عفرين بوست-خاص
تواصلت في الخامس والعشرين من فبراير العام 2018، عمليات الغزو التركي المرافق بمليشيات الإخوان المسلمين ممن يعرفون بـ “الجيش الوطني السوري\الجيش الحر”، في يومها السابع والثلاثين، على إقليم عفرين الكُردي شمال سوريا، بغية حرمان سكانه من حقهم المشروع في إدارة أنفسهم بأنفسهم، ضمن النظام السياسي الذي أوجدوه تحت مسمى “الإدارة الذاتية”، والذي تمكن من حمايتهم من الحرب الأهلية الطاحنة، التي دارت رحاها على مدار سبع سنوات على تخوم عفرين، دون أن يسمح أبناء الإقليم من “قوات سوريا الديمقراطية” بتسرب الإرهابيين والمتطرفين المستترين تحت مسميات (الثورة والحرية) إلى إقليمهم، بغية التخريب وهدم النسيج الاجتماعي السوري، خدمة للأطماع الاحتلالية التركية الساعية إلى استعادة العثمانية البائدة.
سياسياً..
صوت مجلس الأمن بالإجماع على قرار لوقف إطلاق النار في سوريا لمدة شهر للسماح بدخول المساعدات وعمليات الإجلاء الطبي، وجاء تصويت مجلس بالإجماع على وقف إطلاق النار إنساني في سوريا، وكانت المحادثات قد تواصلت في الأمم المتحدة حول إعلان وقف لإطلاق النار في سوريا لمدة شهر، وذلك بهدف تفادي فيتو روسي بحسب دبلوماسيين.
وصرحت المندوبة الأمريكية إلى الأمم المتحدة نيكي هايلي قبل التصويت لصحافيين “اليوم سنرى إن كان لدى الروس ضمير”، دون توفير توضيحات. وأوضح دبلوماسي رفض الكشف عن هويته لوكالة فرانس برس أن “المفاوضات مستمرة، ونحاول انتزاع اتفاق”.
وأجري المجلس مشاورات منذ 9 شباط/فبراير حول مشروع قرار متعلق بهدنة إنسانية، ترافقت مع حملة قصف جوي كثيفة لقوات النظام السوري على الغوطة الشرقية قرب دمشق التي تسيطر عليها المليشيات اإسلامية التابعة لتنظيم الإخوان المسلمين، في الوقت الذي كان فيه العالم صامتاً عن الجرائم التي يرتكبها الاحتلال التركي بحق عفرين.
وعلى الفور رحب المليشيات الإخوانية في الغوطة الشرقية بالقرار الذي أصدره مجلس الأمن الدولي، والذي طالب بهدنة لمد 30 يوماً في أنحاء البلاد للسماح بدخول المساعدات الإنسانية والإجلاء الطبي. وتعهدت مليشيات “جيش الإسلام” و”فيلق الرحمن” في بيانين منفصلين بحماية قوافل الإغاثة التي ستدخل الجيب المحاصر الخاضع لاحتلالهم قرب دمشق، وقال المسلحون إنهم سيلتزمون بالهدنة لكنهم سيردون على أي انتهاكات من قوات النظام وحلفائه.
ورغم أن القصف العنيف كان على عفرين أشد وأعداد المهجرين بمئات الآلاف، إلا أن المجتمع الدولي كان يفضل مناصرة تنظيم الإخوان المسلمين من أجل أنقرة، والتستر على جرائم الغزو التركي الإخواني المرتكبة في عفرين، إذ لم يشر بيان مجلس الامن بشكل واضح إلى عفرين، بل أكتفى بالإشارة إلى الغوطة، وكانه كان يرى أن الغزو التركي (العضو في حلف الناتو) أمر شرعي ومبرر على أعتبار أنه قد ينتزع عفرين التي كانت فرضياً خاضعة للنفوذ الروسي.
