ديسمبر 22. 2024

#بانوراما_الأسبوع: الخطف والاستيطان يهيمنان على عفرين.. وإرسال المسلحين إلى ليبيا يضع العالم العربي أمام واجباته لطرد الاحتلال التركي من عموم سوريا

عفرين بوست-خاص

تواصل المليشيات الإسلامية التابعة للاحتلال التركي انتهاكاتها بحق المدنيين في إقليم عفرين الكُردي المُحتل، التابع للإدارة الذاتية سابقاً، وفي هذا السياق رصدت “عفرين بوست” جملة من الوقائع التي حدثت خلال أسبوع، في الفترة المُمتدة ما بين الثاني والعشرين إلى الثامن والعشرين من ديسمبر (علماً أن هذه الانتهاكات ليست إلا غيضاً من فيض الاحتلال!).

الاختطاف..

في الثاني والعشرين من ديسمبر، قال مراسل “عفرين بوست” في مركز ناحية موباتا\معبطلي التابعة لريف إقليم عفرين الكردي المحتل، إن المليشيات الإسلامية التابعة للاحتلال التركي وتنظيم الإخوان المسلمين، تواصل اختطاف شاب كُردي، من أهالي قرية قنتريه/قنطرة التابعة للناحية، منذ أكثر من عام ونصف، مانعةً تواصله مع ذويه. وأكد المراسل أن الشاب (روناك محمد إيبش) ، البالغ من العمر 25 عاماً، اختطف في حزيران عام 2018 من منزله في قرية قنتريه\قنطرة، وأضاف أن ذوي الشاب حاولوا عبر دفع مبالغ مالية كبيرة لمعرفة أن كان ولدهم حياً أو لا. متابعاً أن مسلحاً من الميليشيات الإسلامية قد وفّر لذوي الشاب قبل نحو شهر، مكالمة قصيرة جداً، قال فيها “أنا لازلت حياً”، دون أن السماح له توضيح مكان احتجازه أو صحته، مقابل مبلغ 600 دولار أمريكي. وأضاف المراسل أن ذوي الشاب المختطف كلفوا محامياً من أهالي إعزاز، والذي تقاضى بدوره مبلغ 500 دولار أمريكي مقابل السعي للإفراج عنه، لكن دون أن يتمكن من فعل أي شيء لهم.

كذلك، أكد مراسل “عفرين بوست” في مركز عفرين، اختفاء مواطن كُردي يدعى “محمد”، ويعمل بائعاً لمادة الديزل\المازوت في براكية تقع على طريق السرفيس جانب منزل “سعيد سباكه”، منذ ثلاثة ايام. وأشار المراسل إن المواطن عينه كان قد اختطف سابقاً لمرتين متتالتيتن على يد مليشيا “جماعة الأوسو” التابعة لميليشيا “الجبهة الشامية”، والتي كانت تفرج عنه في كل مرة بعد قبض فدية مالية.

في الثالث والعشرين من ديسمبر، تواصل الميليشيات الإسلامية التابعة للاحتلال التركي وتنظيم الإخوان المسلمين، ارتكاب جرائم الحرب والابادة الجماعية بحق من تبقى من السكان الأصليين لإقليم عفرين الكُردي المحتل، وفق خطة مرسومة من قبل استخبارات الاحتلال التركي. وفي هذا السياق، اختطفت ميليشيا “لواء وقاص” أول أمس الجمعة، شابين كُرديين من عائلة واحدة، من منزلهما في قرية آنقلة التابعة لناحية “شيه/شيخ الحديد”، بحسب وكالة نورث برس. وأوضحت الوكالة أن الشابين (رشيد جركو ومحمد جركو) من مواليد 1992، اختطفا من قبل الميليشيا بذريعة قيامهما بالخدمة في صفوف قوات الدفاع الذاتي قبل فترة الاحتلال التركي للإقليم، مشيرة إلى أن مصير الشابين لا يزال مجهولاً.

في الرابع والعشرين من ديسمبر، كشفت مصادر خاصة لـ “عفرين بوست” عن هوية شاب كُردي اختفى في ظروف غامضة، وذلك بعد خروجه مباشرة من منزله في حي الأشرفية وسط مركز أقليم عفرين الكُردي المحتل، التابع للإدارة الذاتية سابقاً. وأوضحت المصادر أن الشاب المختفي هو دلوفان عصمت إبراهيم، من أهالي قرية جومزنا التابعة لناحية “موباتا/معبطلي”، مشيرة إلى أن دلوفان البالغ من العمر /18عاما/ من منزله في حي الأشرفية، بعد تلقيه مكالمة تلفونية بتاريخ الثاني عشر من ديسمبر، وبعدها اختفى أثره نهائياً ولا زال مصيره مجهولاً لحد الآن. وحسب المصادر فإن سلطات الاحتلال التركي والميليشيات الإسلامية التابعة لتنظيم الإخوان المسلمين قد نفت علمها بأي معلومة عن الشاب المختطف، بعد إبلاغ ذويه عن حادثة الاختفاء.

في الثامن والعشرين من ديسمبر، أفاد مراسل “عفرين بوست” في ناحية “بلبلة\بلبل” أن المواطن الكُردي معمو محمد شيخ محمد/50 عاما/، اختطف من قبل مسلحي ميليشيا “الجبهة الشامية” في نيسان 2018، بينما كان يعمل بين حقل للزيتون في قرية “شيخورزيه\شيخورز” التابعة لناحية بلبلة/بلبل. للخمسيني معمو ولدين من ذوي الاحتياجات الخاصة «مرض الصرع» يقيمان مع والدتهما في حي الأشرفية في مدينة عفرين. ولا يعرف ذوي المواطن المُختطف أي معلومة عنه، ولكنهم يرجحون أنه يقبع في سجن “المعصرة” في إعزاز، والذي يديره المتزعم في الميليشيا المدعو “أبو علي سجو”.

نشر التطرف..

