عفرين بوست
اتهمت وزارة الدفاع الروسية للمرة الأولى اليوم الثلاثاء، منذ احتلال إقليم عفرين الكُردي شمال سوريا، على لسان رئيس المركز الروسي للمصالحة في سوريا، اللواء بحري أوليغ جورافلوف، سلطات الاحتلال التركي بأنها تقوم بتوطّين التركمان في مناطق طردت منها الأكراد، مما أدى إلى تغيير جذري في التركيبة الديمغرالفيى لتلك المناطق.
ولفت مركز المصالحة أن عدد المهجرين قسراً من سكان عفرين الأصليين نتيجة الغزو التركي المسمى بـ “غصن الزيتون”، قد بلغ نحو 250 ألف شخص، معظمهم أكراد، إضافة إلى تهجير أكثر من 135 ألف شخص، غالبيتهم أكراد أيضاً، نتيجة الغزو التركي المسمى بـ عملية “نبع السلام”، والتي احتلت عبرها قوات الاحتلال التركي والمليشيات الإسلامية التابعة لتنظيم الإخوان المسلمين، القطاع الممتد بين مدينتي سريه كانيه\رأس العين وكري سبي\تل أبيض.
كما أقر البيان بأن الاحتلال التركي ينقل غالبية اهالي إدلب باتجاه عفرين بغية الاستيطان في أراضي السكان الاصليين الكرد عقب تهجيرهم، فقالت: “وفق بيانات مركز المصالحة فإن عدد سكان مناطق إدلب الخاضعة لسيطرة الجماعات الإرهابية بحلول 1 يناير عام 2020 لم يتجاوز 1,8 مليون نسمة، بينهم نحو 210 آلاف في المناطق التي سيطر عليها النظام السوري جراء عملياته العسكرية في يناير وفبراير الماضيين، وما لا يزيد عن 50 ألفاً في منطقة العمليات الواقعة جنوب الطريق M4”.
وأشارت لذلك الاستيطان بالقول: “وسائل المراقبة الموضوعية، منها طائرات مسيرة، وشهادات السكان المحليين تكشف ما يلي من التنقلات السكانية في المنطقة، وهي وفق له تتم إلى:
1- إلى الأراضي التركية انتقل ما لا يزيد عن 35 ألف شخص، وهم أفراد عائلات جماعات إرهابية كـ”هيئة تحرير الشام” (جبهة النصرة” سابقا) و”حزب الإسلام التركستاني”، و”حراس الدين”.
2- إلى ما تسمى بـ منطقة “غصن الزيتون” (عفرين) – نحو 50 ألف شخص (رغم أن العدد أقل بكثير من تقديرات أهالي عفرين ومراسلي “عفرين بوست”).
3- إلى المناطق المحاذية للحدود التركية – نحو 100 ألف شخص.
4- إلى مناطق خاضعة لسيطرة النظام السوري – حوالي 50 ألف شخص.
ومن المعروف بأن روسيا كان لها الدور الأبرز في عملية التنازل عن عفرين ضمن اجتماعات الاستانة مع تركيا، مقابل إخلاء مناطق بأرياف دمشق وحمص وحماه وإدلب من المليشيات الإسلامية التابعة للاحتلال التركي وتنظيم الإخوان المسلمين، ولطالما تظاهر المهجرون قسراً من عفرين في مناطق الشهباء، أمام النقاط الروسية خاصة في قرية الوحشية، مطالبين موسكو بتصحيح خطأها وإعادة عفرين إلى أهلها، والسماح لهم بحكم أنفسهم بأنفسهم ضمن سوريا لامركزية، مؤكدين أن ذلك سيضمن حياة كريمة لهم دون تسلط أحد عليهم.
ويؤكد أهالي عفرين أن الهم الأول لهم حالياً، يتمثل في العودة إلى قراهم ومدنهم التي غزاها المسلحون وذووهم المستوطنون من أتباع تنظيم الإخوان المسلمين، والذين عاثوا في الإقليم فساداً لم تعهده على مدار مئات السنين.
