نوفمبر 22. 2024

أخبار

الأيزيديون يمضون عيداً تعيساً في عفرين ومهاجرهم القسرية

عفرين بوست-خاص

ليس كما اعتادوا عليه خلال سنوات خلت عقب تمكن أهالي عفرين من حكم أنفسهم بأنفسهم في ظل “الإدارة الذاتية”، أمضى الكُرد الأيزيديون أمس الجمعة عيد (أيزي) بشكل تعيس، في بلاد مختلفة عقب تهجيرهم من عفرين، حيث لم تزر محياهم أي علامات سعادة، في ظل استمرار الاحتلال التركي لإقليم عفرين الكردي منذ آذار العام 2018.

في المهاجر القسرية..

ففي المهاجر القسرية ​​​​​​​توجه الكرد الأيزيديون صبيحة أمس الجمعة، إلى مزار الشهداء في ناحية احرص بمنطقة فافين بمقاطعة شهباء، وأكدوا على مقاومتهم المستمرة لحين تحرير عفرين والعود ة إلى ديارهم، كما توجهت العشرات من العائلات الايزيدية وأعضاء مجلس عوائل الشهداء إلى مقبرة الشهداء بناحية احرص بمنطقة فافين.

ووضع الإزيديون أكاليل الزهور على أضرحة الشهداء، و تلا ذلك بالوقوف دقيقة صمت، وألقيت كلمة من قبل الإداري في اتحاد الإيزيدي مصطفى نبو، الذي هنأ عيد إيزي على جميع الإيزيديين وشعب المنطقة، كما ألقيت كلمات من قبل الإداري في اتحاد الإيزيدي بمقاطعة عفرين سليمان جعفر، و كلمة باسم عضو مجلس عوائل الشهداء حسين مراد.

داخل عفرين..

وعلى الرغم من المآسي التي يقاضيها المهجرون عن عفرين من الأيزديين وغيرهم من مكونات عفرين، لكن يبدو أن الحال داخل عفرين أقسى مما هو عليه خارجها، حيث لم يحتفل الأيزيديون بالعيد بأي مراسم تذكر، مع هيمنة المليشيات الإسلامية المتطرفة التابعة لتنظيم الإخوان المسلمين، وهو ما يؤكده المواطن (بافي لالش\اسم مستعار لضرورات أمنية)، والذي أكد بأنه لم يبقى للعيد المذكور أي أثر في عفرين.

مردفاً خلال حديثه لـ “عفرين بوست”: “الوضع بشكل عام في تراجع متواصل منذ إطباق الاحتلال التركي، إلا أن مصرون على البقاء على أرضنا، رغم كل التجاوزات التي يقوم به المسلحون المتطرفون بحقنا، هذه أرضنا ولن نتركها لهم”.

العجز عن الاحتفال..

ولا يبدو منطقياً المزايدة على الصامدين في الداخل بسبب عجزهم عن مواجهة المسلحين المعروفين بتطرفهم الشديد، حيث يعودون في غالبهم إلى خلفيات داعشية، وقد قاتل الكثير منهم في صفوف التنظيم الإرهابي قبل أن يتمكن الاحتلال التركي من تجنيدهم.

ويأتي العيد وفق المعتقدات الأيزيدية بعد ثلاثة أيام من الصوم، و ȆZÎ هو اسم من أسماء الله عند أتباع الديانة الايزيدية، و يكون في أول جمعة من كانون أول الشرقي حيث يسبقه صوم ثلاثة أيام و هي فرض على كل معتنق للديانة ما دام لديه القدرة على الصوم.

إبان الإدارة الذاتية..

وإبان عهد الإدارة الذاتية في عفرين والتي أمتدت من العام 2014 إلى العام 2018، قبل إطباق الاحتلال العسكري التركي، كان قد تم إدخال تعليم الديانة الايزيدية بشكل رسمي ضمن منهاج الدراسة في مدارس عفرين، حيث كان يتم تدريسها في القرى التي يتواجد فيها أبناء الديانة ضمن المنهاج الدراسي لصفوف الرابع ، الخامس و السادس من المرحلة الابتدائية و تتم عملية التعليم بإشراف “جمعية ايزدي غرب كردستان و سوريا”.

عقب الاحتلال..

