمين المنطقة عسكرياً بمعدات متطورة، مُعرباً عن اعتقاده بأن هذه الخطط ستبوء الفشل ولن يجد الفرصة في تحقيق ما تصبو إليه الاحتلال التركي.
وفي سياق الإجراءات الساعية لضم إقليم عفرين الكُردي إلى كيان الاحتلال التركي، يُجبر الأخير السكان الأصليين والمستوطنين المتشكلين من عوائل مسلحي المليشيات الإسلامية المعروفة بولائها في المجمل لجماعة الإخوان المسلمين على استصدار بطاقات تعريف جديدة بديلة عن “الهويات” السورية.
ويهدف الاحتلال التركي إلى تمييع الانتماء الأصيل الى عفرين، من خلال منح المستوطنين بطاقات تعريفية تثبت انهم يقطنون في عفرين، صادرة عن مجلسه الاحتلالي في الإقليم، ما سيعني عدم المقدرة على التمييز لاحقاً بين السكان الأصليين من الإقليم الكُردي، أو المستوطنين الذين استجلبهم الاحتلال لإحداث التغيير الديموغرافي.
ويشير إجبار الاحتلال التركي للسكان الأصليين الكُرد على استصدار بطاقاته التعريفية الجديدة مثلهم مثل المستوطنين، إلى مساعيه للمساواة بينهم، ما من شأنه أن يمنح المستوطنين مستقبلاً، الشرعية للتصويت في أي انتخابات او استفتاءات وهمية قد يسعى الاحتلال الى اجراءها، لسن تشريعات تمنح المستوطنين ميزات في الإقليم الكردي، أو حتى تنظيم استفتاء لضم الإقليم إلى تركيا، كما حصل سابقاً في لواء الاسكندرون، القرن الماضي.
وبالرغم أن الاحتلال التركي والمليشيات الإسلامية الموالية له، كانت تتهم الكُرد على الدوام بمساعيهم إلى الانفصال عن سوريا، بيد أن الاحداث تثبت بما لا يدع مجالاً للشك، إلى أن الساعي إلى تقسيم سوريا هم جماعات الإسلام السياسي وعلى رأسها “الإخوان المسلمون”، التي لن يمانع مناصروها في التصويت لضم الشمال السوري إلى تركيا، بما يضمن حكمها هناك.
وأصدرت أمس الخميس\الثامن والعشرين من فبراير، جماعة الإخوان المسلمين السورية بياناً أكدت فيها أنه تؤيد سيطرة الاحتلال التركي على شمال سوريا بذريعة المنطقة الآمنة، حيث لا يعترف “الإخوان” بسيادة الدول التي ينتمون إليها.