في الثاني والعشرين من ديسمبر، قالت وسائل إعلام تابعة للاحتلال التركي أن 5 نساء من عناصر تنظيم “داعش”، سلمن أنفسهن للسلطات الأمنية في ولاية هاتاي، جنوبي تركيا، بعد هروبهن من مخيم سوري خاضع لسيطرة قوات سوريا الديمقراطية. وأشار الإعلام التركي  إن النساء يحملن الجنسية التركية، وسلمن أنفسهن لقوات الأمن في معبر “جيلوة غوزو” بقضاء “ريحانلي” التابعة لهاتاي، وإنهن من النساء المنتميات لـ”داعش”، وقد هربن من مخيم الهول، الواقع في محافظة الحسكة، التابعة للإدارة الذاتية شمال سوريا. لكن مصادر مطلعة على ملف الدواعش في عفرين، أكد زيف ادعاءات الاحتلال التركي، رابطاً ذلك مع فرار 7 سجناء دواعش من سجن ماراتي التابع لميليشيا “الشرطة العسكرية”، قبل يومين، مؤكدةً أن العملية لا تتعدى كونها تهريباً للسجناء والسجينات، كما حصل في راجو سابقاً. وأشارت المصادر لـ “عفرين بوست” إن الداعشيات التي يتحدث عنهن الإعلام التركي كن في عفرين، وقد دخلوا إلى تركيا مروراً بالإقليم الكُردي المُحتل، وأكد المصدر وجود الكثيرر من الدواعش ونساء التنظيم في عفرين، ممن جرى تهريبهم من مخيم عين عيسى إبان قصفه خلال الغزو التركي لمناطق شرق الفرات. وكان مصطفى بالي، مدير المركز الإعلامي لـ”قسد” قد قال في الثالث عشر من أكتوبر الماضي، عبر تويتر: إنه “تقريباً، جميع مُسلحي داعش في مخيم عين عيسى هربوا من المخيم”، بينما أوضح مسؤولون في الإدارة الذاتية أن 785 شخصاً “يتبعون المقاتلين الأجانب في تنظيم داعش” فروا من مخيم بلدة عين عيسى، التي تعتبر مركز الإدارة الذاتية لشمال سوريا. وحسب بيان للإدارة الذاتية حينها فقد “هاجم عناصر داعش حراس المخيم، وفتحوا البوابات وهربوا”، فيما تؤكد المعطيات اللاحقة أن العملية كان قد جرى التخطيط لها من جانب الاحتلال التركي ومليشيا أحرار الشرقية، عبر قصف محيط المخيم وخلق حالة فوضى وفلتان أمني، تتيح للمسلحين تأمين خروج آمن للداعشيات إلى مناطق مسلحي درع الفرات وعفرين.

في الثالث والعشرين من ديسمبر، علمت “عفرين بوست” من أوساط مسلحي الميليشيات الاسلامية التابعة للاحتلال التركي وتنظيم الإخوان المسلمين، أن مسلحين منحدرين من مدينة حرستا كانوا منتسبين لمليشيا “الجبهة الشامية”، قتلا قبل نحو عشرين يوماً في المعارك بـ ليبيا. ورصد المراسل افتتاح أربعة مراكز لتسجيل المتطوعين الراغبين بالتوجه إلى ليبيا للقتال الى جانب حكومة السراج في طرابلس. واوضح أن المراكز المففتتحة في إقليم عفرين، تقع في مبنى الاسايش سابقاً وتحت اشراف ميليشيا “فرقة الحمزة”، و في مركز مليشيا “الجبهة الشامية” وهو مبنى (هيئة الادارة المحلية) سابقاً بالقرب من دوار كاوا، ومقر ميليشيا “لواء المعتصم” في قرية “قيباريه\عرش قيبار” ومركز مليشيا “لواء الشامل” في حي المحمودية. واكد المراسل إنه قد شوهد وقوف طوابير طويلة أمام مركز مليشيا فرقة الحمزة (مبنى قوات الاسايش سابقاً)، من المتطوعين الراغبين بالالتحاق بالمعارك في ليبيا. واشار المراسل أن الاحتلال التركي يقدم مغريات كبيرة لتشجيع المسلحين على الالتحاق بالمعارك في ليبيا، حيث رصد رواتب مجزية تتراوح بين ١٨٠٠ إلى ٢٠٠٠ دولار أمريكي لكل مسلح شهرياً، علاوة على منزل وغنائم، وهي ذات الاستراتيجية التي أغرى بها مسلحي الإخوان المسلمين ممن يعرفون بـ (الجيش الوطني\الجيش الحر) لغزو عفرين واحتلالها، وكذلك غزو مناطق شرق الفرات في سريه كانيه\راس العين وكري سبي\تل أبيض.

كذلك، قالت وكالة “ستيب الإخبارية”، التابعة للمعارضة السورية والمقربة من المليشيات الإسلامية، بأنها حصلت على تسريبات تؤكد نيّة الاحتلال التركي إرسال مسلحين من المليشيات التابعة لتنظيم الإخوان المسلمين في سوريا والمعروفة باسم “الجيش الوطني\الجيش الحر” إلى ليبيا، للقتال إلى جانب ما تسمى حكومة الوفاق الإخوانية بقيادة فايز السراج، ضد قوات اللواء خليفة حفتر. وبحسب مصدر تلك الوكالة في المليشيات الإسلامية، فإنَّ الأيام الأخيرة شهدت زيارة لضباط تابعين لجيش الاحتلال التركي رفيعي المستوى إلى ليبيا تلاها اجتماعات مكثفة بالداخل التركي “العاصمة أنقرة على الأغلب” لقيادات ما تسمى فيالق مليشيات “الجيش الوطني” مع ضباط بالاستخبارات التركية. وأشار المصدر إلى أنَّ الاجتماعات حضرها متزعم ما يسمى الفيلق الأول، معتز رسلان، ومتزعم ما يسمى الفيلق الثاني، محمود الباز، ومتزعم ما يسمى الفيلق الثالث، أحمد أبو نور، وممثل عن ما يسمى الفيلق الرابع العامل غربي إدلب، والذي انضم مؤخرًا للتشكيل الموالي لتركيا، وكان سابقًا يحمل اسم الجبهة الوطنية للتحرير. ولفت مصدر الوكالة إلى أنَّه وعقب الاجتماعات، وصلت، على مدار اليومين الماضيين، تعليمات لمتزعمي مليشيات الإخوان المسلمين التابعة للاحتلال التركي لتجهيز قوائم أسماء وأعداد العناصر الراغبين بالقتال في ليبيا، فيما تضاربت الأنباء حول مقدار الراتب الذي سيمنح للعناصر المتوجهة إلى ليبيا، حيث تم تداول أخبار عن أنَّ الراتب هو ألفي دولار شهريًا للمسلح، ولكن لم يصدر قرار واضح حول هذه الجزئية بعد. وختم مصدر الوكالة بالقول إنَّ هذه التحضيرات ترافقت مع تحضير دفعتين من مسلحي المليشيات التابعة للاحتلال التركي بهدف إرسالهم إلى إدلب للمشاركة بالقتال ضد قوات النظام السوري بريف إدلب الشرقي والجنوبي الشرقي بهدف امتصاص غضب الشارع من جهة واخلاء مسؤولية ما يسمى بـ الجيش الوطني عن خسارات ادلب من جهة أخرى, حيث رجّح المصدر أنَّ تصل اليوم دفعة من هؤلاء المسلحين مكونة من 100 مسلح، ليتبعها دفعة أخرى من العدد ذاته يوم غد، على أن تستكمل الدفعات بحسب الطلب.

