ديسمبر 22. 2024

عامان على بدء الغزو التركي بحق عفرين

عفرين بوست-خاص

في مثل هذا اليوم وعقب ساعات قليلة من الآن، وتحديداً عند الساعة الرابعة عصراً بتوقيت عفرين، بدأ جيش الاحتلال التركي وجحافل من المتطرفين الإسلاميين ممن عرفوا عن أنفسهم بمسمى “الجيش الوطني السوري” التابع لتنظيم الإخوان المسلمين، غزوهم الهمجي على إقليم عفرين الكُردي شمال سوريا، بغية منع الكُرد هناك من استحواذ حقوقهم، والتمتع بها كسائر البشر في إدارة أنفسهم بأنفسهم.

ويمر اليوم عصيباً على العفرينيين، الذين كانوا مدركين تماماً منذ الساعة الأولى لبدء الغزو، أن الهدف ليس حزباً بعينه، بل شعباً بأكلمه، حيث كان لا يتسع صدر أنقرة لوجود الشعب الكُردي على أرضه التاريخية في عفرين، والتي كانت أكبر حاضنة سكانية للكُرد غرب الفرات، بعد أن استطاعت أنقرة على مدار المئة العام الماضية من الاحتلال، من حل وتتريك غالبية المناطق الكردية غرب الفرات في تركيا، وبالتالي لم يكن يطيب لها إلا أن تدفع بالغالي والنفيس بغية محو الكُرد من عفرين.

وكان لتركيا ما أردات عبر صفقة قذزة مع روسيا، تنازلت من خلالها عبر أدواتها فيما تسمى “المعارضة السورية”، عن مجموعة واسعة من المناطق التي كانت تحت سيطرتها، وتركزت في أرياف دمشق وريف حمص الشمالي وريف حماه الشمالي وريف إدلب شرق سكة حديد الحجاز ومطار ابو الظهور العسكري وغيرها، ليثبت عدد المناطق التي تنازلت عنها تركيا لصالح روسيا، أهمية عفرين بالنسبة للاحتلال التركي، حيث كان مستعداً لخسارة كل أوراقه في الحرب السورية مقابل الحصول على الإقليم الكُردي، لتغيير ديموغرافيته ومحو الكُرد منه.

ولم تقتصر محاولات تركيا في الاستحواذ على عفرين على فترة الحرب السورية، ففي ثلاثينيات القرن الماضي، أسست أنقرة الحركة المريدية في عفرين، بغية الترويج لضم عفرين إلى تركيا.

وقد تنازلت عن الحركة لاحقاً عقب صفقة مع فرنسا، تخلت فيها الأخيرة عن لواء الاسكندرون، مقابل تخلي تركيا عن فكرة ضم عفرين إليها، حيث تم القضاء على الحركة في العام 1940، عقب أن سحبت تركيا يدها من دعمها، وضمها لواء الاسكندرون في العام 1939.

لكن يبدو أن حلم ضم عفرين أو الاستحواذ عليها عبر عملاء يحملون الجنسية السورية، ولا يدركون من الوطنية إلا إسمها، لا يزال يطارد أنقرة في نومها، وعليه كانت على استعداد لدعم المسلحين على مدار سنوات في اعزاز وادلب، بغية حصار عفرين ومنع سكانها من العيش بهدوء، عبر عمليات قصف كانت تطال القرى ومركز الإقليم بين الفينة والأخرى، وعمليات حصار هدفت إلى إركاع العفرينيين، وهو ما لم يحصل، إذ كان العفرينيون على قلب رجل واحد، مدركين حقهم في الحياة بكرامة وحرية، دون تسلط او استعباد من هذه الجهة أو تلك.

ورغم الأسلحة المتطورة التي قدمت لهم، والدعم المدفعي التركي لعملياتهم العسكرية في الشهباء ومحيط عفرين، ولدى يقين أنقرة أستحالة تمكن متطرفي الإخوان المسلمين ممن يسمون أنفسهم بـ “الجيش الوطني\الجيش الحر” من احتلال عفرين وهزيمة أبنائها الذين كانوا يدفعون الغالي والنفيس في سبيل حمايتها.. لم يجد المحتل التركي من بد، إلا أن يتدخل بنفسه وبكامل عتاده العسكري، فأعلن بدء الغزو التركي على عفرين في الـ20 من يناير العام 2018، بعد أن ضَمنَ صمت القوى الدولية، وقام بشراء أجهزة الإعلام والقنوات الإخبارية، فما فتأت وهي تروج لأكاذيبه عن إرهاب ينطلق من عفرين أو انفصاليين يسعون لتقسيم سوريا منها، وأعلن بدء غزو عفرين بقصف جوي استخدم فيها 72 طائرة، وهي كانت دلالة على مرور 72 عام على سقوط جمهورية مهاباد الكُردية في إيران.

وعقب عامين فقط، أُثبت للعالم أجمع زيف كل تلك الادعات، وبرهنت الاحداث والوقائع في شمال سوريا وليبيا، أن الإرهاب له مصدر واحد متمثل في نظام أنقرة وتنظيم الإخوان المسلمين الذي يمثل مفرخةً للجماعات الإرهابية المتظللة بأسماء براقة كـ (الحر، والوطني)، بيد أن حقيقتها هي الإرهاب والعبودية وخدمة الأطماع الإحتلالية التركية، والتي نطق بها بالأمس فقط، أحد متزعمي “الجيش الوطني”، وقال بأنهم خدم الخلافة العثمانية، ففضح كذبهم وكشف زيف ادعاءهم، وقد كان هو نفسه من المشاركين في غزو عفرين.

وخلال هذين العامين، نجح الاحتلال التركي في تهجير 75% من سكان عفرين الأصليين الكُرد، والذي كان يمثل جوهر الهدف التركي، كما قام بنقل تجربته في التغيير الديموغرافي بعفرين إلى مناطق شرق الفرات في كري سبي\تل أبيض، وسريه كانيه\رأس العين، وطبقها هناك أيضاً.

ولم يكتفي بذلك، بل استغل الصمت الدولي على جرائمه بحق الإنسانية، والتي يرتكبها على مرأى العالم ومسمعه، في حالة تثير الريبة والشك في مصداقية كل المؤسسات الدولية، فبدأ بإرسال مسلحيه المتطرفين من مليشيات الإخوان المسلمين السورية إلى ليبيا.

وبعد أن ثبت كذب وزيف ادعاء الاحتلال التركي الذي برر به احتلال عفرين، وتيقنت الكثير من القوى الأقليمية والدولية حقيقة المشروع التي يسعى له الكُرد في سوريا عبر بناء سوريا جديدة لامركزية، لا تسمح بهيمنة ملة على أخرى أو طائفة على ثانية، يبقى السؤال الأهم، هل يصحح العالم جرمه المقترف بحق عفرين، ويلجم الاحتلال التركي ويجبره على الانسحاب منها، أم أنها ستبقى تستصرخ ضميراً ميتاً؟

مقالات ذات صله

Show Buttons
Hide Buttons