نوفمبر 08. 2024

كرد عفرين السوريون يواصلون دفع ثمن الاحتلال التركيّ

Photo Credit To صحيفة الـ "ديفنس بوست" The Defense Post

عفرين بوست

نشرت صحيفة الـ “ديفنس بوست” The Defense Post. يوم الأربعاء 15/9/2021 تقريراً بعنوان “كرد عفرين السوريون يواصلون دفع ثمن الاحتلال التركيّ”، للصحفيّة ريبيكا آن بروكتور، ذكرت فيه ممارسات سلطات الاحتلال التركيّ والميليشيات التابعة لها.

منذ أن سيطرت تركيا على عفرين في عام 2018، يواجه الكرد السوريون في المدينة اعتقالات تعسفيّة وتعذيب وانتهاكات جنسيّة وسرقة ممتلكات وقتل خارج نطاق القضاء وعنف قائم على النوع الاجتماعيّ.

قصة المسنة زينب

زينب، سوريّة كردية عمرها (73 عامًا)، عاشت في منزلها في عفرين شمال غرب سوريا لمدة 13 عامًا. كانت وحيدة، توفي زوجها مؤخرًا وليس لديها أطفال. وفي عام 2018، دخلت القوات التركيّة مدينتها. وعلى عكس السكان الآخرين الذين فروا إلى كانتون الشهباء القريب، كانت زينب مصممة على البقاء، أي إلى أن أجبرتها القوات التركيّة جسديًا على المغادرة.

وتذكرت ممثلة مجلس سوريا الديمقراطيّة بواشنطن، سينام شيركاني، كيف جاء مسلحون من ميليشيا سوريّة مدعومة من تركيا ذات يوم وطردوا “زينب” ولم يسمحوا لها بأخذ أيّ ملابس. وهم يهددون سكان عفرين بالتعذيب. وقالت لصحيفة The Defense Post: “إنّهم خائفون على حياتهم، ويضطرون للمغادرة”.

لا تزال زينب التي تم تغيير اسمها حفاظاً على سلامتها تعيش في عفرين وتتنقل بين منازل أبناء أخواتها. لقد سألت الأشخاص الذين يعيشون حاليًا في منزلها – الميليشيات السورية المدعومة من تركيا – ما إذا كان بإمكانها العودة، لكنهم لم يسمحوا لها.

قصة زينب مألوفة للغاية في شمال سوريا الذي مزّقته الحرب. في جميع أنحاء الأراضي التي تحتلها تركيا، أصبحت دائرة العنف والانتهاكات شائعة حيث تتجه مجموعات المعارضة المدعومة من تركيا إلى الأنشطة الإجراميّة لاستغلال المواطنين، وخاصة الكرد السوريين والإيزيديين.

عملية غصن الزيتون التركيّة

نحو أربع سنوات مرت منذ أن شنّت تركيا “عملية غصن الزيتون” غزوها العسكريّ لعفرين. أعلنت تركيا، التي بدأت في كانون الثاني 2018، “تحييد الإرهابيين المنتمين إلى حزب العمال الكردستاني/ حزب الاتحاد الديمقراطيّ/ وحدات حماية الشعب وكذلك تنظيم الدولة الإسلاميّة في منطقة عفرين من أجل ضمان الأمن والاستقرار في حدودنا والمنطقة”.

بحلول آذار 2018، كانت عفرين تحت السيطرة التركيّة. ولم يتحقق “أمن واستقرار” أنقرة إلا للمستوطنين العرب والتركمان في عفرين، وليس لسكانها الكرد.

يواجه كرد عفرين السوريون، مثل زينب، الاعتقالاتِ التعسفيّة والتعذيب والانتهاكات الجنسيّة وسرقة الممتلكات والقتل خارج نطاق القضاء والعنف القائم على النوع الاجتماعيّ. وقصتهم لا تزال غير مروية إلى حد كبير.

تحريف الحقيقة

العديد من المواقع الإخباريّة الدوليّة، أبرزها نيويورك تايمز وصحيفة الموندو الإسبانية، شوّهت هذه الحقيقة المروّعة واتهمت بـ “تبييض الاحتلال العسكريّ التركي لعفرين وتطهيرهم العرقيّ للشعب الكرديّ المقيم”.

في فبراير 2021، وصفت صحيفة نيويورك تايمز أنه بينما تعرضت تركيا لانتقادات واسعة عندما أرسلت قوات إلى سوريا، فإن جنودها الآن “يقفون بين ملايين السوريين ومجازر محتملة على يد قوات الرئيس بشار الأسد”.