في الخامس والعشرين من ديسمبر، وفي دليل واضح على عملهن لصالح الاستخبارات التركية، سلّمت 7 نساء من عناصر تنظيم “داعش”، أنفسهن للسلطات الأمنية في ولاية هاتاي، جنوبي تركيا، بعد هروبهن من من مخيم “الهول” الخاضع لـ “اﻹدارة الذاتية”، عقب تمكنهن من الفرار نتيجة الهجوم التركي على مناطق شمال سوريا. ويبدو واضحاً سعي الاحتلال التركي إلى تهريب جميع الداعشيات ذات الاصل التركي من معتقلات قوات سوريا الديمقراطية في شمال سوريا، حيث يمتلكن غالباً معلومات تدين النظام التركي وصلاته مع إرهابيي داعش، إذ لجئ الاحتلال إلى تهريب عائلات داعش من مخيم عين عيسى كذلك، عبر قصفه، مما خلق فوضى وأسفر عن فرار قرابة 800 شخص منهم. ونقلت وكالة تركية أن 7 نساء من تنظيم “داعش” الإرهابي، يحملن الجنسية التركية، سلمن أنفسهن لقوات الأمن التركية في معبر “جيلوة كوزو” الحدوي المقابل لمعبر باب الهوى الحدودي على الجانب السوري، مضيفةً أن النسوة اللواتي سلمن أنفسهن لقوات الأمن التركية، هن من أعضاء تنظيم “داعش”، الذين هربوا من مخيم “الهول”، حيث أحالتهن قوات الأمن التركية إلى السلطات القضائية، بعد استكمال الإجراءات القانونية (وفق زعم إعلام الاحتلال التركي). ومن المؤكد أن الداعشيات سواء التركيات أو غيرهن يشعرن بالأمان في تركيا، وسبق أن صرحت الداعشيات المعتقلات في الهول وغيرها، برغبتهن بالتوجه إلى تركيا، التي تقدم نفسها راعية للإسلاميين كـ داعش والنصرة والإخوان المسلمين. وبذلك يرتفع عدد التركيات الفارات من مخيم الهول ممن سلمن أنفسهن للسلطات التركية إلى 12 امرأة خلال أقل من أسبوع، جميعهن من المنتسبات للتنظيم، حيث سلّمت 5 نساء من عناصر التنظيم، يحملن الجنسية التركية، أنفسهن للسلطات الأمنية في ولاية هاتاي يوم الجمعة الماضي، 20 كانون اﻷول/ديسمبر، بعد هروبهن من المخيم. ومذ شن الاحتلال التركي عدوانه على مناطق شمال سوريا، وجد الدواعش متنفساً لأنفسهم، فنفذوا عدداً من محاولات الفرار الفردي والجماعي، فيما بات هؤلاء يجدون لأنفسهم نصيراً قد ينقذهم ممن قضى لهم على خلافتهم الإرهابية المزعومة، وسبق أن صور مسلحو المليشيات الإسلامية المسماة بـ الجيش الوطني، التي تغزو شمال سوريا مقاطع مصورة بينت استقبالهم الداعيشات الفارات من مخيم عين عيسى تحت مسمى تأمين المدنين من قسد!

كذلك، قالت وكالة “ستيب” المحسوبة على المعارضة السورية، والتي بدأت في الفترة الأخيرة ببث أخبار مناوئة للأتراك، بأنه حصلت على معلومات خاصة مفادها أنَّ مئات المسلحين من المليشيات الإسلامية التابعة للاحتلال التركي وتنظيم الإخوان المسلمين، المسماة زوراً بـ “الجيش الوطني” قد توجهوا، ليل الثلاثاء، من تركيا إلى الأراضي الليبية، وذلك للقتال إلى جانب حكومة الإخوان المسلمين التي يقودها المدعو فايز السراج في طرابلس. وقال مصدر خاص للوكالة إنَّ قرار إرسال المسلحين إلى ليبيا لم يتخذ بشكل رسمي بعد، ولكن المليشيات الإسلامية تسلمت أوامر تركية بتسجيل أسماء الراغبين بالذهاب إلى هناك للقتال ضد قوات اللواء خليفة حفتر. وتابعت الوكالة بأنَّ طائرة عسكرية تركية توجهت وسط تشديدات أمنية، ليل أمس، من مطار غازي عينتاب المدني جنوبي تركيا باتجاه الأراضي الليبية، وعلى متنها 300 مسلح من ما يعرف بمليشيات (الفيلق الثاني) التابعة لمليشيات ”الجيش الوطني” السوري” المؤتمر تركياً، وعلى رأسهم قائد مليشيا “فرقة السلطان مراد” المدعو “فهيم عيسى”. ونوّهت الوكالة إلى أنَّ المسلحين الذين توجهوا مع المدعو “عيسى” إلى ليبيا جميعهم من مليشيا (الفيلق الثاني)، وينتمون لمليشيات عدة كـ “الصقور” و”السلطان مراد” و”لواء المعتصم” و”فرقة الحمزة”. وأضافت بأنَّ المسلحين تحركوا بعد إغراءات تركية بتقديم رواتب تتراوح ما بين 2000 دولار شهريًا لكل منهم، و3000 دولار شهريًا للمتزعمين، بالإضافة للطعام والشراب والذخائر والسلاح، لافتةً إلى أنَّ البيان الذي تدوالته الوسائل الإعلامية، أمس الأربعاء، وجاء فيه نفي قيادة هيئة الأركان العامة بـ”الجيش الوطني” المعلومات حول إرسال مقاتليه إلى ليبيا، هو بيان منفي ومزور، ولا يحمل توقيع أي جهة رسمية. ويتزامن هذا النبأ مع حملة النظام السوري على إدلب، إذ يترك المسلحون جبهات النظام الذي يدعون أنهم معارضون له، وبرروا الهجوم على قوات سوريا الديمقراطية تحت يافطة أنهم متعاون مع النظام زوراً وبهتاناً، في الوقت الذي نسق فيه حليفهم التركي مع روسيا والنظام، للضغط على “الإدارة الذاتية”، للقبول بنشر قوات النظام في شرق الفرات، ضمن إطار جهود تركيا لنسف كل طموحات السوريين ببناء وطن جديد يسوده العدل.

استيطان عفرين..

