مايو 19. 2024

أخبار

من داخل الأعمال الدموية لمرتزقة تركيا السوريين

عفرين بوست ــ متابعة

نشرت مجلة ناشيونال انترست الأمريكيّة تقريراً بعنوان “داخل الأعمال الدمويّة للمرتزقة السوريين في تركيا”، وتضمن دراسة حول الفساد المستشري في صفوف الميليشيات التابعة للاحتلال التركيّ، وحالة الارتزاق التي دفعت بالمسلحين السوريين للانضمام إلى جبهات القتال في ليبيا وأذربيجان، وأكدت أنّ الفساد مترسخ في العملية، والمستويات العالية من الكسب غير المشروع – التي تتعلق بالتجنيد، والتمركز، والعودة – وهو ما يعمل على تقوية الجهات المسلحة في شمال غربي سوريا، وهو دليل على كيفية دعم التدخلات الأجنبية لاقتصادات الحرب. كما ذكر التقرير أنّ تم تجنيد الأطفال والسجناء الكرد.

بيع العتاد والذخيرة

ذكر التقرير أن السلطات التركية استجابت لطلب حكومة الوفاق في طرابلس بطلب الدعم لصد هجوم شنته قوات الجنرال خليفة حفتر المسيطر على شرق البلاد، في أبريل 2019، لكن مسؤولو المخابرات التركيّة بدأوا تجنيد السوريين وإرسالهم بدل قوات تركيّة.

نقل التقرير شهادات لمسلحين مرتزقة سوريين أحدهم أحمد (اسم مستعار) قاتل أحمد في سوريا مع ميليشيا الحمزة، وفي أوائل عام 2020 توجه على متن طائرة إلى العاصمة الليبية المحاصرة. وكان أحمد الحمزات واحداً من ثماني جماعات مسلحة تعاقدت على إرسال مرتزقة إلى ليبيا. وأشار إلى أنّه في سوريا نادراً ما يُجبرون على القتال. وأنهم ينسحبون إذا أصبحت ظروف الاشتباكات غير مواتية، ويقاتلون لاحقاً. واكتشف أن الأمر مختلف في ليبيا، وعندما رأى خط المواجهة في جنوب طرابلس، طلب العودة إلى دياره. لكن قائده رد: “المجيء إلى ليبيا كان اختيارك، والعودة ليست كذلك”.

أفاد أحمد بطبيعة الظروف الصعبة وأنّ أول دفعة من راتبه ستكون في غضون ثلاثة أشهر عند عودته إلى سوريا. فتملكه اليأس. وبعد فترة فهم أحمد كيفية عمل الأشياء. قال: “قدمنا ​​صاحب متجر إلى السوق السوداء، حيث يمكننا بيع ذخيرتنا وأسلحتنا ثمناً للبقالة”. بعد شهرين، عاد أحمد إلى منزله مصاباً بحوض ممزق وتلقى ربع المبلغ المستحق البالغ 10 آلاف دولار. “عندما اشتكيت، قالوا هذا ما لدينا من أجلك. أفاد أحمد: “إذا لم يعجبك، يمكنك تقديم شكوى”. ولم تكن تجربة أحمد الوحيد بل هو حال كل المرتزقة.

سيف بولاد تولى التجنيد إلى ليبيا

المدعو سيف أبو بكر متزعم “الحمزات” التي تشكلت عام 2013 معروف بعناده وقسوته، وقد تلقى الحمزات تدريبات ومعدات مباشرة من الولايات المتحدة والمملكة المتحدة. وكان الدعم أولاً لمواجهة نظام بشار الأسد، و”داعش”.

عام 2016، استخدمت تركيا “الحمزات” في عملياتها العسكرية ضد قوات سوريا الديمقراطيّة، واختارت المخابرات التركية سيف أبو بكر ميليشيا “الحمزات” لتجنيد المرتزقة إلى ليبيا. الآن، وبرنامج الارتزاق التركيّ أبو بكر ومتزعمي آخرين لتأمين مصادر الإيرادات والسلطة التي اعتادوها في الحرب الأهلية الدمويّة.

في سوريا، لم يضع الضباط الأتراك أيّ قيودٍ على عدد المجنّدين للجبهة الليبية – لأن تدفق السوريين يوفر مزيداً من الوقت لتدريب المقاتلين الليبيين وتحرير أفراد حكومة الوفاق الوطنيّ وسرعان ما استغل المتزعمون السوريون ذلك. وكلما زاد عددهم في ليبيا، زادت قدرتهم على الاستقلال عن القمة.

تجنيد الأطفال والسجناء الكرد

المدعو “أبو سعيد”، مسلح في إحدى الميليشيات لم يتفاجأ لسماع مشاكل أحمد بشأن راتبه. وأكد أن “متزعمي الميليشيات حتى اليوم يصادرون الرواتب”. وقال عندما كان القتال في ليبيا في أوجه، كان علينا إرسال أكبر عدد ممكن من المرتزقة، وطلب الأتراك 2000 شخص. وفصيلنا قوامه 500 جندي فقط. لذلك، بدأنا بإرسال أطفال ليس لديهم أيّ خبرةٍ عسكريّة “.

وأظهرت جداول التجنيد التي قدمها سعيد أن ثلاثة مقاتلين على الأقل أرسلوا إلى ليبيا تقل أعمارهم عن 18 عاماً. وأصبح شحن أي شخص متاحاً طبيعياً. واجتاحت الميليشيات السجون ومنحت الرجال الكرد المحتجزين خيار القتال أو البقاء في الحبس. وأشار سعيد إلى أنّ “العديد من الكرد قبلوا العرض على مضض”.

