عفرين بوست-خاص
نشرت اليوم الأحد “مديرية التربية والتعليم في عفرين وريفها” العائدة للاحتلال التركي وتنظيم الإخوان المسلمين، نسخة مصورة من رسالة بعثها أحد المستوطنين المحتجين على ادارة مدرسة شران واجراءاتها، والتي تحمل كما هائلاً من التحريض العنصري ضد المُعلمين الكُرد، في ناحية شرا\شران.
ويبدو واضحاً في المنشور كم التحريض على المعلمين الكُرد من سكان عفرين الأصليين، بذريعة عملهم سابقاً مع “الإدارة الذاتية” وهي تهمة جاهزة لكل كردي لا يزال متشبثاً بأرضه في عفرين، علماً أن ذات التهمة تلاحق المهجرين من عفرين، بحجة موالاتهم للإدارة الذاتية ووحدات حماية الشعب، ليكون ذلك مبرراً للاستيلاء على أملاك المهجرين بفعل الحرب التركية وانتهاكات المليشيات الإسلامية.
والغريب في المنشور، استخدام المستوطنين مصطلح “أهالي شران” للحديث عن أنفسهم، علماً أنه من المستوطنين ويحرض على السكان الأصليين الكرد، فيقول: “إلى متى ستبقى مديرة شران ميزيان الحسن، أطفالنا العرب بعنصرية واضحة، وتمنع بناتنا من لبس النقاب لأنه ليس حضاري، وتضيق على المدرسين العرب بالتقارير وتفصلهم…”.
وتبعاً لصفحة ما تسمى “مديرية التربية” التابعة للاحتلال التركي، فإن المستوطن المدعو “يوسف محمد” قد أرسل لها تلك الرسالة، وهي قد قامت بعرضها، على أنها شكوى عادية، لكن لم تمر ساعات قليلة، حتى عمد مدير الصفحة إلى إزالة المنشور، فيما يبدو واضحاً من خلال مراجعة منشورات الصفحة أنها تتبع لأحد المستوطنين العاملين ضمن مديرية التربية، حيث تنشر كل نشاطاتهم بشكل دوري، وهو ما يفند أي إدعاء لاحق بأن الصفحة لا تمثل مديرية التربية التابعة للاحتلال.
وقام المستوطن مرسل الرسالة باستخدام ذات الاتهامات التي تكال للكرد في عفرين، من أن المدرسة الكردية قد عملت سابقاً مع الإدارة الذاتية، وغيرها من الاتهامات، علماً أن جميع المدرسين الذين كانوا موظفين ضمن مؤسسات النظام قبل اندلاع الأزمة السورية عام 2011، قد عملوا في مدارس عفرين خلال عهد الإدارة الذاتية، سواء كانوا معارضين لها او محايدين، كون ذلك من واجبهم الوظيفي، بغض النظر عن الجهة السياسية التي تسيطر على الإقليم الكُردي.
وتوجهت أفواج كبيرة من المستوطنين نحو عفرين، قادمين من أرياف دمشق وحمص وحماه وادلب وحلب وحماه ودير الزور، عقب إطباق الاحتلال العسكري التركي المرافق بمسلحين إسلاميين متطرفين معروفين بـ (الجيش الحر، الجيش الوطني)، على إقليم عفرين الكُردي في الثامن عشر من آذار\مارس العام 2018، حتى وصل تعداد المستوطنين إلى أكثر من 75% من مجموع قاطني الإقليم.
وجرى توطين هؤلاء، في منازل أهالي عفرين الكُرد، الذين هجروا من أرضهم قسراً، لتنخفض كثافة الكُرد السكانية من أكثر من 95% إلى أقل من 25% من المجموع العام لقاطني الإقليم، في واحدة من أكبر عمليات التغيير الديموغرافي التي حصلت في الحرب السورية وعلى مرأى ومسمع العالم بأسره، دون تحريك ساكن.
وتمت عملية التغيير الديموغرافي بالتنسيق بين روسيا وتركيا، إذ تم خلالها تطهير مناطق كثيرة في محيط العاصمة دمشق من المتشددين الإسلاميين، كما تم افتتاح الطرق الرئيسية بين المناطق الداخلية السورية والساحل السوري والعاصمة، بعد سنوات من قطع المتمردين الإسلاميين لها، وهو ما اعتبر مكسباً كبيراً للنظام وروسيا حينها.
ففي منتصف مايو\أيار العام 2018، غادرت آخر الباصات الخضراء التي باتت رمزاً للمسلحين المنهزمين، عقب انسحابهم من مناطق بريف حمص الشمالي تتضمن (الرستن وتلبيسة والحولة)، وهو ما أحكم قبضة النظام على المنطقة وفتح جزءاً رئيسياً من أهم طريق سريع في سوريا، وقال مسؤول في حكومة النظام حينها إن نحو 27 ألف شخص غادروا الجيب بالفعل منذ بدء عمليات الإجلاء ذاك الشهر.