في الثالث والعشرين من ديسمبر، تقاطرت قوافل الخارجين من مناطق الاشتباكات في محافظة ادلب إلى إقليم عفرين الكُردي المُحتل، على وقع المعارك العنيفة الدائرة بين القوات الروسية وقوات النظام من جهة والميليشيات الاسلامية التابعة للاحتلال التركي وتنظيم الإخوان المسلمين بمختلف مسمياتها (الجيش الوطني\النصرة) من جهة اخرى. ورصد مراسل “عفرين بوست” في جنديرس، دخول عشرات الحافلات عبر معبر دير بلوط في ريف جنديرس الى الاقليم المحتل، حيث أكد المراسل أن حاجز ميليشيا “فيلق الشام” على المعبر يفرض على كل حافلة مبلغ مئتي دولار أمريكي للسماح لها بالدخول إلى الإقليم. وأضاف المراسل أن مجمع مكاتب السيارات “عفرين انترناشيونال” التي كانت “الإدارة الذاتية” قد شيدتها دون افتتاحه بسبب الحرب على الإقليم، وهو الواقع على طريق قرية كفرشيل، قد اكتظ بالفارين من إدلب، كما جرى إسكان عشرات العائلات في الابنية غير المكسية في حي الاشرفية والمحمودية، علاوة على وصول أعداد من تلك العائلات إلى قرى في ريف عفرين. ويعمل الاحتلال التركي بالتنسيق مع روسيا والنظام السوري على إفراغ البلدات السورية واستبدالها بإخرى واقعة تحت يدي الجانب الآخر، في مسعى الجانبين لهندسة الدموغرافية السورية حسب الأهواء التركية وأهواء النظام السوري. ويستغل الاحتلال التركي سطوته على تنظيم الإخوان المسلمين بما يملكه الأخير من مسلحين وقاعدة شعبية، تحت حجج الخلافة العثمانية وسلطان المسلمين وما إلى ذلك من خدع، أوصلت السوريين إلى الحالة التي هم فيها اليوم. ويسعى الاحتلال التركي لإخراج أهالي إدلب من ديارهم، بالتنسيق مع روسيا والنظام عبر افتعال الحرب الأخيرة، بالتزامن مع ضغوط يمارسها على أوروبا للقبول بتمويل ما تسمى “المنطقة الامنة”، حيث سيستغل الاحتلال التركي خروج العائلات من ادلب على وقع تقدم النظام فيها، لتهديد اوروبا بالقبول بتمويل “المنطقة الامنة” أو الاستعداد لاستقبال هؤلاء. وفي حال قبول الأوروبيين بتمويل ما تسمى “المنطقة الآمنة”، فإن الاحتلال التركي سيحصل بذلك على شرعنة لجرائم حرب ارتكبها، وتتمثل في التهجير القسري لعرقيات أديان، والدفع لاستيطان آخرين بدلاً عنهم، بحجة أنهم سوريين، وبالتالي سيتمكن من تجميل أقبح عمليات التغيير الديموغرافي وأكبرها في العصر الحديث.

في الخامس والعشرين من ديسمبر، تعمدت الميليشيات الإسلامية التابعة للاحتلال التركي وتنظيم الاخوان المسلمين طرد السكان الكُرد من منازلهم لتوطين الفارين من مناطق الاشتباكات في إدلب فيها، في ظل التدفق المتواصل للنازحين على إقليم عفرين الكُردي المحتل، شمال غربي سوريا. بالصدد طردت ميليشيا “أحرار الشرقية” المسنة الكُردية “كوله حج حسين” من منزلها في قرية كورا\كوران التابعة لناحية جنديرس، وأجبروها على الانضمام للسكن مع ابنها في منزله، تمهيداً لتوطين عائلة إدلبية مكانها. إلى ذلك ذكر مركز عفرين الإعلامي أن مسلّحي ميليشيا “سمرقند” يمنعون المواطنة “زهيدة حاج عبدو” من دخول منزلها في قرية “كفر صفرة”، رغم مرور عام كامل من عودتها للقرية، علاوة على طرد عائلة حسين وعائلة حسنو من المنازل التي سكنوها بعد تدمير منازلهم في القرية ابان الغزو التركي للإقليم. وأضاف المركز أن ميليشيات الاحتلال استولت على منزل “حسن مرشد” و”عبدو مرشد” في قرية مسكه بجنديرس، وقامت بإسكان المستوطنين بدلاً عنهم بهدف استكمال خطة التعيير الديموغرافي في الإقليم الكُردي المحتل. وتتركز عمليات الأستيطان الجديدة في ناحيتي جنديرس و”شيه/شيخ الحديد”، حيث شهدت قراها استيطان المزيد من الفارين من مناطق المعارك في ريف إدلب الجنوبي والشرقي، والتي سيطرت خلالها قوات النظام على العشرات من القرى والبلدات بعد معارك مع الميليشيات الإسلامية والجهادية في المنطقة.

