ديسمبر 23. 2024

توثيق الجرائم في عفرين: خشية من المُلاحقات وصعوبات في البحث والتواصل

عفرين بوست-خاص

“لا استطيع التحدث كثيراً، يقولون إن الهواتف مراقبة، وأن هناك سيارات تتجول في عفرين لرصد المكالمات”، بتلك الكلمات حاول “أبو جيان\اسم مستعار لدواعي أمنية”، أن يعبر لـ “عفرين بوست” عن مخاوفهم من نقل الانتهاكات التي تحدث في عفرين.

فحديث الرجل يستوضح ما يعانيه الإعلاميون ومراكز توثيق الانتهاكات من مخاوف جمة، في ظل محاولات المليشيات الإسلامية التابعة للاحتلال التركي وتنظيم الإخوان المسلمين، تعقب مصادر المعلومات، او خطف المواطنين بناءاً على معلومات من مستوطنين.

ويضيف “ابو جيان”: “لا نعلم بالتحديد إن كان من الممكن أن يتم تعقبنا، لكننا نتخوف كثيراً من ذلك، فقد عشنا ما عشناه هنا، وجميعنا يدرك مقولة (الحيطان الها أذان)، التي لا تفارقنا حالياً، وعليه نلجى للحديث بلغة الالغاز في كثير من الحالات، وهو ما يجعل المعلومة ناقصة احياناً”.

صمت المنظمات..

وتؤكد الإعلامية الكُردية “أمينة مستو” المقيمة في أوروبا، على حديث “أبو جيان” فتقول حول ذلك لـ “عفرين بوست”: “ما استطعنا توثيقه يمثل فقط ١٠ بالمئة من الانتهاكات التي تحدث في المنطقة”.

متابعةً: “عفرين تتعرض لإبادة جماعية للكُرد في ظل الصمت المتواصل من قبل المنظمات الحقوقية العالمية، التي تخرج كل مرة بتقارير خجولة عن الجرائم التي يمارسها الاحتلال التركي والفصائل الراديكالية التابعة له”.

وتعتقد مستو أن “الميت التركي” الذي يتخذ من قرية زعرة في ناحية بلبلة بريف عفرين الشمالي مقراً له، يُشرف على جميع المليشيات وكل مليشيا تتبع لضابط تركي، وبالتالي فإن هذه الشبكة الخطيرة تجعل من التوثيق صعباً لدرجة أن تفضل الصمت على نشر الانتهاك.

متابعةً: “لم يعد هناك نشطاء أو إعلاميون داخل المدينة، الكل هرب ومَن تبقى تعرض للاعتقال والتعذيب على يد الفصائل، وفي الآونة الأخيرة، تُرافق المخابرات التركية الفصائل بشكل علني أثناء اختطاف المدنيين”.

نشطاء الخارج..

وتشير مستو أنه “بحسب النشطاء الذين نتواصل معهم، تتابع المخابرات التركية شبكات الاتصال والتواصل الاجتماعي ولديهم قائمة بالنشطاء الذين يوثقون الانتهاكات في الخارج، لدرجة أنه يُعتبر مجرد التواصل مع ذلك الشخص أو وجود اسمه في هاتفه تهمة تكفي للاختطاف”.

وتنوه مستو أنهم اضطروا لتغيير أسماءهم واستخدام أسماء وهمية في الخارج والداخل، قائلة: “اضطررنا لحذف صورنا على مواقع التواصل”.

وتشير في الوقت عينه إلى حالة من اليأس بدأت تسيطر على المدنيين في الداخل، فتقول: “أغلب الانتهاكات تصلنا من مدنيين فقدوا الأمل بتحريرهم، وكل مليشيا لديها قائمة بالأسماء والصور للنشطاء الذين يتواصلون مع المدنيين في الداخل”.

خوف الضحايا..

بدوره يقول “بسام الأحمد” المدير التنفيذي لـ منظمة “سوريون من أجل الحقيقة والعدالة” إنه “ليس هناك توثيق سهل في الدول التي فيها نزاعات وحروب، لأننا نتحدث عن أطراف نزاع منتهكين مسيطرين، وكذلك نتحدث عن ضحايا يخافون من الدلاء بشهادات، فالمعوقات هي ذاتها في عفرين وباقي مناطق النزاع”.

مردفاً: “في حالة عفرين هناك الكثير من المعوقات، منها الوصول إلى المنطقة المٌحتلة وفيها مجموعات كبيرة من المسلحين والأتراك وما يرافق ذلك من التضييق على الناس، لذلك هناك صعوبة أمام الجهات المستقلة والمنظمات الدولية للوصول إلى المنطقة للاستماع إلى الأهالي وتصويرهم والاستماع لإفاداتهم وإجراء مقابلات، كل ذلك يعتبر معوقات كبيرة أمام إجراء تحقيقات مستقلة كما يحصل في المناطق الأخرى”.

جهل بالقوانين..

ويشير في موضوع التحقق من المعلومات، إنه “عادة الناس الموجودين ع الأرض أو مَن تبقى من النشطاء ينشرون أخبار غير دقيقة، مما يستدعي التحقق فيها أكثر وبالتالي يضيف عائقاً جديداً أمام التوثيق”، مشيراً بأنه “ليس كل الناس أو النشطاء لديهم معرفة كافية بالقوانين الدولية المتعلقة بالانتهاكات وهذا يمكن اعتباره عائق جديد أمام التوثيق”.

ويختم الأحمد بالقول: “رغم كل العوائق، من المهم جداً تفتيتها ومحاولة حلها حتى يتم الاستمرار في التوثيق في موضوع الاعتقالات والخطف والاستيلاء على أملاك الناس والأشجار والبيوت والزيتون، من الضروري جمع ما يمكن جمعه من الأخبار رغم كل المعوقات”.

محاولات..

ورغم ما يواجه النشطاء في داخل عفرين، تعمل مراصد إخبارية عديدة على توثيق الانتهاكات الجارية في عفرين، لكن الأكيد أن كل ما يتم توثيقه لا يشكل شيئاً من كم الانتهاكات الحقيقية على الأرض، حيث أدى غياب نشطاء فعليين على الأرض، وتهجير الغالبية العظمى من الشبان إلى بقاء المنطقة خالية من الفئة القادرة على متابعة الاحداث بشكل دوري، فيما يجهل غالبية المتبقين وخاصة من فئة الكهل والمسنين استخدام ادوات الاتصال الحديثة، مما يبقي الكثير من الانتهاكات والجرائم دون توثيق، لتذهب وتضيع مع رياح الزمان.

مقالات ذات صله

Show Buttons
Hide Buttons