اهتمام تركي أكبر بأذربيجان

في 27/9/2020، شنت أذربيجان هجمات جويّة وبريّة على ناغورنو كاراباخ، ما أشعل الصراع بين القوات الأذربيجانيّة والأرمنيّة وقوات كاراباخ المحليّة. وكان المدعو “سعيد” يجنّد مجدداً للحرب في القوقاز، ولكن كان عليه تغيير تكتيكاته.

كما هو الحال في ليبيا، استعانت المخابرات التركيّة بمصادر خارجية لتجنيد القادة السوريين. لكن تلك الأيام الحرّة بلا قيود وقليل من الإشراف قد ولت، ووفقاً لسعيد، أولى الأتراك “اهتماماً أكبر، وأصرّوا على إرسال مقاتلين متمرسين”. تحسنّت عملية التدقيق. وفهم المجنّدون، نظرة الأتراك للأذربيجانيين على أنّهم “إخوة”، وكان دعمهم لأذربيجان أيديولوجيّ، بعكس دعم حكومة الوفاق الوطنيّ الليبيّة، والذي كان “تعاقدياً وقائماً على المصالح الجيوسياسيّة”.

استغلال الحاجة للتجنيد

كان الفساد مستشرياً في برنامج الارتزاق التركيّ في أذربيجان أيضاً. وحارب حسن، (25 عاماً) من حلب، في ناغورنو كاراباخ لمدة 55 يوماً. قال لنا: “قيل لي إنّ راتبي سيكون 2500 دولار شهرياً وسأكون حارس حدود”. ومن المفارقات أنّه رغم مطالب المخابرات التركيّة بالخبرة، فالسوريون الذين أُرسلوا إلى أذربيجان كانوا مجرد وقود للمدافع. وأدرك حسن نقصَ التجهيز. “كان الاستهداف عالي الدقة أمراً مخيفاً للغاية بالنسبة لي. لم أشعر أبداً بالخوف بنفس الطريقة في سوريا”. بعدما أصيب برصاص قناص، عاد حسن إلى المنزل، وحصل على 1500 دولار فقط.

والمرتزقة المجندون سعيد هم في غالبيتهم من الشباب الذين لا دخل لهم ولديهم فرص قليلة للتوظيف. رأى الأشخاص الذين تمت مقابلتهم أن الرحلات إلى ليبيا أو أذربيجان فرصة لتوفير المال على مدى بضعة أشهر، وبناء رأس مال صغير، وبدء عمل تجاري صغير في الوطن. وُعد العديد من السوريين الذين سجلوا للقتال في ليبيا وأذربيجان، في حالة وفاتهم، بأن أفراد أسرهم سيحصلون على الجنسية التركية.

لم يمضِ وقت طويل قبل أن يستفيد المتزعمون السوريون من خطة منح الجنسية هذه أيضاً. وبدأ تقديم الطلب على الجنسية التركية لمن يدفع أعلى سعر. بدلاً من منحها لأسرة المقاتل القتيل، وأي شخص يمكنه تحمل الرشوة يحصل على مستندات مزوّرة. مع نمو عملية الاحتيال، اضطرت المخابرات التركية إلى إنهاء البرنامج بالكامل.

تحريض دينيّ وعرقيّ

نظراً للسخرية والسعي الصريح للربح الذي ساد البرنامج، كان القليل من المرتزقة مهتمين بأسباب القتال. ولتحفيزهم، حاول المسؤولون الأتراك تصوير الحرب الأهلية السورية على أنها صراع عالمي، أو مناشدة للدين أو العرق.

اتبعت أنقرة وسائل عديدة لتحريض المرتزقة السوريين للفتال في أذربيجان، فبعد ساعات فقط من وصولهم إلى أذربيجان، عرض متزعمو الميليشيا (حسن وآخرون) مقطعاً مصوراً يُزعم أنّ جندياً أرمنياً بقر بطن امرأة أذربيجانية مسلمة حامل. واستاء المرتزقة السوريون. وقيل لآخرين، زوراً، أنَّ يريفان جنّدت كرداً من سوريا للقتال في ناغورنو كاراباخ. ووفقاً لمرتزق سوري آخر، فإنّ معظمهم لا يهتمون كثيراً.  الأمر نفسه في ليبيا، أخبر الضباط الأتراك المرتزقة السوريين أنّهم يقاتلون نظام الأسد. بعدما قامت الشركات العسكريّة الخاصة الروسية، بما في ذلك “مجموعة فاغنر”، بتجنيد سوريين من الأراضي التي تسيطر عليها دمشق للقتال في صفوف الجيش الوطني الليبيّ. وبعكس نظرائهم الأتراك، فقد تلقوا تدريباً مستمراً ودفعت أجورهم كاملة.

تعاطي الحشيش والمخدرات

ذكر التقرير وبشيء من التفاصيل تعاطي المرتزقة السوريين للحبوب المخدرة وقال “محمد” ــ مرتزق سوريّ في قاعدة في ليبيا منذ عام: “الحشيش، أكثر شعبيّة من الكريستال ميث لأنه أرخص. وأضاف: “لدينا الكثير من وقت الفراغ”. نادراً ما يغادر المرتزقة قواعدهم. في البداية، أثناء القتال، كان هذا لأنهم كانوا يخشون الاختطاف. الآن، هم يعرفون أن عزلتهم هي نتاج كراهية الليبيين. يقول محمد أنّ الليبيين يعتبرونهم مخرّبين. كما أنَّ المرتزقة السوريين لا يحظون بشعبية بين الميليشيات الليبية. ومثلاً في أوائل أغسطس، قتل اثنان من المرتزقة السوريين المتمركزين حول مطار معيتيقة في طرابلس في هجوم مجهول.

مقالات ذات صله

Show Buttons
Hide Buttons