في السادس والعشرين من ديسمبر، وفي إطار عمليات الاستيطان الواسعة التي يسعى لها الاحتلال التركي ضمن المناطق الكُردية في شمال سوريا عموماً وإقليم عفرين المُحتل خصوصاً، وجد مسلحو المليشيات الإسلامية التابعة لتنظيم الإخوان المسلمين في الهجوم العسكري الروسي على ادلب مبرراً لإعادة ملئ عفرين بالمستوطنين. فخلال الفترة الماضية، ومع توجه أعداد من المستوطنين إلى المناطق المحتلة حديثاً في شرق الفرات ضمن الشريط الحدودي الممتد ما بين مدينتي “سريه كانيه\رأس العين” و”كري سبي\تل أبيض”، انخفض تعداد المستوطنين ضمن قرى إقليم عفرين الكُردي المُحتل.  ونتيجة عدم وجود سوريين من اللاجئين في تركيا راغبين بالعودة إلى شرق الفرات، حيث يتم إجبارهم على ذلك، يبدو أنه لم يكن أمام الاحتلال سوى التنسيق مع روسيا، لشن الحرب الأخيرة على إدلب، لتهجير سكان الأخيرة والتمهيد  بالتالي لاستيطان ما بين مليون إلى ثلاث ملايين من المتواجدين في إدلب ضمن عفرين وسريه كانيه وكري سبي. خطة تبدو واضحة، مع توارد الانباء التي تؤكد شحن الاحتلال التركي لمسلحيه المأجورين للذهاب والقتال في إدلب لجانب حكومة الإخوان المسلمين في طرابلس بقيادة فايز السراج، ليعملوا تحت إمرة الاستخبارات التركية كقتلة مأجورين للشعب الليبي، وهو أمرٌ ليس بغريب على من غزا أبناء بلده لمنعهم من التمتع بالحقوق التي يطالبون هم أنفسهم بها لذواتهم، وينكرونها على باقي المكونات السورية. وفي هذا السياق، أكد مراسلو “عفرين بوست”، إن المليشيات الإسلامية تجبر المسنين الذين يعيشون لوحدهم في بيوتهم، بعد أن هجرهم أبنائهم جبراً بحكم الغزو التركي، ونتيجة خشيتهم من عمليات التعذيب والخطف التي طالت كل العائدين من سكان عفرين الأصليين، (يجبرونهم) على الخروج من تلك البيوت والسكن مع اقرباء لهم، بحجة استقبال العائلات الخارجة من إدلب. كما أكد المراسلون إن الأمر ينطبق على المواطنين الكُرد الذين يعيشون في بيوت أقرباء مهجرين لهم، حتى لو كان هؤلاء يحملون سندات توكيل، إذ تجبر المليشيات الإسلامية العائلات الكردية على الخروج من منازل اقربائها، بحجة إسكان العائلات الخارجة من إدلب. وكان لافتاً مقطع مصور قام أحد المستوطنين من الغوطة الواقعة بريف دمشق ببثه، وهو يتحدث عن استقبال العائلات الخارجة من ادلب في مباني جرى الاستيلاء عليها من قبل مسلحي الاحتلال التركي على طريق قرية “كفر شيل” بريف عفرين، حيث كانت “الادارة الذاتية” قد شيدتها إبان حكمها للإقليم، بغية تحويلها إلى مركز لمكاتب بيع وتجارة السيارات. واستهجن المواطنون الكُرد الطريقة التي يدعو فيها المستوطن الغوطاني أهالي إدلب للقدوم إلى عفرين والحياة فيها، متسألين عن أحقية المستوطنين في دعوة آخرين للقدوم والاستيطان في عفرين، فيما كان هؤلاء أدوات للاحتلال التركي في مشروع التغيير الديموغرافي الأكبر خلال العصر الحديث، عندما جرى تهجير أكثر من 500 ألف مواطن كردي من عفرين أمام مرأى ومسمع العالم أجمع، لتوطين غرباء من أرياف دمشق وحمص وحماه وإدلب ودير الزور بدلاً عنهم. وفي الوقت الذي يدعي فيه هؤلاء المستوطنون أحقيتهم الحياة في عفرين بحجة أنها مدينة سورية، يتسآل المواطنون الكُرد في المقابل عن سبب رفض هؤلاء لتوطين سكان من اللاذقية وطرطوس في العاصمة دمشق وحمص وغيرها، ما دام المبدئ هو الوطنية المزعومة التي هي براء من أشخاص فضلوا رفع العلم التركي والقتال تحت لوائه، على الجلوس مع مواطنيهم السوريين والاتفاق معهم على شكل مستقبلي لسوريا، يحتضن كل الانتماءات والاثنيات وفق قواعد حقوق الإنسان والمساواة والعدالة.

في الثامن والعشرين من ديسمبر، أكد مراسلو “عفرين بوست” إقدام الميليشيات الإسلامية التابعة للاحتلال التركي وتنيظم الإخوان المسلمين، على كسر أقفال أبواب المنازل في عدة قرى بريف إقليم عفرين الكُردي المٌحتل، بغية توطين الفارين من محافظة إدلب فيها، والذين يتقاطرون على الإقليم بأعداد كبيرة. وأشاروا أن ميليشيا “الجبهة الشامية” تقوم بكسر الأقفال وفتح أبواب المنازل في القرى (بريمجة-قنتري-حسيه -شيتكا) رغم تواجد أصحابها في مدينة عفرين الذين يرتادون إليها بغية خدمة حقولهم الزراعية كل فترة، وتقوم بإستيطان العوائل الهاربة من ريف إدلب فيها.  إلى ذلك أفاد مراسل ناحية “بلبلة\بلبل” أن ميليشيا “فيلق الشام” وطّنت نحو عشرين عائلة إدلبية في قرية “ديكيه/ديك أوباسي”، وذلك عبر إسكانهم قسرياً في منازل المهجرين والمتواجدين في الإقليم على حدا سواء. ومن الواضح أن الحرب الأخيرة للنظام وروسيا قد جرت بتنسيق كامل مع الاحتلال التركي، بغية دفع الأهالي في إدلب لتركها والتوجه للأستيطان في مناطق تحتلها تركيا كـ عفرين وكري سبي وسريه كانيه. ويمكن تشبيه ما يجري بالمقايضة التركية الروسية التي حدثت في الاستانة، وتم خلالها بيع عفرين من جانب روسيا، لقاء تخلي تركيا عن مناطق كانت خاضعة لمليشياتها في أرياف دمشق وحمص وحماه وإدلب. ولا يعتبر ما يجري إلا سبيلاً جديداً للتغيير الديموغرافي الذي تمارسه سلطات الاحتلال التركي، عبر إجبار السكان في إدلب على مغادرتها لملئ ما يعتبرها منطقته الآمنة، والتي يسعى منها أن تكون خنجراً في ظهر مناطق الإدارة الذاتية شرق الفرات، بغية القضاء على الوجود التاريخي للكرد في شمال سوريا، وحرمان باقي المكونات من الحقوق التي استحوذوها من خلال “الإدارة الذاتية”.

كذلك، رصد مراسل “عفرين بوست” في مركز إقليم عفرين الكُردي المُحتل شمال سوريا، تحرك مسلحين من “هيئة تحرير الشام/جبهة النصرة” (وهي الفرع السوري للقاعدة)، داخل أحياء مدينة عفرين برفقة عائلاتهم، في مسعى منهم لتأمين مساكن لذويهم. وأوضح المُراسل أن العشرات من مسلحي “جبهة النصرة” كانوا يتجول في حي الأشرفية بحثا عن شقق خالية لإسكان عوائلهم فيها، مشيراً إلى حدوث توتر بينهم وبين المستوطنين المنحدرين من الغوطة، بسبب رفضهم استقبال عوائل مسلحي “النصرة” في الأبنية التي يحتلونها في الحي، ومطالبتهم لهم بالتوجه إلى القرى. وأكد المُراسل أن التوتر بين الطرفين تطور إلى قيام مسلحي “النصرة” بإطلاق الرصاص في الهواء لإخافة مستوطني الغوطة وإجبارهم على الموافقة باستقبال عوائلهم.

اقتتال المليشيات والاحتلال..

في الثاني والعشرين من ديسمبر، شهدت مدينة عفرين، استنفاراً أمنياً كبيراً حيث كثفت ميليشيات الاحتلال (الشرطة المدنية والشرطة العسكرية) من تفتيش السيارات والمواطنين في مدخل جنديرس ودوار نوروز ودوار كاوا. وقال مراسل “عفرين بوست” في مركز الإقليم، إن عمليات التفتيش طالت حتى الحقائب النسائية، كما تشهد المدينة توتراً أمنياً بين ميليشيا “الجبهة الشامية” من جهة، وجنود الاحتلال التركي من جهة أخرى في المدينة. ونوه المراسل إن الميليشيا عملت خلال اليومين الأخيرين على إخلاء ثلاث مقرات له في حي الأشرفية دون معرفة سبب التوتر، لكن معلومات غير أكيدة رجحت أن يكون بسبب احتمالات دخول الشرطة العسكرية الروسية بموجب اتفاق تركي – روسي، إلى مدينة عفرين مع بداية العام القادم. فيما تقول معلومات أخرى أن السبب الخلاف هو منع الأتراك مسلحي الميليشيا من التوجه إلى إدلب، للمشاركة في المعارك ضد الهجمة الروسية – السورية على المحافظة.

