عفرين بوست-خاص
تواصلت في الثاني والعشرين من يناير العام 2018، عمليات الغزو التركي المرافق بمليشيات الإخوان المسلمين ممن يعرفون بـ “الجيش الوطني السوري”، في يومها الثالث على إقليم عفرين الكُردي شمال سوريا، بغية حرمان سكانه من حقهم المشروع في إدارة أنفسهم بأنفسهم ضمن النظام السياسي الذي أوجدوه تحت مسمى “الإدارة الذاتية”، والتي تمكنت من وقايتهم من الحرب الأهلية الطاحنة التي دارت رحاها على مدار سبع سنوات على تخوم عفرين، ولم يسمح أبنائها من قوات سوريا الديمقراطية بتسرب الإرهابيين والمتطرفين المستترين تحت مسميات الثورة والحرية بغية التخريب إقليمهم، وهدم النسيج الاجتماعي السوري، خدمة للأطماع الاحتلالية التركية الساعية إلى استعادة العثمانية.
وفى السياق، أفاد المرصد السورى لحقوق الإنسان، ومقره لندن، بارتفاع أعداد الضحايا جراء القصف التركي على منطقة “عفرين”، بشمال سوريا، إلى 50 شهيداً، وأوضح المرصد، حسبما أفادت قناة (الحرة) الإخبارية، أن الشهداء من بينهم 24 مدنياً، و26 مقاتلاً من وحدات حماية الشعب وقوات سوريا الديمقراطية، إضافة إلى 19 قتيلاً من مسلحي الإخوان المسلمين والاحتلال التركي، بالإضافة إلى 9 جثث مجهولة الهوية.
وجاءت غزوة “غصن الزيتون” إثر إعلان التحالف الدولي أنه يعمل على تشكيل قوة أمنية حدودية قوامها 30 ألف عنصر في شرق سوريا، مشكلة خصوصاً من مقاتلين كُرد ما أثار غضب أنقرة، ودفعها إلى إعلان الحرب على عفرين، عقب عمليات مقايضة قامت بها في اجتاماعات الاستانة مع روسيا والنظام السوري.
بالتوافق مع روسيا
وأكد أردوغان “عدم تراجع” بلاده في عمليتها العسكرية على عفرين مضيفا أن العملية تجري “بالتوافق مع ” موسكو. وصرح أردوغان في اجتماع نقله التلفزيون في أنقرة “نحن مصممون، فمسألة عفرين سيتم حلها، ولن نتراجع.تحادثنا بهذا الشأن مع أصدقائنا الروس، ونحن متفقون”.
وأضاف أن “أمريكا تقول لنا يجب أن تكون العملية محدودة زمنيا، وألا تطول كثيراً (…) كيف تجرؤون على قول ذلك لنا؟”، متابعا “سنغادر بعد نهاية العمل، وليس في نيتنا البقاء”، وجاءت تلك التصريحات بعد تعبير عدد من الدول وبينها فرنسا، عن القلق من فتح جبهة جديدة في النزاع السوري.
وقالت وحدات حماية الشعب من جهتها إن “روسيا تتحمل مسؤولية هذه الهجمات، بقدر تحمل تركيا لهذه المسؤولية”. ودعت قوات سوريا الديمقراطية التحالف الدولي بقيادة واشنطن، أبرز داعميها في الحرب ضد الجهاديين، إلى “الاضطلاع بمسؤولياته بعد الهجوم التركي على منطقة عفرين ذات الغالبية الكردية في شمال سوريا.
وقال المتحدث الرسمي كينو غابرييل في بيان تلاه خلال مؤتمر صحفي عقدته قيادة هذه القوات في مدينة عين عيسى إن “التحالف الدولي، شريكنا في مكافحة الإرهاب والذي خضنا سوية معارك مشرفة لدحره (..) وشارف على إعلان النصر النهائي، يعلم بكل جلاء إن التدخل التركي جاء لإفراغ هذا النصر من مضمونه”، وشدد على أن “التحالف مدعو للاضطلاع بمسؤولياته تجاه قواتنا وشعبنا في عفرين”.
