عفرين بوست ــ خاص
تم تداول صور جديدة لأعمال ترميم مئذنة مسجد ناحية “شيه/ شيخ الحديد” مؤخرا، وقد رُفع عليه العلم التركي، بعد حادث إسقاط المئذنة في الثامن من مارس الماضي، عندما انهارت مئذنة المسجد القديم في بلدة “شيه\شيخ الحديد” في ريف إقليم عفرين الكردي المحتل.
ويُعرف المسجد باسم «الجامع التحتاني»، والمئذنة التي سقطت عمرها أكثر من مئة سنة، فقد بُنيت عام 1912، وكان سقوطها نتيجة أعمال الحفر التي قام بها مسلحون تابعون لمليشيا “لواء السلطان سليمان شاه” المعروف بـ”العمشات” المحتلة للناحية، بحثاً عن قطع ولُقى أثرية محتملة.
وقد مرّ خبر سقوط المئذنة دون أن يستدعي الانتباه الكافي (رغم تسليط “عفرين بوست” الضوء عليه حينها)، حيث جاء سقوط المئذنة التاريخيّة في سياق الانتهاكات المرتكبة بالجملة وأهمها أعمال الخطف والقتل وطلب الفديات وفرض الإتاوات.
وكانت قد قالت “إيرينا بوكوفا”، مديرة منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة، اليونسكو، في السادس عشر من سبتمبر العام 2015 “إن المواقع الأثريّة في سوريا تنهب “على نطاق مذهل”، وإن عوائد بيع هذه الآثار المنهوبة تمول متطرفي تنظيم “الدولة الإسلامية، وهذا الواقع لم يتغير في عفرين، فالآثار تنهب عبر مهربين إلى تركيا ويتاجر بها وبتاريخ الإقليم.
فيما يؤكد مراقبون من عفرين أن إسقاط المئذنة التاريخية لمسجد “شيه”، كان يهدف لإنهاء تاريخ وإمحاء ثقافة المنطقة، وهو الهدف الأهم من كلّ أعمال التنقيب والنبش عن الآثار وكذلك الترميم التي تجري على بعض المساجد مثل مسجد النبي هوري ومسجد عمر بن الخطاب.
ويوضح مراقبون أن ما يجب الوقوف عليه في موضوع سقوط المئذنة هو أن أعمال الحفر والنبش كانت تتم علناً على مدى شهرين وفي موقع مهم من البلدة قريب من الساحة، دون اعتراض أو تدخل رسمي مما يسمى بـ “جهاز الشرطة” أو “المجلس المحلي” الذي أنشأه الاحتلال، لمنع التلاعب بالمسجد أو في الحد الأدنى، منع التعدي على الأملاك الخاصة، قد سبقه الاستيلاء على المحلات التجارية القريبة منه وهدمها، ثم انتقلت أعمال الحفر إلى صحن المسجد نفسه.
ولم تبادر ميليشيا “العمشات” ولا الاحتلال التركي لتبرير الحادث أو حتى نفي المسؤولية كما هي العادة، ما يدل أنهم يتعاملون مع آثار المنطقة على أنها ملكهم، ولا يستدعي الأمر الاعتذار من أي طرف ولا حتى من أهالي الناحية الكُرد الأصليين.
وفي بعد آخر، يكشف إسقاط المئذنة التاريخية لمسجد “شيه”، أن الشعارات الدينية التي يسوقها الاحتلال ومسلحو الميليشيات التابعة تنظيم الإخوان المسلمين، شكلية ودعائية فقط، حيث من المعروف أن المساجد في العرف الديني، تعتبر بيوت الله ولها حرمتها وموقعها من القداسة، والأمر نفسه جرى عبر التعديات على المزارات الدينية والقبور.
ومنذ أيام، تداول ناشطون صوراً لمشروع بناء مئذنة جديدة لمسجد “شيه”، وقد رُفع العلم التركي عليها، وهو المشهد ذاته في مسجد النبي هوري، الذي يتم ترميمه مع إضفاء ملامح عثمانية عليه، وبالتالي إمحاء الذاكرة الثقافية والاجتماعية، وهو الهدف الأعمق لعملية التتريك والتي من شأنها أن تبقى لمراحل طويلة، ما يمكن قوله إن عملية سطو ممنهجة على ثقافة عفرين وتاريخها لصالح التتريك، في ظل صمت عالمي مريب.