في الخامس والعشرين من ديسمبر، ولّد الصمت التركي على العملية العسكرية التي تنفذها قوات النظام بدعم روسي في محافظة إدلب، حالة من القلق والامتعاض لدى المسلحين الإسلاميين الخاضعين للأجندات الاحتلالية والتوسعية لتركيا في الأراضي السورية. وبالصدد، أفاد مراسل “عفرين بوست” في ناحية راجو أن ميليشيا “فيلق الشام”، أقدمت على إنزال العلم التركي من على مقراتها في المناطق التي تحتلها الميليشيا في إقليم عفرين المُحتل، احتجاجاً على الصمت التركي إزاء العملية العسكرية لقوات النظام في إدلب، باعتبارها طرفاً متواطئاً في بيع إدلب للروس والنظام. وأكد المُراسل أن مسلحي الميليشيا المذكورة في قرية “حجمالا” التابعة لناحية راجو أنزلت العلم التركي من على مقرها في القرية.

كذلك، أشارت وسائل إعلام معارضة إلى مقطع فيديو جديد يظهر فيه ما يسمى “رئيس الحكومة السورية المؤقتة، وهو التركماني “عبد الرحمن مصطفى” ووما يسمى بـ نائب رئيس هيئة الأركان في الجيش الوطني عدنان الأحمد، وعدد من متزعمي المليشيات الإسلامية التابعة للاحتلال التركي وتنظيم الإخوان المسلمين في باحة ما يسمونها بـ “جامعة حلب” في مدينة إعزاز المحتلة. وخلال حديث “مصطفى” ادعى “عمل الأشقاء الأتراك” لمنع سقوط إدلب وبقية المناطق بيد قوات النظام، وثم أحال الحديث إلى المدعو عدنان الأحمد الذي عرف عن نفسه برئيس هيئة الأركان في نبع السلام، وهي العملية التي غزا فيها المسلحون حاملين الاعلام التركية أراض سورية لتهجير مكونات سوريا أصلية وتوطين آخرين على أهواء أنقرة فيها. وزعم الأحمد امتلاك المليشيات الإسلامية المسماة (الجيش الوطني) للرجال والعتاد المطلوب لصد هجمات النظام السوري وروسيا على إدلب، وقدرتهم على وقف تقدمه، (متجاهلاً كونهم عاملين لدى الاحتلال التركي وملتزمين بجميع التعليمات الصادرة عن الاستخبارات التركي لهم، لدرجة عجزهم عن إطلاق طلقة في وجه النظام، وحصر عدوانهم على قوات سوريا الديمقراطية، تنفيذاً لاجندات تركية للتوسع وقضم الاراضي السورية). بدورها، ردّت هيئة تحرير الشام\جبهة النصرة وهي الفرع السوري من القاعدة، عبر معرّفاتها الرسمية على مواقع التواصل الاجتماعي، على ادّعاءات ما تسمى الحكومة المؤقتة. وجاء ردّ الهيئة على لسان المدعو أبو خالد الشامي، المتحدث باسم ما يسمى الجناح العسكري لتحرير الشام: والذي قال “التنسيق قائم مع كل من يريد الذهاب لأرض المعركة، والمشاركة بشكل جدي دون ادّعاءات على الإعلام، وأي أحد يدعي منعه من النزول للقتال فهو كاذب”. ويؤكد حديث النصرة على زيف ادعاءات المليشيات الإسلامية التابعة لتنظيم الإخوان المسلمين، التي يعملها مسلحوها كمأجورين تحت الطلب التركي، حيث يعمل الأخير حالياً على إعدادهم للسفر والقتال في ليبيا، تاركين ادلب تحترق، في سبيل ارضاء السلطان العثماني والحصول على مرتبات شهرية مجزية. وأضاف المتحدث باسم النصرة: “النظام الفاجر الذي يقتل ويشرد الأهالي في إدلب هو ذاته تمتد جبهاته على محاور مناطق درع الفرات بريف حلب الشمالي، فلماذا المزاودات الفارغة فليقوموا بفتح جبهات تعد هي الأقرب لهم باتجاه إدلب من جهة الباب وغيرها!!”.

السرقة والأتاوات..

في الثامن والعشرين من ديسمبر، علم مراسل “عفرين بوست” في ناحية “شيه/شيخ الحديد” بريف إقليم عفرين الكُردي المحتل شمال سوريا، أن ميليشيا “السلطان سليمان شاه” تعتزم فرض أتاوات جديدة على السكان الكُرد الأصليين في مركز الناحية وقراها. وأكدت المصادر أن الميليشيا ستفرض مبلغ عشرة آلاف ليرة سورية بشكل شهري، على كل عائلة كردية في القرى الواقعة تحت احتلالها، مشيرة إلى أن الميليشيا تبرر الأتاوة الجديدة على أنها مصاريف لمسلحيها الذين يحمون تلك القرى!، وتحتل الميليشيا مركز ناحية “شيه” وثمانية قرى تابعة له وهي (شيه وجقلا فوقاني وجلا تحتاني وجقلا وسطاني وحج بليل وآلكانا وخليل)، إضافة لقرية “كاخريه” التابعة لناحية “موباتا/معبطلي”.

أطفال عفرين..