وفي ذاك السياق، كانت الأصوات الألمانية تتعالى بغية الوقوف إلى جانب الغوطة، حيث وفور صدور القرار رحبت وزارة الخارجية الألمانية بقرار مجلس الأمن الدولي الخاص بوقف فوري لإطلاق النار لمدة ثلاثين يوما. وقالت متحدثة باسم الوزارة في برلين ” ألان ينبغي العمل من تطبيق القرار وبشكل شامل إلى واقع عملي. واضافت المتحدثة يجب ألان تتوقف كافة الأعمال العدائية وإفساح المجال لحركة المساعدات الإنسانية دون عراقيل إلى جانب إجلاء المرضى والجرحى والأطفال إلى مناطق آمنة”.
بدورها، أعلنت القيادة العامة لـ “وحدات حماية الشعب”، استعدادها للالتزام بقرار مجلس الأمن حول الهدنة في سوريا بما في ذلك منطقة عفرين شمال سوريا، في الوقت الذي كان العالم قد أصم أذنه عن سماع صوت الكُرد، تحسباً لحماية مصالحهم مع أنقرة.
وقالت القيادة العامة لـ “الوحدات” في بيان لها اليوم، إنها تعلن ترحيبها واستعدادها للالتزام بتطبيق قرار مجلس الأمن الدولي رقم (2401) لوقف الأعمال القتالية “تجاه كل الأعداء” باستثناء داعش، مضيفة أنه تحتفظ بحق الرد في إطار الدفاع المشروع عن النفس ضد أي اعتداء من قبل الجيش التركي الغازي والمليشيات الإخوانية المساندة له في غزو عفرين.
وأضاف البيان أن “وحدات حماية الشعب” تتعهد بتأمين دخول وفود الأمم المتحدة والمنظمات الإنسانية العاملة معها إلى مناطق سيطرة الوحدات في عفرين”، داعياً جميع الأطراف في سوريا إلى الالتزام بقرار وقف إطلاق النار.
فيما كان الغزو التركي قد عزم على إنهاء الكرد في عفرين، مستغلاً حالة الصمت التي كانت تهيمن على المجتمع الدولي الذي يدعي مناصرة قضايا حقوق الإنسان، فكانت عفرين برهاناً جازماً على كذب الغرب ونفاقه، وابتداعه تلك التوصيفات لحمياة أجنداته، بحجة حماية الإنسان، كما يحصل اليوم في إدلب التي يحتلها تنظيم جبهة النصرة الإرهابي، لكن الغرب يفضل أن تبقى تحت سيطرة (الناتو) عبر بوابة تركيا، حتى لو كان الإرهابيون هم يحكمون المحافظة.
وقالت حكومة الغزو التركية إنها ترحب بالقرار القاضي ببدء هدنة في سوريا مدتها 30 يوماً على الأقل، تتضمن وقفاً لإطلاق النار مع إدخال المساعدات وإجلاء المصابين، لكنها لا تعجز عن إيجاد المبررات لنفسها من خلال الإدعاء بأنها ستواصل محاربة ما وصفتها بـ “التنظيمات الإرهابية التي تهدد وحدة سوريا”، في إشارة إلى قوات سوريا الديمقراطية، علماً أن مليشيات الإخوان المسلمين من مليشيات (الجيش الوطني السوري\الجيش الحر) هي التي ترفع العلم التركي، وتسعى لقضم الأراضي السورية وضمها إلى تركيا، على شاكلة ما تسمى “جمهورية شمال قبرص” التركية التي لا يعترف بها سوى أنقرة.
عسكرياً
واصلت القوات الغازية التقدم في عفرين واحتلال الزيد من القرى، وقالت وسائل إعلام تابعة لتنظيم الإخوان المسلمين، بأن مسلحي الإخوان قد أحتلوا ذلك اليوم قرى جديدة قرب بلدة ميدان إكبس الملاصقة للحدود السورية – التركية بعد اشتباكات مع ميليشيا “وحدات حماية الشعب”، وقال الغزاة في بيان نشر على حسابات إخوانية إنهم احتلوا قرى (سيمالكا، وشيخ محمد، وبليلكا وكوندي دودو)، فيما أعلنت مليشيا “فيلق الشام” التابع لـتنظيم الإخوان المسلمين احتلاله قريتي مستكا سيمالكا.