ومنذ الاحتلال التركي لعفرين، تعرضت المزارات والقرى الإيزيدية لقصف وتخريب ممنهج من قبل الاحتلال والمليشيات الإسلامية التابعة لتنظيم الإخوان المسلمين، حيث تم تخريب عدد كبير من تلك المزارات، وتزايدت التهديدات لأبناء الديانة الإيزيدية على خلفية انتمائهم الديني، حيث نشر مسلحو المليشيات الإسلامية العديد من المشاهد المصورة التي تفرض على أبناء الديانة الإيزيدية تعاليم الدين الاسلامي، فيما لم يتمكن عشرات الالاف منهم من العودة إلى قراهم بسبب التهديدات التي يتعرضون لها، بعد قتل العديد منهم بسبب انتمائهم الديني.

تصفية على أساس ديني..

ووقعت العديد من عمليات التصفية التي نفذتها المليشيات الإسلامية التابعة لتنظيم الإخوان المسلمين على أساس ديني، ففي الرابع و العشرين من آذار\مارس العام 2018، استشهد المواطنان عبدو بن حمو فؤاد ناصر و فؤاد بن حسو عبدو ناصر, من قرية قيبار، عندما تم استهدافهما من قبل المسلحين في منزلهم بواسطة لغم، وبعد انتهاء مراسيم الدفن تم القاء القبض على حسو ناصر والد الشهيد فؤاد حسو ناصر من قبل مسلحي المليشيات الإسلامية التابعة للاحتلال التركي، بتاريخ في الأول من أبريل للعام 2018، وتعرض لتعذيب شديد, ولم يفرج عنه إلا بعد دفع فدية مالية، كما استشهد المدني من المكون الايزيدي هو “عمر ممو شمو” من قرية قيبار في بيته، حيث تعرض لجريمة قتل مروعة من قبل المليشيات الإسلامية التابعة لتنظيم الإخوان المسلمين.

وفي السابع والعشرين من يونيو العام 2018، ارتقت السيدة الكردية الأيزيدية “فاطمة حمكي\٦٦ عاماً” في قرية “قطمة” التابعة لناحية “شرا\شران” بريف عفرين، جراء إلقاء قنبلة يدوية على منزلها منتصف الليل، فيما كان زوجها “حنان بريم” قد تعرض للخطف والتعذيب سابقاً، حيث تتعرض العوائل الكردية الأصلية في قراها إلى مضايقات متكررة على أيدي مسلحي الفصائل الإسلامية، والعائلات المستوطنة فيها، القادمين من أرياف دمشق وحمص وحماه وحلب ودير الزور وغيرها من المدن السورية الداخلية.

استيلاء على منازل الأيزيديين..

وفي سياق الانتهاكات، استولت المليشيات الإسلامية التابعة لتنظيم الإخوان المسلمين على منازل السكان الكرد الأيزيديين وحولتها إلى مساجد، ففي السادس عشر من يوليو العام 2018، حولت مليشيا “أحفاد الرسول” التابعة للاحتلال التركي وتنظيم الإخوان المسلمين، منزل المواطن حنان ناصرو من المكون الكردي الايزيدي في قرية باصوفان إلى مسجد للصلاة ويتم رفع الآذان فيه يومياً”، وذلك بعد أن تم تهجيره مع باقي الأهالي من القرية التي يقطنها غالبية من الكُرد الإيزيديين.

وأكد ناشطون في عفرين استهداف الإيزيديين في عفرين، في مسعى لتهجير من تبقى منهم، عبر إجبارهم على اعتناق الإسلام، والفرض عليهم الذهاب إلى المساجد الاسلامية للصلاة، فيما رصد ناشطون قيام مسلحي “فيلق الشام” التابع لتنظيم الإخوان المسلمين، بإجبار أطفال قرية باصوفان التابعة لناحية شيراوا في عفرين على ارتياد المساجد وتعلم تعاليم الإسلام وقراءة القرآن.

تدمير المقرات والمزارات الأيزيدية..

كما تم تدمير العشرات من المزارات الدينية الإيزيدية، ومنها افراغ مزار الشيخ علي في قرية باصوفان والعبث بمحتوياته، وتدمير مزار الشيخ غريب في قرية سينكا في ناحية شرا، وتدمير مزار قرة جرنه قرب ميدانكي، وتدمير مزار ملك آدي في قرية قيبار، وتدمير المزارات الإيزيدية في قرية قسطل جندو (مزار بارسة خاتون ومزار الشيخ حميد).