في الرابع والعشرين من ديسمبر، تطرقت “عفرين بوست” بتقرير إلى حالة طفلة مهجرة من عفرين أصابها الاحتلال التركي خلال الغزو التركي بالعمى في إحدى عينيها، وجاء في التقرير: (أدى قصف الاحتلال التركي والمليشيات الإسلامية التابعة لتنظيم الإخوان المسلمين ممن يعرفون أنفسهم بمسميات (الجيش الوطني\الجيش الحر)، العشوائي، إبان عمليات غزو عفرين لاحتلالها من يناير إلى مارس العام 2018، إلى إصابة 3 أخوات من عائلة واحدة، كانت مُعاناة أصغرهن هي الأكبر، حيث فقدت إحدى عينيها، ولا زالت بحاجة ماسة للعلاج وإجراء عمليات جراحية. وتروي السيدة “سميرة” والدة تلك الفتيات المصابات لـ “عفرين بوست” الأحداث التي جرت معهم، فتقول: “قاومنا وصمدنا في قريتنا زاركا بـإقليم عفرين على مدار 45 يوماً، وحينها كان القصف شديداً وقاسياً علينا، حيث استهدفنا في كل حين وبجميع أنواع الأسلحة الثقيلة، وبينما كنا نحاول انقاذ حياتنا من طائرات الحرب وقصفها، استهدف القصف سرفيساً (سيارة نقل جماعي صغيرة تتسع لـ14 راكباً) كان ينقلنا من قريتنا في راجو صوب مركز عفرين”. وتصف “سميرة” الحال حينها، قائلةً: “لا أعرف كيف أوصف ذلك المشهد والجريمة التي ارتكبت بحق كل من كان في السرفيس، حيث كانوا جميعاً من المدنيين العزل وبينهم 3 من بناتي، واحدة منهن فقدت نعمة البصر تماماً، وباتت عمياء بسبب القصف التركي الوحشي”. وتشير إلى أنهم خرجوا من عفرين وتركوا كل أموالهم وممتلكاتهم خلفهم ولا يملكون شيئاً في الشهباء الآن، مناشدةً الجهات المعنية والمنظمات الإنسانية بالمساهمة في مساعدة طفلتها لتستعيد نظرها وعافيتها التي لا زالت في أول عمرها. كما التقت “عفرين بوست” بالشقيقات المصابات، حيث قالت الشابة “نظيرة مصطفى”: “ٌقبل شن الاحتلال التركي ومليشياته الهجمات العنيفة علينا في عفرين كنا نعيش بأمان وسلام، إلا أن القصف حرمنا من كل شيء، ولنحمي نفسنا خرجنا، وعلى الطريق استهدفتنا طائرات تركيا الحربية وقتلت وأصابت جميع أفراد عائلتي”. وتتابع نظيرة حديثها بالإشارة إلى أنهم عقب تمكنهم من الوصول إلى مركز عفرين، كان المشفى عاجزاً عن تقديم العلاج اللازم، حيث هُجر جميع الأطباء المختصين جراء القصف والحرب الدائرة في عفرين، ليضطروا إلى الخروج من عفرين بجروحهم دون معالجة. وبقيت الأخوات الثلاثة حتى فترة طويلة بهذا الحال دون علاج حتى بعدما وصلوا لمنطقة تل رفعت في الشهباء، قبل أن يتمكنوا من العبور إلى حلب حيث تلقوا العلاج هناك. من جهتها، قالت “نوروز مصطفى” لـ “عفرين بوست”: “أصبت مع عائلتي في ذات الوقت والمكان، وأنا الآن بحاجة إلى مساعدة ماسة لوضع عدسة في عيني حيث تعرضت للإصابة في القصف، وأنا بحاجة لشبكة عين ولا أستطيع أن أرى جيداً حتى بعد إجراء عملية في مدينة حلب وما من حلول واضحة حتى الآن”. فيما تحدثت الشقيقة الصغيرة وهي “عليا مصطفى” لـ “عفرين بوست”، قائلةً: “أواجه مصاعب في حياتي اليومية، فمع شن تركيا قصفها الوحشي علينا، فقدت إحدى عيناي بالكامل، والآن أنا بحاجة لزرع عين، حيث أن هذا القصف العشوائي أفقدني عيني وشوه وجهي وحرقني وانا بعمر الزهور وأول عمري”، لتقول تلك الكمات بحرقة قلب وهي تحني رأسها، مطالبةً العالم والمنظمات الإنسانية ومنظمات حقوق الطفل بمد يد العون لها. وكان الاحتلال التركي قد لاحق الأطفال المهجرين العفرينيين في الشهباء ونفذ في الأول من ديسمبر، بمجزرة في محيط تل رفعت بقصف عشوائي لمسلحي تنظيم الإخوان المسلمين أسفر عن استشهاد 10 مواطنين بينهم 8 أطفال).

مسنو عفرين..

في الثامن والعشرين من ديسمبر، حصلت “عفرين بوست” على شريط مصور من أحد متابعيها، لسيدة كُردية مسنة تدعى “صباح محمد حسين” تقيم في حي الأشرفية بالقرب من المدخل الشرقي لعفرين بمحيط القوس، حيث نال الفقر منها عقب اختطاف ولدها من قبل مسلحي المليشيات الإسلامية التابعة للاحتلال التركي وتنظيم الإخوان المسلمين. وأختطفت الميليشيات الإسلامية أحد أبناء الأرملة الكُردية البالغة من العمر 78 عاماً، حيث تنحدر السيدة من قرية “قره كول” ومتزوجة من قرية “كفر دليه”، منذ احتلال إقليم عفرين ولا زال مصيره مجهولاً حتى اليوم، أما أولادها الآخرون فمهجرون ويقيمون في الشهباء وحلب. فيما تعاني السيدة المسنة من وضع صحي سيء جداً، حيث أصيبت بالإسهال نتيجة فقدانها للرعاية والاهتمام، فيما قام جيرانها بإسعافها إلى المشفى العسكري، بينما تعتمد في مأكلها على مساعدات مقدمة من جيرانها، وتقيم من غرقة متهاكلة، وبين جدران تتسرب منه الرطوبة والبرودة إلى عظام المسنة الوحيدة، التي حرمها المحتلون من فلذة الكبد والمُعيل. كما عمد مسلحو مليشيا “لواء المعتصم” سابقاً، إلى سرقة كافة الأثاث المنزلي في بيتها، حيث لم تعد تملك سوى حصيرة وبطانية، حيث تنقلها إلى أمام المنزل عند خروج شمس للتدفئة، بسبب افتقادها الحطب لتشغيل مدفأتها. أما المسؤول الاغاثي في الحي الذي تقيم فيه المسنة الكردية، وهو المستوطن “أبو حمدو” من أهالي خان شيخون بريف إدلب، فيرفض تقديم المعونات لها لأنها (كُردية)، وهو مُسلح ضمن مليشيا “الشرطة الحرة” في ذات الوقت. ويتعرض المسنون في عفرين من السكان الاصليين الكُرد إلى عمليات اعتداء متواصلة، بهدف كسر ارادتهم على التشبث بالارض، والمقاومة البيضاء التي يبدونها. وفي هذا السياق، كان قد استشهد المسن سليمان حمكو، بداية نوفمبر الماضي، متأثراً بالإصابة البليغة التي تعرض لها أثناء عملية سطو مسلح على منزله من قبل مسلحي ميليشيا “أحرار الشرقية” وفرقة “الحمزة” التابعتان للاحتلال التركي وتنظيم الإخوان المسلمين، في قرية “كعنيه كوركيه” التابعة لناحية راجو بريف إقليم عفرين الكُردي المُحتل. وفي نهاية اغسطس\آب، استشهد المسن “محي الدين اوسو\77 عام”، عند تعرضه للضرب المبرح من قبل مسلحي المليشيات الإسلامية، الذين عمدوا لسرقة منزله في حي الاشرفية، في منطقة قريبة من مقر لمليشيا “الجبهة الشامية”، وهو ما أكد الاتهام لمسلحي المقر الذي يقوده المدعو “زاهي”. وبعد قرابة اثني عشر يوماً من استشهاد المسن “محي االدين”، استشهدت زوجته المسنة “حورية محمد بكر\74 عام” في السادس من سبتمبر\أيلول، نتيجة الضرب المبرح الذي تعرضت له في منطقة القفص الصدري، مما تسبب بنزيف داخلي مُستمر إلى أن فارقت الحياة.