ميدانياً..
دارت معارك على أطراف قرية شنكيلة في شمال عفرين، إثر محاولة التقدم من قبل مليشيات الاحتلال التركي وتنظيم الإخوان المسلمين (الجيش الوطني السوري \ الجيش الحر \المتشكلين من بقايا جبهة النصرة وداعش) بدعم من مدفعية جيش الاحتلال التركي والقوات الخاصة التركية.
وقالت وسائل إعلام موالية للاحتلال التركي أن مجموعات مسلحي ما يعرف بـ “الجيش الحر” قد أسرت مقاتلين من “قوات سوريا الديمقراطية” في محور شنكيلة، ، بعد إيقاعهم بكمين مشترك مع القوات الخاصة في جيش الاحتلال التركي، وقصفت مدفعية جيش الاحتلال التركي، فجراً، العديد من المواقع التابعة لقوات سوريا الديمقراطية ووحدات حماية الشعب، في محور جسر حاشوركي، شمال عفرين، والعديد من المواقع في ناحية بلبلة\بلبل.
وفي إطار الغزو التركي، شنّ مسلحو الإخوان المسلمين (الجيش الحر) هجوماً على محوري معرين وكفرخاشر بناحية إعزاز في مناطق الشهباء، مستهدفاً مواقع “قوات سورية الديمقراطية”، بالتزامن مع حشود عسكرية ضخمة على محاور مدينة مارع أكبر معاقل الإخوان المسلمين في ريف حلب الشمالي.
وأفادت مصادر محلية، بأن “المدفعية التركية المتمركزة على الحدود قصفت عدة نقاط في ريف عفرين”، موضحة أن “وحدات حماية الشعب تصدت الهجوم شنه الجيش التركي على قرى تابعة لعفرين”، وقالت وكالة “هاوار” إن “طائرات تركية قصفت قريتي قصطل جندو وديكماداش في ناحية شرا\شران في عفرين”.
وعلى الجانب المقابل، قال المتحدث الرسمى باسم قوات سوريا الديمقراطية، حورو كينو كبريئل، إن القوات دمرت دبابتين للجيش التركي فى قرية كردو، وأصابت ناقلة جنود مدرعة من نوع BMB، إضافة إلى قتل 40 جندياً من القوات التركية ومرتزقة درع الفرات، وإصابة 300 آخرين.
وأكدت المتحدث باسم سوريا الديمقراطية، فى بيان صحفى، استشهاد 3 مقاتلين من قوات سوريا الديمقراطية دفاعاً عن مدينة عفرين، مشيراً كذلك إلى قصف القوات التركية قرى ومناطق “خراب رشك” و”ديريك” وتل حلف ورأس العين.
وعقدت “قوات سوريا الديمقراطية” مؤتمرا صحفيا، تلى خلاله الناطق الرسمي لـ”قسد” كينو غابرييل، بيانا حول العملية العسكرية على عفرين، وجاء فيه: “مما لا شك فيه إن جهود العالم في مكافحة الإرهاب قد وصلت إلى ذروته مع تحرير الموصل و الرقة و ملاحقة تنظيم داعش الإرهابي حتى كاد يلفظ أنفاسه الأخيرة في منطقة البوكمال السورية ، و منح الأمل للمكونات السورية و للعالم بالحرية و الديمقراطية و التنوع و التعدد ، و معه أصبح الحديث عن الاستقرار و السلام موضوع بحث جاد لكل المعنيين بإنهاء آلام السوريين ، و معه كان التحالف الدولي يهيئ النفس للإعلان الرسمي عن النصر النهائي ضد إرهاب داعش في غضون أسبوع أو يزيد”.
