ديسمبر 24. 2024

رئيس سابق لائتلاف اسطنبول يكذّب دعاية أردوغان وحكومته عن انفاق المليارات على اللاجئين السوريين ويحمّله مسؤولية الكراهية ضدهم في تركيا

عفرين بوست ــ خاص

قضية اللاجئين السوريين في تركيا مازالت محل السجال السياسيّ، بين مسؤولي الحكومة التركيّة والأحزاب المعارضة، استعداداً للاستحقاق الانتخابي في يونيو 2023، في محاولة لتخفيف حدة الاحتقان، ولذلك كانت القضية أيضاً محل التناقض وتغيير المواقف.   

في 19/4/2022، كتب “خالد خوجة” الرئيس السابق للائتلاف المعارض، على صفحته في فيسبوك: “زعيم المعارضة التركيّة كليشدار أوغلو يفند ادّعاء الرئيس أردوغان الذي تزامن مع الأزمة الاقتصاديّة التي ضربت تركيا منذ 2018 بأنّه صرف على اللاجئين السوريين مبلغ 40 مليار دولار، وينوّه أنّه لو كان الأمر كذلك لكان كل سوريّ يمتلك خان بينما الحال أنّ السوري يعمل مقابل نصف الحد الأدنى من الأجور”.

وأشار إلى أنّ “تفنيد كليشدار أوغلو أتى متأخراً ولكنه مهم حيث أن ‫أردوغان وفّر مادة لحملات الكراهية ضد السوريين على مدى سنوات ما ساعد في الإيحاء أن فوز المعارضة ليس في صالح اللاجئين أو المتجنسين. لكن يبدو الآن أن الحسابات بدأت تتغير؛ تصريحات أردوغان وحليفه بهجلي في الآونة الأخيرة بنيّة الحكومة إعادة توطين اللاجئين في الأراضي السورية أخذ يقابلها طراوة في موقف المعارضة الرئيسية”.

وكان “كمال كليشدار” أوغلو زعيم حزب الشعب الجمهوريّ قد فاجأ الأوساط السياسيّة التركية والسوريين في 11/4/2022، بموقفٍ غير متوقع ومقاربة جديدة لقضية اللاجئين السوريين ووعد بتقديم المساعدات ليصل إلى اللاجئين ممن حصلوا على الجنسية.

وقال إعلام حزب الشعب الجمهوري الذي يقود “تحالف الأمة” إنّه أنشأ في عدة مدن حملات لمساعدة اللاجئين السوريين. وخلافاً للتصريحات السابقة بترحيل السوريين إلى بلادهم، فقد وعد الحزب المعارض بمنح السوريين الجنسية المزدوجة في حال فوزه.

يُذكر أنّ الرئيس التركيّ قال في 13/9/2019 في مقابلةٍ أجراها مع “رويترز”، إنَّ ​تركيا​ أنفقت 40 مليار دولار حتى الآن لمواجهة أزمة اللاجئين السوريين في البلاد، مؤكداً أنَّ المساعدات الغربيّة غير كافية وبطيئة للغاية.

ليرد عليه زعيم المعارضة التركية “كمال كليشدار أوغلو” في 7/10/2019 بتوجيه اتهامات بالفساد وسرقة الأموال وسرقة الأموال المخصصة للاجئين السوريين، وقال “أنفق 40 مليار دولار، وفقًا لتصريحات السلطة الحاكمة، على 3.5 مليون سوريّ، لماذا تم إنفاق 40 مليار دولار؟ لمن أُعطيت وكم أُعطى؟، ولأيّ سوري أُعطي، وكم أُعطي؟ نحن لا نعلم هذا”.

وتابع أوغلو قائلا: “أيضاً لا نعلم هل رقم 40 مليار دولار صحيح أم لا، ونسأل من أجل ماذا أنفقتم تلك الأموال، وعلى أي مخيم أنفقتموها؟ يوجد 3 ملايين و600 ألف سوريّ، ومن الممكن إيجاد منزل لكل سوريّ منهم بـ 40 مليار دولار، وإلى أين ذهبت تلك الأموال؟ ونحن لا نعلم ذلك”.

ومجدداً في 9/12/2019 أعلن الرئيس التركي “أردوغان” في كلمة له أمام وزراء الشؤون الاجتماعيّة بمنظمة التعاون الإسلامي في إسطنبول بدء العمل لإسكان مليون سوري في مدينتي تل أبيض ورأس العين شمالي سوريا، وقال إن بلاده أنفقت 40 مليار دولار على اللاجئين السوريين.

