“قرمتلق” قرية كُردية تتبع لناحية “شيه\شيخ الحديد” وعلى مبعدة حوالي 3,5 كم من مركزها، وتقع على الحدود السورية – التركية المرسومة في اتفاقية “سايكس بيكو” والتي خسر بموجبها اهالي قرمتلق حوالي 2000 هكتار من الاراضي السهلية، بعد أن اضحت في الطرف التركي من الحدود، فيما تعتبر اراضي قرمتلق هي اخر مساحة تابعة لسهل العمق.
قبل الاحتلال..
قبل الاحتلال، واثناء بناء الجدار الحدودي، تم قلع وحرق أكثر من ١٥٠٠ شجرة زيتون تابعة لأهالي القرية، وكانت من الاشجار الأكثر عمراً والتي تزيد اعمارها عن ثلاثين عام.
عدد الأهالي..
وفقاً للمعلومات التي حصلت عليها “عفرين بوست”، يبلغ عدد المنازل في القرية حوالي الـ 300 منزل، وخلال الغزو التركي على إقليم عفرين، أضطر غالبية أبناء القرية إلى التهجير منها، كونها تحولت إلى ساحة مواجهة مع القوات الغازية بحكم قربها من الحدود التركية، وقد تضررت خلال الحرب 5 بيوت على الاقل.
وعقب إطباق الاحتلال العسكري التركي على القرية الكردية في 26 فبراير 2018، فضل الكثير من اهاليها العودة والاستمرار في مقاومة الوجود، رغم ما يعتلي نفوس الكرد من الحزن والالم على ما تعرضت له قراهم وإقليمهم من غزو همجي، لم يستثني من ضرره نفساً أو شجراً أو حجر.
وقال مراسل “عفرين بوست” في ناحية شيه، أن عدد العوائل التي عادت للقرية يقدر بحوالي الـ 120 عائلة، فيما يقدر عدد عوائل المستوطنين بـ 144 عائلة، اغلبها من رعاة الأغنام، من قرى ريف حماة، وهم من الغجر أو ما يعرف بـ “الحجيات”، فيما يستولي مسلحو المليشيات الإسلامية على قرابة 12 منزل، تستوطنه عائلاتهم.
إقامة إجبارية مع 20 مركز أمني..
وقال مراسل “عفرين بوست” أن حركة اهالي القرية مُقيدة بشكل كبير، نتيجة انتشار مراكز امنية تابعة للمليشيات الإسلامية في جميع أرجاء القرية، خاصة على أطرافها، وهي 20 مركز أمني.
وأضاف مراسلنا أن جميع ممتلكات الأهالي قد جرى سرقتها قبل عودة الأهالي من التهجير القسري الذي طالهم، حيث قام المسلحون بجمع المسروقات في مستودعات ضمن القرية، ويعمدون حالياً إلى إعادة بيع ممتلكات المواطنين الكرد إليهم! بعد عدم تمكنهم من صرفها فيما يبدو.
المهجرون..
ويشير مراسلنا أن العائلات المُهجرة من القرية قد تشتت في أماكن كثيرة، حيث يتواجد في مخيم فافين وحده ما يقارب الـ 35 عائلة، فيما توجهات أعداد أخرى نحو مدينة حلب، ولبنان، والمناطق الخاضعة لقوات سوريا الديمقراطية شرق الفرات وغيرها.
وذكر مصدر من المهجرين الكرد من القرية لـ “عفرين بوست” أن غالبية المهجرين هم من فئة الشباب، وهي ظاهرة موجودة في غالبية قرى عفرين، حيث لا يحبذ الشبان الكرد العودة والعيش في ظل المسلحين، نتيجة ما يلاقونه من تجاوزات وعمليات خطف متواصل بحجج ومبررات واهية، هدفها الأساس تهجير الكرد، ومنع المهجرين من العودة.
وسبق أن ذكرت مصادر أن جيش الاحتلال التركي يتعامل مع المواطنين الكُرد المُتبقين في عفرين، على أنهم خطر داهم يفوق الخطر الذي تشكله عليهم “وحدات حماية الشعب”، كونهم يؤمنون بأن الكُرد المتشبثين بالبقاء في عفرين رغم الظروف القاهرة التي يعايشونها، قد يفشلون مساعي تركيا الاحتلالية، والرامية الى توطين الغرباء من ذوي مسلحي المليشيات الإسلامية في الإقليم الكردي.
الزيتون..
وذكر مراسل “عفرين بوست” أن مسلحي المليشيات الإسلامية قاموا بالاستيلاء على أكثر من 7000 شجرة زيتون، وتم قطافها لصالحهم، بحجة غياب أهلها (مهجرون)، متغافلين عن كون ذلك انتهاك صارخ للملكيات العامة والخاصة! حيث تحتل مليشيا “السلطان سليمان شاه\العمشات” القرية، وغالبية القرى في ناحية شيه.
وقد فرضت المليشيا مبلغ وقدره 1000 دولار، كأتاوة على كل مواطن كان قد تعين سابقاً ضمن إحدى مؤسسات الإدارة الذاتية، كما فرضت اتاوة وقدرها 10 % للمجلس و10% للمسلحين على انتاج محصول الزيتون، ما عدا عمليات السرقة التي طالت عدداً من الأهالي.
المستوطنون..
يمتلك المستوطنون اعداد كبيرة من الأغنام، ويوضح مراسل عفرين بوست أن هؤلاء لا يحترمون أملاك الأهالي، حيث يقومون برعاية اغنامهم بين الأراضي الزراعية للأهالي الكُرد دون رقيب ولا حسيب، وهو ما يتسبب بإلحاق أضرار كبيرة بممتلكات الأهالي.
وقد انتخب خلال عهد الإدارة الذاتية امام جامع القرية، الشيخ عبدالقادر خليل ابن سليمان كرئيس للكومين/مجلس القرية/، حيث تواصل المسلحون معه عبر أهالي القرية وطلبوا منه العودة بعد تهجيره بحكم الحرب على عفرين، متعهدين بأنهم لن يلحقوا الضرر له، وأنهم سيقومون بتسوية أوضاعه (وفق تعبيرهم).
وعود المسلحين ورغبة الإمام بالعودة لقريته، كانتا سبباً ليجازف بالعودة، رغم علمه بأنهم لا يؤتمنون على عهد، وبالفعل قام المسلحون بضرب وتعذيبه وإهانته أثناء التحقيق معه، وطالبوه بدفع اتاوة وقدرها 5000 دولار منه، ليضطر الإمام إلى دفع 2000 دولار، ويتعهده بدفع باقي المبلغ عقب الافراج عنه بعدة أيام، ريثما يتمكن من تأمينها لهم، لكنها كانت فرصته للنجأة بروحه، فهجر الشيخ عبد القادر مجدداً إلى مناطق الشهباء، هرباً من وحشية المسلحين وعنجهيتهم!