عفرين بوست-خاص
في ثاني ايام الغزو التركي لإقليم عفرين الكردي شمال سوريا في الواحد والعشرين من يناير العام 2018، أعلن رئيس الوزراء التركي آنذاك المدعو بن على يلدريم ، دخول قواته المحتلة إلى عفرين بعد يوم من إطلاقه ضربات جوية في المنطقة مستهدفاً كل ما تدب فيه الحياة في عفرين.
وقال حينها جيش الاحتلال التركي فى بيان، أنه قصف حتى الآن 153 هدفاً لقوات سوريا الديمقراطية وإن الأهداف هى معاقل ومخابئ وترسانات أسلحة يستخدمها المقاتلون مضيفا أن نيران المدفعية استمرت من الأرض.
وأعلن الاحتلال التركي أن طائراته دمرت 108 أهداف عسكرية تابعة لقوات سوريا الديمقراطية، أما على الصعيد الدبلوماسي، فمل الاحتلال التركي على شراء صمت الدول والإعلام العربي عبر تسويق أكاذيبه التي ركزت على انفصالية مزعومة من قبل الكرد السوريين وقوات سوريا الديمقراطية.
وفي هذا السياق، استدعت الخارجية التركية، ممثلي البعثات الدبلوماسية للأردن و السعودية و قطر و الكويت و العراق و لبنان بغية إقناعهم بعدوانها، كما كانت قد استدعت، ممثلي البعثات الدبلوماسية للدول الأعضاء في مجلس الأمن الدولي وإيران، وأطلعتهم على تخطيطها للهجوم.
وصدرت بعض المواقف الدولية الرسمية بخصوص هذا الاجتياح فمنهم من اعتبره حقاً مشروعا لتركيا للدفاع عن حدودها، ومنهم من اعتبره انتهاكاً لسيادة الأراضي السورية.
وكانت تركيا مستاءة من موقف الولايات المتحدة ودعمها المستمر لقوات سوريا الديمقراطية، بالرغم من طمأنة الأخيرة لها بعدم المساس بحدودها. وجاء التصعيد التركي باجتياح عفرين بعد إعلان الولايات المتحدة تأسيس “قوة حرس الحدود” في المناطق الحدودية الواقعة تحت سيطرة قسد، قوامها 30 ألف مقاتل معظمهم من أفراد قوات سوريا الديمقراطية، وهو ما أثبتته الأيام بأنه كان دعاية أمريكية غايتها منح تركيا حجة لغزو عفرين عبر الترويج لمخاوفها من انفصال شمال سوريا، الامر الذي لم تتبناه قسد في اي يوم، واثبتته الأيام بكونه حجة تركية لقضم الاراضي السورية ونهب خيراتها، ومنع الوصول لحل سياسي يرضي الفرقاء السوريين.
وقال وزير الدفاع الأمريكي جيم ماتيس في الثاني والعشرين من يناير / كانون الثاني 2018، إن لتركيا مخاوف أمنية “مشروعة” في المنطقة، وأنها كانت على علم مسبق بالعملية العسكرية. في حين صرحت الناطقة باسم الخارجية الأمريكية هيذر ناويرت في أول يوم للعملية العسكرية وقالت: ” نحض تركيا على ممارسة ضبط النفس وضمان أن تبقى عملياتها محدودة في نطاقها ومدتها، ودقيقة في أهدافها لتجنب سقوط ضحايا مدنيين”.
بدوره، أعرب وزير الخارجية الفرنسي عن قلقه من “الوضع المتدهور” في سوريا، كما دعا إلى وقف المعارك في عفرين، والسماح للمساعدات الإنسانية بالوصول إلى الجميع”، وطلب من مجلس الأمن عقد اجتماع طارئ، في الثاني والعشرين من يناير/كانون الثاني عقب انطلاق الغزو التركي.
وقال وزير الخارجية الفرنسي “جان إيف لودريان” في تغريدة له على تويتر، إن الاجتماع الطارئ لمجلس الأمن سيتمحور حول أوضاع الغوطة الشرقية وإدلب وعفرين. واعتبر وزير الخارجية التركي “مولود جاويش أوغلو” أن نقل فرنسا أو أي دولة أخرى عملية “غصن الزيتون” إلى الأمم المتحدة يعد بمثابة “اصطفاف إلى جانب الارهابيين، وليس إلى جانب دولة حليفة”، رغم أن العالم بأسره كان شاهداً على أن قسد هي من تحارب الإرهاب، وأنقرة من تدعمه وتموله.
فيما حذر وزير الخارجية الألماني زيغمار غابرييل، في الحادي والعشرين من الشهر الحالي، من “مخاطر لا يمكن توقعها” بسبب المواجهة العسكرية التي تقوم بها تركيا ضد وحدات حماية الشعب، وقال: “إن هذه العملية مثيرة للقلق”. ويرى غابرييل أنه بعد أن نجحت القوات الكردية في محاربة تنظيم ما يسمى بالدولة الإسلامية، فإن سوريا تحتاج إلى خطوات تحقق الاستقرار والسلام. أما ” المواجهات العسكرية الجديدة فهي آخر ما تحتاجه سوريا”، مضيفاً أن السوريين عانوا بما فيه الكفاية، وقال “إن جهود الجميع يجب أن تستهدف تحقيق تقدم على الصعيد السياسي” وهذا ما سيتم طرحه في الجولة التالية لمحادثات سوريا التي ستنعقد الأسبوع المقبل في فيينا.