متابعاً: “و لكن و نتيجة العداء و الاستعلاء القومي العنصري لحزب العدالة و التنمية ضد مكونات سوريا عامة و الشعب الكردي خاصة فقد بدأ جيش الغزو التركي بعدوان غادر ضد قوات سوريا الديمقراطية في مقاطعة عفرين مستكملاً ممارساته العدائية ضد السوريين و التي كانت قد حولت سوريا إلى جحيم لا يطاق نتيجة دعمه و تقديمه كل التسهيلات للتنظيمات الإرهابية كجبهة النصرة و أحرار الشام و داعش و غيرها ، و شعوره بتحطم آماله في ما تحقق من نصر على يد قواتنا ضد تنظيم داعش في كل الشمال السوري ، حيث بدأ العدوان ضد قواتنا لإتاحة الفرصة للتنظيم الإرهابي بالتقاط أنفاسه و لكي يطيل عمره الذي شارف على النهاية من خلال استهداف مقاطعة عفرين و إشغال قواتنا بالدفاع عنها”.
مردفاً: “إن هذا الهجوم الهمجي و بقدر ما نعتبره عداء سافراً ضد كل مكونات سوريا ، لأنه دعم واضح و صريح لتنظيم داعش الإرهابي ، حيث أنه رغم خسارته لمعاقله الأساسية من مدن و بلدات أمام قواتنا ، إلا أنه ما زال يمتلك قوة لا يستهان بها في مثلث الحدود السورية العراقية ، حيث تقدر قوام مرتزقته بآلاف المقاتلين ، يضاف إليها عشرات الخلايا النائمة في المناطق المحررة و التي تنتظر إشارة التنظيم للتحرك”.
متابعا:ً “لقد روجت السلطة التركية قضية مأسسة قواتنا و بالتشاور مع التحالف الدولي و إنشاء قوات حرس الحدود كذريعة لشن هذا العدوان على شعبنا ، و هي ذريعة مردودة ، ذلك أننا نتشارك حدودا طويلة مع تركيا ، و عبر ست سنوات هي عمر الحرب في سوريا ، لم تستطع تركيا أن تسجل خرقاً واحداً من قبل قواتنا تجاه حدودها ،بينما بإمكاننا تقديم عشرات الخروقات لخرق القوات التركية لهذه الحدود و انتهاكه لحقوق الإنسان و تعذيبه لمواطنينا حتى درجة القتل العمد بدم بارد ، لا بل زد على ذلك أن تركيا خرقت هذه الحدود براً و جواً و قصفت قرانا و مدننا في انتهاك واضح لكل الأعراف و المواثيق الدولية و بما يتعارض من كل علاقات حسن الجوار ، و مع ذلك كان ضبط النفس و التزام الصبر هو المبدأ الذي آمنا بأنه سيفضي إلى بناء علاقات حسن جوار و ليس غيره ، حيث وضعنا نصب أعيننا تركيز كل جهودنا في حربنا ضد داعش ، و هو ما نعتقد أنه السبب الأساسي الذي يجعل حزب العدالة و التنمية يستهدفنالا غيره كما يدعي ساسة السلطات التركية. ولأن الدولة التركية التي فشلت في حربها المفتوحة ضد شعبنا ، بمسميات تنظيماتها المختلفة فإنها في هذه المرة قد نزعت القناع و بدأت الحرب بالهوية الرسمية للجيش التركي ، و بدأت بالهجوم على عفرين ، و التي ستكون مستنقعاً لن يخرج منها الجيش التركي إلا بعد أن يتكبد خسائر فادحة”.
وتطرقت قسد إلى الدور الآثم لروسيا في منح العدو التركي الضوء الأخضر لاحتلال عفرين فقالت: “بالمثل فإننا في قوات سوريا الديمقراطية ، على قناعة كاملة بأنه ما كان للدولة التركية أن تتجرأعلى قصف قرانا و مدننا ، و ارتكاب المجازر بحق أطفالنا ، إلا لأن روسيا الاتحادية قد تنصلت من التزاماتها الأخلاقية و منحت الضوء الأخضر لهؤلاء بتحليق طيرانهم في أجواء عفرين ، حيث تعتبر هذه المنطقة خاضعة لمراقبة محطات الرادار الروسية ، ولا يسمح لأي طائرة بالتحليق إلا بعد إذن مسبق ، ولذلك فإن روسيا الاتحادية مطالبة بتوضيح ملابسات هذا العدوان التركي على شعبنا المسالم”.