كما أعلنت مليشيات الإخوان المسلمين احتلال قرى دوميليا وحاجيكو فوقاني وحاجيكو تحتاني التابعة لناحية راجو غرب عفرين، إضافة لاحتلال ثلاث تلال في محيط المدينة، إلى جانب احتلال قريتي أبو كعب وحاجيلر التابعتين لناحية “جنديرس” جنوب غرب عفرين، كما احتلت القوات الإخوانية لتركية الغازية مناطق من ناحية شرا\شران، واحتلت “معسكرات أومارا” عقب مواجهات مع قوات سوريا الديمقراطية.
وتواصلت الغارات الجوية والقصف العشوائي سواء المدفعي منه أو حتى الصاروخي على مُختلف المناطق والقرى في ريف عفرين، رغم صدور قرار من مجلس الامن الدولي رقم 2401، وفي التفاصيل الميدانية، قصف العدوان التركي، مناطق محيطة بمدينة عفرين، أشار مواطنون إلى سقوط بعضها قريباً من قرية “ترندة\الظريفة” المُلاصقة لمدينة عفرين.
وفي ناحية شرا\شران، قصفت قوات العدوان التركي قرية “حسن ديرا”، و”كازيه” بالطيران الحربي، فيما طال قصف مدفعي مركز الناحية ليدمر عدة منازل فيها، كما طال القصف قرى “خرابة شران” و”سينكا\سنكرلي”، وتجددت الاشتباكات قرية “عرب ويران” بعيد تطهير قرية “اومارا\عمرانلي”، حيث دمرت “سوريا الديمقراطية” آلية للفصائل الجهادية، وتمكنت من قتل من فيها، كما بثت فصائل “سوريا الديمقراطية” مقطعاً مُصوراً يوثق استهدافهم أحد نقاط تمركز قوات العدوان، حيث تم تدمير النقطة على جبهة قرية “معرين” المجاورة لقرية “قسطل جندو”، وقتل من فيها.
أما في ناحية بلبل\بلبلة، فشهدت هي الأخرى اشتباكات عنيفة في محور قرية “قسطل مقداد، وفي مركز ناحية موباتا\معبطلي، شنت الطائرات الحربية التركية قصفاً على محيط البلدة، اما في راجو، فشهد مركز الناحية قصفاً مدفعياً وجوياً، كما طال قصف مُماثل قرى مامالا\مامالي، حجمال\حجمانلي، بعدينا\بعدنلي، وهو ما تكرر على محور جقماق وبليلكو، إلى جانب وقوع اشتباكات في محور قرى ميدانا (الذي يشمل على سبع قرى صغيرة مُتلاصقة).
وتكررت المُواجهات في ناحية شيه\شيخ الحديد، وهو ما كان مُلاحظاً بشكل كبير في قرية جقلا جيرن\جقالي تحتاني، حيث دمرت “سوريا الديمقراطية” آلية عسكرية لقوات العدوان فيها على الأقل، كما شهدت قرى (هيكجه، انقلة وسنارة) قصفاً جوياً أسفر عن استشهاد مواطن مدني، كما طال القصف مركز ناحية شيه\شيخ الحديد.
بينما كانت ناحية “جنديرس” موضع المواجهات، وقد شهد مركز الناحية قصفاً عنيفاً طال محيطها بشكل خاص، في حين تجددت الاشتباكات في قرية “حسيركيه”، وهو ما تكرر في محور قرى (حجيلار، بافلور وحميكله)، فيما أكد ناشطون استهداف المسجد الشرقي في جنديرس، في حين طال القصف محيط قريتي “ايسكا\اسكان” و”جلمة”، وقرية “تاتارا\تاتارانلي” و”كفردلة”.