في حين قال المتحدث باسم الخارجية البريطانية بشأن الاجتياح التركي للمدينة السورية أن لتركيا مصلحة مشروعة لضمان أمن حدودها، وأن بلاده ملتزمة مع حلفائها في الناتو لإيجاد حلول في سوريا.
أما روسيا، فقال “ديمتري بيسكوف” المتحدث باسم الكرملين في الثاني والعشرين من يناير/ كانون الثاني الحالي، إن المسؤولين الروس على اتصال بالقيادة التركية في ما يتعلق بالعملية العسكرية التي تنفذها أنقرة ضد وحدات حماية الشعب في منطقة عفرين بشمال سوريا، محجماً عن التعليق عما إذا كانت موسكو على علم مسبق بالعملية. وذكر أن روسيا ما زالت تؤمن بأهمية سلامة أراضي سوريا.
فيما رفضت مصر الغزو التركي، وأصدرت وزارة الخارجية المصرية بياناً، في الحادي والعشرين من يناير 2018، أعربت فيها عن رفضها للعمليات العسكرية التركية ضد مدينة عفرين شمال غربي سوريا، وقالت أن هذا يمثل اعتداء وانتهاكاً جديدا للسيادة السورية، وان مثل هذه العمليات تقوض الجهود الرامية إلى محاربة الإرهاب في سوريا. وطالب البيان بانخراط جميع أطياف الشعب السوري في مفاوضات جادة، دون إقصاء لأي طرف للوصول إلى الحلول السلمية.
فيما أكتفى النظام السوري بتصرييحات الخلبية الجوفاء، فقال ما يسمى نائب وزير الخارجية والمغتربين فيصل مقداد أن بلاده ستتصدى لأي تحرك تركي على مدينة عفرين السورية بالشكل الملائم، وأضاف ” نحذر القيادة التركية من أنه وفي حال المبادرة إلى بدء أي عمل عسكري في منطقة عفرين، فإننا سنعتبره عدوانا يشنه الجيش التركي على أراضي سوريا”.
زاعماً “أن قواتنا مستعدة لتدمير الأهداف الجوية التركية في السماء السورية وعلى الأتراك أن يفهموا أنهم ليسوا في نزهة إذا ما حاولوا البدء بعملياتهم. ونطالب المجتمع الدولي بإدانة العدوان التركي على سوريا” وادعى أن الحكومة التركية لم تبلغهم بشأن غزوها.
فيما قال رئيس الاحتلال التركي: “بقينا على اتصال طوال الليل مع رئيس الوزراء (بن علي يلديريم) ورئيس الأركان (خلوصي اكار)” وحث مواطنيه على “رفع الصوت بالدعاء” من أجل الجنود المشاركين في الهجوم. كما حذر الرئيس التركي أكبر الأحزاب المناصرة للقضية الكردية في تركيا حزب الشعوب الديموقراطي من أي محاولة لتنظيم تظاهرات معارضة للهجوم. وقال “دعوني أؤكد لكم، أنتم مراقبون لحظة بلحظة” متوعدا “أيا كانت الساحة التي ستتجمعون فيها فستداهمكم قواتنا الأمنية”. وأضاف “حذار! أذا استجاب البعض لهذه النداءات (بالتظاهر) وارتكبوا خطأ الخروج إلى الشارع، فسيدفعون الثمن باهظا”.
على الصعيد الميداني:
في اليوم الثاني من الغزو التركي\21 يناير 2018، قالت وحدات حماية الشعب إن القوات التركية حاولت عبور الحدود إلى منطقة عفرين ولكن تم صدها وإرغامها على التراجع، وذلك بعد ورود أنباء عن دخول قوات تركية إلى المنطقة انطلاقا من بلدة غول بابا الحدودية، وقال بروسك حسكة المتحدث باسم وحدات حماية الشعب في عفرين إنه تم صد قوات تركية حاولت عبور الحدود إلى منطقة عفرين بعد اشتباكات ضارية. وذكر نوري محمود وهو مسؤول آخر من وحدات حماية الشعب أنه تم صد جميع الهجمات البرية للجيش التركي ضد عفرين وإجبارها على التراجع.
فيما كانت قد بدأت التظاهرات في مناطق مختلف من العالم للتنديد بالغزو الهمجي التركي بحق إقليم عفرين الكردي، حبق تظاهر الآلاف من أهالي عفرين للتنديد بالهجمات العسكرية على إقليمهم، والساعي إلى حرمانهم من حقهم المشروع في إدارة أنفسهم بأنفسهم وتهجيرهم من أرضهم، واستيطان آخرين ممن يوالون أنقرة بدلاً عنهم.
وكان الهجوم التركي قد تزامن مع سحب روسيا لـ 170 جندي من عفرين، وقالت وزارة الخارجية الروسية إن هذا الإجراء “يأتي حفاظاً على سلامة المقاتلين الروس”، مضيفةً أن “موسكو تراقب بحذر الوضع في عفرين”، في سبيل محاولتها إخفاء المقايضة التي كانت قد وقعت عليها مع أنقرة لتبادل المناطق بين الجانبين، عبر الانسحاب الروسي من عفرين، مقابل سحب أنقرة لمسلحيها من أرياف دمشق وحمص وحماه وإدلب ومطار أبو الظهور العسكري.