ديسمبر 23. 2024

من المهاجر القسرية بالشهباء.. الإيزيديون الكُرد يدحضون أكاذيب الإعلام التركي

Photo Credit To تنزيل

عفرين بوست ــ خاص

يروّج الإعلام التركي لكذبة مفضوحة، مضمونها أن الكرد من أتباع الديانة الإيزيدية بقوا في عفرين ويمارسون طقوسهم ومعتقداتهم الدينية بحرية كاملة، وبذلك يتنكر للحقائق على الأرض، التي تفيد بأنه لم يبقَ من الإيزيديين الكرد في إقليم عفرين الكردي أكثر من 5%، ومعظمهم من كبار السن، فيما تمت أسلمة قراهم قسراً، وفرض العقائد الإسلامية عليهم.

وقد أجرت “عفرين بوست” لقاءات مع مواطنين كرد من أتباع الديانة الإيزيدية، في مخيمات التهجير القسريّ، وتحدثوا عن طبيعة حياتهم قبل العدوان والاحتلال وبعده.

الدولة التركية تروّج للأكاذيب

قال المواطن عبد الرحمن، وهو كُردي ايزيدي من أهالي قرية فقيرا، والذي يقطن قسريا في مناطق منذ ثلاثة أعوام متواصلة، أنه بعد هجوم الجيش التركي على عفرين، اضطر قسراً للخروج من قريته خشية التعرض للانتقام، كون تركيا استخدمت مسلحين إسلاميين متشددين في غزو عفرين.

ويضيف عبد الرحمن:” تم تهجيرنا قسراً من أرضنا، ودمروا قرانا وديارنا واستوطنوا في منازلنا وخربوا مزاراتنا وأماكننا المقدسة حتى مقابر الشهداء، واليوم يدعون أن الإيزيديين موجودين في قراهم ولم يخرجوا، وهذه من الأكاذيب الفاضحة التي تروّج لها تركيا، فمن بقي لا يتجاوزون 5% من الإيزيديين”

ويشير المهجر الذي يقطن في مخيم بمناطق الشهباء بريف حلب، إلى أن أناساً قادمين من الغوطة، إدلب، سراقب وجسر الشغور وغيرها استوطنوا قريته وبنوا فيها مسجداً بعد نبش وتدمير مزاراتهم الدينية، ويقومون بإجبار من تبقى من الإيزيديين على الصلاة فيها، تحت تهديد الطرد من القرية في حال امتناعهم عن ارتياد المسجد.

ويستنكر المواطن عبد الرحمن ممارسات الاحتلال، ويطالب المجتمع الدولي ومنظمات حقوق الإنسان بوقف التغيير الديمغرافيّ في الإقليم الكردي المحتل، مؤكداً رفضَ الاحتلال وليس أي ديانة سماوية أو قومية أخرى.

وأكد عبد الرحمن في ختام حديثه أن قرية ” فقيرا” كردية إيزيدية ويجب أن تبقى كذلك، وألا يفرض عليها ديانة أو لغة أخرى، مبدياً تمسكه بحق العودة إلى عفرين، رغم تحمله الظروف الصعبة في مخيمات الشهباء.

تضليل إعلامي تركي

نشرت القناة التركية (تي آر تي ورد) الناطقة بالإنكليزية الخميس الفائت، تقريرًا مصوراً حول الإيزديين في قرية “فقيرا” – ناحية جنديرس، تضمن تحريفا لكلام مواطن “مختار القرية” ظهر في التقرير، عبر تقويله ما لم يقله بواسطة الترجمة، إذ ادّعى معد التقرير باللغة الإنكليزية أن الإيزيديون فروا من حلب عام 2013 نتيجة “إرهاب حزب العمال الكردستاني”!.  

في هذا الصدد، المواطن عيدو حميد عيسو وهو كرديلٌ إيزيدي من أهالي قرية فقيرا، والذي يقطن حاليا في مخيم برخودان بمناطق الشهباء قال: “تدّعي الدولة التركية بأن جميع الإيزيديين موجودين في قرية فقيرا، وهذا بالتأكيد الادعاء كاذب، لأن شعبنا الإيزيدي مهجر ومنتشر في مقاطعة الشهباء بسبب عدوان الاحتلال وظلم الميليشيات الإخوانية فقد هجّرونا، وقاموا بتعريب قريتنا بإحلال عوائل عربية فيها، وحالة الظلم والضغوط مستمرة حتى اليوم، وتستمر المساعي لتدمير تراثنا ومنازلنا”.

الإيزيديون في عفرين قبل الاحتلال التركي

يتوزع الكرد الايزديون في 23-25 قرية بما فيه مركز إقليم عفرين ومدينة جنديرس، وكانت بعض القرى مختلطة من (كرد مسلمين وكرد إيزديين)، وبعضها الآخر أيزدية خالصة كقرية فقيرا، وكان العفرينيون من مختلف مشاربهم يعيشون في تعايش وسلام منذ قرون خلت، إلا أنه بعد الاحتلال التركي تعرض الإيزديون كغيرهم من أبناء جبل الكُرد للتهجير.