ودعا الرئيس التركيّ أردوغان في 17/12/2019 في تصريحات أمام المنتدى العالمي للاجئين في جنيف إلى إعادة توطين مليون لاجئ سوري في بلادهم “خلال فترة قصيرة جدا” متهماً القوى العالمية بالتحرك لحماية حقول النفط السورية بأسرع من تحركها لحماية أطفال سوريا. وأضاف أن تركيا أنفقت 40 مليار دولار على استضافة اللاجئين على مدى تسع سنوات، وانتقد الاتحاد الأوروبي الذي خصص نحو ستة مليارات يورو (6,61 مليار دولار) على عدم تقديم المبلغ بالكامل. وتابع “ما زلنا ننتظر تلقي ثلاثة مليارات يورو أخرى جرى التعهد بها”.

الملاحظ أنّ تصريحات جاءت قبل وبعد العملية العسكريّة المسماة “نبع السلام” واحتلال تل أبيض وراس العين، وكأنّه أراد أن يخفف من حدة المعارضة التركيّة والقول بأنّ هذه العملية تستهدف حل مشكلة اللاجئين السوريين وإعادتهم إلى بلادهم.

وفيما يؤكد الرئيس التركيّ مراراً على حجم الإنفاق الكبير على قضية اللاجئين السوريين، فإنه يتغافل عن حجم الاستثمارات السوريّة في تركيا، ففي 9/7/2019 ذكر موقع العربيّة اهتمام وسائل إعلام تركيّة بالمستثمرين السوريين ومجالات عملهم في تركيا. ونقلت عن صحفٍ تركيّة، أنّ عدد الشركاتِ السوريّة في تركيا بلغ 15159 شركة، حتى شهر فبراير 2019 وأنَّها تتصدّرُ قائمة الشركاتِ الأجنبية المؤسسة بتركيا خلال السنواتِ الأخيرة. وهذه المشاريع وفرت عشرات آلاف فرص العمل للسوريين وحتى الأتراك، وهذا عدا العمالة السوريّة الرخيصة بدون ضمانات قانونيّة ملزمة. وكذلك حملة الشهادات الجامعيّة الذين تم تجنيسهم للاستفادة من خبراتهم.

ذكر موقع “عين على تركيا” في 9/4/2019 تصريحاً لزياد شمعون نائب رئيس رجال ورواد الأعمال السوريين “سياد” لوكالةِ الأناضول حيث أشار إلى أنّ الجمعية تأسست مع 200 من رواد الأعمال السوريين بولاية غازي عنتاب، وأنَّ حجمَ الاستثمارِ بلغ نحو 1.5 مليار دولار، إلا أنّ الرقم ضئيلٌ جداً، والتقارير تتحدث عن أكثر من 10 مليارات دولار في عام 2014، فيما تواصل تهريب الرساميل السوريّة حتى اليوم.    

وفي 12/8/2020 قالت وزيرة الأسرة والعمل والخدمات الاجتماعية التركيّة “زهراء زمرد سلجوق” إنَّ كافة المساعدات المقدمة للسوريين ممولة من قبل الاتحاد الأوروبيّ، ولم تنفق تركيا شيئاً من الموارد الماليّة المخصصة للمواطنين، وجاء ذلك رداً على اتهام الأحزاب المعارضة حكومة العدالة والتنمية باستنزاف الخزينة التركيّة في سبيل دعم اللاجئين السوريين.

كما شددت على استحالة استخدام تركيا الموارد المالية المخصصة للمواطنين لتقديم المساعدات وتمويل المشاريع المخصصة للسوريين، ولفتت إلى أن المساعدات النقدية المقدمة لهم تبلغ 120 ليرة فقط شهرياً، ويحصل عليها من يستوفي الشروط المطلوبة. وأشارت إلى قيمة المساعدات التعليمية تتراوح ما بين 45 – 75 ليرة شهرياً، وهي مشروطة باستكمال الدراسة، ولا يحصل عليها سوى الطلاب المحتاجين. 

وتجدر الإشارة إلى أن مشاريع الاتحاد الأوروبي الموجهة للاجئين السوريين في تركيا تعود بالنفع على الأتراك بنسبة لا تقل عن 40% من المتدربين أو المستفيدين من المشروع.

في 17/12/2020 أعلن السفير “نيكولاوس ماير لاندروت” رئيس وفد الاتحاد الأوروبي في تركيا “اليوم ينهي الاتحاد الاوروبي تخصيص مساعدات بقيمة ستة مليارات يورو لتركيا لدعم اللاجئين واستقبالهم”

وبذلك فإن تصريحات المسؤولين الأتراك متناقضة، فهم تارة يرفعون سقف الدعم المقدم للسوريين لابتزاز الاتحاد الأوربيّ، والتهديد بفتح بوابات الهجرة وإغراق أوروبا بالمهاجرين، ولكنهم من جهة أخرى مضطرون لخفض السقف إلى أدنى الحدود لامتصاص نقمة المعارضة والناخب التركيّ.

مقالات ذات صله

Show Buttons
Hide Buttons