عفرين بوست-خاص
تمكنت قوات الاحتلال التركي عبر مسلحي تنظيم الإخوان المسلمين ممن يعرفون بـ (الجيش الوطني السوري\الجيش الحر) في الـ 18 من آذار 2018 من إطباق احتلالهم العسكري على إقليم عفرين الكردي الذي كان يتمتع بإدارة ذاتية لشؤونه من خلال أبنائه وشعبه، حيث لم يطيب للاحتلال التركي ومسلحي تنظيم الإخوان المسلمين، أن يستحوذ الشعب الكردي حقوقه المشروعة أسوة بباقي المكونات السورية في مختلف أرجاء البلاد، فشنوا عملية عسكرية غادرة، كان هدفها الأساس حرمان الكُرد من تجربتهم الرائدة في تنظيم أمورهم وتأسيسهم مؤسساتهم الخدمية والحياتية، وصولاً إلى تهجير الكُرد من أرضهم، وتغيير ديموغرافية إقليمهم، من خلال استجلاب مئات آلاف المستوطنين ممن يتشكلون من عوائل عشرات آلاف المسلحين، الذين احلتوا عفرين.
ومنذ إطلاق الاحتلال العسكري التركي المرافق بمسلحي تنظيم الإخوان المسلمين، هُجر قرابة 350 ألف كردي من سكان عفرين الأصليين، فيما يقاسي الباقون من سكان الإقليم الأصليون على أرضهم والذين تختلف التقديرات حول أعدادهم، ويلات الاحتلال وانتهاكات مسلحي تنظيم الإخوان.
يوم الجراد..
ويصادف اليوم الثامن عشر من آذار\مارس، واقعة يوم الجراد، حيث توجه آلاف من مسلحي تنظيم الإخوان المسلمين ممن يعرفون بـ (الجيش الوطني السوري\الجيش الحر)، صوب عفرين التي كانت خالية على عروشها، عقب أن هجر منها مئات الآلاف من سكانها الأصليين على وقع تقدم القوات الغازية، نتيجة القوة العسكرية الكبيرة التي أستخدمت ضد الآلاف من شبان الإقليم ممن كانوا يحمون كرامة أهلهم من تدنيسها من قبل مسلحي تنظيم الإخوان المسلمين على مدار سبع سنوات من عمر تمردهم المسلح المستتر تحت مسمى (الثورة)، حيث صورت عدسات الكميرات آلاف المسلحين وهم يقومون بسرقة الجرارات ومحتويات المحال التجارية ومركبات الزراعية وأثاث المنازل، والمشاغل والمعامل، في مشهد يوحي تماماً بمفهموم الغزو والغنيمة، ما أكد بما لايدع مجال لدى المتشككين بحقيقة كون هؤلاء مجموعات من اللصوص التي باعت وطنها في سبييل المال، ورفعت العلم التركي في سبيل خدمة أجنداته والحصول على الغنائم، من سرقة باقي المناطق السورية وخاصة الكردية منها، بتشجيع واضح من قبل الاحتلال التركي.
تدمير تمثال كاوا الحداد..
وإلى جانب السرقة، شكل تدمير تمثال كاوا الحداد نقطة فارقة في عملية الاحتلال، اذ عرت عملية تدمير التمثال الذي يصور شخصية كُردية تاريخية، مدى الحقد والعنجهية التي يحملها المسلحون ومن ورائهم، إذ تم إطلاق مئات الأعيرة النارية نحو كاوا الكردي، وهو عاري الصدر، شامخ، مصر على تحدي جلاديه، وجلاوذة العثمانية الجديدة، دون أن يدركوا أن كاوا لن يسقط، وأن السقوط الحقيقي سيكون من نصيب من حاول النيل منه، وهي حتمية لا بد وأن تأتي يوماً مهما طالت، يقول أحفاد كاوا في كل مكان.
جحافل المستوطنين..
وبالتزامن مع خروج مواكب المهجرين قسراً من عفرين، من سكان الإقليم الأصلين، بدأت تتوارد تباعاً قوافل المستوطنين ممن تركوا أرضهم في أرياف حمص وحماه ودمشق وحلب ودير الزور، وارتضوا أن يكونوا رهائن للعبث التركي بالدماء السورية، وقبلوا أن يكونوا محتلين لأراضي غيرهم بحجة أنها سورية، غير مدركين أنهم تنازلوا بذلك عن كل ما كانوا قد يملكونه من كرامة، فكيف يمكن أن يكون للغازي والمحتل كرامة، وكيف يمكن أن يكون للعميل الذي يقاتل مكونات سورية أخرى لمنعها من استحواذ حقوقها كرامة، وهي أفعال وصفها العفرينيون بالخسة، متعهدين على النيل ممن ساهم فيها، مهما طال زمن الثأر لـ عفرين وأهلها.
ليلون وشيراوا..
فيما تحولت مناطق الشهباء وشيراوا إلى حاضنتين للمئات آلاف المهجرين من عفرين ومختلف قراها الـ366، فكانت شاهدة على ملايين الدموع المنهمرة كالمطر من عيون العفرينيين قبل العفرينيات، وهم كانوا شهوداً على نفاق العالم وكذب ما يدعيه من احترام حقوق الشعوب ومنحها الحق في الحياة الكريمة، فشهد قرابة مليون إنسان في عفرين، أكبر عملية تهجير قسري شهدتها الحرب السورية، وأكبر عملية استيطان وتغيير دميوغرافي.
ولا يزال العفرينيون في الشهباء وشيراوا وحلب وكوباني والجزيرة، على انتظار للحظة التي سيتم في تحرير أرجهم من رجس المحتلين الأتراك وعملائهم من تنظيم الإخوان المسلمين، في ظل تآمر دولي على عفرين، نتيجة المصالح التي تربط موسكو وواشنطن مع عاصمة الاحتلال في أنقرة، دون أن يكون ذلك مبرراً للأستكانة، حيث تحتاج عفرين إلى عهد دائم من أبنائها بالسعي إلى خلاصها من نير المحتلين، وبشتى الطرق المتاحة لهم، ليبقى السؤال: متى يحقق العفرينيون عهدهم لأرضهم التي تستصرخهم، ومتى ينقذون زيتونهم من بين الأيدي الغادرة التي تنالها، ومتى تعود مئات الرفات لآباء وأمهات لم يقبلوا أن يدفنوا في ديار الغربة إلا في توابيت قابلة للنقل، في انتظار لحظة العودة وراحة الروح بين ثنايا تراب عفرين!