عفرين بوست-خاص
يواصل المسلحون التابعون للاحتلال التركي وتنظيم الإخوان المسلمين، العبث بآثار عفرين بهدف تدميرها ومحوها، في إطار مساعيهم لإزالة الدلائل والآثار الدالة على شعوب المنطقة الأصلية، إضافة للتنفع المالي من بيع القطع الاثرية للاحتلال التركي.
وفي السياق، نُشر في الآونة الأخيرة على إحدى الصفحات التي تقوم بعرض الآثار المسروقة والتنقيبات غير المشروعة، مقطع فيديو يظهر فيه قرية أثرية يسرد فيه الناشر عن قيامه بحفريات سرية وتخريبية بغية البحث عن الاثار والمقتنيات الثمينة، تمهيداً بشكل غير مباشر للقيام بحفريات سرية جديدة.
وتسمى الصفحة بـ “كنور ودفائن الماضي السلطان أحمد”، وتسعى إلى الترويج للفكر العثماني، من خلال تمجيده، والسعي إلى التنقيب عن الأثار استناداً على إشارات أو أي علامات قد تدل ربما وفقاً للمجموعة الفيسبوكية إلى دفائن وكنوز، يجري العمل على استخراجها بشكل خاص من المناطق السورية، من خلال سرقة الاثار وبيعها للاحتلال التركي.
ويعرض القائمون على الصفحة والمجموعات السرية المتصلة بها بشكل دوري صوراً للمناطق التي يجري تخريبها بهدف البحث عن الاثار، متعمدين عم الإشارة بأي شكل إلى المنطقة التي تجري فيها عمليات البحث غير المشروع التي تهدف إلى بيع الآثار وتاريخ البلاد، وكان من بينها وفقاً لمصدر خاص بـ “عفرين بوست” مقطع مصور لـ التخريب والحفر في قرية كفر نبو الأثرية التابعة لناحية شيراوا.
ووفق المصدر، حيث يظهر في الفيديو عدة مباني أثرية وهي “الفيلا الرومانية” المميزة بطراز شبابيكها، وأيضاً الفندق المؤلف من طابقين يتقدمه أعمدة والمدفن الموجود في الشرق من الفندق.
وأشار المصدر الأثري لـ “عفرين بوست” إن قرية “كفر نبو” مهمة جداً، وذلك لأن مار مارون بدء منها بنشر الدين المسيحي ومكث فيه حتى موته ثم نُقل جثمانه لقرية براد”، كما أكد المصدر إنه عقب إطباق الاحتلال العسكري التركي على عفرين، تعرضت أكثر من ٧٠ % من المواقع الأثرية للنهب والتخريب.
ومنذ إطباق الاحتلال العسكري التركي، استخدم جيش الاحتلال التركي ومسلحوه اجهزة متطورة للكشف عن الاثار والمعادن، وسبق أن أكد أهالي أن جيش الاحتلال اخرج كميات من الذهب المدفون في قرية بعرافا على الاقل، إضافة للحديث الدائم عن التنقيب في تلال عفرين الاثرية، والتي يؤكد خبراء الاثار تضمينها طبقات عدة، وبالتالي احتواء اثار من حقب مختلفة تعود لحضارات تعاقبت على المنطقة.
وبداية نوفمبر العام 2019، عرض مستوطن يدعى “محمد العلوش” وينحدر من محافظة ادلب، صوراً للوحات فسيفسائية، لم يعلق عليها بشيء على صفحته في الفيسبوك، لكنه رد على تعليقات أصدقاء له استفسروا عن موقع اللوحات، حيث أجاب إنها في النبي هوري.
وكان قد قال مصدر خاص لـ “عفرين بوست” حينها أن الصور التي عرضت على أساس أنها تنقيبات يقوم بها مسلحو المليشيات الإسلامية التابعة للاحتلال التركي وتنظيم الإخوان المسلمين، او اتباعهم من المستوطنين هي في الغالب “صحيحة”، واشار المصدر الذي لم يفضل الكشف عن اسمه لأسباب امنية تتعلق بوجود اقرباء له في إقليم عفرين الكُردي المُحتل، وهو “خبير اثري” أن صوراً أخرى وصلت لهم لمنحوتات وصور فسيفسائية على أنها من عفرين، لكنهم لا يستطيعون تأكيد تلك، بحكم أن الحديث يدور عن اكتشافات عقب إطباق الاحتلال العسكري التركي.
وأشار المصدر وقتها لـ “عفرين بوست” أنهم تلقوا صوراً للوحات تاريخية أخرى، قيل إنه تم كشفها حوالي جنديرس ودير بلوط والمناطق المحيطة بهما، حيث تم سرقة لوحات فسيفسائية بغية بيعها في السوق السوداء، ونوه إلى أنه تم تدمير وسرقة الموقع الاثري في علبيسكه، وأنه تم كذلك تخريب تلال كـ تل عقربة وتل جلمة وتل سلور وتل دير بلوط، وتل قرية استير، وهي جميعها قد دمرت باليات ثقيلة كالبلدوزرات، إضافة إلى مجموعة من المدافن والقبور تعود إلى الفترة الرومانية على طريق عفرين راجو.
وشدد المصدر آنذاك، أن المستوطنين العاملين لدى مليشيات الإخوان والاحتلال، قد تعمدوا خلال التقاط الصور عدم إطهار معالم الموقع الذي تم التصوير فيه، لكي لا يمكن تعقب المكان أو التأكد من كونه في عفرين أم لا، وفي السياق، قال مصدر آخر من أهالي عفرين حول الصور التي عرضها المستوطن “محمد العلوش”، أن “هناك لوحة اكتشفت في قرية بليلكو، مُشابهة لتلك التي عرضها المستوطن، قائلاً: “من منطلق التشابه، يمكن القول بأن اللوحات المنشورة من قبل المستوطن محمد العلوش قد جرى تصويرها في عفرين”.
ويسعى الاحتلال التركي إلى سرقة كافة الاثار التي تعود للتراث الإنساني العالمي، أو تدميرها، كما فعل عندما قصف خلال غزو عفرين يناير العام 2018، تلال اثرية كتل عين دارة الاثري، وهو ذات التل الذي حوله مسلحو المليشيات التابعة للإخوان المسلمين إلى ساحة للتدريب العسكري، دون أدنى اعتبار لأهمية تلك المواقع التاريخية للبشرية جمعاء.
وتؤكد الوقائع على الارض في عفرين، أن المستوطنين والمسلحين يقومون بالتنقيب العشوائي في عفرين، حيث لا يخشون تعقبهم من قبل الاحتلال التركي كونهم يعملون لصالحه، فيما كان استعراض المستوطن للآثار التي تم العثور عليها في النبي هوري، دليلاً آخر على مدى اللامبالاة التي ينظرون بها للمجتمع الدولي ومؤسساته، الصامتة عن كل الجرائم المرتكبة بحق أهالي عفرين وحجرها وشجرها، وهو ما بات يدفعهم للكشف عن أنفسهم ونشاطاتهم دون خشية من أي مُلاحقة.