مسستكملاً: “إن روسيا الاتحادية و عبر مؤسساتها الرسمية مدعوة لتوضيح الموقف الصريح إزاء هذا العدوان التركي ، كما أن التحالف الدولي شريكنا في مكافحة الإرهاب و الذي خضنا سوية معارك مشرفة لدحر الإرهاب و حققنا انتصارات مشتركة ضده ، والذي شارف على إعلان النصر النهائي ، يعلم بكل جلاء إن التدخل التركي جاء لإفراغ هذا النصر من مضمونه و لذلك فالتحالف أيضاً مدعو للاضطلاع بمسؤولياته تجاه قواتنا و شعبنا في عفرين ، كما أننا نناشد القوى الديمقراطية و الشعوب المحبة للسلام بالوقوف إلى جانب شعبنا لما يتعرض له من غزو همجي يستهدف وجوده و إبداء الموقف الحازم ضد هذا العدوان”.
مختتماً: “إننا في قوات سوريا الديمقراطية نثمن عالياً جهود الدول التي استنكرت هذا العدوان ،كما نؤكد لشعبنا ، بأننا مصممون على إلحاق الهزيمة بالغزاة مثلما ألحقنا الهزيمة بهم في كوباني ، و بنفس المعنويات العالية فإننا نحيي صمود شعبنا في عفرين و تشبثه بقراه و مدنه و عدم انجراره إلى ألاعيب التهجير و النزوح، حيث إننا نخوض المراحل الأخيرة في كفاحنا ضد الإرهاب و ستكون خاتمة تحقيق النصر هي عفرين”.
وفي هذا السياق، الذي يؤكد تواطؤ روسيا مع تركيا، قال إردوغان في 22 يناير 2018، إن هناك اتفاقاً “بين تركيا وروسيا فيما يتعلق بالعملية العسكرية التي تستهدف عفرين، وإن أنقرة لن تتراجع عن العملية”، وأضاف في خطاب أدلى به في العاصمة أنقرة أن تركيا ستسيطر على عفرين مثلما سيطرت على جرابلس والراعي والباب في سوريا وسيتمكن السوريون من العودة إلى ديارهم (وفق زعمه، في إطار جهوده لتغيير الديموغرافية السورية بما يتناسب مع رؤى أنقرة، عبر تهجير السكان الأصليين الكرد من عفرين، وتوطين آخرين من تنظيم الإخوان المسلمين بدلاً عنهم).
قطر تدعم تركيا
وسارعت قطر، بإعلان دعمها للغزو التركي الذي شنته على عفرين، وأعلنت تأييدها للهجوم الهمجى الذى بدأته تركيا، معتبرة أنه يأتى دفاعا عن “أمنها الوطني”. وقالت المتحدثة باسم الخارجية القطرية، لولوة الخاطر، أن التدخل الذى تنفذه تركيا تحت مسمى “غصن الزيتون”، “جاء مدفوعا بمخاوف مشروعة متعلقة بأمنها الوطني وتأمين حدودها، بالإضافة إلى حماية وحدة الأراضى السورية من خطر الانفصال”، وأضافت أن ذلك يأتى أيضًا، “فى سياق تعرض الأراضي التركية لاختراقات وهجمات إرهابية متعددة، قدّرت الحكومة التركية أن بعضها مرتبط بالتركيبة الأمنية والعسكرية الموجودة على الحدود التركية – السورية والتى لعب تنظيم داعش، ومحاربته دورًا فى تكوينها”، حيث جاء التأييد القطري للغزو التركي في إطار دورها القذر في الصراع السوري عبر دعم الإرهابيين من تنظيمات الجيش الحر والنصرة وداعش، والارتباط الوجودي بتنظيم الإخوان المسلمين.