ديسمبر 23. 2024

“المُقيم” و”المُهجر”: آلية التمييز العنصري من قبل منظمات الاحتلال لحرمان الكُرد من المساعدات وحصرها بالمستوطنين

عفرين بوست-خاص

“لا يعطوننا المساعدات يا بني لاننا كُرد، إنهم يقتصرونها على المستوطنين” بتلك الجملة تختزل سيدة كُردية مُسنة في عفرين واقع الحال الذي فرضته ظروف الاحتلال وتوابعه الاقتصادية المتردية على أبناء الإقليم الكُردي شمال سوريا.

فالإقليم الغني بموارده الزراعية، والذي تمكن خلال سنوات قليلة من استثمار خبرات أبنائه التي اكتسبوه خلال حياتهم في مناطق سوريا كحلب ودمشق وغيرها، وانشؤوا عبرها إبان عهد “الإدارة الذاتية” العشرات من المصانع والمشاغل في مختلف قطاعات الصناعة، رغم الحصار والمضايقات التي ما فتأت تتعمدها المليشيات الإسلامية التابعة لتنظيم الإخوان المسلمين بحقهم، بات سكانه بحاجة المساعدات الإنسانية!

وتضيف السيدة التي فضلت عدم الكشف عن أسمها: “من كان يظن أننا سنحتاج يوماً للمساعدات يا بني، لقد كان لجميع أبنائي والعفرينيين عموماً أشغالهم التي تدر عليهم ما يكفيهم من المال، رغم الحصار الذي لطالما حاول هؤلاء المسلحون إطباقه علينا”.

وتُدرك السيدة الكردية الستينية أن جميع مفاصل الحياة في عفرين تدار من أنقرة، فقتول بلكنة عفرينية (مالا أنقريه بشوتا)، وهي مقولة كردية معهودة منذ زمن بعيد، وتتضمن عملياً أثر عهود من القمع والتنكيل والمجازر التركية المرتكبة بحق الشعب الكُردي في جميع مناطقه التي يقطنها، وآخرها عفرين.

وحول ذات الموضوع، يؤكد “أبو شيار”، العفريني المقيم في داره وسط عفرين، إنهم ما عادوا قادرين على البوح بما يحصل في عفرين لكثرة المشاهدات الفجة التي تصادفهم بشكل يومي من قبل مسلحي الاحتلال التركي والمستوطنين من ذويهم.

ويتابع في هذا السياق، عندما تأتي منظمة ما وهي جميعها مرتبطة بجهاز الاستخبارات التركي، فإن أول سؤال يتم طرحه على المدنيين هل أنت مُقيم أو مُهجر، شارحاً ذلك بالقول: “إنهم يحاولون إخفاء التمييز العنصري بحق الكُرد عبر تلطيف ذلك بتسمية الكُرد بـ المقيمين، وتسمية المستوطنين في عفرين بـ المهجرين، وبتلك الآلية يحرموننا من المساعدة بحجة أننا أهل المنطقة، ولا نحتاج المساعدة على حد زعمهم”.

مردفاً: “نعم لم نكن نحتاج المساعدة قبل إطباق الاحتلال التركي هنا في عفرين، كان لي عملي، لكن مشغلي تم سلبه بالكامل، أكثر من 25 ماكينة خياطة جرى نهبها، ولم يتبقى عمال خياطة، فقد هجروا جميعاً، وأكثر من ذلك، فأنا لا أستطيع افتتاح مشغل ثان، لأني متأكد بأنني سأفتح العيون على نفسي، ومن يدري بالتأكيد سوف يختطفونني ليطالبوا عائلتي بالمال، لن أجاذف بوجود هؤلاء، وعليه فإن حالي وأحوال جميع العفرينيين في الداخل باتت في الحضيض”.

ويؤكد “أبو شيار” أن كل ما يجري مخطط له من قبل تركيا، قائلاً: “الأمر لا يحتاج إلى كثير من الذكاء، تركيا تفعل ذلك بقصد تهجيرنا، لقد فتحت الباب أمام المسلحين لممارسة كل الانتهاكات التي يريدونها دون عقاب أو محاسبة، يسرقون، ينهبون، يسطون على أملاك المدنيين، يختطفون ويستولون على البيوت والأملاك”.

مختتماً: “لا يردعهم شيء، لا أخلاق ولا ضمير، والأنكى إنهم يستترون تحت اسم الدين لمحاربتنا بحجة أننا كفار، ويعتبرون أن ما يسلبونه منا غنيمة!، لكننا نعلم إننا وإن كنا عاجزين اليوم عن محاسبتهم، فإن الله كبير، وسيحاسبهم بطريقته، ونحن عليه متوكلون!”.

مقالات ذات صله

Show Buttons
Hide Buttons