وقام المسلحون خلال فترة احتلالهم القصيرة مع الغزاة الأتراك، بخطف المدنيين الكُرد وتعذيبهم والحصول على فدى مالية منهم، والاستيلاء على أملاكهم واستيطان بيوتهم وقراهم ومنعهم من العودة إليها، والتمييز العنصري بحقهم وحرمانهم من المساعدات، وسرقة أملاكهم وبيوتهم وسياراتهم ومزارعهم ومواسم الزيتون ومختلف المواسم الزراعية التي يُعرف بها الإقليم.
كما قام المسلحون وذووهم المستوطنون بانتهاك حرمات الإقليم، فدمروا المزرات المقدسة وقطعوا الأشجار المعمرة ودنسوا مزارات الشهداء، كما كانت لهم اليد الطولى في تبرير الغزو التركي للإقليم، من خلال الإفتراء والإدعاء بأن الكُرد يريدون تقسيم سوريا، لتثبت سنوات الحرب التسع وطنية الكُرد وعمالة تنظيم الإخوان المسلمين وتبعيته للمحتل التركي الساعي لاقتطاع الأراضي السورية واستعادة ما تسمى بـ “الخلافة العثمانية” البائدة.
وكان القائد العام لقوات سوريا الديمقراطية مظلوم عبدي، قد أكد في الأول من فبراير، خلال تصريحات نقلتها صحيفة “أوزكور بوليتيكا”، أن عملية تحرير عفرين لن تستغرق وقتاً طويلاً، وتابع إن “الوقت حان لإعادة تحرير مناطق عفرين”، مشيراً إلى ذلك سيحصل “حينما يسمح الوقت والظروف”، وأن تلك المناطق ستعود لأصحابها الحقيقيين”، وأن تركيا ومسلحي تنظيم الإخوان المسلمين “لم يستطيعوا كسر قواتنا”، مشيراً إلى أنهم ما زالوا يشكلون “الهاجس للقوات التركية”.
ويرجح مراقبون أن تشهد مناطق شمال سوريا المحتلة في الشريط الحدودي الممتد من منطقة جرابلس إلى إقليم عفرين الكردي، عمليات عسكرية في المرحلة المقبلة، فيما لو استمر التصعيد الروسي التركي.
كما كان عبدي قال في منتصف يناير/كانون الثاني الماضي، إن تركيا استغلت تنظيم داعش الإرهابي للقضاء على القوات الكردية واتخذته ذريعة لاحتلال الأراضي السورية، وأضاف أن الرئيس التركي رجب طيب أردوغان هو حليف لتنظيم داعش الإرهابي والمرشد الفعلي للتنظيم الإخوان.
وكشف القائد العام لـ قسد، أنه في حين كانت قواته أول من واجه “داعش” بداية ظهوره عام 2014، نسقت أنقرة مع التنظيم الإرهابي، ورفضت استخدام قوات التحالف الدولي قواعدها لقتال التنظيم.
ويشير مراقبون أن الروس قد حسموا أمرهم كما تظهر الأحداث، بأنه قد حان الوقت لهم للإنفراد بالسيطرة كقوة دولية متحكمة بالملف السوري، خاصة بعد مقتل قاسم سليماني وتراجع الدور الإيراني، مما قد يشجع الروس للمواجهة مع أنقرة، لإجبارها على الخروج هي الأخرى.
ومن المؤكد أن الاحتلال التركي ليس معنياً أو مُهتماً بإدلب وأهلها، لكنه حاول ولا يزال أن يحصل على تنازلات من روسيا، تسمح له باجتياح كوباني وعين عيسى، بالتزامن مع اجتياح النظام وروسيا لإدلب، وهو ما يبدو أن روسيا قد رفضته، بعد نجاحها في حشر الوجود التركي في زاوية ضيقة وغير استراتيجية في أقصى الشمال الغربي للبلاد.
ويعتقد متابعون بأن الروس باتوا يمتلكون في قبضتهم جميع عوامل القوة في سوريا، أما الحرب التي يخوضها مسلحو تنظيم الإخوان المسلمين المعروفين بـ (الجيش الحر، الجيش الوطني، وجبهة النصرة) في إدلب، فهي في سبيل الأستماتة دفاعاً عن طموحات أنقرة التوسعية، ولكن لن يكون بمقدورهم مواجهة القوة العسكرية الروسية، مهما تلقوا من دعم تركي.