وفي مركز إقليم عفرين، قامت قوات الاحتلال التركي ومسلحيه من مليشيات تنظيم الإخوان المسلمين بتدمير مقر اتحاد الإيزيديين الثقافي والاجتماعي بالمدينة، وتم تدمير مجسم ديني وقبة لالش، إلى جانب تدمير مزار الشيخ جنيد وعبد الرحمن في قرية فقيرا.

ترهيب وابتزاز..

ومنذ احتلال عفرين، لا يجرؤ الكرد الإيزيديون أو العلويون أو غيرهم من مختلف المكونات، على الإفصاح عن انتمائهم الديني، نتيجة الترهيب الذي يطال تلك المكونات الاصيلة من قبل المليشيات الإسلامية التابعة لاحتلال التركي، وبتنظيم الإخوان المسلمين.

كما ويسعى الاحتلال التركي وحلفائه من تنظيم الاخوان المسلمين والائتلاف “الوطني” والميليشيات الاسلامية، إلى نشر التطرف الديني بين أفراد المجتمع الكردي الذي يتميز بالتعددية الدينية والمذهبية، حيث كان يتعايش فيه الايزيدي والمسيحي والمسلم دون أية توترات أو منغصات على أساس الدين أو المذهب.

نشر التطرف الديني..

ومنذ احتلالها عفرين، يحاول الاحتلال التركي وبمختلف الأساليب والطرق، نشر التطرف في المجتمع العفريني، وتوجيه الأطفال والشبان الكُرد نحو المذهبية والطائفية، في المنطقة الأصفى كردياً، والتي عرفت دائماً بانفتاحها على الآخر.

وفي هذا السياق، حصلت “عفرين بوست” على صور جلاءات الاحتلال التركي التي وزعت في عفرين، وتتضمن قائمة المواد وفقاً لجلاء المرحلة الابتدائية 11 مادة رئيسية، منها 3 مواد دينية! وتتضمن قائمة المواد الدينية، المواد التالية: (التربية الدينية، القرآن الكريم، حياة الرسول محمد)، حيث خصص لكل منها خانة في الجلاء!

كما تقوم المليشيات الإسلامية بتدمير المقابر الكردية في مختلف القرى، وتسويتها بالأرض بحجة أنه محرم أن يكون لها قبة، وأنها يجب أن تكون مستوية بالأرض، لكن ناشطين كرد يؤكدون أن هذه الممارسات في مجملها تهدف إلى طمس تاريخ المنطقة وخصوصيتها القومية الكُردية.

وصم الكُرد بالكفر..

إضافة إلى ذلك، يسعى الاحتلال التركي لنشر الفكر القومي التركي المتعصب، عبر حملات إعلامية وفتح مدارس دينية وجمعيات بمسميات خيرية، وتعليم أطفال المدارس رفع اشارة الذئاب الرمادية، والاستمرار في وصف الكُرد بالكفار والملاحدة، وذلك في إطار سياسات تغيير ديمغرافي ممنهجة تتبعها سلطات الاحتلال التركي عن سبق الإصرار والتصميم.

ومنذ بدء الحرب الاهلية السورية في العام 2011، تبنت المليشيات الإسلامية في تعاملها مع الشعب الكُردي رواية أنه مُلحد أو كافر، ليبرر من خلالها مسلحو تنظيم الإخوان المسلمين، قتالهم ضد أبناء الشعب الكُردي، حيث استخدموا تلك الرواية لتبرير تهجير الكُرد من ارضهم، وسرقة املاكهم على أنها غنائم “الملاحدة والكفار الاكراد”، فيما سمح الاحتلال التركي على مدار الأيام الثلاث الأولى من اطباق الاحتلال العسكري على عفرين، بسرقة كل شيء أمام عدسات الكاميرات.

وخلالها، سرق مسلحو المليشيات الإسلامية التابعة للإخوان المسلمين ممن يعرفون بـ (الجيش الحر، الجيش الوطني) عشرات الآلاف من الجرارات والسيارات والمعامل والورش الصناعية، إضافة إلى الاستيلاء على منازل المهجرين وسرقة ونهب كامل محتوياتها، وهي أفعال لا تزال مُستمرة منذ اطباق الاحتلال العسكري وحتى الوقت الحاضر!

مقالات ذات صله

Show Buttons
Hide Buttons