عارض مركز معلومات روجافا، وهو وكالة أنباء في شمال شرق سوريا، التقرير، قائلاً إن عفرين “تعاني من اختطاف نساء وفتيات إيزيديات وكرد، أكثر من 150 حتى الآن، فضلاً عن جرائم عنف أخرى، يرتكب الكثير منها الميليشيات التابعة لتركيا “، نقلاً عن أرقام من تقرير نساء عفرين المفقودات لعام 2020.

قالت ميغان بوديت، مؤسسة مشروع مفقودات عفرين، لصحيفة The Defense Post إن عفرين هي الآن من بين أسوأ الأماكن في سوريا لحقوق المرأة والتمثيل السياسي.

قالت بوديت، منذ الاحتلال التركي، أُجبرت النساء بالكامل تقريبًا على الخروج من المجال العام، ولا سيما النساء الكرد واليزيديات من السكان الأصليين.

لقد تم تطهيرهم عرقيا من قبل تركيا والقوات التي تعمل بالوكالة لها. وقالت لم يعد هناك وجود للمرأة في الحكم أو الحياة العامة، وهو ما يتناقض بشكل كبير مع ما نراه في ظل الإدارة الذاتية لشمال وشرق سوريا.

يتم سرد جانب آخر من القصة خارج عفرين، في المناطق ذات الغالبية العربية من شمال سوريا الواقعة أيضًا تحت الاحتلال التركي. في مدن مثل جرابلس أو اعزاز، يشعر الكثير من السكان العرب والتركمان بالسرور من الوجود التركي.

قال توماس شمينغر، أستاذ العلوم السياسية ومؤلف كتاب روجافا: الثورة والحرب ومستقبل كرد سوريا: “إذا تحدث الصحفيون إلى هؤلاء الأشخاص فقط، فمن السهل أن يصبحوا مكبرات صوت للدعاية التركية”.

وأوضح لموقع The Defense Post أنه إذا أراد المرء السفر إلى عفرين، فإن الاحتمال الوحيد هو جزء لا يتجزأ من القوات التركية. “الصحفيون الذين يزورون عفرين لا يمكنهم التحدث إلى ضحايا الاحتلال الكرد بدون” مترجم “، وبالتأكيد لا يمكنهم التحدث مع النازحين داخلياً الذين فروا من الاحتلال التركي”.

Turkish troops advance near the Syria border at Hassa, Hatay province, on January 22, 2018. Turkey on January 22, 2018 shelled Kurdish militia targets in Syria and claimed progress in a cross-border offensive that has stoked concern among its allies and neighbours. The Turkish military on January 20 launched operation “Olive Branch”, its second major incursion into Syrian territory during the seven-year civil war. / AFP PHOTO / BULENT KILICBULENT KILIC/AFP/Getty Images

حكايات التعذيب

في أبريل 2021، سافر صحفيون من مركز معلومات روج آفا إلى كانتون الشهباء للتحقيق في انتهاكات حقوق الإنسان في عفرين وحالة مخيمات النازحين.

هناك قابلوا محمود، وهو كردي عمره 18 عامًا من قرية ترنده في عفرين. بعد الغزو التركيّ، هربت عائلته إلى شهبا، لكن مع مرور الوقت ساءت أوضاعهم الاقتصاديّة. حثّته والدته على الذهاب للبحث عن عملٍ في تركيا. اضطر للعبور بشكل غير قانوني من الشهباء إلى عفرين للقيام بذلك. بعد شهر من وجوده في عفرين تم اعتقاله.

قال: “لقد جروني من السيارة من قدمي، لنحو 500 متر، إلى… مركز للشرطة العسكرية”. وكان المرتزقة من “الجبهة الشامية” ومرتبطون بالشرطة العسكريّة، تجمعوا حولي وضربوني بأعقاب بنادقهم وبدأوا بتعذيبي”.

قُيد محمود بالسلاسل، وعُلِّق من السقف، وأُجبر على الاستلقاء على الأرض ورجلاه متجهتان لأعلى، بينما كان باطن قدميه يُضرب بخرطوم.

قال: “نفس التعذيب الذي كانوا يتعرضون له كان يُستخدم أيضًا ضد النساء”، كما يروي كيف كان في زنزانته أيضًا مقاتلون من داعش، وأذربيجانيون، وروس، وكرد، وألمانية، وامرأة فرنسيّة، إضافة لجنود النظام.

على سبيل المثال، كانت هناك فتاة عمرها (16 عامًا) من قرية معرسكة التابعة لناحية شرا. قام عشرة رجال باغتصابها أمام النزلاء الآخرين وضربوها أثناء قيامهم بذلك أمامنا. في المرة الأولى التي أخذوها فيها، كانت بأمر من ضابط تركيّ. بعدما تمرّد السجناء، تركوها”.