حول ذلك تقول عائشة سيدو عضوة منسقية اتحاد المرأة الإيزيدية: “كنا نتعايش نحن الإيزيدين مع الإسلام، العرب، العلويين وبعض من الشركس والمسيحيين حياةٍ فيها الراحة، ولدينا نحن الإيزيديون هواجس ومخاوف طبيعية نتيجة 73 فرمان، وفيما المرحلة 74 مستمرة علينا، وكان الإيزيدي بعيداً عن السياسة.

وتتابع عائشة: “لم تكن هناك في الفترة الأخيرة خلافات بين الإيزيديين والمسلمين، وكنا جيراناً مع العرب أيضاً، نحتفل بأعيادنا ونمارس طقوسنا، وهناك 30ــ 40 مزاراً تخصُّنا نحن الإيزيديين في عفرين، ففي قرية قسطل جندو هناك مزاران، بارسه خاتون، وشيخ حميد وفي بافلون شيخ حميد، باصوفان شيخ علي، ترندة عبد القادر وزاردوك، وفي قيبار شيخ خان وملك قادي وغيرها الكثير، وكان معروفاً أن في كل قرية إيزيدية مزاران أو ثلاثة على الأقل، وكنا نتوجه إلى مزاراتنا ونمارس المراسم الدينيّة وطقوسنا، ولم نفوّت أي عيد علينا، وكان أتباع الديانات الأخرى يشاركوننا ولم نشعر بمشاعر التفرقة فيما بيننا”.

تشير عائشة إلى دور العائلة في الحفاظ على الطقوس والعقائد الإيزيدية فتقول: “رغماً عما مر به الإيزيديين خلال قرونٍ، إلا أنهم  ظلوا متمسكين بديانتهم، وعقائدهم المقدسة، وأعيادهم السنوية، وكانوا يمارسون طقوسهم الدينية ضمن إطار كل عائلة، ولو في منزلهم ومع أطفالهم”.

العدوان التركي استهدف مزارات الإيزيديين وتاريخهم

حول معاناة الإيزيديين الكرد خلال الأزمة السورية قالت عائشة: “العدوان التركي على عفرين زرع الخوف في قلوب الإيزيديين، فقد سبق أن نزح كثير من الإيزيديين من حلب إلى عفرين خاصةً بعدما شهدوا ما جرى في شنكال، وكان في عفرين نحو 50 ألف مواطن إيزيدي”

وتعتقد “سيدو” ما مر به الإيزديون في منطقة شنكال بكردستان العراق على يد تنظيم داعش الإرهابي، من اختطاف أكثر من 7 آلاف امرأة ومشاهد حرق الإيزديين في الأقفاص، زادت من مخاوف ايزديي عفرين مع بدء العدوان على عفرين، ودفع معظمهم للنزوح قسراً إلى مناطق الشهباء.  

فتقول عائشة: “هذا ما زرع الهلع في نفوسهم فهاجر البعض منهم، وكان ذلك مخططاً تم التوافق عليه من قبل كل الدول وليس تركيا فقط، وللأسف وسط صمت منظمة حقوق الإنسان، فيما كان العدوان مستمراً على عفرين طيلة 58 يوماً والقصف مستمراً، كان إيزيديو عفرين جنبا إلى جنب مع باقي المكونات في التصدي للعدوان التركي”، مشيرة إلى أنه بعد 58 يوماً من المقاومة خرج معظم الإيزيديين من عفرين، ولكن بعضهم لم يستطع الخروج لأسباب مختلفة لعدم توفر المواصلات، أو لأنهم حوصروا في القرى وأُجبروا على البقاء، وظنوا أن الحرب لن تتجاوز الأهداف العسكرية ولن يمس المدنيين سوءٌ بعد الاحتلال، إلا أن حوادث قتل عديدة وقعت وطالت عشرات النساء الإيزيديات واُختطفت العشرات ولم يعرف مصير كثيرات منهم.

الاستيطان في القرى الإيزيدية

وتحدثت عائشة عن عملية التغيير الديمغرافي والاستيطان في القرى الإيزيدية: “بالنسبة لقرية فقيرا، فهي قرية كردية إيزيدية خالصة، ولا وجود لديانة أو مكون آخر فيها، ولكن بسبب الضغط تم تهجير أهالي ثلاثة قرى إيزيدية هي (باصوفان، بافلون وفقيرا)، ولم تقبل سلطات الاحتلال التركي عودة بعض العوائل إلى قرية بافليون وأجبرتهم على العيش في قرية قطمة، وحوّلت قرية بافلون إلى مركز لمستوطني الغوطة، وبنوا فيها مسجداً.

أما في في فقيرا فجرى توطين المسلحين وعوائلهم المستقدمين من الغوطة، في إطار التغيير الديمغرافي للمنطقة، وسعياً لإمحاء جذور الديانة الإيزيدية، تماماً كما فعل داعش في شنكال، ولا يتجاوز عدد العوائل الإيزيدية التي بقيت في فقيرا 15 عائلة من أصل 250 عائلة، ومعظمهم من كبار السن.

Post source : عفرين بوست

مقالات ذات صله

Show Buttons
Hide Buttons