عفرين بوست
أجمعت عدد من الصحف الفرنسية على أن العدوان الذي يقوم به الرئيس التركي رجب طيب إردوغان في ليبيا، يكشف عن وضعه الداخلي المتأزم ومحاولاته المستميتة من أجل إشغال الشعب التركي عن جرائم القمع والوضع الاقتصادي المنهار، حيث أكدت صحيفة «لوموند» أن هجوم إردوغان على المنطقة الغربية من ليبيا كان بتواطؤ من حكومة الوفاق برئاسة فايز السراج، مشيرة إلى أنه لا ضرورة بعد الآن لطرح السؤال عن «طرابلس التركية».
ورأت «لو فيغارو» من جهتها أن النقاط التي سجلها إردوغان هي جزء من الموقف الإقليمي العدواني المتزايد لتركيا، ودورها المزعج في المنطقة، إذ لا يتردد إردوغان في استحضار ذكرى الإمبراطورية العثمانية بقوله عن ليبيا إنها «الأرض التي صنع فيها أجدادنا التاريخ».. وفقا لما ذكره موقع (24) الإماراتي.
وعنونت «لوفيغارو» على صفحتها الأولى «لعبة إردوغان الخطيرة في ليبيا»، متحدثة عن «سوريا جديدة على أبواب أوروبا» ومحذرة من تمركز خلايا الإرهاب ومهربي البشر على تخوم الاتحاد الأوروبي إذا استمر التصعيد العسكري التركي، ومن تحول ليبيا إلى بؤرة لعدوين لأوروبا هما تركيا وروسيا إذا اتفقتا على تقاسم البلاد، ودعت الصحيفة في افتتاحيتها الاتحاد الأوروبي إلى حملة «دبلوماسية فاعلة من أجل إنقاذ الليبيين من القيصر والسلطان».
ووصفت «لو فيغارو» إردوغان، بـ»سلطان ليبيا» مشيرة إلى أنه وضع ثقل بلاده لدعم التيار الإخواني في ليبيا، حتى أصبح في وضع يتيح له تقرير سياسة هذا البلد واستنزاف ثرواته، في سياق التوتر الجيوسياسي وسباق على الموارد الهيدروكربونية في منطقة شرق المتوسط.
وفي ذات الصدد، أكدت صحيفة «لا كروا» الفرنسية أن سبب تزايد النشاط العدواني التركي، هو رغبة إردوغان في الاستمرار في سياسته لفرضها في المنطقة، ونقلت الصحيفة عن متخصصين ومحللين سياسيين أن «هذه النجاحات هدفها قبل أي شيء آخر، تعزيز قوة إردوغان الذي يوجد في وضع هش للغاية في الداخل».
وأجمعت استطلاعات الرأي التي أجريت بين أبريل ومايو الماضيين في تركيا، حول احتمال تنظيم انتخابات برلمانية ورئاسية مبكرة، على تلاشي أصوات حزب العدالة والتنمية وحليفه حزب الحركة القومية، وتراجعها إلى أدنى مستوى، لصالح أحزاب المعارضة بما فيها الأحزاب الجديدة، إضافة إلى هزيمة مؤكدة لإردوغان، إذا دارت انتخابات الرئاسة في هذه الأيام، بسبب انشغاله بإقحام جيش بلاده في مغامرات عسكرية خارجية لإلهاء كبار الضباط والقادة بحروبه خوفا من محاولة انقلاب جديدة.
وأكدت صحيفة «لوموند» الفرنسية أن الروس والأتراك يتقاسمان ليبيا، ورأى فريديريك بوبان أن الانقسامات والضعف الأوروبي ترك المجال أمام موسكو وأنقرة لتقاسم مصالحهما في ليبيا في الفترة الأخيرة، لكن خطورة الثنائي تكمن، وفقا للكاتب، في أن بوتين قد يستعمل الورقة الليبية ليجبر إردوغان على التنازل بما يخدم مصالحه في شمال سوريا.
وتساءلت مجلة «لوبوان» الفرنسية، في تحقيق مطول «هل أصبح البحر الأبيض المتوسط مياها تركية»؟، فيما عنونت صحيفة «لوفيغارو» من جهتها في مقال تناول التطورات الأخيرة في شرق المتوسط «حين تهدد البحرية التركية فرنسا»، مشيرة إلى استهداف البحرية التركية فرقاطة «كوربيه» ثلاث مرات في 10 يونيو الحالي، قبالة الساحل الليبي حيث تعمل القطعة الحربية الفرنسية على فرض احترام حظر الأمم المتحدة إرسال السلاح في ليبيا.
وتقول «لوبوان»: «حان الوقت ليضع الفرنسيون والألمان والإيطاليون مشاكلهم جانبا ويشكلوا جبهة واحدة للحد من التوسع التركي في ليبيا، فالانتصارات التي حققها رجب طيب إردوغان في ليبيا في الأسابيع الأخيرة قلبت الموازين، بعد تزويد ميليشيات الوفاق بالضباط، والطائرات دون طيار، والميليشيات السورية التي جندها الرئيس التركي في ليبيا، والتي قدمت خدمة كبيرة للميليشيات التابعة لطرابلس».
وترى المجلة أن الرئيس التركي سيستغل تدخل بلاده في ليبيا للبقاء لأطول مدة ممكنة فيها، قبل التمركز في شمال أفريقيا بمساعدة جماعة الإخوان المسلمين، وتضيف أن الأتراك استغلوا الصراع الليبي لفرض حضورهم في البحر المتوسط، في غياب الاهتمام الأمريكي، وفي ظل الخلافات الداخلية بين دول الاتحاد الأوروبي.
وصعدت باريس موقفها أخيرا من التدخلات التركية في ليبيا، ووصفتها بـ»غير مقبولة» مؤكدة أن «فرنسا لا يمكنها السماح بذلك»، ونددت الحكومة الفرنسية بسلوك «عدواني للغاية» من جانب تركيا، العضو في حلف الأطلسي، ضد فرقاطة فرنسية في مهمة للحلف في البحر المتوسط خلال محاولة التدقيق في سفينة شحن يشتبه في نقلها أسلحة إلى ليبيا.