أمضى محمود تسعة أشهر في السجن. أُجبر والديه على دفع 4000 دولار لإطلاق سراحه. وساعده مهرّب بالعودة إلى الشهباء.

الثقافة الكردية تتلاشى

تعمل تركيا على توسيع نفوذها شمال سوريا منذ عدة سنوات. إن وجودها ليس سياسيّاً أو عسكريّاً فقط. وتشير مصادر عديدة إلى احتكارها الآن لثقافة المنطقة واقتصادها وحتى تعليمها، ما دفع الكثيرين للنظر إلى مثل هذه الإجراءات على أنّها محاولة “لتتريك” شمال سوريا.

قالت شيركاني من مجلس سوريا الديمقراطيّة، إنّه بينما أصر الرئيس التركي أردوغان على أن بلاده لا تنوي احتلال سوريا، فإنَّ التتريك خطيرٌ بشكلٍ خاص في عفرين. وهناك الآن دروس إلزاميّة للغة التركية في المدارس وتطبيقها كلغة إداريّة في المنطقة. ثقافتنا الكرديّة مهددة بالانقراض”.

قام المتمردون المدعومون من تركيا بتغيير أسماء الشوارع في عفرين، وإزالة أي إشارات إلى اللغة والثقافة الكردية. وقالت شيركاني: إنَّ اللُقى الأثريّة في عفرين وتل أبيض ورأس العين نُهبت وأُرسلت إلى تركيا، لا سيما من تلال عفرين الأثريّة.

قبل الاحتلال، كان أقل من 100٪ بقليل من سكان عفرين من الكرد. واليوم انخفضت تلك النسبة إلى 20%. والغالبية، 80% هم الآن من المستوطنين العرب والتركمان.

علاوة على ذلك، فإن المناظر الطبيعية في عفرين تتعرض للدمار. منذ عملية غصن الزيتون، تم قطع حوالي 300000 شجرة غابة وزيتون، بينما تم حرق أكثر من 10000 هكتار من الأراضي الصالحة للزراعة. يُباع الكثير من المنتجات الزراعيّة المتبقية، بما في ذلك الزيتون، الآن في تركيا، وفقًا لمركز معلومات روجافا.

دعوات للعمل الدولي

لأن دونالد ترامب أعطى تركيا الضوء الأخضر لغزو عفرين، يقول البعض إنّه يجب محاسبة المجتمع الدوليّ على المساعدة بإصلاح المنطقة من الأذى الذي وقع.

في آذار 2018، طالب البرلمان الأوروبيّ تركيا بمغادرة عفرين ووقف الهجوم، لكن دون جدوى. كما أثارت الأمم المتحدة مخاوف بشأن مستوى العنف في شمال سوريا. وتقول الأمم المتحدة إنَّ الضحايا يشملون أولئك الذين يُنظر إليهم على أنّهم ينتقدون الجماعات المسلحة التابعة لتركيا.

منذ عدة سنوات، دأبت شيركاني على دعوة الكونغرس الأمريكيّ بواشنطن العاصمة، حيث يوجد مقرها، إلى إرسال منظمة مستقلة إلى عفرين للتحقيق في الجرائم. ولم تتلقَّ أيَّ رد، لكن يبدو أنّ هناك بعض الأمل الآن.

اتخذت الولايات المتحدة خطوات لمعاقبة “الجيش الوطني السوري” المدعوم من تركيا على جرائمه في شمال شرق سوريا. في نهاية تموز/ يوليو، فرضت وزارة الخزانة عقوبات على ميليشيا “أحرار الشرقيّة” المتشددة السورية، مستهدفة وكيلًا تركيًا لأول مرة منذ بدء الحرب في سوريا.

كما وضع تقرير وزارة الخارجية الأمريكيّة عن الاتجار بالبشر لعام 2021 الحكومة التركيّة على قائمة الدول المتورطة في استخدامِ الجنود الأطفال، بما في ذلك دولة من دول الناتو لأول مرة.

لكن تركيا رفضت التقرير الأمريكيّ، واتهمت واشنطن بـ “الكيل بمكيالين والنفاق” مع التركيز بشكل خاص على دعم أمريكا للمقاتلين الكرد السوريين.

بالنسبة للكرد السوريين مثل زينب ومحمود، تستمرُّ الحياة تحت الاحتلال التركيّ بتعطيل حياتهم اليوميّة، ما يتسبب باستمرار العنف والصدمات واليأس. وهناك خوف الآن من أنّه قريبًا لن يتبق شيء من المكان الذي سموه يوماً بالوطن.

ترجمة: عفرين بوست

Post source : صحيفة ديفينس بوست

مقالات ذات صله

Show Buttons
Hide Buttons