عفرين بوست ــ خاص
تواصل “عفرين بوست” عبر سلسلة تقارير مكتوبة رصد الواقع الحالي للقرى والبلدات والمزارع في إقليم عفرين المحتل شمال سوريا، من نواحي الديموغرافيا والانتهاكات والتغييرات التي أحدثها الاحتلال التركي وميليشياته عليها.
وفي هذه المحطة نتوقف على قرية فافرتين التابعة لناحية شيراوا بريف إقليم عفرين الشرقي.
التاريخ
قرية “فافرتين” إحدى القرى التي تقع ضمن كتلة المدن المنسية التي يعود تاريخ بنائها إلى القرن الأول والسابع الميلاديّ، وتحتوي القرية على أقدم كنيسة مؤرّخة في “سوريا” من نوع البازليك، وفافرتين” كلمةٌ سريانيّة وتعني “قرية ثمر التين”. وفيها نحو ٢٠٠ كهف وعلى مدخل الكهوف رموز ورموز.
“فافرتين” كانت قرية أثرية صغيرة تقع على جانبي الطريق القديمة التي كانت تصل قلعة “سمعان” بمدينة حلب وقد تهدّمت معظم آثارها، وتقع اليوم جنوب مدينة “عفرين” بنحو (٢٣) كم وشرق قلعة “سمعان العمودي” بنحو (٧) كم
أهالي فافرتين هم أبناء عائلة واحدة وعُرف من أسلافهم الأخوين (عزالدين وقرش)، وكانوا من أتباع الديانة الإيزيدية ولا يعرف تاريخ محدد لدخولهم الإسلام إلا أنّ المتداول بين أهلها أنه أقل من قرن. ويعتمد أهالي فافرتين على تربية الماشية أولاً وزراعة القمح والشعير والخضار.
فافرتين كانت تابعة إدارياً لناحية شيراوا كغيرها من قرى جبل ليلون، خلال فترة الإدارة الذاتية، وكل سكانها الأصليين هم من الكرد، مع بدء العدوان التركي عانت القرية من ظروف الحصار، ولأنها تقع جنوب مدينة عفرين فقد تأخرت السيطرة عليها من قبل الجيش التركي وميليشيات تنظيم الإخوان المسلمين، ذلك لأن قوات العدوان تعمدت ترك معبر لتهجير الأهالي من عفرين إلى مناطق الشهباء.
ما بعد الاحتلال
في 18/3/2018 دخلت القوات الغازية مدينة عفرين، وبذلك أُغلق المعبر، وتم احتلال القرية في 21/3/2018، من قبل ميليشيا “فيلق الشام” المرتبطة بتنظيم الإخوان المسلمين والمقربة من أنقرة.
وأفاد مصدر بأن مسلحي الميليشيا يضيّقون على السكان الكرد الأصليين، وهجّروا أكثر من نصف قرية فافرتين، وتم توطين مئات من المستوطنين القادمين من ريف حلب الغربي، مضيفا أن عدد منازل القرية قبل الاحتلال كان 175 منزل بواقع سكاني يتجاوز 500 نسمة، إلا أن عدد منازل السكان الأصليين الكرد بالقرية حالياً هو فقط 50 منزلاً أي أن أكثر من 70% من الأهالي باتوا مهجرين.
بالمقابل فقد جلبت قوات الاحتلال وميليشياته نحو 600 مستوطن من ريف حلب الغربي وأسكنوهم في البيوت المستولى عليها في القرية للمواطنين المهجرين.
بحسب مصدر من القرية فإن المدعو “أبو علي عطشان” هو متزعم المسلحين الذين يحتلون القرية من ميليشيا فيلق الشام ويبلغ تعدادهم نحو 100 مسلحاً، وهناك ثلاثة مقرات للميليشيا في القرية، أحدها على أطراف القرية، حيث تم الاستيلاء على حقل زيتون تعود ملكيته للمواطن “جميل حسن حنو” وبناء مقر فيه، والثاني في مدجنة المواطن “إبراهيم خليل شيخو، والمقر الثالث يقع في مفرق القرية حيث في منزل المواطن “إبراهيم شوتي” إلى مقر.
يمارس مسلحو ميليشيا “فيلق الشام” أسوأ أنواع الانتهاكات بحق الأهالي الكرد المتبقين في القرية، لدفعهم للخروج من القرية بالقوة.
ويشير المصدر إن مساحات واسعة من ممتلكات المدنيين تم الاستيلاء عليها من قبل المستوطنين والمسلحين، منوها أن كل الذين خرجوا من القرية، باتت ممتلكاتهم مباحة للمسلحين والمستوطنين ويعتبرونها “غنيمة” ولأنهم استولوا على الممتلكات بالجملة، لا يفرض المسلحون إتاوات شهرية على القرية.
وفيما يتصل بالمباني العامة والخدمات قال المصدر أن دوام المدرسة متقطع، ولا يتوفر الكهرباء ولا الماء وكثير من مقومات الحياة مفقودة في حين بقي مسجد القرية على وضعه.
انتهاكات
في مطلع أبريل / نيسان 2020 أقدم مسلحون من ميليشيا “فيلق الشام” على طرد الشاب “عادل أحمد” من قرية “فافرتين” من منزله ثم ضربه بشكل وحشيّ وإهانته ونقله إلى أحد سجونهم.
مع مطلع شهر ديسمبر/ كانون الأول الماضي تعرضت عدة قرى للحصار بسبب عملية تفجير أدت إلى مقتل ضابط تركي ومتزعم في ميليشيا فيلق الشام، فتعرضت عدة قرى للحصار والاقتحام واختطاف مواطنين، ويوم السبت 5/12/2020 داهمت دورية مسلحة من الميليشيا يتزعمها المدعو” حمود صبحي الجر” (ينحدر من قرية كفرنتين بريف حلب الغربي) منزل المواطنة الكُردية كردستان محمد بركات” واختطفوها واقتادوها إلى مقرهم في قرية باصوفان المجاورة، مستغلين انشغال زوجها بالعمل خارج القرية، ولم تعرف التهمة الموجهة إليها. وهددوا زوجها بالقتل، بسبب المساعي التي يبذلها للإفراج عنها.
المقاومة
بسبب وقوع القرية على خط التماس، فقد كانت هدفاً لعمليات المقاومة وعمليات قوات تحرير عفرين، لتكون شاهدة على انتكات الاحتلال ومآثر المقاومين، وتلك مفارقة من الحاضر.
بتاريخ 29/7/2018 فجر مقاتلو المقاومة عبوة ناسفة تحت السيطرة بسيارة عسكرية عائدة لميليشيا “أحرار الشام” على الطريق الواصل بين قريتي فافرتين وبرج حيدر التابعتين لناحية شيروا، حيث تم تدمير السيارة ومقتل عدد من المرتزقة كانوا بداخلها.
ففي 23 تموز 2019، أعلنت القوات أن مقاتليها نفذوا هجوماً استهدف مواقع وتحصينات ميليشيا (فيلق الشام) في قرية فافرتين واشتبكت معهم وجهاً لوجه مع المسلحين، وأسفرت العملية عن مقتل ثلاثة مسلحين وإصابة اثنين آخرين بجروح، وتدمير ثلاثة تحصينات. وعندما حاول عدد من المرتزقة التدخل، فجرت القوات عبوة ناسفة بسيارة كانت تقلهم، ما أدى إلى مقتل ثلاثة مرتزقة آخرين بينهم قائد ما يسمى (فيلق الشام) في القرية المذكورة المرتزق ياسين ابراهيم منصور ومساعده إضافة إلى مرتزق آخر، كما تم تدمير العربة.