وفي سياق متصل، قالت الأمم المتحدة إن 66 ألف شخص غادروا الغوطة الشرقية خلال أبريل\نيسان العام 2018، بموجب اتفاقات مُماثلة، حيث استقدم الاحتلال التركي جميع هؤلاء، من مليشيات إسلامية متطرفة وعائلات المسلحين، بغية دفعهم للاستيطان في عفرين، وشاهد حينها أهالي عفرين كيف كانت مئات الباصات تتقاطر يومياً، وهي تجلب المستوطنين إلى الإقليم المُحتل.
ويقيم المستوطنون من عائلات المسلحين في منازل مهجري عفرين بعد الاستيلاء عليها منذُ آذار العام 2018، تحت ذريعة إنها أملاك عائدة لمقربين من الإدارة الذاتية وحزب الاتحاد الديمقراطي.
وفي قطاع التعليم، يسعى الاحتلال التركي لفصل جميع المدرسين الكُرد من مدارس عفرين، كان آخرهم ما أعلنه المرصد السوري لحقوق الإنسان عن قيام ما تسمى بـ “مديرية التربية” التابعة للاحتلال التركي، منتصف سبتمبر\أيلول الماضي، بفصل نحو 25 معلم غالبيتهم من الإناث من مدارسهم في ناحية جنديرس من المواطنين الكُرد، وذلك كإجراء تعسفي مقابل تعين مستوطنين من مناطق أخرى إلى عفرين مكانهم.
وفي إطار التعديلات التي يحاول الاحتلال التركي إدخالها على بنية المجتمع العفريني على كافة الصعد، كشف مراسل “عفرين بوست” في مركز إقليم عفرين الكردي التابع للإدارة الذاتية سابقاً في نهاية مايو\أيار الماضي، أن الاحتلال التركي سيعمد إلى تغيير النظام التعليمي.
وقال أن الاحتلال التركي قام بتوزيع البطاقات الخاصة بتقديم الشهادات الإعدادية والثانوية للعام الجاري، لكن تسريبات أخرى تتحدث عن تعديل النظام الدراسي العام القادم، بحيث تكون شهادة التعليم الإعدادي في الصف الثامن، وشهادة الثانوية في الصف الثاني عشر، وإضافة امتحان اليوس، ليكون العام الدراسي الثالث عشر، و”اليوس” هو امتحان تركي للطلبة غير الاتراك، يمنحهم الاستحواذ عليه احقية الانتساب للجامعات التركية، وتتضمن مواد رئيسية هي اللغة التركية والرياضيات.
وحرم الاحتلال التركي عقب شنه العدوان في يناير العام 2018، أكثر من 49 ألف طالب من أبناء عفرين من التعلم بلغتهم الأم الكُردية، إضافة لحرمان المئات من طلاب جامعة عفرين ومعاهدها من إتمام تحصيلهم العلمي.
ومن الانتهاكات التركية لخصوصية الشعب الكُردي والوطن السوري، عمل الاحتلال التركي على إدخال رموزه وشعاراته وتعليمها لأطفال عفرين على أنها رموز وطنية، كوجود العلم التركي كمثال على مرادفة “العلم-AL” ضمن مقرر الصفوف الابتدائية، وهو ما يقدم برهاناً على محاولات الصهر القومي، وسياسات انكار وجود الشعب الكردي.
وبداية مايو الجاري، نشرت مواقع إخبارية كردية تقريراً، اكدت فيه انخفاض عدد المدارس التي تستقبل الطلاب في إقليم عفرين، من 324 مدرسة إلى 204 مدرسة، فيما قالت إن عدد الطلاب الذين يلقون التعليم فيها يصل الى 45 ألف، وأن أكثر من 70% من طلابها هم من المستوطنين الذين استجلبهم الاحتلال التركي والمليشيات الإسلامية المرتبطة بتنظيم الاخوان المسلمين.
وبحسب المعلومات، تبين أن عدد الطلاب بكافة مراحل الدراسية قد بلغ 45 ألف طالب، حيث كان عددهم قبل الغزو على المدينة 49 ألفاً، كما أن مُعدل الطلبة من أبناء المستوطنين يبلغ 70%، أما نسبة الطلاب من السكان الأصليين الكُرد فتصل الى 30%.
وقبل الغزو التركي على إقليم عفرين، كان معدل الطلاب الكُرد يبلغ 95%، حيث كان هؤلاء يتلقون تعليمهم باللغة الكردية الخالصة في جميع المواد، بينما كان أبناء المكون العربي المقيمين في عفرين يتلقون تعليمهم باللغة العربية.
وبعد الاحتلال التركي، اقتصر تعليم الكُردية على تعليم مادة اللغة الكُردية فقط، فيما بات التعليم حالياً بالعربية إلى جانب ادخال لغة الاحتلال التركي بشكل إجباري للمنهاج، إضافة إلى الادلجة الدينية الفاضحة التي يسعى الاحتلال إليها، لتنشئة أجيال على أفكار متشددة وتعليم ديني مكثف!