الشهباء وشيراوا..

في السادس والعشرين من ديسمبر، قصفت الميليشيات الإسلامية التابعة للاحتلال التركي وتنظيم الإخوان المسلمين، عصراً مدينة تل رفعت ومحيطها في مناطق الشهباء، بقذائف الهاون دون أن تسفر عن خسائر بشرية. وأفاد مراسل “عفرين بوست” في مناطق الشهباء بسقوط أكثر من عشرة قذائف هاون على مركز مدينة تل رفعت ومحيطها،  انطلاقاً من مدينة إعزاز المحتلة، مشيراً إلى أن القذائف سقطت في مناطق خالية ولم تسفر عن ضحايا. ويقطن في مناطق الشهباء شمال حلب نحو 130 ألفاً من مهجري عفرين الذين تم تهجيرهم أثناء الغزو التركي على إقليم عفرين المُحتل، كذلك نتيجة جرائم الحرب التي ترتكبها قوات الاحتلال التركي وميليشياته الإسلامية على مدار أكثر من عام ونصف وبشكل متواصل.

موسم الزيتون..

في الثاني والعشرين من ديسمبر، أكد مراسلو “عفرين بوست” في إقليم عفرين الكردي المحتل، اشتكاء السكان الأصليين الكُرد من ردائة الزيت المنتج في المعاصر التي استولى عليها مستوطنون من ذوي مسلحي “الجيش الوطني” التابع للاحتلال التركي وتنظيم الإخوان المسلمين. وأشارت معلومات متقاطعة لدى المراسلين أن الزيت الذي يتم انتاجه في معاصر يديرها مستوطنون من ذوي المسلحين، تنتج أنواع ردئية بشكل كبير، نتيجة جهلهم بتشغيلها، أو ربما يكون ذلك بشكل متعمد. وفي هذا السياق، قال المواطن “أبو شيار\اسم مستعار لضرورات أمنية”، إنهم لم يصادفوا سابقاً ذلك النوع الرديئ من الزيت، وأشار أن اسيد الزيت يصل إلى 4 أو 5، تبعاً للمنطقة للمليشيا التي تستولي على المنطقة. وأضاف “ابو شيار”: “من المعلوم أن الأسيد يتراوح في المعتاد ما بين 0.5 إلى 1.5 كحد أقصى، لكننا اليوم نلحظ طعماً غريباً في الزيت، أغلب الظن أنهم يحرقون الزيت أثناء عصره، والاسيد يتراوح في بعض الحالات بين 4 إلى 5، وهو ما يفقده قيمته”. وحول الأسباب التي تؤدي إلى تلك النتائج في عصر الزيت، فنوه أبو شيار إلى جهل المستوطنين بتشغيل آلات المعاصر من جهة، لكنه لم يستبعد في ذات الوقت أن يكون ذلك متعمداً عبر عصر الزيتون المخصص للسكان الأصليين بطريقة سيئة بغية منعهم من الاستفادة منه عند بيعه، حيث يتدنى السعر في تلك الحالة إلى مستوى قياسي. وعقب إطباق الاحتلال التركي، استولت المليشيات المسلحة التابعة لتنظيم الإخوان المسلمين، على معاصر الزيتون وأفران الخبز والمحلات التجارية وغيرها من الأنشطة التجارية، حيث تُجبر الأهالي على تأمين حاجياتها عن طريقها، في وقتٍ دفعت فيه الكثير من المنشآت العائدة للسكان الأصليين الكُرد إلى الإفلاس، جراء الحصار والمضايقات والسرقات وفرض أتاوى مالية وعينية. كما تمارس المليشيات الإسلامية عمليات سلب ونهب لا تقف عند تحديد أسعار منخفضة لشراء زيت الزيتون أو فرض ضرائب على أصحاب المزارع، بل تفرض كذلك شراكة على أصحاب معاصر الزيتون الموجودين، وبالتالي تسرق منهم نصف عائدات إنتاجهم أيضاً، فيما أستولت على كثير من المعاصر بشكل كامل مع تهجير أصحابها الحقيقيين. ويقول خبراء أنه توجد في عفرين أكثر من 295 معصرة زيتون، ويقدر سعر آلياتها بنحو مئتي ألف دولارٍ أميركي، ويضطر أصحابها لدفع نصف عائدات مواردهم لمتزعمي المليشيات كي لا يخسروا آلياتهم كلها، بعد حصول عمليات سرقة آليات في معاصرٍ أخرى. 

في الخامس والعشرين من ديسمبر، علمت “عفرين بوست” من مصادرها أن ميليشيا “فرقة السلطان مراد” التابعة للاحتلال التركي وتنظيم الإخوان المسلمين، تستولي منذ أكثر من عام ونيف، على الآلاف من أشجار الزيتون في القطاع الذي تحتله في ناحية “بلبل/بلبلة”. وأكدت المصادر أن المسؤول الاقتصادي في الميليشيا المدعو” أبو عثمان” وهو تركماني من حمص، يدير عشرة آلاف شجرة زيتون عائدة لمهجري القرى الواقعة على خط قرى (كاريه-عبلا) في ناحية “بلبل/بلبلة”، ويستثمرها لصالح الميليشيا منذ أكثر من عام ونصف. ويتخذ المدعو “أبو عثمان” التركماني الحمصي، من منزل المواطن الكردي المهجر (عفدي معم كوريه) في قرية “كاريه/صاغر اوباسي” مقراً له، ويشرف منه على عمليات سرقة المحاصيل والأحطاب في الحقول العائدة للمهجرين، وذلك في قرى: (كاريه – عشونة – زفنكي – قوطا – خليلاكا – عبلا – بركاشيه). وأضافت المصادر أن المدعو “أبو عثمان” لا يعترف بالوكالات الصادرة عن مجلس بلبل المحلي التابع للاحتلال التركي، والتي تتيح لأقرباء المهجرين إدارة أملاك وحقول الزيتون في تلك القرى.

مقالات ذات صله

Show Buttons
Hide Buttons